حكم مد المصلين أرجلهم باتجاه المصاحف
" أجمع العلماء على وجوب صيانة المصحف واحترامه " "المجموع" للنووي (2/84) . ومد الرجل إلى المصحف فيه نوع من إساءة الأدب . لذلك ذهب جماعة من العلماء إلى كراهة هذا الفعل ، ومنهم من ذهب إلى تحريمه .
قال في "البحر الرائق" (2/36) – وهو من كتب المذهب الحنفي - : " يكره أن يمد رجليه في النوم وغيره إلى المصحف أو كتب الفقه إلا أن تكون على مكان مرتفع عن المحاذاة " انتهى باختصار .
وقال في "الإقناع" (1/62) – وهو من كتب المذهب الحنبلي - " ويكره مد الرجلين إلى جهته (أي : المصحف) وفي معناه : استدباره وتخطيه " انتهى .
وقال ابن مفلح في "الأداب الشرعية" (2/285) : " ويكره توسد المصحف . . . واختار ابن حمدان التحريم وقطع به في المغني , وكذا سائر كتب العلم إن كان فيها قرآن ، وإلا كره فقط . ويقرب من ذلك : مد الرجلين إلى شيء من ذلك . وقال الحنفية : يكره ، لما فيه من أسماء الله تعالى ، وإساءة الأدب " انتهى باختصار . وذهب بعض الشافعية أيضاً إلى التحريم ، كما في "تحفة المحتاج" (1/155) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : توضع المصاحف في المساجد على حوامل ، فبعض الناس يجلس ويمد رجليه ، وقد تصادف أن تكون إلى جهة هذه الحوامل ، وتكون قريبة منها ، أو تحتها ، فإذا كان الجالس لا يقصد إهانة المصحف ، فهل يلزمه كف رجليه عن هذه المصاحف ؟ أو يغير مكان المصاحف ؟ وهل ننكر على من فعل ذلك ؟
فأجاب :
" لا شك أن تعظيم كتاب الله عز وجل من كمال الإيمان ، وكمال تعظيم الإنسان لربه تبارك وتعالى . ومد الرجل إلى المصحف أو إلى الحوامل التي فيها المصاحف أو الجلوس على كرسي أو ماصة ( طاولة ) تحتها مصحف ينافي كمال التعظيم لكلام الله عز وجل ، ولهذا قال أهل العلم : انه يكره للإنسان أن يمد رجله إلى المصحف ؛ هذا مع سلامة النية والقصد ، أما لو أراد الإنسان إهانة كلام الله فإنه كفر ؛ لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى .
وإذا رأيتم أحداً قد مد رجليه إلى المصحف سواء كان على حامل أو على الأرض ، أو رأيتم أحداً جالساً على شيء وتحته مصحف فأزيلوا المصحف عن أمام رجليه ، أو عن الكرسي الذي هو جالس عليه ، أو قولوا له : لا تمد رجليك إلى المصحف ، احترم كلام الله عز وجل .
والدليل : ما ذكرتُه من أن ذلك ينافي كمال التعظيم لكلام الله ، ولهذا لو أن رجلا محترماً عندك أمامك ما استطعت أن تمد رجليك إليه تعظيماً له ، فكتاب الله أولى بالتعظيم " انتهى . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" المجلد الثالث . والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق