الخميس، 25 مارس 2010

لا تنشرها ولك الأجر

لا تنشرها ولك الأجر
 


عبد الرحمن جمال المراكبي

أثناء تصفحي لبريدي الالكتروني كثيراً ما أجد العديد من الرسائل التي يرسلها بعض الأشخاص محبي الخير والدعوة إلى الله عز وجل من خلال الشبكة العنكبوتية – الانترنت - ، ولكن للأسف فإن السواد الأعظم من هذه الرسائل يحتوي على الكثير من البدع والخرافات التي لا أصل لها وليست من دين الله في شيء ، ولم تثبت في صحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر : جائتني رسالة بعنوان " دعاء يحفظك من موت الفجأة " وهذا نص الرسالة :
دعاء لمرة واحدة بالعمر ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مضمون الحديث : أنه قال: من قرأ الدعاء في أي وقت فكأنه : حج 360 حجة ، وختم 360 ختمه ، وأعتق   360 عبدا ، وتصدق ب 360 دينار ، وفرج عن 360 مغموما ، وبمجرد أن قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحديث نزل  جبريل عليه السلام وقال: يا رسول الله أي عبد من عبيد الله سبحانه وتعالى أو أي أحد من أمتك يا محمد قرأ الدعاء ولو مرة واحدة في العمر بحرمتي و جلالي ضمنت له سبعة أشياء : رفعت عنه الفقر ، وأمنته من سؤال منكر و نكير ، وأمررته على الصراط ، وحفظته من موت الفجأة ، وحرمت عليه دخول النار ، وحفظته من ضغطة القبر ، وحفظته من غضب السلطان الجائر والظالم .
   
الدعاء:
" لا اله إلا الله الجليل الجبار لا اله إلا الله الواحد القهار ، لا اله إلا الله الكريم الستار لا اله إلا الله الكبير المتعال، لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له مسلمون، لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له عابدون لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له قانتون، لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له صابرون، لا اله إلا الله محمد رسول الله ، اللهم إليك فوضت أمري وعليك توكلت يا أرحم الراحمين .
انتهت الرسالة

ولما أردت التحقق من صحة هذا الدعاء ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وجدت العديد من الفتاوى التي ساقها أهل العلم في بيان أن هذا دعاء مكذوب ولا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم لوجود أمارات الوضع عليه - أي الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم- ، وعدم وجوده في شيء من دواوين السنة ، كما أن الحديث تظهر عليه علامات الضعف ، لمخالفة الدعاء ومناقضته لصحيح المعقول وصريح المنقول من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك لترتيب هذه الأعداد العظيمة من الثواب المذكور لمن قرأ هذا الدعاء ، حيث أنه من الأدلة التي يستدل بها علماء المصطلح على كون الحديث ضعيفاً أو موضوعاً اشتماله على الثواب الكثير مقابل العمل القليل.
ومثل هذه الرسائل كثير ، وليس هذا محل لسردها ، ولكني أريد التنبيه على عدة أمور :

أولاً : يجب على من ترد إليه مثل هذه الرسائل أن يقوم أولاً بالتحقق من صحتها ، فإن لم تكن لديه المقدرة على ذلك بحيث لا يستطيع البحث في دواوين السنة فإنه يتوجه إلى أحد العلماء – وما أكثرهم في زماننا بفضل الله تعالى – ويسأله عن صحة محتوى هذه الرسالة ، وذلك عملاً بقوله تعالى : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " ، فإن تيقن أن محتوى الرسالة صحيحاً فإنه يقوم بنشرها ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى ، وإن كانت موضوعة أو مكذوبة وغير صحيحة فإنه يقوم بالرد على مرسلها ويبين له الصواب ، ويحتسب كذلك الأجر عند الله سبحانه وتعالى لدحضه لبدعة من البدع .

ثانياً : عادة ما يكتب المرسل في نهاية رسالته بعض الجمل التي يستحلف فيها مستقبل الرسالة بأن يرسلها إلى غيره كأن يقول :
" أرسلها إلى 10 من أصحابك ، وسَتَسْمَع خبراً جيِّداً الليلة إن شاء الله وأنا جربت ذلك " أو " أرجوك أرسلها لاتدعها تتوقف عندك .. لا تَمْسَحْها .. أمانة في عُنقك إلى يوم القيامة " ونحو ذلك ، ومثل هذه الجمل رجمٌ بالغيب وتقوّل وافتراء على الله عز وجل ، ولا يجوز إلزام الناس بما لم يُلزمهم به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهذا من إيجاب ما ليس بواجب.
لذلك فنصيحتي لمن يكتب مثل هذه الجمل في رسائله ألا يكلف الناس ويشق عليهم بما لم يكلفهم الله سبحانه وتعالى به ، ومعلوم أنه لا يعلم ثبوت الأجر إلا الله سبحانه وتعالى ، فكيف نجزم بثبوت الأجر للشخص إذا قام بإرسال الرسالة ؟ كما أن الأجور تختلف وتتضاعف ولا يعلم بها إلا الله سبحانه.

ثالثاً : جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدعية الصحيحة ما ينبغي للمسلم أن يحرص على الدعاء بها، وفيها ما يغني عن مثل تلك الأدعية ، وهناك العديد من الكتب والرسائل التي جمعت هذه الأدعية مثل : كتاب حصن المسلم للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني ، وكذلك كتاب مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة لفضيلة الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم وغيرها الكثير بفضل الله تعالى .
والله من وراء القصد

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

هناك 11 تعليقًا:

  1. جزاكم الله خيرًا

    فعلا يا أخوة يجب التحقق أولا من صحة أو خطأ الحديقث الذي ننشره ، فقد قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ (من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ).

    و أنت و إن لم تتحقق فإنك بهذا تكن متعمد .

    ردحذف
  2. بارك الله لك ن جزاك الله خيرا
    فعلا هذه الرسائل تستشعر أنها لا تنتسب للنبى صلى الله عليه و سلم . و كلما راودنى هذا الشعور بحثت فى اقوال العلماء و تأكد لدى ظنى.......ربنا يحفظنا من الفتن

    ردحذف
  3. الأخ أبا القاسم
    والأخ محمد عطية
    بارك الله فيكما
    وتقبل الله منا ومنكم

    ردحذف
  4. جزاكم اللة خبرا
    احمد سمير

    ردحذف
  5. وجزاكم أ. أحمد
    بارك الله فيكم

    ردحذف
  6. السلام عليكم

    جزاك الله خيراً على هذا التوضيح لأن هذه الرساله وصلتنى منذ يومين والحمد لله أن يسر لى قرائه تدوينتك هذى لأن بصراحه فوائد هذا الدعاء ومكاسبه المذكوره لفتت نظرى وكلنا يطمع فى تلك المكاسب ..
    ولك عظيم الشكر على التنبيه

    ودمت أخى بخير حال

    ردحذف
  7. بارك الله فيكم أخي " واحد من العمال "
    على هذه المشاركة الطيبة
    شرفني مروركم الكريم

    ردحذف
  8. هذا يذكرني بالمنشورات التي توزع على ابواب الجوامع والمنازل والجامعات وإن كان التشديد أغلظ على غرار "لقد وجد ميتا لأنه لم ينشرها" , "سيخرب - بضم الخاء - بيته من لم ينشرها" وإني ليصيبني العجب لمن يصدق هذه الترهات ويكفينا تنبيه الأخ عبدالرحمن لنا جزاه الله عنا كل خير

    ردحذف
  9. وليد الغزالي13 يونيو 2010 في 4:01 م

    هذا يذكرني بالمنشورات التي توزع على ابواب الجوامع والمنازل والجامعات وإن كان التشديد أغلظ على غرار "لقد وجد ميتا لأنه لم ينشرها" , "سيخرب - بضم الخاء - بيته من لم ينشرها" وإني ليصيبني العجب لمن يصدق هذه الترهات ويكفينا تنبيه الأخ عبدالرحمن لنا جزاه الله عنا كل خير

    ردحذف
  10. وجزاكم أ . وليد
    شرفت المدونة بوجودك

    ردحذف
  11. ربنا يحفظنا من الفتن

    ردحذف