الاثنين، 30 نوفمبر 2009

معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الثانية والأربعين

معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الثانية والأربعين

تحدد يوم 27 يناير 2010 موعد افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الثانية والأربعين، وتستمر حتى 7 فبراير 2010

في إجازة نصف العام الدراسية في نهاية شهر يناير وتحديدا ابتداءا من يوم الأربعاء بأرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرة و قاعة المعارض في قاعة المؤتمرات، مدته الرسمية 12 يوما ولكن يتم مده ثلاتة أيام أخرى نظرا للاقبال الجماهيري الكبير فتكون مدته الاجمالية أسبوعين.

جرت العادة به أن يكون اليوم الأول للإفتتاح الرسمي واليوم الثاني للناشرين وثالث الأيام يوم الجمعة وما يليه للجمهور يشارك فيه ناشرون من مختلف الدول العربية والأجنبية ويقام به أيضا العديد من الندوات الثقافية بالأضافة إلى عروض السينما والمسرح والمعارض التشكيلية و العروض الموسيقية، كما تم إضافة جزء من سوق سور الأزبكيه المخصص للكتب

خطبة الغدير وتزوير الروافض

خطبة الغدير وتزوير الروافض

بقلم/ د.جمال المراكبي

الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا اله إلا الله ولي الصالحين واشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلوات ربي وسلامة عليه وعلى أله وصحبة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعلى رسل الله أجمعين. وبعد فإن المد الرافضي في عصرنا صار أمراً مقلقا لكل صاحب سنه فقد أصبح لهم دعاة وعملاء يجوبون القرى ويشككون عوام المسلمين في ثوابت الدين وصحفيون يبثون سمومهم في بعض الصحف الصفراء وأصبح لهم دعاة يحسنون التلفيق والتزوير ويدخلون على عوام المسلمين بيوتهم من خلال شاشات الفضائيات التي تروج لمذاهبهم وتشكك المسلمين في أصول السنة وما أجمع عليه أهل الفضل من سلف الأمة وبعض عوام المسلمين خاصة ممن تغلب عليهم الكثير من البدع يرون هذه القنوات قنوات دينيه يأخذون منها الدين والعقائد والأحكام الشرعية{مثل قناة الأنوار الكويتية ،وقناة الفرات العراقية، وقناة الكوثر الإيرانية وغيرها الكثير. وإنما ذكرتها لنحذر منها ونحذر عوام المسلمين من الاغترار بها} ومن المسائل التي كثر الكلام عنها في هذه القنوات في هذه الأيام مسألة النص على خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال لأصحابه يوم الغدير(من كنت مولاه فعلي مولاه) وما رتبوه على ذلك من اعتبار علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنص الواضح الجلي وكيف تآمر الصحابة رضوان الله عليهم _ بزعم هؤلاء الروافض على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فحرموه حقه الشرعي في ولاية أمر المسلمين الذي أوجبه الله تعالى له، وحرموا الأمة المسلمة من الخليفة الشرعي الذي يقوم فيهم مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو المعصوم الذي لا يخطئ هو وسائر الأئمة من بعده كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المعصوم بوحي السماء كما قال الله عز وجل{ وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى} النجم وأن هؤلاء الصحابة حملهم الحقد عليه والحسد له ولبني هاشم أن تجتمع النبوة والخلافة الإمامة فيهم وهم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الدين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فما كان منهم إلا أنهم جحدوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أشهدهم عليها يوم الغدير ونكصوا على أعقابهم وارتدوا على أدبارهم .وحملهم على ذلك عصبية جاهلية وحقد دفين على آل بيت النبي الكريم صلوات ربى وسلامه عليهم.وكان الذي تولى كبر هذا الإفك شيخا قريش أبو بكر وعمر ومن بعدهم عثمان وسائر المهاجرون والأنصار ولهذا استحق الشيخان أن يكونا عند هؤلاء الأفاكين والمزورين صنمى قريش والجبت والطاغوت وأن تكون ابنتيهما عائشة وحفصة من ألد أعداء آل البيت لأنهما خانتا الله ورسوله كما كان من امرأة نوح وامرأة لوط عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام!!!! سبحان الله العظيم ، ما هذا الكذب والبهتان الذي يروج له هؤلاء الروافض ويريدون أن يلبسوا به على عوام المسلمين كذباً وزوراً. وقديما قال الإمام الشافعي: {ما رأيت أحد أشهد بالزور من الرافضة}(سير أعلام النبلاء جـ10 صـ89). لقد افتعل هؤلاء المزورون الوقيعة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهم. وبين آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكموا على خير قرون هذة الأمة بأنهم شر القرون على الإطلاق ، وطعنوا على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين زكاهم المولى تبارك وتعالى في كتابه ورضي عنهم ورضوا عنه فكذبوا القرآن وكذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وكذبوا على أهل بيته الطيبين الطاهرين، وافتعلوا باسمهم صراعات أدت إلى سفك الدماء وانتهاك الحرمات على مدى تاريخ الأمة . فما هي قصة الغدير؟ وماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في غدير خم؟ روى مسلم في صحيحة _ ك فضائل الصحابة ب من فضائل علي رضي الله عنه برقم 4425 (عن يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ وَغَزَوْتَ مَعَهُ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي وَقَدُمَ عَهْدِي وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا وَمَا لَا فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ ثُمَّ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ قَالَ وَمَنْ هُمْ قَالَ هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ قَالَ نَعَمْ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ مَنْ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ ). والحديث رواه الإمام أحمد في أول مسند الكوفيين برقم18464 بنحو من لفظ مسلم (عن يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ وَغَزَوْتَ مَعَهُ وَصَلَّيْتَ مَعَهُ لَقَدْ رَأَيْتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ كَبُرَتْ سِنِّي وَقَدُمَ عَهْدِي وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوهُ وَمَا لَا فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ ثُمَّ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطِيبًا فِينَا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَلَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَأُجِيبُ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ قَالَ وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ إِنَّ نِسَاءَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ قَالَ وَمَنْ هُمْ قَالَ هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ أَكُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ قَالَ نَعَمْ.) ورواه الدارمي في فضائل القران برقم 3182 (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَخُذُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَيْهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَأَهْلَ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.) وروى الإمام أحمد في مسنده في باقي مسند الأنصار برقم22461 (عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جَاءَ رَهْطٌ إِلَى عَلِيٍّ بالرَّحْبَةِ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا قَالَ كَيْفَ أَكُونُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ قَالُوا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ قَالَ رِيَاحٌ فَلَمَّا مَضَوْا تَبِعْتُهُمْ فَسَأَلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا حَنَشٌ عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَدِمُوا عَلَى عَلِيٍّ فِي الرَّحْبَةِ فَقَالَ مَنْ الْقَوْمُ قَالُوا مَوَالِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.) وروى ابن ماجة في المقدمة برقم118 (عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ فَذَكَرُوا عَلِيًّا فَنَالَ مِنْهُ فَغَضِبَ سَعْدٌ وَقَالَ تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. تحقيق الألباني : صحيح ، الصحيحة ( 4 / 335 ) ورواه مسلم بنحو من هذا اللفظ. وروى أحمد في مسند العشرة برقم 906 (عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالَا نَشَدَ عَلِيٌّ النَّاسَ فِي الرَّحَبَةِ مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ إِلَّا قَامَ قَالَ فَقَامَ مِنْ قِبَلِ سَعِيدٍ سِتَّةٌ وَمِنْ قِبَلِ زَيْدٍ سِتَّةٌ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ قَالُوا بَلَى قَالَ اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.) وروى أحمد في أول مسند الكوفيين برقم17749 (عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا بِغَدِيرِ خُمٍّ فَنُودِيَ فِينَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَكُسِحَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَتَيْنِ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قَالُوا بَلَى قَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ قَالُوا بَلَى قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ قَالَ فَلَقِيَهُ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ هَنِيئًا يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.) هذه هي خطبة الغدير كما رواها أئمة السنة في الصحاح والمسانيد وقد أفردها بعضهم بالتصنيف كما فعل ابن جرير الطبري ، وابن عساكر. ولو كان الصحابة رضوان الله عليهم قد جحدوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم لم يكتموا أمر هذه الوصية ويمنعوا هذه الروايات ، ولماذا تناقلها علماء السنة جيلا بعد جيل يتعبدون لله عز وجل بحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم متمثلين وصيته صلى الله عليه وسلم (أذكركم الله في أهل بيتي). لقد عاش آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في كنف الخلفاء الراشدين بخير حال ،حتى وقعت الفتنة واقتتل الصحابة في الجمل وصفين ، وتعرض بعض أهل البيت لكثير من الفتن بعد زوال الخلافة الراشدة ووقوع القتال على الملك واستغل هؤلاء الروافض هذه الأجواء لبث سمومهم في الأمة الإسلامية فطعنوا على خير قرون الأمة ، متوسلين بذلك للطعن في دين الله عز وجل لأن الصحابة هم نقلة هذا الدين قرآن وسنة.( قال أبو داود السجستاني : لما أتى الرشيد بشاكر رأس الزنادقة ليضرب عنقه قال: أخبرني لم تعلمون المتعلم منكم أول ما تعلمونه الرفض والقدر؟ قال: أما قولنا بالرفض ،فإنا نريد الطعن على الناقلة ،فإذا بطلت الناقلة أوشك أن نبطل المنقول. وأما قولنا بالقدر فإنا نريد أن نجوز إخراج بعض أفعال العباد لإثبات قدر الله، فإذا جاز أن يخرج البعض جاز أن يخرج الكل.)(تاريخ بغداد جـ5 صـ66). لقد زعم بعض الأفاقين أن الصحابة حرفوا القرآن وحذفوا آيات الولاية والوصية لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه وللأئمة من بعده. فضلا عن تحريف أقوال النبيصلى الله عليه وسلم وسنته. ومن الكذب الذي يروج له هؤلاء المزورون أن قول الله تعالى{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}المائدة67. نزلت في غدير خم ، وقد بلغ النبيصلى الله عليه وسلم أن علياً هو الخليفة من بعده كما يزعم هؤلاء الأفاكون. وزعموا أن قول الله تعالى {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}المائدة55. نزلت في علي رضي الله عنه وأنه تصدق بخاتمة وهو راكع في الصلاة وأن الآية نص على ولاية علي وإمامته. ومن تتبع إفك هؤلاء يجد العجب العجاب كقولهم إن آية الإكمال نزلت يوم الغدير ، وهي قول الله تعالى{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} ومعلوم أنها نزلت على النبيصلى الله عليه وسلم بعرفة في الموقف. ويكفي للرد على كذب هؤلاء أن أمير المؤمنين على بن أبى طالب بايع الخلفاء الراشدين قبله،وكان بمثابة الوزير والمستشار لهم؛ ولما آلت إليه الخلافة ووقعت الفتنه وزعم الخوارج أنه لا يصلح للخلافة جعل يستشهد بالصحابة رضوان الله عليهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.من كنت مولاه فعلى مولاه؛ولم يقل أمير المؤمنين يوما: إن الصحابة قد غصبوا حقه في خلافة النبي صلى الله عليه وسلم ،بل إنه توعد من طعن في الشيخين أبى بكر وعمر وجحد فضلهما وسابقتهما فقال"من فضلني على أبى بكر وعمر جلدته حد الفرية. وهذا ولده الحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنازل عن الخلافة بعد أن بايعه أهل العراق ؛ليجمع شمل المسلمين ويقطع دابر الفتنه؛وصدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم"إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به فئتين عظيمتين من المسلمين"رواه البخاري فإذا كانت الإمامة عند هؤلاء هي أصل الأصول في الدين؛فكيف تنازل الإمام عنها وهى أصل الدين؛ولماذا لم يطالب بها أمير المؤمنين على بن أبى طالب ويذكر الصحابة بوصية النبي صلى الله عليه وسلم له. ويكفي لرد إفك الروافض أنهم لم يتفقوا على أشخاص الأئمة واختلفوا فيهم اختلافا عظيما؛ولو كان هناك نص لما اختلفوا. لقد خرج زيد بن على بن الحسين في خلافة هشام بن عبد الملك و الروافض يزعمون أن أخاه محمد الباقر هو الإمام المعصوم فكيف ساغ لزيد بن على أن يخالف أخاه إن كان إماما ولماذا لم يقل الباقر لأخيه أنا الإمام المعصوم فكيف تخرج وتدعوا الناس إلى نفسك . وكذلك خرج محمد بن جعفرالصادق بن محمد الباقر بن على بن الحسين أيام المأمون سنة مائتين هجرية ودعا إلى نفسه وبايعه أهل الحجاز ولكن الروافض يزعمون أن أخاه موسى الكاظم هو الإمام المعصوم فكيف ساغ لمحمد بن جعفر الصادق أن يدعو الناس لنفسه لو كان يعلم أن أخاه هو الإمام ؛فكان الأولى أن يدعو لإمام زمانه.لو كان يعتقد أنه إمام الزمان المعصوم، ثم إن هؤلاء الأفاكين الذين يزعمون أن الزمان لا يجب أن يخلو من إمام، يعيشون منذ أكثر من ألف سنه بغير إمام ويزعمون أن إمامهم المعصوم غائب ويدعون الله عز وجل أن يعجل فرجه. إن أعظم ما يرد هذه الفرية ما قاله الحسن بن الحسن لرجل ممن يغلو فيهم ؛ويحكم أحبونا لله ،فان أطعنا الله فأحبونا،وإن عصينا الله فأبغضونا. فقال له الرجل :إنكم ذو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته. فقال:ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير عمل بطاعته،لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أبا ه وأمه،والله إني لأرجو أن يؤتي المحسن منا أجره مرتين ثم قال:لقد أساء آباؤنا وأمهاتنا إن كان ما تقولون من دين الله ثم لم يخبرونا به ،ولم يطلعونا عليه، ولم يرغبونا فيه ،فنحن والله كنا أقرب منهم قرابة منكم ،وأوجب عليهم حقا ،وأحق أن يرغبونا فيه منكم ،ولو كان الأمر كما تقولون،إن الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر،وللقيام على الناس بعده ،إن كان علي لأعظم الناس في ذلك خطيئة وجرما إذ ترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه كما أمره ،أو تعزر فيه إلى الناس.فقال له الرافضي:ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي :"من كنت مولاه فعلى مولاه"؟ قال:أما والله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك الإمرة والسلطان والقيام على الناس لأفصح لهم بذلك،كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت ،ولقال لهم أيها الناس إن هذا ولي أمركم بعدي فاسمعوا له وأطيعوا فما كان من وراء هذا شيء، فإن أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم. ("أخرجه ابن سعد في الطبقات جـ5 صـ319- 320 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ، والمزي في تهذيب الكمال بسند صحيح ، قال المزي : وهذا من أصح الأسانيد وأعلاها ") وما أجمل ما قاله زيد بن على بن الحسين :البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان براءة من علي،والبراءة من علي براءة من أبي بكر وعمر وعثمان . ولكن الروافض أقاموا دينهم ومعتقدهم على الوقيعة في هؤلاء الأكابر المبشرين بالجنة على لسان الصادق المصدوق الذي لا ينطق على الهوى. أما أهل السنة فيحبون الجميع ، ويتولونهم ويترضون عنهم ويتابعونهم بإحسان كما قال الله عز وجل{والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم}الحشر. قال سفيان الثوري(لا يجتمع حب عثمان وعلي إلا في قلوب نبلاء الرجال).(تاريخ بغداد جـ5 صـ219). وما أروع قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسيده نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله عليها وعلى أبيها السلام : (يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم :ما كان أحد من الناس أحب إلينا من أبيك، وما أحد بعد أبيك أحب إلينا منك) (تاريخ بغداد جـ5 صـ168). فاللهم إنا نشهدك ونشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك،وأننا نحب أصحاب نبيك رضوان الله عليهم أجمعين، ونتقرب إليك بمودة آل بيت نبيك صلوات الله وسلامة عليهم أجمعين، ولا نرى الوقيعة في أحد منهم ، ولا نخوض فيما شجر بينهم، ونرجوا أن يحشرنا الله عز وجل معهم فالمرء مع من أحب. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

السبت، 28 نوفمبر 2009

القصيدة الرائية لابن عبدالبر

القصيدة الرائية لابن عبدالبر
قصيدة من أروع ما قرأت حول حقيقة الدنيا فهي تصور حال الدنيا وأن كل الناس فيها من المتعبين فلا غني أراحه غناه ولافقير قنع بما أدرك ، وتصور كذلك اختلاف الناس في معاشهم وفي أحوالهم ، كما أنها من أغلى وأنفس الحكم .
والقصيدة منسوبة إلى أبي عمر يوسف بن عبدالبر، - رحمه الله -
وفي نسبتها إليه ضعف والله أعلم
والآن مع القصيدة :
من ذا الذي قد نال راحة فكره في عمره من عسره أو يسره ؟ يلقى الغني لحفظه ماقد حوى أضعاف مايلقى الفقير لفقره فيظل هذا ساخطاً في قله ويظل هذا ثاعباً في كثره والجن مثل الإنس يجري فيهمُ حكم القضاء بحلوه وبمره فإذا المريد أتى ليخطف خطفة جاء الشهاب بحرقه وبزجره ونبي صدق لا يزال مكذَّبًا يرمى بباطل قولهم وبسحره والعالم المفتي يظل منازعاً بالمشكلات لدى مجالس ذكره فالويل إن زل اللسان فلا يُرى أحد يُساعد في إقامة عذره أوَمَا ترى الملك العزيز بجنده رهن الهموم على جلالة قدره فيسره خبر وفي أعقابه خبر تضيق به جوانب قصره ومؤازر السلطان أهل مخاوف وإن استبد بعزه وبقهره فلربما زلت به قدم فلم يرجع يساوي في قلامة ظفره وأخو العبادة دهره متنغصٌ يبغي التخلص من مخاوف قبره وأخو التجارة حائر متفكرٌ مما يلاقي من خسارة سعره وأبو العيال أبو الهموم وحسرة الـ ـرجل العقيم كمينةٌ في صدره وكل قرين مضمر لقرينه حسداً وحقداً في غناه وفقره ولرب طالب راحة في نومه جاءته أحلامٌ فهام بأمره والطفل من بطن أمه يخرجُ غُصص الفطام تروعه في صغره والوحش يأتيه الردى في بره والحوت يلقى حتفه في بحره ولربما تأتي السباع لميتٍ فاستخرجته من قرارة قبره ولقد حسدتُ الطير في أوكارها فوجدتُ منها ما يُصاد بوكره كيف التلذذ في الحياة بعيشة ما زال وهو مروع في أسره ؟ تالله لو عاش الفتى في أهله ألفاً من الأعوام مالك أمره متلذذاً معهم بكل لذيذة متنعماً بالعيش مدة عمره لا يعتريه النقص في أحواله كلا ولا تجري الهموم بفكره ما كان ذلك كله مما يفي بنزول أول ليلة في قبره كيف التخلص يا أخي مما ترى؟ صبراً على حلو القضاء ومره !

الخميس، 26 نوفمبر 2009

خطبة عرفة لسنة 1430 هـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حمل الآن

خطبة عرفة لسنة 1430 هـ مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

مفتي عام المملكة العربية السعودية

روابط التحميل :

الجودة العالية

الجودة المتوسطة

رابط صوت wma

و عيد سعيد و كل عام وأنتم بخير وإلى الله أقرب

الله اكبر الله اكبر الله اكبر

لا إله الا الله

الله اكبر الله اكبر الله اكبر و لله الحمد

يوم النحر و أيام التشريق

يوم النحر و أيام التشريق

يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين مع أن بعض العلماء يرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة ، قال ابن القيم رحمه الله: (( خير الأيام عند الله يوم النحر ، وهو يوم الحج الأكبر )) وعنه صلى الله عليه وسلم قال : (( إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ- هو يوم الاستقرار في منى- )) رواه أبو داود في السنن و صححه الألباني . وعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ )) رواه مسلم . وعَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ )) . رواه أحمد و أبو داود و النسائي و صححه الألباني . و يشرع التكبير بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ، وصفته : ( الله أكبر ، الله أكبر،لا إله إلا الله ،والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ) . قال ابن رجب الحنبلي : " والأعياد التي يجتمع عليها الناس فلا يتجاوز بها ما شرعه الله لرسوله وشرعه الرسول لأمته ، والأعياد : هي مواسم الفرح والسرور ؛ وإنما شرع الله لهذه الأمة الفرح والسرور بتمام نعمته وكمال رحمته ، كما قال تعالى: (( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ )) [ يونس : 58 ] ، فشرع لهم عيدين في سنة وعيدا في كل أسبوع …. أكبر العيدين عند تمام حجهم بإدراك حجهم بالوقوف بعرفة وهو يوم العتق من النار ، ولا يحصل العتق من النار والمغفرة للذنوب والأوزار في يوم من أيام السنة أكثر منه ، فجعل الله عقب ذلك عيدا ؛ بل هو العيد الأكبر ، فيكمل أهل الموسم فيه مناسكهم ويقضوا فيه تفثهم ويوفون نذورهم ويطوفون بالبيت العتيق ويشاركهم أهل الأمصار في هذا العيد ؛ فإنهم يشاركونهم في يوم عرفة في العتق والمغفرة وإن لم يشاركوهم في الوقوف بعرفة ، لأن الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام ، بخلاف الصيام ويكون شكر عند أهل الأمصار : الصلاة والنحر ، والنحر أفضل من الصدقة التي في يوم الفطر ؛ ولهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشكر نعمته عليه بإعطائه الكوثر بالصلاة له والنحر كما شرع ذلك لإبراهيم خليله عليه السلام عند أمره بذبح ولده وافتدائه بذبح عظيم " .

الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

مناظرة حول الحجاب والنقاب

مناظرة حول الحجاب والنقاب
أقيمت هذه المناظرة حول الحجاب والنقاب في عام 1988م تحت رعاية جريدة اللواء الإسلامي، بين أنصار السنة والأزهر الشريف
****
يمثل أنصار السنة :
الشيخ:صفوت نور الدين الرئيس العام الأسبق للجماعة
والشيخ:صفوت الشوادفي نائب الرئيس العام الأسبق للجماعة
- رحمهما الله تعالى -
مع د: محمد سيد طنطاوي - مفتى الجمهورية آنذاك -
ود:أحمد عمر هاشم - رئيس الجامعة آنذاك -
لمتابعة تغطية جريدة اللواء الإسلامي للمناظرة
وهنا الروابط الصوتية للمناظرة :

لا تضيع الفرصـة

لا تضيع الفرصـة
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ ". صحيح مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم " قال الترمذي : حديث حسن. فمن الأوقات الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يتحرّى فيها الدعاءَ يومُ عرفة، فهو يومٌ فاضلٌ تُستجابُ فيه الدعواتُ وتُغفر فيه الزَّلاَّتُ وتُكفَّر فيه الخطيئات، وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " أفضلُ الدعاءِ دعاءُ يوم عرفة وأفضل ما قلتُه أنا والنبيون من قبلي لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شيء قدير ". حسنه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة

الاثنين، 23 نوفمبر 2009

أنت فقط من يعيق تقدمك

في أحد الأيام وصل الموظفون إلى مكان عملهم فرأوا لوحة كبيرة معلقة على الباب الرئيسي لمكان العمل كتب عليها: "لقد توفي البارحة الشخص الذي كان يعيق تقدمكم ونموكم في هذه الشركة!
ونرجو منكم الدخول وحضور العزاء في الصالة المخصصة لذلك"!في البداية حزن جميع الموظفون لوفاة أحد زملائهم في العمل، لكن بعد لحظات تملك الموظفون الفضول لمعرفة هذا الشخص الذي كان يقف عائقاً أمام تقدمهم ونمو شركتهم!
بدأ الموظفون بالدخول إلى قاعة الكفن وتولى رجال أمن الشركة عملية دخولهم ضمن دور فردي لرؤية الشخص داخل الكفن.
وكلما رأى شخص ما يوجد بداخل الكفن أصبح وبشكل مفاجئ غير قادر على الكلام وكأن شيئاً ما قد لامس أعماق روحه.
لقد كان هناك في أسفل الكفن مرآة تعكس صورة كل من ينظر إلى داخل الكفن وبجانبها لافتة صغيرة تقول :
"هناك شخص واحد في هذا العالم يمكن أن يضع حداً لطموحاتك ونموك في هذا العالم وهو أنت"
حياتك لا تتغير عندما يتغير مديرك أو يتغير أصدقاؤك أو زوجتك أو شركتك أو مكان عملك أو حالتك المادية.
حياتك تتغير عندما تتغير أنت وتقف عند حدود وضعتها أنت لنفسك!
راقب شخصيتك وقدراتك ولا تخف من الصعوبات والخسائر والأشياء التي تراها مستحيلة!

الأحد، 22 نوفمبر 2009

لا تملأ الأكواب بالماء

لا تملأ الأكواب بالماء
********
يحكى أنه حدثت مجاعة بقرية....فطلب الوالي من أهل القرية طلبًا غريبًا في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع ...
وأخبرهم بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية .
وأن على كل رجل وامرأة أن يضع في القِدر كوبًا من اللبن بشرط أن يضع كل واحد الكوب لوحده من غير أن يشاهده أحد ..
هرع الناس لتلبية طلب الوالي..
كل منهم تخفى بالليل وسكب ما في الكوب الذي يخصه.
وفي الصباح فتح الوالي القدر .... وماذا شاهد؟
شاهد القدر و قد امتلأ بالماء !!!
أين اللبن؟!
ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدلاً من اللبن؟
كل واحد من الرعية.. قال في نفسه: " إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية ".
وكل منهم اعتمد على غيره ...
وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه, و ظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن,والنتيجة التي حدثت ..
أن الجوع عم هذه القرية ومات الكثيرون منهم ولم يجدوا مايعينهم وقت الأزمات ..
هل تصدق أنك تملأ الأكواب بالماء في أشد الأوقات التي نحتاج منك أن تملأها باللبن ؟
عندما لا تتقن عملك بحجة أنه لن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك من الناس
فأنت تملأ الأكواب بالماء....
عندما لا تخلص نيتك في عمل تعمله ظناً منك أن كل الآخرين قد أخلصوا نيتهم وان ذلك لن يؤثر
فأنت تملأ الأكواب بالماء...
عندما تحرم فقراءالمسلمين من مالك ظناً منك أن غيرك سيتكفل بهم.
فأنت تملا الأكواب بالماء...
عندما تتقاعس عن الدعاء للمسلمين بالنصرة والرحمة و المغفرة .
فأنت تملأ الأكواب بالماء.
عندما تترك ذكر الله و الاستغفار و قيام الليل.
فأنت تملأ الأكواب بالماء...
عندما تضيع وقتك ولا تستفيد منه بالدراسة والتعلم والدعوة إلى الله تعالى.
فأنت تملأ الأكواب بالماء.........
إخواني ، أخواتي ..
اتقوا الله تعالى في أوقاتكم وأموالكم وصحتكم وفراغكمِ وأوقاتكم
ولا تضيعوها
وحاولوا أن تملأوا الأكواب لبنًا

السبت، 21 نوفمبر 2009

أحكام الحج و العمرة

أحكام الحج و العمرة
الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام وكفى بها نعمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:- فإن الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام ، من أجل ذلك أحببت أن أُذَكِّر نفسي وإخواني الكرام بأحكام الحج و العمرة ، فأقول و بالله التوفيق : الحج لغة : القصد . قال الخليل بن أحمد : الحج: كثرة القصد إلى من تعظمه . والحج شرعاًَ : القصد إلى البيت الحرام والمشاعر المقدسة لأداء أعمال مخصوصة في وقت مخصوص . ( فتح الباري للعسقلاني جـ4 صـ442 ) العمْرة : العمرة لغة : الزيارة . العمرة شرعاً : زيارة البيت الحرام للطواف حوله والسعي بين الصفا والمروة وحلق شعر الرأس أو تقصيره . ( فقه السنة للسيد سابق جـ2 صـ278 ) فضل الحج والعمرة : روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ r: مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ . ( البخاري حديث 1521 / مسلم حديث 1350 ) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ .( البخاري حديث 1773 / مسلم حديث 1349 ) حكْم الحج : الحج فريضة على كل مسلم , بالغ , عاقل , حر , قادر على الذهاب لأداء مناسك الحج , وذلك بدليل الكتاب والسُّنة وإجماع علماء الأمة . يقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران : 98 ) روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ . ( البخاري حديث 8 / مسلم حديث 16 ) وأجمعت الأمة على وجوب الحج في العمر مرة واحدة . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ6 ) كيفية الاستطاعة لأداء مناسك الحج : الاستطاعة تتحقق بالصحة وملك ما يكفي المسلم لذهابه وعودته من المشاعر المقدسة , فاضلاًَ عن حاجة من تلزمه نفقته وبأمن الطريق مع وجود محرم بالنسبة للمرأة , فإذا لم تجد محرماًَ فليست بمستطيعة . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ30 : صـ32 ) فتوى دار الإفتاء المصرية بخصوص حج المرأة بدون محرم معها : لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو ذو محرم لها , بالغ , عاقل , ولا يحل لها أن تحج بدون ذلك , وإذا حجت بدون محرم كانت آثمة وحجها صحيح . ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ1 فتوى رقم 43 صـ132 : صـ133 ) حكْم العمرة : العمرة سُّنة مؤكدة , وليست بواجبة , وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي ورواية عن أحمد , ورجحه ابن تيمية و الصنعاني , والشوكاني , وغيرهم من أهل العِلم ،رحمهم الله جميعاً . (فتاوى ابن تيمية جـ26 صـ5 : صـ9 ) ( سبل السلام للصنعاني جـ2 صـ602 ) ( نيل الأوطار للشوكاني جـ4 صـ405 ) حج الصبي والعبد : لا يجب الحج على الصبي ولا العبد ولكن إذا حجا , صح حجهما ولا يجزئهما عن الفريضة إذا بلغ الصبي أو أعتق العبد . روى مسلمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:إنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ . ( مسلم حديث 1336 ) وروى البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه حجة أخرى و أيما أعرابيٌ حج ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى .( حديث صحيح ) ( إرواء الغليل للألباني جـ4 حديث 986 ) الحج عن الغير : من كانت لديه القدرة المالية التي تغطي تكاليف الحج ولكنه عجز عن الحج،ولو محمولاً، بسبب كبر سن أو مرض لا يُرجى الشفاء منه يمنعه من السفر أو من أداء مناسك الحج , فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه من ماله , فإن قدر الله لهذا المريض الشفاء , أجزأته هذه الحجة عن حجة الإسلام . روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ rفَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ rيَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَقَالَتْ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ . ( البخاري حديث 1855 / مسلم حديث 1334 ) شروط الحج عن الغير : يُشترطُ في من ينوب عن غيره بالحج أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه أولاًً، ويجوز أن يحج الرجل عن المرأة وأن تحج المرأة عن الرجل . روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ r سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ قَالَ مَنْ شُبْرُمَةُ؟ قَالَ: أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي قَالَ حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ لَا. قَالَ: حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1596 ) فائدة : من مَلَكَ القدرة المالية والجسمية ولكنه مات قبل أن يحج جاز أن يحج أحدٌ نيابة عنه , على أن تكاليف رحلة الحج من رأس مال الميت ، ويكون الحج مقدماً على ديون الناس . روى النسائيُّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَرَتْ امْرَأَةٌ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ الْجُهَنِيَّ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ r أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ أَفَيُجْزِئُ عَنْ أُمِّهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهَا دَيْنٌ فَقَضَتْهُ عَنْهَا أَلَمْ يَكُنْ يُجْزِئُ عَنْهَا فَلْتَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا . (حديث صحيح ) ( صحيح النسائي للألباني جـ2 صـ 241 ) مواقيت الحج والعمرة : المواقيت : جمع ميقات , وهو ما حُدد ووقِّتَ للعبادة من زمان ومكان . وللحج مواقيت زمانية ومكانية . المواقيت الزمانية : العمرة ليس لها ميقات زماني , ويمكن الإحرام بها في أي وقت من العام وأما بالنسبة للحج فله ميقات زماني ولا يصح إلا فيه . يقول الله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) ( البقرة : 197 ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ . ( البخاري – كتاب الحج باب 33 ) المواقيت المكانية : هي الأماكن التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم للإحرام منها لكل من أراد الحج والعمرة ولا يجوز أن يتجاوزها بغير إحرام , ومن تجاوزها بغير إحرام وجب عليه أن يعود إليها ويُحرم منها وإلا وجب عليه ذبح شاة وتوزيعها على فقراء الحرم ولا يأكل منها . وهذه المواقيت المكانية كما يلي : ميقات أهل المدينة : ذو الحليفة ويُسمى الآن أبيار علي ، وميقات أهل الشام ومصر : الجُحفة , وهي قرية قديمة قد خربت , فصار الناس يحرمون من رابغ . وميقات أهل اليمن : يلملم .و ميقات أهل نجد : قُرْن المنازل ويسمى الآن السيل . وميقات أهل العراق : ذات عرق ويُسمى الآن الضريبة . ( البخاري حديث 1526/1531 / مسلم حديث 1181 ) أنواع الإحرام : الإحرام ثلاثة أنواع وهي : الإفراد – القران – التمتع أولاً:الإفراد : هو أن يحرم من يريد الحج من الميقات بالحج وحده , فيقول عند التلبية لبيك بحج , ويبقى على إحرامه حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ولا يلزمه هدي . ثانياً:القران : هو أن يحرم بالحج والعمرة معاً من الميقات , فيقول عند التلبية ( لبيك بحج وعمرة ) ويظل على إحرامه حتى ينتهي من أعمال الحج والعمرة معاً .ويكفي القارن لحجه وعمرته طواف واحد ( وهو طواف الإفاضة ) وسعي واحد , ويلزمه هدي . ثالثاً:التمتع : هو أن يعتمر في أشهر الحج وهي ( شوال , وذو القعدة , وعشر من ذي الحجة ) , فيقول عند الميقات ( لبيك بعمرة ) فإذا وصل إلى مكة , طاف وسعى للعمرة ثم حلق أو قصر شعره ثم يحل من إحرامه ويرتدي ملابسه العادية ويظل هكذا إلى يوم التروية ( وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ) فيحرم من مكانه بالحج وحده قائلاً لبيك بحج , ويبقى على إحرامه حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ويلزمه هدي . (المنهج لابن عثمين صـ14 : صـ16 ) تنبيه هام : لا يجب الهدي على القارن والمتمتع من أهل المسجد الحرام , وهم من كانوا قريبين منه , بحيث لا يكون بينهم وبين الحرم مسافة سفر تقصر فيها الصلاة . أركان الحج والعمرة : أركان الحج أربعة وهي : (1) الإحرام . (2) الوقوف بعرفة . (3) طواف الإفاضة . (4) السعي بين الصفا والمروة . وهذه الأركان الأربعة لا يتم الحج إلا بها , ومن ترك ركناً واحداً من هذه الأركان لم يصح حجه . أركان العمرة ثلاثة وهي : (1) الإحرام . (2) الطواف . (3) السعي بين الصفا والمروة . وهذه الأركان الثلاثة لا تصح العمرة إلا بها , ومن ترك ركناً منها لم تصح عمرته , وسوف نتحدث عن هذه الأركان بإيجاز : أولاً : الإحرام : الإحرام : هو نية الدخول في الحج أو العمرة أو هما معاً . والإحرام يكون من الميقات ,و هو المكان الذي حدده النبي r للإحرام منه , ولا يجوز مجاوزته بدون إحرام , فمن جاوزه دون إحرام عالماً به أو جاهلاً ثم علم حُكْمه بعد ذلك , وجب عليه أن يرجع ويحرم منه ولا شيء عليه , فإن لم يرجع وجب عليه ذبح شاة , فإن لم يستطع صام عشرة أيام . ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا عاد إلى بلده . ويجب على المُحرم الذَّكَر أن يتجرد من ملابسه كلها , ويرتدي إزاراً و رداءً , ولا يغطي رأسه بشيء . صفة إحرام النساء : المرأة تحرم في ملابسها العادية غير أنها لا تنتقب ولا تلبس القفازين . ستر وجه المرأة أثناء الإحرام : قال ابنُ قدامة : إذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا ، لِمُرُورِ الرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْهَا ، فَإِنَّهَا تَسْدُلُ الثَّوْبَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ154 ) روى الحاكم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمشط قبل ذلك في الإحرام ) ( إسناده صحيح ) ( إرواء الغليل للألباني جـ4 حديث 1023 ) صفة التلبية : بعد أن يُحرم المسلم بالنسك الذي يريده , يرفع صوته بالتلبية وهي قول : (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) وصيغة التلبية هي : روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ r :لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ . ( البخاري حديث 1549 / مسلم حديث 1184 ) ويرفع الرجال بالتلبية أصواتهم مع الإكثار من تكرارها والمرأة ترفع صوتها بقدر ما تسمع نفسها ورفيقاتها . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ160 ) وتنقطع التلبية في العمرة عند بداية الطواف حول الكعبة وتنقطع في الحج عند رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر . سنن الإحرام : (1) الاغتسال : (2) التطيب : (3) ارتداء إزار ورداء أبيضين : (4) الإحرام عقب الصلاة : ( مسلم حديث 1218 ) فائدة : ينبغي للمسلم أن يعلم أن الإحرام ليس له صلاة خاصة به . (5) رفع الصوت بالتلبية : من السُّنة الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها للرجال وأما المرأة فيكفي أن ترفع صوتها بقدر ما تسمع نفسها ورفيقاتها . (6) الاشتراط : من السُّنة لمن خاف أن يمنعه عائق من عدو أو مرض أو ذهاب نفقه أو نحو ذلك , من إتمام العمرة أو الحج أن يشترط على الله تعالى فيقول بعد إحرامه : ( وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) وفائدة هذا الاشتراط أن المحرم إذا منعه شيء من إتمام نسكه , حَلَّ من إحرامه حيث كان ولا هدي عليه ولا صوم وأما من لم يشترط عند الإحرام ومنع من إتمام نسكه , حل من إحرامه ووجب عليه الهدي . وأما من لا يخاف من عائق يمنعه من إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط ولم يأمر أحداً من الصحابة بالاشتراط , وإنما أمر ضباعة بنت الزبير بالاشتراط لمرضها . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ92 : صـ94 ) ما يُباح أثناء الإحرام : (1) الاغتسال وتمشيط شعر الرأس واللحية برفق والنظر في المرآة .(2) غسل ملابس الإحرام أو استبدالها بغيرها . (3) الاحتجام وخلع الضرس واستعمال المظلة والنظارة والتبرع بالدم . (4) لبس الساعة وخاتم الفضة للرجال , وأما الحلي من الذهب فللنساء فقط . (5) استخدام الحزام والمشابك للإحرام وطرح الظفر إذا انكسر . (6) قتل الحشرات والحيوانات الضارة التي تهاجم المُحْرم في الحل والحرم . (7) صيد البحر , والقيام بالبيع والشراء والصناعة . ( حجة النبي للألباني صـ26 )( الفقه الإسلامي للزحيلي جـ3 صـ254 ) محظورات الإحرام : محظورات الإحرام على ثلاثة أقسام : القسم الأول : محظورات على الرجال والنساء معاً : (1) إزالة الشعر من الرأس وسائر الجسم عمداً بحلق أو غيره .
(2) تقليم أظافر اليدين والقدمين , وارتداء القفازين . (3) استعمال العطور بعد الإحرام , في البدن أو الثوب .
(4) جماع الزوجة أو دواعي ذلك من النظر بشهوة أو التقبيل ونحوه . (5) قتل صيد البر أو المعاونة في ذلك أو تنفير طير الحرم أو قطع شجر الحرم إلا الإذخر وهو نبات طيب الرائحة . (6) الخِطبة أو عقد النكاح لنفسه أو لغيره .
(7) أخذ لقطة الجرم إلا لمن يريد تعريفها . (8) المخاصمة والجدال بالباطل لأن ذلك يؤدي إلى انتشار البغضاء بين المسلمين . القسم الثاني : محظورات خاصة بالرجال فقط وهي : (1) لبس المخيط ويشمل كل ما هو مُفصل على هيئة أعضاء الجسم كالفنيلة أو السراويل أو الجوربين ونحو ذلك . (2) تغطية الرأس بملاصق كالعمامة والطاقية وما شابه ذلك . القسم الثالث : محظورات خاصة بالنساء فقط : ارتداء النقاب ( البرقع ) ( الحج والعمرة لابن باز صـ24 : صـ28 )( المنهج لابن عثمين صـ37 : صـ42 ) فدية محظورات الإحرام : فدية قص أو حلق الشعر وقص الأظافر ولبس المخيط والمباشرة بشهوة , وتغطيه الرأس ووضع الطيب وارتداء النقاب والقفازين للمرأة هي اختيار واحدة من ثلاث إما ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ119 : صـ160 ) فدية جماع الزوجة : أولاً : إذا جامع الرجل زوجته وهو محرم بالحج قبل التحلل الأول , وهو الذي يكون بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر مع الحلق أو التقصير ترتب على ذلك ما يلي : (1) فساد الحج مع وجوب الاستمرار فيه حتى نهايته . (2) وجوب قضاء هذا الحج العام القادم , سواء كان ذلك فريضة أو نافلة .(3) وجوب ذبح بدنه وتوزيعها على فقراء الحرم . ثانياً : إذا جامع الرجل زوجته بعد التحلل الأول , كان حجه صحيحاً , ولكن وجب عليه ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام . ( موطأ مالك – كتاب الحج باب 48 ) ثالثاً : إذا أحرم الرجل بعمرة ثم طاف حول البيت وبعد ذلك جامع زوجته قبل السعي بين الصفا والمروة , فسدت عمرته ويجب عليه ذبح شاة مع وجوب قضاء العمرة من الميقات . رابعاً : إذا أحرم الرجل بالعمرة وطاف وسعى ثم جامع زوجته قبل الحلق أو التقصير , كانت عمرته صحيحة ولكن وجب عليه ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام , وهو مخير بين هذه الثلاثة . ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ11 صـ187 ) فائدة هامة : إذا كانت الزوجة محرمة بالحج أو العمرة وكانت راضية عن جماع زوجها لها ترتب على موافقتها نفس الأحكام السابقة وأما إن كانت مكرهة فسد حجها أو عمرتها ولكن لا فدية عليها . ( المغني لابن قدامة جـ5 صـ165 : صـ176 ) فدية الصيد : يحرم على المحرم صيد البر أثناء الإحرام .
ومن قتل الصيد وهو مُحْرم وجب عليه ذبح ما يشابهه وذلك بحكم عدلين من ذوي الخبرة مع توزيع لحمه على فقراء الحرم . حكْم السلف الصالح في فدية الصيد : حكموا في النعامة ببدنة , وفي الحمار الوحشي والبقر الوحشي ببقرة , وفي الظبي بشاة , وفي الغزال بعنز , وفي الضبع بكبش , وفي الحمامة بشاة , وفي الوعل والإبل ببقرة , وفي الأرنب بعناق ( وهي : أنثى الماعز قبل كمال الحول ) وفي اليربوع ( حيوان صغير نحو الفأرة ) بجفرة ( من أولاد الماعز ما بلغ أربعة أشهر ) وفي الضب بجدي . ( موطأ مالك – كتاب الحج باب 76 )( المغني لابن قدامة جـ5 صـ402 : صـ406 ) فائدة هامة : إذا لم يكن للصيد مثلياً , فإنه يقدر ثمنه ثم يُشترى به طعاماً ويُوزع على فقراء الحرم , لكل منهم نصف صاع ( أي حفنتان يكفي الرجل المعتدل ) أو يصوم مكان إطعام كل فقير يوماً . ( جامع البيان للطبري جـ5 صـ44 ) الوقوف بعرفة :
الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم . ويبدأ الوقوف بعرفة من بعد ظهر يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر يوم العاشر , ويكفي الوقوف في أي جزء من هذا الوقت المحدد ليلاً أو نهاراً مع مراعاة أن المحرم بالحج إذا وقف بالنهار , وجب عليه أن ينتظر إلى ما بعد غروب الشمس , وأما إذا وقف بالليل فقط , فلا شيء عليه . سنن الوقوف بعرفة : (1) الذهاب إلى منى ضحى يوم التروية , وهو اليوم الثامن من ذي الحجة والمبيت بها ليلة التاسع , مع مراعاة صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر , كل وقته قصراً من غير جمع , ثم الذهاب إلى عرفات بعد طلوع شمس يوم عرفة . (2) الاغتسال . (3) صلاة الظهر والعصر جمعاًَ وقصراً مع الإمام بِنَمِرة في وقت الظهر . (4) الوقوف عند الصخرات أسفل جبل الرحمة متطهراً . (5) الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن مع مراعاة استقبال القبلة حتى تغرب الشمس . (6) أن تكون الإفاضة من عرفة بالسكينة وعدم الإسراع ومزاحمة الناس . (7) أن يكون الواقف بعرفة مفطراً لأنه أعون له على الدعاء . (8) الإكثار من أعمال البر والصدقة . ( الفقه الإسلامي للزحيلي جـ3 صـ181: صـ184 ) الطواف حول الكعبة : شروط الطواف : (1) الطهارة من الحدث الأصغر والحدث الأكبر . (2) ستر العورة . (3) أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود وينتهي إليه . (4) أن تكون الكعبة عن يسار من يطوف حولها . (5) أن يكون الطواف حول الكعبة , فمن طاف داخل حجر إسماعيل لم يصح طوافه لأن الحجر من الكعبة . (6) أن يكون الطواف سبعة أشواط كاملة , وعند الشك في عدد الأشواط يبني على الأقل . (7) الموالاة بين الأشواط السبعة وعدم الفصل الطويل بين هذه الأشواط . ( منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ231 ) سنن الطواف : (1) الاضبطاع : هو كشف الكتف الأيمن , ولا يُسن هذا الاضطباع إلا في طواف القدوم أو طواف العمرة فقط , ويكون في جميع الأشواط . (2) استلام الحجر الأسود وتقبيله . ويُسن عند بداية كل شوط أن يُقال : ( بسم الله والله أكبر ) . (3) الرَّمَل : هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى , والرَّمَل سنة للرجال فقط دون النساء في الثلاثة أشواط الأول من طواف القدوم أو طواف العمرة فقط . (4) استلام الركن اليماني : (5) الدعاء بين الحجرين الأسود والركن اليماني بقوله تعالى : (رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) (6) صلاة ركعتين خلف المقام : ومن السُّنة أيضاً عند الذهاب لصلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم أن يُقال : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) ( البقرة : 125 ) وعند الصلاة يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) وفي الركعة الثانية سورة : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) . (7) الشرب من ماء زمزم . ( مسلم حديث 1218 ) السعي بين الصفا والمروة : السعي هو المشي من الصفا إلى المروة سبعة أشواط بنية التعبد لله تعالى , ويبدأ السعي من الصفا وينتهي عند المروة , والسعي من الصفا إلى المروة يعتبر شوطاً واحداً , والعودة من المروة إلى الصفا تعتبر شوطاً ثانياً وهكذا . والسعي ركن من أركان الحج والعمرة , لا يصحان إلا به . شروط السعي : (1) أن يكون السعي مرتبطاً بالطواف حول الكعبة .
(2) أن يكون السعي سبعة أشواط كاملة , وعند الشك يبني على العدد الأقل . (3) أن يبدأ السعي من الصفا وينتهي بالمروة .
(4) أن يكون السعي في المسعى : وهو الطريق الممتد بين الصفا والمروة . ( منهاج المسلم صـ232 : صـ233 ) حكْم الطهارة عند السعي : الطهارة من الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر ليست شرطاً من شروط صحة السعي بين الصفا والمروة , ولكنها من السنن المستحبة فيجوز للمسلم أن يسعى بغير وضوء , ويجوز للجنب والحائض والنفساء السعي , وذلك لأن الأصل أن المسعى خارج المسجد الحرام . روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي . ( البخاري حديث 165) سنن السعي : (1) استلام الحجر الأسود : (2) الدعاء عند الصفا : عندما يقترب المحرم من الصفا يُسنُ له أن يقرأ قول الله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) ( البقرة : 158 )ثم يقول أبدأ بما بدأ الله به , وعندما يصل إلى جبل الصفا يحاول أن يرتقي عليه ثم يستقبل الكعبة ويقول : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, اللَّهُ أَكْبَرُ , لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ . ثم يدعو الله تعالى بما شاء ويكرر ذلك ثلاث مرات ثم يمشي متجهاً نحو المروة , وهو يذكر الله ويستغفره ويصلي على النبي r ويدعو بما شاء , ويفعل نفس الشيء عند المروة . (3) الإسراع بين العلمين الأخضرين : يُسنُ للرجل عندما يصل إلى العلم الأخضر الأول أن يسعى سعياً شديداً حتى يصل إلى العلم الأخضر الثاني ثم يمشي بعد ذلك , وأما المرأة فلا يُسن لها السعي الشديد , بل تمشي عادياً .
التوكيل في رمي الجمار وذبح الهدي : يجوز لأصحاب الأعذار , كالضعفاء والمرضى وغيرهم أن يُوَكِلوا من يرمي الجمار نيابة عنهم , بشرط أن يرمي النائب عن نفسه أولاً . ويجوز كذلك للحاج أن يُوَكِل غيره , ممن يثق في دينه وعلمه , بذبح الهدي أو الدماء الواجبة نيابة عنه وتوزيع لحومها على الفقراء . واجبات الحج : (1) الإحرام من الميقات .
(2) الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف بها نهاراً . (3) المبيت بمزدلفة إلى الفجر إلا أصحاب الأعذار من المرضى والنساء ومن يرافقهم فإلى ما بعد منتصف الليل . (4) المبيت بمنى أيام التشريق الثلاثة إلا من تعجل فإنه ينصرف من منى قبل غروب شمس يوم الثاني عشر من ذي الحجة . (5) رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ( العاشر من ذي الحجة) بعد الانصراف من مزدلفة والجمار الثلاثة مرتبة (الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ) أيام التشريق الثلاثة ( أو الاثنين لمن تعجل ) بعد الظهر وكل واحدة ترمى بسبع حصيات . (6) حلق الشعر أو تقصيره . (7) طواف الوداع قبل مغادرة مكة إلا الحائض والنفساء . ( منهاج المسلم صـ227 : صـ235 ) طواف الوداع للحائض والنفساء : يجوز للحائض والنفساء ترك طواف الوداع حول البيت الحرام عند الضرورة ولا شيء عليهما . روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ . ( البخاري حديث 1755 / مسلم حديث 1328 ) فدية ترك واجبات الحج : يجب على من ترك أحد واجبات الحج عمداً أن يذبح شاة تجزئ في الأضحية , ويوزعها على فقراء الحرم , ولا يأكل منها فإن عجز عن الذبح فإنه يصوم عشرة أيام : ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده , ويبدأ أول وقت ذبح الفدية أو الصوم من بعد ترك الواجب , سواء كان ذلك قبل العيد أو بعده، ولا حد لآخره , ولكن تعجيله بعد وجوبه مع الاستطاعة واجب لأن المسلم لا يدري ماذا يحدث له فيما بعد , ولو تأخر في ذبح الفدية حتى عاد إلى بلده , وجب عليه أن يشتري الذبيحة أو يوكل عنه من يقوم بذلك ويذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء هناك , ولا يجوز الذبح في بلده . ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ11 صـ342 : صـ343 ) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا تحسبوني أرقصُ بينكم طرباً

لا تحسبوني أرقصُ بينكم طرباً بقلم د.خالد المنيف
صادف في إحدى الدورات (ذات الرسوم المرتفعة جداً) التي حضرتها أن أجلسني المنظمون في طرف القاعة الغاصة بالمتدربين، وقد كان موقعاً في غاية السوء حيث بالكاد كنت أرى المدرب، وفوق هذا كنت في مواجهة تيار هوائي بارد وعنيف، وبعد لحظات من جلوسي أحسست بثقل في رأسي وألم في أطرافي والمشكلة أننا لازلنا في بداية الدورة التي ستمتد لأكثر من خمس ساعات .. الجميع متحفز ومتفاعل مع المدرب المشهور إلا الفقير لعفو ربه فهو في كبد لا يعلمه إلا الله! والمصيبة أني كنت أوزع الابتسامات على من يجاورني ولسان حالي يقول:
لا تحسبوني أرقصُ بينكم طرباً ... فالطيرُ يرقصُ مذبوحاً من الألمِ
هل أتصبرُ وأُجاهد وأكتم ما بداخلي وأنهي اليوم على أي حال؟ أم انسحب بهدوء وأسأل الله العوض في الرسوم التي دفعتها وهذا خير لي من أنفلونزا مؤكدة وفائدة معدومة ومتاعب لا تطاق!؟ غادرت القاعة وجلست في صالة الانتظار باحثاً عن مخرج لهذه المعضلة، تحدثت مع المنظمين فلم يتفاعلوا مع معاناتي ثم اهتديت لرأي آخر وجدت فيه المخرج الصحيح والحل الأنسب واليكم تفاصيله: عدت إلى القاعة ووقفت عند مقعدي ورفعت يدي طالباً التحدث ولم يستحب لي .. أبقيت يدي مرفوعة لدقائق حتى أذن لي المدرب بالحديث وبعد الترحيب بالمدرب والحضور، تحدثت بكل صراحة عن معاناتي التي أعيشها وعن استحالة بقائي في هذا الموقع التعيس! وسألت المدرب (بوضوح) أن يساعدني! عمّ ذهول في القاعة وصمت رهيب وأصبحت محط أنظار الحضور بأسرهم! وبعدما انتهيت من كلمتي، تحدث المدرب وشكرني على صراحتي وجعل من تلك المداخلة بوابة لموضوع تحدث عنه لاحقاً ثم طلب من المنظمين إيجاد حل فوري لي، وبالفعل هبوا مسرعين وأجلسوني في مكان ما كنت أحلم به! ومن هذا الموقف تعلمت درساً أعدّه من أعظم الدروس في حياتي ألا وهو أنني اختار في الحياة الأسلوب الذي يناسبني وأن أعبر مشاعري برفض أي وضع خاطئ يُفرض عليّ ... الكثيرُ منا للأسف تراه يقنع بما يفرض عليه، راضياً بالأساليب التي لا يفضلها, صامتاً تجاه التصرفات التي تزعجه والكلمات التي تجرحه، يعتقد أن الآخرين أحق منه بالسعادة في هذه الحياة، وأولى منه براحة البال، بل ويرى كل مطالبه حقيرة تافهة لا تستحق أن يلتفت إليها ولا تستحق منه بذل صغير الجهد من أجلها .. وإليكم بعض تلك المواقف الحياتية المتكررة التي تمر علينا جميعاً: 1 - تذهب لأحد المطاعم الفخمة ويقدم إليك الطعام بارداً فلا تجرؤ على الاعتراض، وقد تقدم إليك الفاتورة وقد شككت في صحتها ولكنك تجبن عن مراجعتها خوفاً من خدش (بريستيجك)! 2 - يتقدم عليك أحدهم في إحدى الطوابير وتكتفي بحديث داخلي مفاده (فعلاً شخص ما عنده ذوق). 3 - تطلب منك الطبيبة في إحدى المستشفيات الخاصة عشرات التحليل والأشعات والتي لا تشكين أنها مبالغ فيها ومع هذا تستكينين وتمسكين بالأوراق ميممة نحو المختبر معزية نفسك بقولك (هي طبية وأعلم مني) ... وغيرها من المواقف المشابهة. - أخي الحبيب أختي الكريمة لا تسلِّم نفسك للآخرين ولا تقدم سعادتك قرباناً لأمزجتهم الرديئة، اعترض بعد أن تتأكد من أن لك حقاً, وتحدّث بلطف وابتسامة وإياك والحدّة والعنف .. طالب بحقك وعبِّر عن مشاعرك بقوة و(توقّع أكيد) بالاستجابة لمطالبك .. تحدّث بثبات ووضوح ... انظر إلى من تخاطب واجعل عينيك في عينيه دون أن تحد النظر إليه .. سل بإصرار وطول نفس حتى يستجاب لك، وتأكد أنك حال اتصفت بتلك الصفات ستنقل للآخرين (شعوراً) بأن مطالبك في محلها وأن اعتراضك مشروع وأن كلمة (لا) منهم لن تثنيك عن مطالبك ولن تجعلك تهرب من المواجهة وتركض نحو الباب بل تؤكد للآخر أنك مازلت تنتظر إجابة ورداً على مطالبك (المنطقية المستحقة) وتقنعه بأن لا يضيع وقته بالمماطلة وأن يتحمل مسؤولية رفضه غير المبرر لطلبك ... إضافة إلى أنك ستكتسب شخصية مرموقة تحظى بتقدير واحترام الجميع .. ما رأيك أن تبدأ من اليوم! جرِّب ولن تندم.
ومضة قلم
تذكّر أنك لست صدفة ولست مجرّد عنصر من منتج ولست ناتجاً من خط تجميع، بل قد خلقك الله متميزاً فثق دوماً أنك تستحق أن تعيش الحياة التي تريدها.

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

سنة مهجورة : ترك الأظفار وشعر الرأس في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي

سنة مهجورة

ترك الأظفار وشعر الرأس في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي

د.جمال المراكبي

بسم الله الرحمن الرحيم يتساءل الكثيرون عن حكم ترك الشعر والظفر في عشر ذي الحجة هل هو واجب أم هو سنة أم أن الأمر على الإباحة وهو واسع؟ روى مسلم في الصحيح كتاب الأضاحي باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا. عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يُضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا».

وفي رواية سعيد بن المسيب عن أم سلمة ترفعه قال: «إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي فلا يأخذن شعرًا ولا يقلمن ظفرًا».

وفي رواية أخرى عن سعيد عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره».

وفي رواية رابعة عن سعيد قال: سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي».

وفي رواية خامسة عن عمرو بن مسلم بن عمار الليثي قال: كنا في الحمام قبيل الأضحى فأطَّلى فيه ناس، فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا أو ينهى عنه فلقيت سعيد بن المسيب فذكرت ذلك له، فقال: هذا حديث قد نُسي وتُرك، حدثتني أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث.

والحديث في رواياته كلها يدور على سعيد بن المسيب عن أم سلمة رضي الله عنها. وكان سفيان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك مسلم رحمه الله عز وجل، وقد نقلت رواياته كلها كما جمعها في هذا الباب، والحديث رواه الترمذي في سننه في كتاب الأضاحي باب ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي وهو آخر أبواب الكتاب عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره» [(ح رقم1443). قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح]

وهو قول بعض أهل العلم، وبه كان يقول سعيد بن المسيب، وإلى هذا الحديث ذهب أحمد وإسحاق. ورخص بعض أهل العلم في ذلك فقالوا لا بأس أن يأخذ من شعره وأظفاره، وهو قول الشافعي، واحتج بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالهدي من المدينة فلا يجتنب شيئًا مما يجتنب منه المحرم. اهـ.

والحديث رواه أحمد وأصحاب السنن.

قال النووي: واختلف العلماء فيمن دخلت عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي :

فقال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي: إنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية.

وقال الشافعي وأصحابه: هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام.

وقال أبو حنيفة: ولا يكره، وعن مالك روايتان. واحتج من حرم بهذه الأحاديث.

واحتج الشافعي والآخرون بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أقلد قلائد هدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم يقلده ويبعث به ولا يحرم عليه شيء أحله الله حتى ينحر هديه». [متفق عليه]

ولا أعلم أحدًا من أهل العلم قد نفى هذه السنة، أو زعم أن فاعل ذلك الأمر مبتدعًا، بل كلهم متفقون على استجابة ترك الشعر والظفر حتى تذبح الأضحية، وغاية ما في الأمر أن بعض أهل العلم رأى هذا واجبًا، وحمل النهي عن حلق الرأس وقص الظفر لمن أراد أن يضحي على ظاهره وهو التحريم لأنه لم تثبت لديه قرينة تصرف النهي عن ظاهره وهو التحريم إلى الكراهية بينما وجد الشافعي في حديث عائشة المذكور في كلام الترمذي والنووي وما تضمنه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم صارفًا للنهي عن دلالته الظاهرة وهي التحريم إلى الكراهية.

ويؤيد هذا قول ابن عمر: ليس حلاق الشعر بواجب على من ضحى، وإن كان هذا القول ينفي مجرد إيجاب الحلق على من ضحى.... ذبح الأضحية، وحديث أم سلمة في نهي من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره، وظفره قبل ذبح الأضحية، فكلام ابن عمر في عدم إيجاب الحلق على من ضحى لا يعارض حديث أم سلمة في النهي عن الحلق قبل التضحية، لأن هذا النهي لا يعني بالضروة وحديث الحلق بعد ذبح الأضحية.

والسنة في ترك حلق شعر الرأس وقص الظفر حتى يذبح الأضحية هذا في حق من أراد أن يضحي، ودخل عليه عشر ذي الحجة فلتحقق هذا الحكم شرطان:

الأول: إرادة التضحية، سواء كانت الأضحية عنده أم لا، حتى ولو اشتراها بعد ذلك.

الثاني: دخول عشر ذي الحجة، ويتحقق برؤية هلال شهر ذي الحجة، أو العلم به.

ويشترط بعض الناس أن يكون قد حصل الأضحية وصارت عنده، ولا دليل على ذلك.

وفي حلق الشعر وقص الأظفار بعد ذبح الأضحية معنى عظيم، فقد أبقى عليها ليشملهما ثواب العتق من النار، ولهذا قالوا: يبقى كامل الأجزاء ليُعتق كله من النار، ويميط عن نفسه الذنوب والخطايا وفيه معنى التشبه بالمحرم، لا يتحلل إلا بعد ذبح الهدي. والحمد لله رب العالمين.

الأحد، 15 نوفمبر 2009

فضل العشر من ذي الحجة

فضل العشر من ذي الحجة إعداد / صلاح نجيب الدق
---------------
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام دينًا، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله تعالى جعل في أيام الدهر نفحات، فالسعيد من اغتنمها بالطاعات والتقرب إلى الله ليزداد من الحسنات، والمحروم من حُرم خيرها، ومن هذه المواسم المباركة العشر الأولى من ذي الحجة، التي لها منزلة كبيرة في قلب كل مسلم حريص على التقرب لله تعالى، من أجل ذلك، أحببت أن أذكر نفسي وإخواني الكرام بفضل العشر من ذي الحجة، فأقول وبالله التوفيق. العشر من ذي الحجة في القرآن الكريم: قال الله تعالى: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} «الفجر: 1- 5». في هذه الآيات المباركة، أقسم الله تعالى بالفجر، قال مجاهد وغيره: المراد بالفجر هنا فجر يوم النحر خاصة، وهو خاتمة الليالي العشر. «تفسير ابن كثير 14/337». وقوله تعالى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} قال ابن عباس: «الوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر». «تفسير ابن كثير 14/338». وقال سبحانه وتعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} «الحج: 28». وقال جل شأنه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} «البقرة: 203». قال ابن عباس: «الأيام المعلومات هي أيام العشر من ذي الحجة، والأيام المعدودات هي أيام التشريق». «البخاري كتاب العيدين باب 11». العشر من ذي الحجة في السنة: عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام»، يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء. «البخاري حديث 969، صحيح أبي داود 2130». قال ابن حجر العسقلاني: في هذا الحديث تفضيل بعض الأزمنة على بعض، كالأمكنة، وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علَّق عملاً من الأعمال بأفضل الأيام، فلو أفرد يومًا منها تعيَّن منها تعين يوم عرفة، لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكور، فإن أراد أفضل أيام الأسبوع، تعين يوم الجمعة. وقال رحمه الله أيضًا: «استدل بهذا الحديث على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل». وقال رحمه الله أيضًا: «الذي يظهر في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة، والصيام والصدقة والحجة، ولا يتأتى في غيره». «فتح الباري 2/533، 534». يوم عرفة المبارك: سبب التسمية: قيل سُميت عرفات لما رواه عبد الرزاق قال: أخبرني ابن جريج قال: قال سعيد بن المسيب: قال علي بن أبي طالب: بعث الله جبريل عليه السلام إلى إبراهيم فحج به حتى إذا أتى عرفة قال: عرفت ؟ قال: عرفت. وكان قد أتاها قبل ذلك، فلذلك سميت عرفة». «تفسير ابن كثير 1/255». وقيل: سميت تلك البقاع عرفات لأن الناس يتعارفون بها، وقيل لأن آدم لما هبط دفع بالهند، وحواء بجدة، فاجتمعا بعد طول الطلب بعرفات يوم عرفة وتعارفا، فسمي اليوم عرفة، والموضع عرفات». «تفسير القرطبي 2/407». فضائل يوم عرفة: إن ليوم عرفة فضائل كثيرة، يمكن أن نوجزها فيما يلي: 1- يوم عرفة يوم إكمال الدين وإتمام النعمة: قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} «المائدة: 3». قال ابن كثير – رحمه الله – هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غيره نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خُلف كما قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} أي: صدقًا في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين، تمت عليهم النعمة، ولهذا قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} أي فارضوه أنتم لأنفسكم، فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه، وبعث به أفضل الرسل الكرام، وأنزل به أشرف كتبه». «تفسير ابن كثير 5/46». قال السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام. «تفسير ابن كثير 5/47». وطارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين: آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت، معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: وأي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في يوم جمعة. «مسلم جـ4 كتاب التفسير ح5». 2- يوم عرفة: يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار: عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من يُعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟» «مسلم ح1348». قال الإمام النووي – رحمه الله-: هذا الحديث ظاهر الدلالة في فضل يوم عرفة، وهو كذلك، ولو قال رجل: امرأتي طالق في أفضل الأيام، فلأصحابنا وجهان: أحدهما تطلق يوم الجمعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة» كما سبق في صحيح مسلم، وأصحهما يوم عرفة للحديث المذكور في هذا الباب، ويتأول حديث يوم الجمعة على أنه أفضل أيام الأسبوع. «مسلم بشرح النووي 5/128، 129». قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله-: يوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدًا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد منهم موسم الحج ومن لم يشهده لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة، وإنما لم يشترك المسلمون كلهم في الحج كل عام رحمة من الله وتخفيفًا على عباده، فإنه جعل الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام، وإنما هو في كل عام فرض كفاية، بخلاف الصيام، فإنه فريضة كل عام على كل مسلم، فإذا كمل يوم عرفة وأعتق الله عباده المؤمنين من النار، اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك، وشرع للجميع التقربُ إليه بالنسك، وهو إراقة دماء الهدي والأضاحي. «لطائف المعارف لابن رجب ص482». 3- يوم عرفة: يوم تقرير حقوق الأخوة الإسلامية: عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء (اسم ناقته) فَرُحِلت (أي وضع عليها الرَحْل) فأتى بطن الوادي (أي وادي عُرنة) فخطب الناس وقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كُل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دمُ ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعًا في بني سعد، فقتلته هُذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضع ربانا، ربا عمي عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يُوطئن فرشكم أحد تركوهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح (لا يكسر عظمًا ولا يسيل دمًا) ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصتم به، كتاب الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون ؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات، ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا ». «مسلم ح1218». 4- يوم عرفة: يوم الإكثار من شهادة التوحيد: شهادة التوحيد هي أصل دين الإسلام الذي أكمله الله تعالى في يوم عرفة، ولذا كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير». «حديث حسن: صحيح الترمذي ح2837». إن تحقيق كلمة التوحيد والإكثار من قولها بإخلاص يوجب العتق من النار. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك». «البخاري ح3293، ومسلم 2691». 5- أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة: عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير». «صحيح الترمذي للألباني 2837». الدعاء سلوى المحزونين، ونجوى المتقين، ودأب الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم ونفس صافية، وجوارح خاشعة، وجد إجابة كريمة من رب رحيم ودود. ولذا ينبغي لكل مسلم عاقل أن يجتهد يوم عرفة المبارك فيكثر من الدعاء ويسأل الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة، وليعلم الناس أن الله يجيب دعوة عبده إذا أخلص في دعائه، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} «البقرة: 186». 6- صوم يوم عرفة أفضل صيام النوافل: عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده». «مسلم ح1162». أخي الكريم: انظر إلى هذا الفضل العظيم، كيف أن صوم عرفة وحده يمحو الله به ذنوب سنتين كاملتين، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات العظيمة وصام يوم عرفة وحفظ فيه لسانه وسمعه وبصره وجميع جوارحه عما يغضب الله تعالى. وينبغي أخي المسلم أن تدعو أهل بيتك وأقاربك وأصدقاءك وجيرانك لصوم يوم عرفة المبارك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. «مسلم ح1893»، ومن السنة عدم صوم يوم عرفة لحجاج بيت الله الحرام، سُئل سفيان بن عيينة عن سبب النهي عن صوم يوم عرفة للحجاج ؟ فقال: لأنهم زوَّار الله وأضيافه، ولا ينبغي للكريم أن يجيع أضيافه». «لطائف المعارف ص486». منزلة يوم عرفة عند سلفنا الصالح: كان حكيم بن حزام يعتق مائة رقبة عشية عرفة وينحر مائة بدنة يوم النحر، ويطوف بالكعبة، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نِعْمَ الربُّ، ونعم الإله، أحبه وأخشاه. «المستطرف للأبشيهي 1/23». حج عبد الله بن جعفر ومعه ثلاثون راحلة، وهو يمشي على رجليه حتى وقف بعرفات، فأعتق ثلاثين مملوكًا وحملهم على ثلاثين راحلة، وأمر لهم بثلاثين ألف درهم، وقال: أعتقهم لله تعالى لعله يعتقني من النار. «المستطرف للأبشيهي 1/24». فضل يوم النحر: يوم النحر (اليوم العاشر من ذي الحجة) يوم عظيم عند الله تعالى، يغفل عنه الكثير من المسلمين، عن عبد الله بن قُرْط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القُرِّ». «صحيح أبي داود ح1552». يومُ القُرِّ: هو اليوم الذي يلي يوم النحر، لأن الناس يقرون فيه بمنى بعد أن فزعوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا. «عون المعبود ج5 ص142». فضل أيام التشريق: عن نُبيشة الهذلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله». «مسلم ح1141». قال النووي رحمه الله: أيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر، سُميت بذلك لتشريق الناس لحوم الأضاحي فيها، وهو تقديدها ونشرها في الشمس، وفي الحديث استحباب الإكثار من الذكر في هذه الأيام من التكبير وغيره. «شرح النووي 4/273». وقال ابن رجب الحنبلي: أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر، وبذلك تتم النعمة، وكلما أحدثوا شكرًا على النعمة كان شكرهم نعمة أخرى، فيحتاج إلى شكر آخر، ولا ينتهي الشكر أبدًا. «لطائف المعارف ص504». وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

توضيح الحجة في فضل العشر الأول من ذي الحجة

توضيح الحجة في فضل العشر الأول من ذي الحجة بقلم فضيلة الشيخ أبو بكر بن محمد بن الحنبلي
****************
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ ثم أما بعد .. فامتثالاً لقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) [ المائدة : 2] ، وقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في ( صحيح مسلم ) من حديث تميم الداري ، رضي الله عنه ، قال : قال عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ) . قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) . أحببت أن أقدم بين يديك أيها القارئ الكريم هذه البيانات النبوية المباركة التي فيها سعادتك في الدنيا والآخرة ، فأقول وبالله وحده التوفيق . إن شهر ذي الحجة قد تنوعت فيه الفضائل والخيرات التي من أعظمها إيقاع الحج فيه إلى بيت الله الحرام ، وهو من الأشهر الحرم ، حرم الله القتال فيه لوقوع الحج فيه ، فلتشكر الله أيها المسلم على هذه النعمة العظيمة ، ولتغتنم خيرات هذا الشهر ، ولا تكن من الغافلين ، واعلم أن الأيام المعلومات هي العشر الأوائل من ذي الحجة التي أقسم الله تعالى بها في سورة ( الفجر ) ، فقال عز وجل : ( وَلَيَالٍ عَشْر ) [ الفجر : 2] ، وقال تعالى مرغبًا في الإكثار من ذكره تعالى فيها : ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) [ الحج : 28] ، وهي الأيام العشر عند جمهور العلماء ، وأما الأيام المعدودات فهي أيام التشريق ؟ فيستحب الإكثار من ذكر الله في هذه العشر المباركة من التهليل والتكبير والتحميد ، وأن يجهر بذلك في الأسواق ، فقد ذكر الإمام البخاري في ( صحيحه ) عن ابن عمر وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، أنهما كانا يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرها ، وهذا من رحمة الله بعباده ، فإنه لما كان ليس كل واحد يقدر على الحج ، جعل موسم العشر مشتركًا بين الحجاج وغيرهم . فمن لم يقدر على الحج فإنه يقدر على أن يعمل في العشر عملاً يفضل على الجهاد ، وذلك لحديث ابن عباس ، رضي الله عنهما ، الثابت في ( صحيح البخاري ) ، حيث يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ) ، يعني أيام العشر الأول من ذي الحجة ، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ( ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) ، فدل هذا الحديث على أن العمل الصالح في العشر الأُول من ذي الحجة أفضل من الأعمال في غيرها ؛ لأنها من أفضل الأيام وأكرمها ، وهي أيام الحج والمناسك ، وقد أقسم الله تعالى بها كما تقدم ذكره . وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ص112 ) من ( الاختيارات الفقهية ) ، ( زاد المعاد ) ( 1/ 75 ) عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب بقوله : أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة . قال الحافظ ابن القيم : وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيًا كافيًا ، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة ، وفيها : ( يوم عرفة ، ويوم النحر ، ويوم التروية ) ، وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها ، وفيها ليلة خير من ألف شهر ، فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة . قلت : فيا عبد الله عليك أن تشمر في الطاعة فتهتم في كل أيام عمرك عامة ، وفي هذه العشر خاصة ، بطلب العلم الشرعي ، والعمل به ، وتبليغه ، والصبر على الأذى في تبليغه ، والمحافظة على الصلوات الخمس في جماعة بالصف الأول مع إدراك تكبيرة الإحرام وختام الصلاة بالذكر المشروع ، وعليك أن تكثر من إفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، وصلة الأرحام ، والصلاة بالليل والناس نيام ، ولا تنس ركعتي الضحى وسائر الأعمال الصالحات . واعلم يا عبد الله أن أيام العشر فيها يوم عرفة ، وصيامه سُنة مؤكدة ، حيث ثبت في فضل صومه من حديث أبي قتادة ، رضي الله عنه ، الثابت في ( صحيح مسلم ) : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ قال : ( يُكفر السنة الماضية والباقية ) . ومعلوم لديك : أن يوم عرفة ؛ هو يوم الوقوف على جبل عرفة ، وهو يوم التاسع من ذي الحجة الذي يُكَفّر الله بصومه السنة الماضية والباقية ؛ أي يكون سببًا في ستر ذنوب السنة الفائتة التي آخرها شهر ذي الحجة ، والسنة الآتية التي أولها شهر المحرم ، والمراد : الذنوب الصغيرة المتعلقة بحق الله تعالى إن وقعت ، وإلا فيرجى التخفيف من الكبائر أو رفع درجاته إن لم يكن له ذنوب كبيرة ، وقد علم أن الحديث أفاد : استحباب صوم يوم عرفة إلا لمن كان في الحج ، فصومه غير مستحب ؛ لأنه يضعفه عن التلبية والذكر والدعاء ، وقد ثبت أيضًا في ( صحيح مسلم ) من حديث أم المؤمنين عائشة ، رضي الله تبارك وتعالى عنها ، قالت : قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة ) . وروى الإمام الترمذي في ( سننه ) : ( خير الدعاء ؛ دعاء عرفة ، وخير ما قلت أنا النبيون من قبلي : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) . [ ( مشكاة المصابيح ) ( حديث رقم 2598 ) ، وقد حسنه العلامة الألباني ] . ويوم عرفة يليه يوم النحر ؛ الذي هو يوم الحج الأكبر ، فيه يكمل المسلمون حجهم الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام بعدما وقفوا بعرفة وأدوا الركن الأعظم من أركان الحج ، وحصلوا على العتق من النار ، من حج ومن لم يحج من المسلمين ، فصار اليوم الذي يلي يوم عرفة عيدًا لأهل الإسلام جميعًا لاشتراكهم في العتق من النار ، وشرع لهم فيه ذبح القرابين من هدي وأضاح ، والحجاج يستكملون مناسك حجهم في هذا اليوم المبارك من الرمي والحلق أو التقصير والطواف بالبيت وبين الصفا والمروة - وأهل الأمصار في هذا اليوم يؤدون صلاة العيد لإقامة ذكر الله - ويلي ذلك أيام التشريق ، التي هي أيام منى ، حيث قال فيها صلى الله عليه وسلم فيما ثبت في ( صحيح مسلم ) من حديث نبيشة الهزلي قال : ( أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ) ، وهي الأيام العدودات كما أشرت إلى ذلك آنفًا ) ( * ) . ومما تجدر الإشارة إليه في هذه التذكرة السريعة حديث أم سلمة الثابت في ( صحيح مسلم ) ، وذلك لأنه من علم الحال الذي يحتاج إلى معرفته في هذه العشر من ذي الحجة التي نحن بصدد الحديث عنها ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( من كان له ذبح يذبحه ، فإذا أهلَّ هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي ) . قلت : ومعلوم عند الجمهور أن الأصل في النهي التحريم ما لم يصرفه صارف إلى الكراهة ، فمن أخذ من ظفره أو شعره قبل ذبح الأضحية فهو عاص للرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى مما صنع ، وأما بالنسبة للأضحية فإن هذا لا يؤثر عليه شيئًا خلافًا لما يعتقده بعض العامة أن الإنسان إذا أخذ شيئًا من شعره وظفره في العشر فإنها تبطل أضحيته ، فإن هذا ليس بصحيح . [ بتصرف من كلام شيخنا العلامة ابن عثيمين ] . ومن أهل العلم من قال بكراهة الأخذ . وأحب هنا أن ألفت النظر إلى أن أحكام الأضحية تتعلق بالموكل المضحي عنه ، بمعنى الإنسان إذا وكل شخصًا يذبح أضحيته فإن أحكام الأضحية تكون متعلقة بالموكل لا بالوكيل ، وليعلم أن الأضحية بالكبش أفضل من سُبع البقرة أو سُبع البدنة ، فإن ضحى ببدنة أو بقرة كاملة فقد ذكر الفقهاء أنها أفضل من الواحدة من الضأن . [ بتصرف من كلام العلامة ابن عثيمين ( ج2ص662 ، 663 ) من فتاويه التي جمعها الأخ أشرف عبد المقصود ] . ولتعلم أيها المسلم ؛ أنه لا بأس بغسل الرأس في عشر ذي الحجة ، ومشط الرأس برفق ، ولا يضر لو سقط منه شعر ولا ينقص أجر الأضحية إن شاء الله ، وهكذا لو تعمد أخذ الشعر أو التقليم للأظافر فلا يترك بذلك الأضحية ، بل أجر الأضحية كامل إن شاء الله . اهـ . [ بتصرف من كلام العلامة ابن جبرين ( ج2ص222 ) من ( الفتاوى الإسلامية ) التي قدم لها قاسم الشماعي الرفاعي ] .
وكتبه / أبو بكر بن محمد بن الحنبلي
( * ) تنبيه : استفدت في الكلام السالف من مقال لفضيلة الشيخ / صالح الفوزان ، وكان ذلك بتصرف .

الجمعة، 13 نوفمبر 2009

الأضحية

الأضحية 
بقلم فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين
----------------------
عن البراء بن عازب ، رضي الله عنه ، قال : خرج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يوم أضحى ، فصلى العيد ؛ ثم أقبل بوجهه ، وقال : ( إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ، ثم نرجع فننحر ، فمن صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ، ومن نسك قبل الصلاة فإنما هو لحم عجله لأهله ليس من النسك في شيء ) ، وفي رواية : ( من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فلا يذبح حتى ينصرف ) ، فقال أبو بردة بن نيار خال البراء : يا رسول الله فإن نسكت شاة قبل الصلاة ، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب ، وأحببت أن تكون شاتي أول شاة تُذبح في بيتي ، فذبحت شاتي ، وتغديتُ قبل أن آتي الصلاة ، وأطعمت أهلي وجيراني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( شاتك شاة لحم ) ، قال : يا رسول الله فإن عندنا عناق لبن ؛ جذعة من المعز هي خير من شاتيْ لحم ، أفيجزئ عني ؟ قال : ( نعم ، ولن تجزئ عن أحد بعدك ) ، [ رواه البخاري ] . 
هذا الحديث رواه البخاري في اثني عشر موضعًا من ( صحيحه ) ، وروى أيضًا حديثًا في نفس القصة عن أنس ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى يوم النحر ، ثم خطب ، فأمر من ذبح قبل الصلاة أن يعيد الذبح ، فقام رجل من الأنصار ، فقال : يا رسول الله جيران لي - إمّا قال : بهم خصاصة ، وإمّا قال : فقر - وإني ذبحت قبل الصلاة وعندي عناق لي أحب إليّ من شاتيْ لحم ، فرَخَّص له فيها ، قال أنس ، فلا أدري أبلغت رخصة من سواه أم لا . 
ورَوى أيضًا عن جندب بن سفيان البجلي قال : ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحياه ذات يوم ، فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة ، فلما انصرف رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة ، فقال : ( من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى ، ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله ) .
فهذه الأحاديث الثلاثة التي رواها البخاري بطرق متعددة ، لعظم الفوائد المستنبطة منها ، فهي دالة على مسائل هامة ، منها : أن الصلاة قبل الخطبة ، وهذا في العيدين خلافًا للجمعة .
وقال في ( الفتح ) : قال الزين بن المغيرة : الصلاة ذلك اليوم هي الأمر الأهم ، وأن ما سواهما من الخطبة ، والنحر والذكر ، وغير ذلك من أعمال البر يوم النحر فبطريق التبع ، وصلاة العيد ركعتين يكبر في الأولى سبعًا ، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة ، قال ابن دقيق العيد : وجميع ما له خطب من الصلوات ، فالصلاة مقدمة فيه إلا الجمعة وخطبة يوم عرفة . 
وقت صلاة العيد 
في ( الفتح ) قال ابن بطال : أجمع الفقهاء على أن صلاة العيد لا تصلى قبل طلوع الشمس ولا عند طلوعها ، وإنما تجوز عند جواز النافلة . ( انتهى ) . 
وقال البغوي في ( شرح السنة ) : ويستحب أن يغدو الناس إلى المصلى بعدما صلوا الصبح لأخذ مجالسهم ويكبرون ؛ ويكون خروج الإمام في الوقت الذي يوافي فيه الصلاة وذلك حين ترتفع الشمس قيد رمح ، ثم المستحب أن يعجل الخروج في الأضحى ويؤخر الخروج في الفطر قليلاً . ( انتهى ) . 
وليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة ، وهي تؤدى في الجماعة ، وليس المسجد شرطًا في صحتها ، ويؤمر الناس بالاجتماع فيها ، ويشهدها النساء ، حتى الحيض يشهدنها ، ويعتزلن الصلاة رغبة في شهود الخير ، ويكبر الناس في المنازل والطرقات والأسواق حتى يبلغوا المصلى ، فيكبرون مع الناس ، وفي الحديث عن أم عطية : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخْرِجَ في العيد العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين . 
قال ابن دقيق العيد : والمقصود بيان المبالغة في الاجتماع وإظهار الشعار . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل يوم الفطر قبل الصلاة لحديث أنس عند البخاري : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترًا ، أما يوم الأضحى فهو يوم أكل وشرب ، كما جاء في حديث البراء عند البخاري ، وهو يوم يشتهى فيه اللحم ، كما في حديث أنس ، فلعل هذا يشير أن الأكل إنما يكون من الأضحية . 
أما حديث بريدة : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَم ، ولا يَطْعَم يوم الأضحى حتى يصلي . 
فالحديث وإن أخذ الفقهاء بما دلّ عليه إلا أن أسانيده لا تَسْلَم من مقال . ( قاله ابن حجر في الفتح ) . ثم قال : قال ابن المنير : وقع أكله صلى الله عليه وسلم في كل من العيدين في الوقت المشروع لإخراج صدقتها الخاصة بهما ، فإخراج صدقة الفطر قبل الغدو إلى المصلى وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها ، واجتمعا من جهة وافترقا من جهة أخرى . ( انتهى ) . 
قال في هامش ( شرح السنة ) : قال الحاكم في ( المستدرك ) : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي على تصحيحه وصححه ابن حبان وابن القطان . وصلاة العيد ركعتان بغير أذان ولا إقامة ، ولا يصلى قبلها ولا بعدها ؛ يكبر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبعًا ، وفي الثانية بعد تكبيرة الانتقال خمسًا ، يرفع اليدين في كل تكبيرة ، يقرأ بعد الفاتحة في الأولى : ( ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيد ) ، وفي الثانية ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَر ) ، أو يقرأ بعد الفاتحة في الأولى : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) ، والثانية : ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) ، ويُسن أن يأتي من طريق ويرجع من آخر . وفي الحديث الأمر بالأضحية وفضلها وحكمها ، أما عن فضلها وثوابها ، فلقد أخرج الترمذي وابن ماجه عن عائشة مرفوعًا : ( ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله ، عز وجل ، من هراقة الدم ، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها ، وإن الدم يقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسًا ) ( 1 ) . 
أما عن حكمها : فلقد اختلف أهل العلم بين الوجوب والندب : الأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمنها ، وهي من النفقة المعروفة ، فيضحى عن اليتيم في ماله ، وتأخذ المرأة من مال زوجها ما تضحي به عن أهل البيت وإن لم يأذن في ذلك ، ويضحي المدين إذا لم يطالب بالوفاء . 
قال العيني في ( العمدة ) : قال سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعلقمة والأسود والشافعي وأبو ثور : لا تجب فرضًا لكنها مندوب إليها ، من فعلها كان مثابًا ، ومن تخلف عنها لا يكون آثمًا ، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وبلال . 
قال الليث وربيعة : لا نرى أن يتركها الموسر المالك لأمر الأضحية ، وقال مالك : لا يتركها ، فإن تركها بئس ما صنع ، إلا أن يكون له عذر - ثم قال العيني - وتحرير مذهبنا ، أي : الأحناف ، ما قاله صاحب ( الهداية ) : الأضحية واجبة على كل مسلم حر مقيم موسر في يوم الأضحى عن نفسه وعن ولده الصغار . 
ودليل القائلين بالندب حديث أم سلمة مرفوعًا : ( من رأى هلال ذي الحجة منكم وأراد أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) ، والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب . ودليل القائلين بالوجوب حديث ابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعًا : ( من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا ) ، ومثل هذا الوعيد لا يلتحق بترك غير واجب . 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أما الأضحية فالأظهر الوجوب ، ( ثم قال ) : ونُفَاة الوجوب ليس معهم نص ، فإن عمدتهم قوله صلى الله عليه ، وسلم : ( من أراد أن يُضحي ) ، قالوا : فالواجب لا يتعلق بالإرادة ، وهذا كلام مجمل ، فهو كقوله : ( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ) [ المائدة : 6] ، وقد قدروا فيه إذا أردتم القيام ، وقدروا : إذا أردت القراءة فاستعذ ، والطهارة واجبة ، وقوله : ( من أراد أن يُضحى ) ، كقوله : ( من أراد الحج فليتعجل ) ، ووجوبها حينئذ مشروط بأن يقدر عليها ، فاضلاً عن حوائجه الأصلية كصدقة الفطر ، فليس كل أحد يجب عليه أن يضحي ، وما نقل عن بعض الصحابة أنه لم يضحِ ، بل اشترى لحمًا ، فقد تكون مسألة نزاع كما تنازعوا في وجوب العمرة ، وقد يكون من لم يصحِ لم يكن له سعة في ذلك العام . 
وأراد بذلك توبيخ أهل المباهاة الذين يفعلونها لغير الله ، أو أن يكون قصد بتركها ذلك العام توبيخهم ، فقد ترك الواجب لمصلحة راجحة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام ، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب … ) ، فكان يهم أن يدع الجمعة والجماعة الواجبة لأجل عقوبة المتخلفين ، فإن هذا من باب الجهاد الذي قد يضيق وقته ، فهو مقدم على الجمعة والجماعة . ( انتهى مختصرًا ) . 
الأضحية بالخصي عن عائشة وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يُضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين ، فذبح أحدهما عن أمته لمن شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ ، وذبح الآخر عن محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم . [( صحيح ابن ماجه ) ] . 
المؤجوء : هو الخصي . 
قال البغوي : كره بعض أهل العلم الموجوء لنقصان العضو ، والأصح أنه غير مكروه ؛ لأن الخصاء يفيد اللحم وينفي الزهومة ، وسوء الرائحة ، وذلك العضو لا يؤكل . وقال الخطابي : وفي هذا دليل على أن الخصي من الضحايا غير مكروه . 
وقال القرطبي : والجمهور على أنه لا بأس أن يُضحي بالخصي ، واستحسن بعضهم إذا كان أسمن من غيره ، ورخص مالك في خصاء ذكور الغنم ، وإنما جاز ذلك ؛ لأنه لا يقصد به تعليق الحيوان بالدين لصنم يُعبد ولا لرب يوحد ، وإنما يقصد به تطييب اللحم فيما يؤكل وتقوية الذكر إذا انقطع أمله عن الأنثى . 
اختيار الأضحية 
قال ابن القيم : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ، اختيار الأضحية واستحسانها وسلامتها من العيوب ، ونهى أن يُضَحّي بعضباء الأذن والقرن ؛ أي مقطوعة الأذن ومكسورة القرن ، النصف فما زاد ، وأمر أن تستشرف العين والأذن ، أي ينظر إلى سلامتها ، وأن لا يضحى بعوراء ولا مقايلة ، التي قطع مقدم أُذنها ، ولا مدابرة ، التي قطع مؤخرة أذنها ، ولا شرقاء ، التي شقت أذنها ، ولا خرقاء ، التي خرقت أذنها، قال تعالى : ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب ) [ الحج : 32] ، ومن تعظيمها استحسانها واستسمانها والمغالاة في أثمانها ، وقال تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون ) [ آل عمران : 92] ، فما كان أحب إلى المرء إذا تقرب به إلى الله تعالى كان أحب إلى الله تعالى . 
قال بعض السلف : لا يهدي أحدكم لله تعالى ما يستحي أن يهديه لكريمه ، وقال تعالى : ( وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ) [ البقرة : 267] . وفي حديث البراء بن عازب في ( الموطأ ) ، و ( السنن ) مرفوعًا : لا يُضحي بالعرجاء بَيِّن ظلعها ، ولا العوارء بَيِّن عورها ، ولا بالمريضة بّيِّن مرضها ، ولا بالعجفاء التي لا تنقي . 
قال ابن عبد البر : أما العيوب الأربعة المذكور في هذا الحديث فمجمع عليها ؛ لا أعلم خلافًا بين العلماء فيها ، ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها ، فإذا كانت العلة في ذلك قائمة ، ألا ترى أن العوراء إذا لم تجز في الضحايا فالعمياء أحرى ألا تجوز وإذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرجل أحرى ألا تجوز ، وكذلك ما كان مثل ذلك كله ، قال القرطبي عند قوله تعالى : ( وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الْأَنْعَامِ ) [ النساء : 119] ، ولما كان هذا من فعل الشيطان وأثره ، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُستشرف العين والأذن ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء . ( ثم قال ) : والعيب في الأذن مُرَاعى عند جماعة العلماء . 
الأنعام التي يُضحي بها 
ولا يجزئ في الأضحية إلا من الغنم والمعز والبقر والإبل بإجماع ، ولكن اختلفوا في الأفضل منها ، أما الشافعي ففضل الإبل ، ثم البقر ، ثم الكباش ، وأما مالك فوافق الشافعي في الهدي ، وقال بعكس ذلك في الأضحية ، ففضل الكباش ، ثم البقر ، ثم الإبل ، وسبب الاختلاف ورود حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بالكبش ؛ ولأن الله فدى إسماعيل بذبح عظيم . 
قال ابن كثير : الصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فدي بكبش . قال ابن تيمية في الضحايا والهدايا : لما كان المقصود الأكل كان الذَّكر أفضل من الأنثى . ( انتهى ) . 
يعني أنه في الزكاة لما كان المقصود الدر والنسل كان الواجب في الإناث غالبًا دون الذكور ، فلما كان في الأضحية المقصود اللحم فضل الذكر لذلك . 
قال القرطبي عند قوله تعالى : ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) [ الصافات : 107] : في هذه الآية دليل على أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر ، وهذا هو مذهب مالك وأصحابه ، قالوا : أفضل الضحايا الفحول من الضأن ، وإناث الضأن أفضل من فحل المعز ، وفحول المعز خير من إناثها ، وإناث المعز خير من الإبل والبقر ، وحجتهم : ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) [ الصافات : 107] . 
( ثم قال ) : وقال بعضهم : لو عَلِمَ حيوانًا أفضل من الكبش لفدى به . 
· السن المجزئة : ويجزئ في الأضحية والهدي والفدو والعقيقة الثني من الأصناف الأربعة ؛ الغنم ، والمعز ، والبقر ، والإبل ، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجذعة من الغنم . هذا ومسنة الإبل ما له خمس سنين ، ومن البقر ماله سنتان ، وكذلك المعز ، وقال بعض أهل العلم في المعز ماله سنة ، وجذعة الغنم . ما زادت عن الستة أشهر . 
الذبح : 
ويستحب أن تنحر الإبل مستقبلة القبلة قائمة معقولة اليد اليسرى والبقر والغنم يضجعها على شقها الأيسر مستقبلاً بها القبلة ، ويقول : بسم الله ، والله أكبر ، اللهم منك ولك ، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك . 
ويستحب للمضحي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح ؛ لأنه عبادة وقربة ، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، حيث ذبح أضحيته بنفسه ، وذبح هديه ، وإن لم يتولَ ذبحه بيده ، فالأفضل أن يحضر عند ذبحه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة : ( احضري أضحيتك يغفر لكِ بأول قطرة من دمها ) . 
· تقسيمها : 
يستحب أن يأكل ثلثًا ويتصدق بثلث ويهدي بالثلث ذلك إذا لم يكن هناك سبب يوجب التفضيل ، وإلا فلو قدر كثرة الفقراء لاستحببنا الصدقة بأكثر من الثلث ، وكذلك إذا قدر كثرة من يهدي إليه أكثر من الفقراء ، وكذلك الأكل ، فحيث كان أخذ بالحاجة أو المنفعة ، كان الاعتبار بالحاجة والمنفعة بحسب ما يقع . ·  
وقت الأضحية : 
اتفق العلماء على أنه لا يجوز الذبح قبل طلوع الشمس ، وواضح من الأحاديث المذكورة حديث البراء بن عازب ، وحديث أنس بن مالك ، وحديث جندب بن سفيان كلها دالة على أن من ذبح قبل الصلاة فليست أضحية إنما هي لحم قدمه لأهله ، فإن كان المضحي في غير مصر يصلي فيه العيد ، فإن وقت الأضحية بقدر مضي وقت الصلاة بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ، وقد اشترط قوم أن يكون ذبحه بعد الإمام سواء كان في المصر أو في القرى ، وهو قول الشافعي . 
ويمتد وقت الأضحية إلى غروب الشمس من آخر آيام التشريق ، وهو قول الشافعي وجماعة ، وذهب غيرهم إلى أن وقت الأضحية يوم النحر ، ويومان بعده . 
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأبي بردة بإجزاء التضحية بالعناق ، قال ابن القيم في ( أعلام الموقعين ) : وأما تخصيصه أبا بردة بن دنيار بإجزاء التضحية بالعناق دون من بعده فلموجب أيضًا ، وهو أنه ذبح قبل الصلاة متأولاً غير عالم بعدم الإجزاء ، فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن تلك ليست بأضحية ، وإنما هي شاة لحم أراد إعادة الأضحية ، فلم يكن عنده إلا عناق هي أحب إليه من شاتي لحم ، فرخص له في التضحية بها لكونه معذورًا ، ولقد تقدم منه ذبح تأول فيه ، وكان معذورًا بتأويله ، وذلك كله قبل استقرار الحكم ، فلما استقر الحكم لم يكن بعد ذلك يجزئ إلا ما وافق الشرع المستقر . وبالله التوفيق . 
وقال ابن دقيق العيد : وقد صرح في الحديث بتخصيص أبي بردة بإجزائها في هذا الحكم عما سبق ذبحه ، فامتنع قياس غيره عليه . 
هذا ؛ وأحاديث وقت الذبح غير السابقة منها حديث جابر عند مسلم جاء فيه : فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي ( الموطأ ) عن عويمر بن الأشقر بإسناد صحيح أنه ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى ، وأنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعود بضحية أخرى . 
متى يقص المضحي شعره وظفره ؟ 
روى مسلم عن أم سلمة ، رضي الله عنها : قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان له ذبح يذبحه ، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي ) . 
قال النووي : قال سعيد بن المسيب ، وربيعة ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وبعض أصحاب الشافعي : إنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية ، وقال الشافعي وأصحابه : هو مكروه كراهة تنزيه ، وقال أبو حنيفة : يكره ، واختلفت الرواية عن مالك . 
· فوائد : وفي الحديث فوائد هامة : منها ، قال ابن دقيق العيد : فيه دليل على أن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل ، وقد فرقوا في ذلك بين المأمورات والمنهيات ، فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل . 
( ثم قال ) : وفرق بينهما بأن المقصود من المأمورات : إقامة مصالحها ، وذلك لا يحصل إلا بفعلها ، والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانًا للمكلف بالانكفاف عنها ، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها ، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي فعذر بالجهل فيه . 
فائدة : قال العيني في ( العمدة ) : إن السلف كانوا لا يواظبون على أكل اللحم دائمًا ؛ لأن للحم ضراوة كضراوة الخمر .