قراءة في كتاب: "مهمة الإسلام في العالم" للأستاذ محمد فريد وجدي
محاولة عَرْض الإسلام لأبنائه كما نزَل من مَعِينه الصافي، وتصفيته من شُبَهِ الأعداء والحاقدين، وعَرْضه بصورة جيِّدة يَقْبلها العقل الحرُّ اليقظ، ومُحاربة الإلحاد وإبرازه على أنه آفَةٌ في العقل من أبرز ما اشتهر به الأستاذ "محمد فريد وجدي" - رحمه الله - وهو أحد الكُتَّاب والأُدَباء المصريين، وقد ترأَّس تحرير "مجلة الأزهر" لبضع عشرة سنةً، وله العديد من المؤلَّفات، منها:
"المدَنِيَّة والإسلام"، وقد ألَّف هذا الكتابَ وهو ابن عشرين عامًا، وألَّفه بالفرنسيَّة، ثم تَمَّت ترجمته للعربية وغيرها.
"دائرة معارف القرن الرَّابع عشر الهجري والعشرين الميلادي"، وقد ألَّف هذه الموسوعة في عشر سنين، وطُبِعت في عشرة مجلدات، و8416 صفحة.
"المرأة المسلمة" وقد ألَّفه للردِّ على أفكار "قاسم أمين" الَّتي كانت تُخالف الإسلام، كما قام بالردِّ على "طه حسين" في كتاب "نَقْد كتاب الشِّعر الجاهلي".
ومن كُتبِه أيضًا: "من معالم الإسلام" - "مهمة الإسلام في العالَم" - "السيرة النبوية تحت ضوء العلم والفلسفة" - "المستقبل للإسلام" - "على أطلال المذهب المادِّي" - "أوقات الفراغ".
ومِمَّا يؤخذ على الأستاذ "وجدي" أنه كان يَنْحى إلى الفلسفة والعقلانيَّة في كتاباته، ومعلومٌ أنَّ الكل يُؤْخَذ منه ويُردُّ عليه، إلاَّ المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وهذا الكتاب الذي نتَناوله يعدُّ من أبرز ما كتبه الأستاذ "وجدي" في "مجلة الأزهر" في سلسلةٍ من المقالات، تَمَّ نشْرُها على مدى ستَّةٍ وعشرين شهرًا، ثم نشرَتْها "مجلة الأزهر" في كتاب مُلْحَقٍ بعددِها الصادرِ في شوَّال من عام 1422 هـ.
وقد بدأ الكاتِبُ مقالاتِه بالحديث عن تاريخ الإنسانيَّة، وكيف عاش الناسُ - آمادًا طويلة - متفرِّقين شِيَعًا، ومتخالفين أصولاً ومبادِئ، حتى تمهَّدت سبُل الاتِّصال بين الشُّعوب، وتبيَّن لها وجوبُ قيام صلةٍ بينها تَسْمح لها بالتكافل في الحياة؛ لِيُكمل بعضُها نقْصَ البعض الآخر، فنشأت التِّجارة العالميَّة، وكانتْ وسيلةً للتفاهم، ودافعًا إلى التَّسالُم، وخطوة نحو القيام على أصلٍ جامع يؤلِّف بين الكافَّة في حظيرةٍ واحدة، وفي هذه الأثناء بُعث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - برسالة الإسلام، وأمر الله - عزَّ وجلَّ - بإشاعته في جميع أكناف الأرض.
وهنا يتساءل الكاتب: كيف جَمع الإسلامُ الناسَ على مبدأ واحد؟ وقد كانت كلُّ أمة تلقِّن أبناءها أنَّ الأديان كلها مزوَّرة إلاَّ الدِّين الذي هي عليه؟
ويَشْرَع الكاتِبُ في الإجابة عن هذا السؤال، موضحًا أنَّ الإسلام في أصوله الاعتقاديَّة ليس بِدينٍ جديد، وإنَّما هو دينُ الأنبياء جميعًا، أوحاه الله - عزَّ وجلَّ - إلى نوح، ثم تابع وحْيَه إلى جميع المرسلين من بعدِه، قال تعالى: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ [آل عمران: 19].
ثم يقول الكاتب - رحمه الله -: إذا ألقَيْتَ هذا البيان إلى كائنٍ مَن كان، أساغَه عقْلُه، واطمأنَّ إليه قلبُه، وحنَّ له شعورُه، وإلاَّ فهل يُعقل أنَّ الله يوحي أديانًا متخالفة في أصول العقائد لأممٍ تَتشابه عقولها وقابليَّاتها ووجهاتها؟!
ثم يبيِّن الأستاذ "وجدي" أنَّ الإسلام قد أمر الآخذين به أن يعتقدوا بِجَميع رسل الله، وأن لا يفرقوا بينهم، وأن يصدِّقوا بما أُرسلوا به من الكتب، قال تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136].
ويتحدَّث الكاتب في مقاله الثاني عن "إعلان الأُلْفة العامة بين الشُّعوب"، فيَذْكر تاريخ العرب قبل بعثة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكيف كان جوُّ العالَم ملبَّدًا بغيوم الاضطرابات والفِتَن، إلى أنْ أوحى الله - عزَّ وجلَّ - إلى محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يرفع علَم الألفة العالميَّة العامة، وأنزل الله عليه قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
فإعلان هذا الأصل الكريم في عالَمٍ كلُّ ما فيه يدعو إلى الفُرْقة، يُعتبَر من أدلِّ الأدلة على أنه صادِرٌ من ربِّ العالَمين؛ لأنَّ عقل الحكيم مهما حلَّق في جوِّ المبادئ الصالحة، فلا يستطيع أن يعدُوَ طَوْرَه، فيفكِّرَ في وضعِ أصلٍ عالَمي كهذا الأصل، في وقت تدعو جميعُ الأحوال إلى الصدِّ عن التفكير فيه.
ثم افترض الكاتبُ أن يعترض عليه أحَدُهم، قائلاً: إذا كان الإسلام يدعو إلى الألفة العامَّة بين الشعوب والقبائل، فلِمَ عَهِد إلى الحرب فأوقد نارَها، ولم يكتفِ بدعوة الآخر بالحجَّة والإقناع؟
ويجيب الأستاذ "وجدي" عن هذا الاعتراض، مبيِّنًا أنَّ مِن حكمة الإسلام مسايرةَ السُّنن الطبيعية، والعوامل الاجتماعيَّة، وقد كانت تلك السُّنن والعوامل تقتضي شيئًا من القوة، وإلاَّ بطلَت الدعوة ودالَتْ، ولَم تُحْدِث أثرًا.
ويدلِّل على كلامه بأن المسيحيَّة الحقَّة بقِيَت أكثر من 300 سنة في حالة ضعفٍ عام؛ لِما فيها من التحريم الصَّريح للحرب، حتَّى إن ملوك الرُّومان كانوا يقتلون أشياعَهم تقتيلاً، ويُمثِّلون بهم وهم أحياء، إلى أن جاءهم الإمبراطور "كونستنطين"، فاستخدَم القوة في نَشْر هذا الدِّين، وأصبح له من ذلك اليوم دولةٌ وصولة.
فلو كان الإسلام قرَّر الاكتفاء بالدَّعوة دون استخدام القوة، لبَقِيَ محصورًا في جزيرته، ولتصدَّى المشركون لأتباعه، فأجبروهم على تَرْكِه.
وأضاف الكاتب: إنَّ الإسلام قد جعل للحرب قانونًا عادلاً، ونظامًا مُحْكَمًا، وأمر بعدَمِ الاعتداء فيها، ولم يشرعها لغرضٍ مادِّي، وإنما لنشر كلمة الله بين الأمم.
وفي مقاله الثالث: يتحدَّث الأستاذ "وجدي" عن "المثَلِ الأعلى في بناء الأمم"، مُبيِّنًا أنَّ الإسلام قد جاء بالعدل والمُساواة والإخاء بين جميع المسلمين، وأنَّه لا فرق بينهم، ولا فضل لأحدهم على الآخَرِ إلاَّ بالتقوى، وذكَر الكاتِبُ بعض الأمثلة على ذلك من سيرة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتاريخ أصحابِه مِن بعده، ولم يَنْس الكاتب أن يُشير إلى أنَّ الإسلام - مع إعلانه الأُخوَّة العامة، والمساواةَ بين الناس - قد اعترف بضرورة وجود الطَّبقات الاجتماعيَّة في الأمة؛ لِيَقوم صَرْحُ الاجتماع على أمْتَنِ القواعد، فلا تتسرَّب إليه الفوضى من ناحيةٍ من نواحيه، وكلُّ ما شرطه في تأليف الطَّبقات أن تكونَ بحسب المؤهِّلات العِلميَّة، والمَزايا الأدَبية، قيامًا على سُنَّة إسنادِ كلِّ أمر إلى أهله، فهو دينٌ نظاميٌّ من كلِّ وجه.
وبعد أنْ بيَّن الأستاذ "وجدي" ما قام عليه الإسلامُ من الأصول العليا التي توجب له السُّلطان المُطْلَق على العُقول والقلوب معًا، وتَصُوغ من مُتَّبعيه أمَّة تكون لها زعامةُ الأرض قاطبة؛ انتقل الكاتب إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى العلم" وأهمِّيته في دفع الجهل، سواء كان في العقائد الدينيَّة، أو في الشُّؤون المادِّية، وذكَر الكاتب الأمثلةَ على ذلك من التاريخ المُشْرِق للإسلام والمسلمين.
ثم انتقل الكاتب بعد ذلك إلى الحديث عن: "نَشْر الإسلام للمبادئ الإنسانيَّة"؛ كالعَدْل والمُساواة والسَّماحة في التعامل مع غير المسلمين، ودعوتهم بالحِكْمة والموعظة الحسَنة، بل والتَّعايش معهم، دونما إكراهٍ أو مُشاحنة، وبيَّن الكاتبُ كيف طالبَ الإسلامُ أهْلَه بمراعاة مبادئ الإنسانيَّة، حتى في مواطن الحرب.
ثم يتحدَّث الأستاذ "وجدي" عن "دعوة الإسلام إلى تَجْريد العمل لله، لا للأغراض المادِّية"؛ فالأمَّة التي تجرِّد أعمالها لوجه الله، يترابط آحادُها ترابطًا لا تُفْصَم عُراه، فيتنَزَّهون عن دنيئات الأخلاق، وساقطات الخِلال، ويكون انسِياحهم في الأرض، واختلاطُهم بالأُمم خيرًا وبرَكة عليهم؛ لأنَّهم لا يقصدون إلاَّ إقامة دولة الحقِّ، وتشييدَ صرْحِ العدل، ورَفْعَ منار الفضائل، وتطهيرَ الأرض من الرذائل.
وينتقل بنا الكاتبُ - رحمه الله - إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى تطهير القلوب"، والعناية بتربيتها وتربية العقول، وأنَّه - كما منح العقْلَ سُلطانَه في التَّمييز بين الحقِّ والباطل - أعطى القلب سلطانه؛ ليقود الإنسانَ إلى العواطف النبيلة، والتنَزُّه من الصفات الحيوانيَّة، والتطهُّرَ من الأدران البهيمية، فبِطهارة قلوب المسلمين؛ أصبحوا ليوثًا في ظواهرهم، نُسَّاكًا في بواطنهم، وأجسادهم تصول وتجول، وقلوبهم تأسو وتعول، لم يدَعوا صرحًا أُقيم للباطل إلاَّ هدموه، ولا مَعْلمًا للحقِّ إلاَّ أقاموه، ثم ما هي إلاَّ سنون معدودة حتَّى أصبحوا خلفاء الله في أرضه، وحفظَته على وحيه.
وبعد قيام الأستاذ "وجدي" ببيان دور الإسلام في تطهير القلوب، انتقل إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى تأسيس دولة الحقِّ في الأرض"، وبدأ مقاله بالتَّفريق بين الحقِّ والباطل، فقال:
"الحقُّ - الذي هو نقيض الباطل - هو العدل الخالص، وهو الأصل الرَّاسخ، رُوح كلِّ نظام، وحياة كلِّ كمال، وقوام كلِّ خير في الأرض والسماء، يهتدي إليه العقل السَّليم، ويؤيِّده العلم الصحيح، ويتأدَّى إليه النظر القويم، ويرتاح إليه القلب، ويطمئنُّ له الضمير.
والباطل هو الفساد الزَّائل، والزُّور الحائل، والشرُّ المستطير، علَّة كلِّ مُتَداعٍ، وسبب كلِّ فتنة، يَنْفر منه العقل، ويدحضه العلم، ويتقزَّز منه النظر، لا تقوم له دولة إلاَّ حيث تسود الجهالة، وتعمُّ العماية، أو حيث تتمرَّد الشهوات، وتُعْبَد الأهواء، وتُستهدَف المَثُلات، وتُتَعجَّل الهلكات".
ثم أفاض الكاتِبُ الكريم في ذِكْر آيات القرآن الكريم التي تبيِّن وتؤيِّد هذا الكلام.
وانتَقَل الكاتب إلى مهمَّة أخرى من مهامِّ الإسلام في العالَم، وهي "دعوته إلى النَّظر والتفكير"، وأفاض مرَّةً أخرى في سَرْد بعض الآيات التي تُرْشِد إلى النَّظَر في النَّفْس والكائنات، وتتبع آيات الله في مخلوقاته، وتنور إبداعه في مصنوعاته، وليس ذلك للاستفادة المادِّية فحَسْب، ولكن للفائدة الرُّوحية أيضًا؛ حيث إنَّ هذه الدعوة أشد تأثيرًا في النُّفوس من دعوة رجال العلم والتربية؛ لذلك اندفع المسلمون لتناول العلوم من جميع مَظانِّها، وبلَغوا منها بعد مائتَيْ سنة ما لَم يبلغه غيرُهم في مدى القرون الطويلة، فأصبحوا أصحابَ الزعامة فيها، ولم يُرْوَ في تاريخ البشر أنَّ أمة تنهض في قرنَيْن من الأميَّة الصِّرفة إلى مكانة الإمامة في المعارف البشريَّة، في مثل هذه المدَّة الوجيزة.
وانتقل الكاتبُ إلى الحديث عن: دعوة الإسلام إلى الأخذ بالأحسن في الأقوال والأفعال، وفي كلِّ ما له ارتباطٌ بالإنسانيَّة، وأنَّ الله سبحانه أمَر بالإحسان، وجعله في مرتبة العدل؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].
والإحسان هو الإتيان بكلِّ حسَنٍ من الأقوال والأفعال، ومتَى اجتمع هذان الوصفان في إنسانٍ استَكْمل جميع وسائل الحياة الطيِّبة في الدُّنيا، والسعادة الأبديَّة في الآخرة.
وفي مقاله الرابع: تحدث الأستاذ "وجدي" عن "دعوة الإسلام إلى قَرْن العلم بالعمل، وحثِّه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، واستشهد على ذلك ببعضِ مما قاله كِبارُ المؤرِّخين الأجانب.
ثم تحدَّث عن: "توفيق الإسلام بين مَطالب الرُّوح ومطالب العقل"، وعن "دعوة الإسلامِ النَّاسَ إلى الصِّراط المستقيم"؛ حتَّى لا تتخطَّفَهم السُّبلُ المضلِّلة، فترمي بهم إلى مكانٍ سحيق.
ثم انتقل الكاتِبُ إلى الحديث عن "الأغراض الاجتماعيَّة للإسلام"، وقارن بينها وبين الرَّوابط الاجتماعيَّة للجماعات والدُّول السابقة، كالدولة الرُّومانية والدولة الفارسيَّة، وبيَّنَ - رحمه الله - البَوْنَ الشاسع بين سُلوك المسلمين، وسلوك تلك الدُّول في الحروب، وأوضح أنَّ المبادئ التي تقوم عليها الرَّوابط الاجتماعيَّة في الإسلام تتمثَّل في:
1- المساواة بين جميع الخلق؛ لأنَّ كلَّهم لآدم، وآدَمُ من تراب.
2- أن التَّفاضل بينهم لا يَبْتني على الفوارق من جنسٍ ولون ولُغة، ولكن على الكمالات النفسيَّة؛ ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].
3- أنَّ القبائل والشُّعوب خُلِقت لتتعارف على الاضْطِلاع بأعباء الحياة، لا لتتناكر وتتناحر؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
4- تَسْويد الحقِّ في جميع المواقف على القوَّة؛ ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾ [يونس: 32].
5- العمل على إعلاء كلمة الله في الأرض، وهي العدل المُطْلَق، لا المصلحة المادِّية.
ثم تحدَّث الأستاذ "محمد فريد وجدي" عن "توجيه الإسلام إلى الإصلاح لا الفساد"، وقارنَ بين سلوك المسلمين وغيرهم في الحرب، مدلِّلاً على كلامه بأمثلةٍ من تاريخ الأمم، وبعض النماذج المُشْرِقة من تاريخ المسلمين.
وتحدَّث الكاتب عن "مُراعاة الشريعة الإسلاميَّة لحقوق الآخَرين"، وعن سَبْق الإسلام للعالَمِ أجمع في كفالة الحقوق والحُرِّيات لكافَّة البشر، على اختلاف دياناتهم وألوانهم، وعقَدَ الكاتبُ مقارنة أخرى بين موقف الإسلام والحضارات الأخرى من هذه القضيَّة.
ثم تحدث عن الحرِّية الشخصيَّة، وانتهى إلى أنَّ الإسلام قد احترمَ الحقوق الإنسانيَّة المستَنِدة على الأوضاع الطبيعيَّة، ولم يَحترم منها ما أوجده الْهَوى، ولا ما ولَّدتْه الشُّهرة، وقد رمى من هذا إلى تأليف مُجتمعٍ سليم في نفسيَّته، سليمٍ في عقليته، سليم في بِنْيته، يَجْري إلى غاياته البعيدة كأنَّه جزءٌ من الطبيعة، لا خارجٌ عليها، ولا مدبِّرٌ لها.
ثم انتقل الأستاذ "وجدي" إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى مُحافظة المجتمع على السموِّ الرُّوحاني في جميع محاولاته الدنيويَّة"، وبيَّن أنَّ الإسلام قام على أصولٍ عامَّة من الأخلاق والمبادئ، تارِكًا في سبيل هذه المبادئ الفوارقَ القوميَّة والجنسيَّة واللُّغوية، كما أنَّ الإسلام قد حرص على أن يُحافظ أهله على السُّمو الروحاني، حتَّى في المَواطن التي يتعمَّد فيها القادَةُ إثارةَ القوة الوحشيَّة في نفوس جنودهم، وحثَّهم على تمزيق أعدائهم كلَّ مُمزَّق، وأن يجعلوهم عبرةً لغيرهم؛ تَجِد الإسلام يأمر أتباعه بالإحسان، وينهاهم عن قَتْل النِّساء والصِّبيان وكبار السِّن.
ويَنتقل الكاتب إلى الحديث عن: "دعوة الإسلام إلى العمل على إقامة العمران في الأرض"، وبيَّن كيف كان سلوك المسلمين عند فَتْح البلاد، وكيف أنَّهم لم يتركوا عِلمًا ولا فنًّا ولا صناعة إلاَّ أخَذوا بها، وزادوها بِجُهودهم رُقيًّا، بل إنَّهم لم يكونوا مجرَّد فاتحين، ولكنهم كانوا معلِّمين ومُصْلِحين أيضًا، بل إنَّهم أسَّسوا العديد من العلوم، كالكيمياء والرِّياضيات والْجَبر، ونَقَلت عنهم أوروبا تلك العلومَ، وقامت بترجمة كتب "ابن رشد"، و "ابن زُهْر" و"ابن سينا"، وغيرهم إلى لغاتهم؛ ليتعلَّموا منها.
ثم تحدَّث الكاتب عن: "دعوة الإسلام إلى تأسيس مَدِنية عالَميَّة فاضلة"، وتساءل: هل يمكن أن تتَّفِق المدَنِيَّة والدِّين؟ وهل المدنيةُ بطبيعتها تُنافي الدِّين؟
وقَبل أن يُجيب عن هذا التَّساؤل، يوضِّح الأستاذ "وجدي" أنَّ المدنيَّة التي يعدُّها الناس اليومَ أزهى المدَنيَّات وهي المدَنِية الأوروبيَّة، لم تَضْمن لأهلها راحة البال، وهناء النَّفْس، ولكنَّها اندفعت بهم إلى صراعات داميةٍ، وحروب مُبيدة، حتَّى أصبحَتْ في أمسِّ الحاجة إلى التقويم والتَّصحيح.
ويُضيف الكاتب أنَّ أصحاب هذه المدَنِيَّة لا يُنكرون نُقْصانها وحاجتَها إلى الإضافات الكثيرة، وأنَّهم يتطلَّبون مثلاً أعلى يقيهم من هذا الانحلال والنُّقصان، ولا شكَّ أن هذا المثل الأعلى يُوجَد في الدِّين الذي يُعلِّم أصحابه الرحمة والإيثار، والبَذْل والعطاء، إلاَّ أن أصحاب هذه المدنية يدَّعون أنَّ الأديان تبثُّ في مُقابل هذه المزايا عقائدَ تنافي أوليَّات العقل، وبداهات النَّظر، وتُعادي العلم، وتقيِّد الحريات، وقد تأثَّروا من هذه المَشاهد التاريخيَّة، حتى أصبحوا يظنُّون أنه لا يوجد دينٌ على وجه الأرض يخلو من هذه العقبات؛ فإذا ما أمكن إقامة الدَّليل على أنَّ واحدًا من الأديان تنطبق أصوله على مميزات المثَلِ الأعلى للمدنيَّة، فلا يوجد ما يَمْنع من إعلان اتِّفاق الدِّين الحقِّ والمدنية.
ويُضيف: ونَحْن معشرَ المسلمين نعلم أنَّ الإسلام ينطبق على المثل الأعلى للمدنيَّة، ويزيد عليه سُموًّا، فعلينا وحْدَنا التدليل على ذلك، والقيام بِنَشره في الآفاق.
ثم تساءل الكاتِبُ الكريم: ما الذي أوجد هذه الهوَّة السحيقة بين الدِّين والمدنيَّة في نظر بعض الآخِذين بمبادئ الحياة العصرية اليوم؟
وأجاب عن هذا التَّساؤل بقوله: أوجدها خطَأٌ جلَل، تسرَّب إلى عقولهم، ولم يَفْطنوا إليه، وهو أنَّهم خلَطوا بين المدنيَّة بمعناها الصحيح، وبين ما أوجده أهل الإباحة من التَّعديات المُنوَّعة على العلم والأخلاق، تحت ظلِّ الحرية الشخصيَّة، وألصقوه بالمدنيَّة، ومصدر هذا الخطأ هو ما يَراه الناس بأعينهم من اهتمام الأمم قاطبةً بالمُتَع النَّفسية دون التقيُّد بالآداب التي يحرِّمها العلم الصحيح، ولا شكَّ أنَّ العلم يتَّفِق مع الدين في تحريم الخَمْر، والميسر، والزِّنا، والرِّبا، والمخدِّرات، ولكنَّهم وللأسف الشديد لا يقيمون للعلم وزنًا حين يحرِّم هذه المضارَّ.
واختتم الكاتب مقالاته بالحديث عن "دعوة الإسلام إلى القيام بخلافة الله في الأرض"، وأوضح فيه أنَّ الأمة الإسلاميَّة أمَّةٌ منتدَبةٌ لخلافة الله في الأرض؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165].
وأنهى الأستاذ "وجدي" كتابه بقوله: إذا قام المسلمون بدعوةٍ إلى دِينهم، مؤسَّسةٍ على التَّنويه بهذه الأصول الأوليَّة في الإسلام؛ فإنَّها تؤثِّر في العقول والقلوب بِوَصفين:
أوَّلهما: بِوَصفِ أنَّه دين.
ثانيهما: بوصف أنَّه إصلاحٌ عالَمي عام، فالإسلام كدينٍ لا يَحتاج إلى أكثرَ من أن يُعرَّف التعريفَ الجدير به.
ويتساءل الكاتب: مَن مِن الناس مَن لا يحبُّ أن تعلو كلمة الله في الأرض، وأن يسود الحقُّ فيه سيادةً يسقط معها كلُّ باطل، ويَضْمحلُّ كلُّ زور، وتزول جميع الفروق بين الناس؟
فلْنَعمل مجتَمِعين على بيان هذه الحقائق بكلِّ وسيلة يصل إليها إمكانُنا.
"المدَنِيَّة والإسلام"، وقد ألَّف هذا الكتابَ وهو ابن عشرين عامًا، وألَّفه بالفرنسيَّة، ثم تَمَّت ترجمته للعربية وغيرها.
"دائرة معارف القرن الرَّابع عشر الهجري والعشرين الميلادي"، وقد ألَّف هذه الموسوعة في عشر سنين، وطُبِعت في عشرة مجلدات، و8416 صفحة.
"المرأة المسلمة" وقد ألَّفه للردِّ على أفكار "قاسم أمين" الَّتي كانت تُخالف الإسلام، كما قام بالردِّ على "طه حسين" في كتاب "نَقْد كتاب الشِّعر الجاهلي".
ومن كُتبِه أيضًا: "من معالم الإسلام" - "مهمة الإسلام في العالَم" - "السيرة النبوية تحت ضوء العلم والفلسفة" - "المستقبل للإسلام" - "على أطلال المذهب المادِّي" - "أوقات الفراغ".
ومِمَّا يؤخذ على الأستاذ "وجدي" أنه كان يَنْحى إلى الفلسفة والعقلانيَّة في كتاباته، ومعلومٌ أنَّ الكل يُؤْخَذ منه ويُردُّ عليه، إلاَّ المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وهذا الكتاب الذي نتَناوله يعدُّ من أبرز ما كتبه الأستاذ "وجدي" في "مجلة الأزهر" في سلسلةٍ من المقالات، تَمَّ نشْرُها على مدى ستَّةٍ وعشرين شهرًا، ثم نشرَتْها "مجلة الأزهر" في كتاب مُلْحَقٍ بعددِها الصادرِ في شوَّال من عام 1422 هـ.
وقد بدأ الكاتِبُ مقالاتِه بالحديث عن تاريخ الإنسانيَّة، وكيف عاش الناسُ - آمادًا طويلة - متفرِّقين شِيَعًا، ومتخالفين أصولاً ومبادِئ، حتى تمهَّدت سبُل الاتِّصال بين الشُّعوب، وتبيَّن لها وجوبُ قيام صلةٍ بينها تَسْمح لها بالتكافل في الحياة؛ لِيُكمل بعضُها نقْصَ البعض الآخر، فنشأت التِّجارة العالميَّة، وكانتْ وسيلةً للتفاهم، ودافعًا إلى التَّسالُم، وخطوة نحو القيام على أصلٍ جامع يؤلِّف بين الكافَّة في حظيرةٍ واحدة، وفي هذه الأثناء بُعث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - برسالة الإسلام، وأمر الله - عزَّ وجلَّ - بإشاعته في جميع أكناف الأرض.
وهنا يتساءل الكاتب: كيف جَمع الإسلامُ الناسَ على مبدأ واحد؟ وقد كانت كلُّ أمة تلقِّن أبناءها أنَّ الأديان كلها مزوَّرة إلاَّ الدِّين الذي هي عليه؟
ويَشْرَع الكاتِبُ في الإجابة عن هذا السؤال، موضحًا أنَّ الإسلام في أصوله الاعتقاديَّة ليس بِدينٍ جديد، وإنَّما هو دينُ الأنبياء جميعًا، أوحاه الله - عزَّ وجلَّ - إلى نوح، ثم تابع وحْيَه إلى جميع المرسلين من بعدِه، قال تعالى: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ [آل عمران: 19].
ثم يقول الكاتب - رحمه الله -: إذا ألقَيْتَ هذا البيان إلى كائنٍ مَن كان، أساغَه عقْلُه، واطمأنَّ إليه قلبُه، وحنَّ له شعورُه، وإلاَّ فهل يُعقل أنَّ الله يوحي أديانًا متخالفة في أصول العقائد لأممٍ تَتشابه عقولها وقابليَّاتها ووجهاتها؟!
ثم يبيِّن الأستاذ "وجدي" أنَّ الإسلام قد أمر الآخذين به أن يعتقدوا بِجَميع رسل الله، وأن لا يفرقوا بينهم، وأن يصدِّقوا بما أُرسلوا به من الكتب، قال تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136].
ويتحدَّث الكاتب في مقاله الثاني عن "إعلان الأُلْفة العامة بين الشُّعوب"، فيَذْكر تاريخ العرب قبل بعثة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكيف كان جوُّ العالَم ملبَّدًا بغيوم الاضطرابات والفِتَن، إلى أنْ أوحى الله - عزَّ وجلَّ - إلى محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يرفع علَم الألفة العالميَّة العامة، وأنزل الله عليه قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
فإعلان هذا الأصل الكريم في عالَمٍ كلُّ ما فيه يدعو إلى الفُرْقة، يُعتبَر من أدلِّ الأدلة على أنه صادِرٌ من ربِّ العالَمين؛ لأنَّ عقل الحكيم مهما حلَّق في جوِّ المبادئ الصالحة، فلا يستطيع أن يعدُوَ طَوْرَه، فيفكِّرَ في وضعِ أصلٍ عالَمي كهذا الأصل، في وقت تدعو جميعُ الأحوال إلى الصدِّ عن التفكير فيه.
ثم افترض الكاتبُ أن يعترض عليه أحَدُهم، قائلاً: إذا كان الإسلام يدعو إلى الألفة العامَّة بين الشعوب والقبائل، فلِمَ عَهِد إلى الحرب فأوقد نارَها، ولم يكتفِ بدعوة الآخر بالحجَّة والإقناع؟
ويجيب الأستاذ "وجدي" عن هذا الاعتراض، مبيِّنًا أنَّ مِن حكمة الإسلام مسايرةَ السُّنن الطبيعية، والعوامل الاجتماعيَّة، وقد كانت تلك السُّنن والعوامل تقتضي شيئًا من القوة، وإلاَّ بطلَت الدعوة ودالَتْ، ولَم تُحْدِث أثرًا.
ويدلِّل على كلامه بأن المسيحيَّة الحقَّة بقِيَت أكثر من 300 سنة في حالة ضعفٍ عام؛ لِما فيها من التحريم الصَّريح للحرب، حتَّى إن ملوك الرُّومان كانوا يقتلون أشياعَهم تقتيلاً، ويُمثِّلون بهم وهم أحياء، إلى أن جاءهم الإمبراطور "كونستنطين"، فاستخدَم القوة في نَشْر هذا الدِّين، وأصبح له من ذلك اليوم دولةٌ وصولة.
فلو كان الإسلام قرَّر الاكتفاء بالدَّعوة دون استخدام القوة، لبَقِيَ محصورًا في جزيرته، ولتصدَّى المشركون لأتباعه، فأجبروهم على تَرْكِه.
وأضاف الكاتب: إنَّ الإسلام قد جعل للحرب قانونًا عادلاً، ونظامًا مُحْكَمًا، وأمر بعدَمِ الاعتداء فيها، ولم يشرعها لغرضٍ مادِّي، وإنما لنشر كلمة الله بين الأمم.
وفي مقاله الثالث: يتحدَّث الأستاذ "وجدي" عن "المثَلِ الأعلى في بناء الأمم"، مُبيِّنًا أنَّ الإسلام قد جاء بالعدل والمُساواة والإخاء بين جميع المسلمين، وأنَّه لا فرق بينهم، ولا فضل لأحدهم على الآخَرِ إلاَّ بالتقوى، وذكَر الكاتِبُ بعض الأمثلة على ذلك من سيرة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتاريخ أصحابِه مِن بعده، ولم يَنْس الكاتب أن يُشير إلى أنَّ الإسلام - مع إعلانه الأُخوَّة العامة، والمساواةَ بين الناس - قد اعترف بضرورة وجود الطَّبقات الاجتماعيَّة في الأمة؛ لِيَقوم صَرْحُ الاجتماع على أمْتَنِ القواعد، فلا تتسرَّب إليه الفوضى من ناحيةٍ من نواحيه، وكلُّ ما شرطه في تأليف الطَّبقات أن تكونَ بحسب المؤهِّلات العِلميَّة، والمَزايا الأدَبية، قيامًا على سُنَّة إسنادِ كلِّ أمر إلى أهله، فهو دينٌ نظاميٌّ من كلِّ وجه.
وبعد أنْ بيَّن الأستاذ "وجدي" ما قام عليه الإسلامُ من الأصول العليا التي توجب له السُّلطان المُطْلَق على العُقول والقلوب معًا، وتَصُوغ من مُتَّبعيه أمَّة تكون لها زعامةُ الأرض قاطبة؛ انتقل الكاتب إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى العلم" وأهمِّيته في دفع الجهل، سواء كان في العقائد الدينيَّة، أو في الشُّؤون المادِّية، وذكَر الكاتب الأمثلةَ على ذلك من التاريخ المُشْرِق للإسلام والمسلمين.
ثم انتقل الكاتب بعد ذلك إلى الحديث عن: "نَشْر الإسلام للمبادئ الإنسانيَّة"؛ كالعَدْل والمُساواة والسَّماحة في التعامل مع غير المسلمين، ودعوتهم بالحِكْمة والموعظة الحسَنة، بل والتَّعايش معهم، دونما إكراهٍ أو مُشاحنة، وبيَّن الكاتبُ كيف طالبَ الإسلامُ أهْلَه بمراعاة مبادئ الإنسانيَّة، حتى في مواطن الحرب.
ثم يتحدَّث الأستاذ "وجدي" عن "دعوة الإسلام إلى تَجْريد العمل لله، لا للأغراض المادِّية"؛ فالأمَّة التي تجرِّد أعمالها لوجه الله، يترابط آحادُها ترابطًا لا تُفْصَم عُراه، فيتنَزَّهون عن دنيئات الأخلاق، وساقطات الخِلال، ويكون انسِياحهم في الأرض، واختلاطُهم بالأُمم خيرًا وبرَكة عليهم؛ لأنَّهم لا يقصدون إلاَّ إقامة دولة الحقِّ، وتشييدَ صرْحِ العدل، ورَفْعَ منار الفضائل، وتطهيرَ الأرض من الرذائل.
وينتقل بنا الكاتبُ - رحمه الله - إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى تطهير القلوب"، والعناية بتربيتها وتربية العقول، وأنَّه - كما منح العقْلَ سُلطانَه في التَّمييز بين الحقِّ والباطل - أعطى القلب سلطانه؛ ليقود الإنسانَ إلى العواطف النبيلة، والتنَزُّه من الصفات الحيوانيَّة، والتطهُّرَ من الأدران البهيمية، فبِطهارة قلوب المسلمين؛ أصبحوا ليوثًا في ظواهرهم، نُسَّاكًا في بواطنهم، وأجسادهم تصول وتجول، وقلوبهم تأسو وتعول، لم يدَعوا صرحًا أُقيم للباطل إلاَّ هدموه، ولا مَعْلمًا للحقِّ إلاَّ أقاموه، ثم ما هي إلاَّ سنون معدودة حتَّى أصبحوا خلفاء الله في أرضه، وحفظَته على وحيه.
وبعد قيام الأستاذ "وجدي" ببيان دور الإسلام في تطهير القلوب، انتقل إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى تأسيس دولة الحقِّ في الأرض"، وبدأ مقاله بالتَّفريق بين الحقِّ والباطل، فقال:
"الحقُّ - الذي هو نقيض الباطل - هو العدل الخالص، وهو الأصل الرَّاسخ، رُوح كلِّ نظام، وحياة كلِّ كمال، وقوام كلِّ خير في الأرض والسماء، يهتدي إليه العقل السَّليم، ويؤيِّده العلم الصحيح، ويتأدَّى إليه النظر القويم، ويرتاح إليه القلب، ويطمئنُّ له الضمير.
والباطل هو الفساد الزَّائل، والزُّور الحائل، والشرُّ المستطير، علَّة كلِّ مُتَداعٍ، وسبب كلِّ فتنة، يَنْفر منه العقل، ويدحضه العلم، ويتقزَّز منه النظر، لا تقوم له دولة إلاَّ حيث تسود الجهالة، وتعمُّ العماية، أو حيث تتمرَّد الشهوات، وتُعْبَد الأهواء، وتُستهدَف المَثُلات، وتُتَعجَّل الهلكات".
ثم أفاض الكاتِبُ الكريم في ذِكْر آيات القرآن الكريم التي تبيِّن وتؤيِّد هذا الكلام.
وانتَقَل الكاتب إلى مهمَّة أخرى من مهامِّ الإسلام في العالَم، وهي "دعوته إلى النَّظر والتفكير"، وأفاض مرَّةً أخرى في سَرْد بعض الآيات التي تُرْشِد إلى النَّظَر في النَّفْس والكائنات، وتتبع آيات الله في مخلوقاته، وتنور إبداعه في مصنوعاته، وليس ذلك للاستفادة المادِّية فحَسْب، ولكن للفائدة الرُّوحية أيضًا؛ حيث إنَّ هذه الدعوة أشد تأثيرًا في النُّفوس من دعوة رجال العلم والتربية؛ لذلك اندفع المسلمون لتناول العلوم من جميع مَظانِّها، وبلَغوا منها بعد مائتَيْ سنة ما لَم يبلغه غيرُهم في مدى القرون الطويلة، فأصبحوا أصحابَ الزعامة فيها، ولم يُرْوَ في تاريخ البشر أنَّ أمة تنهض في قرنَيْن من الأميَّة الصِّرفة إلى مكانة الإمامة في المعارف البشريَّة، في مثل هذه المدَّة الوجيزة.
وانتقل الكاتبُ إلى الحديث عن: دعوة الإسلام إلى الأخذ بالأحسن في الأقوال والأفعال، وفي كلِّ ما له ارتباطٌ بالإنسانيَّة، وأنَّ الله سبحانه أمَر بالإحسان، وجعله في مرتبة العدل؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].
والإحسان هو الإتيان بكلِّ حسَنٍ من الأقوال والأفعال، ومتَى اجتمع هذان الوصفان في إنسانٍ استَكْمل جميع وسائل الحياة الطيِّبة في الدُّنيا، والسعادة الأبديَّة في الآخرة.
وفي مقاله الرابع: تحدث الأستاذ "وجدي" عن "دعوة الإسلام إلى قَرْن العلم بالعمل، وحثِّه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، واستشهد على ذلك ببعضِ مما قاله كِبارُ المؤرِّخين الأجانب.
ثم تحدَّث عن: "توفيق الإسلام بين مَطالب الرُّوح ومطالب العقل"، وعن "دعوة الإسلامِ النَّاسَ إلى الصِّراط المستقيم"؛ حتَّى لا تتخطَّفَهم السُّبلُ المضلِّلة، فترمي بهم إلى مكانٍ سحيق.
ثم انتقل الكاتِبُ إلى الحديث عن "الأغراض الاجتماعيَّة للإسلام"، وقارن بينها وبين الرَّوابط الاجتماعيَّة للجماعات والدُّول السابقة، كالدولة الرُّومانية والدولة الفارسيَّة، وبيَّنَ - رحمه الله - البَوْنَ الشاسع بين سُلوك المسلمين، وسلوك تلك الدُّول في الحروب، وأوضح أنَّ المبادئ التي تقوم عليها الرَّوابط الاجتماعيَّة في الإسلام تتمثَّل في:
1- المساواة بين جميع الخلق؛ لأنَّ كلَّهم لآدم، وآدَمُ من تراب.
2- أن التَّفاضل بينهم لا يَبْتني على الفوارق من جنسٍ ولون ولُغة، ولكن على الكمالات النفسيَّة؛ ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].
3- أنَّ القبائل والشُّعوب خُلِقت لتتعارف على الاضْطِلاع بأعباء الحياة، لا لتتناكر وتتناحر؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
4- تَسْويد الحقِّ في جميع المواقف على القوَّة؛ ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾ [يونس: 32].
5- العمل على إعلاء كلمة الله في الأرض، وهي العدل المُطْلَق، لا المصلحة المادِّية.
ثم تحدَّث الأستاذ "محمد فريد وجدي" عن "توجيه الإسلام إلى الإصلاح لا الفساد"، وقارنَ بين سلوك المسلمين وغيرهم في الحرب، مدلِّلاً على كلامه بأمثلةٍ من تاريخ الأمم، وبعض النماذج المُشْرِقة من تاريخ المسلمين.
وتحدَّث الكاتب عن "مُراعاة الشريعة الإسلاميَّة لحقوق الآخَرين"، وعن سَبْق الإسلام للعالَمِ أجمع في كفالة الحقوق والحُرِّيات لكافَّة البشر، على اختلاف دياناتهم وألوانهم، وعقَدَ الكاتبُ مقارنة أخرى بين موقف الإسلام والحضارات الأخرى من هذه القضيَّة.
ثم تحدث عن الحرِّية الشخصيَّة، وانتهى إلى أنَّ الإسلام قد احترمَ الحقوق الإنسانيَّة المستَنِدة على الأوضاع الطبيعيَّة، ولم يَحترم منها ما أوجده الْهَوى، ولا ما ولَّدتْه الشُّهرة، وقد رمى من هذا إلى تأليف مُجتمعٍ سليم في نفسيَّته، سليمٍ في عقليته، سليم في بِنْيته، يَجْري إلى غاياته البعيدة كأنَّه جزءٌ من الطبيعة، لا خارجٌ عليها، ولا مدبِّرٌ لها.
ثم انتقل الأستاذ "وجدي" إلى الحديث عن "دعوة الإسلام إلى مُحافظة المجتمع على السموِّ الرُّوحاني في جميع محاولاته الدنيويَّة"، وبيَّن أنَّ الإسلام قام على أصولٍ عامَّة من الأخلاق والمبادئ، تارِكًا في سبيل هذه المبادئ الفوارقَ القوميَّة والجنسيَّة واللُّغوية، كما أنَّ الإسلام قد حرص على أن يُحافظ أهله على السُّمو الروحاني، حتَّى في المَواطن التي يتعمَّد فيها القادَةُ إثارةَ القوة الوحشيَّة في نفوس جنودهم، وحثَّهم على تمزيق أعدائهم كلَّ مُمزَّق، وأن يجعلوهم عبرةً لغيرهم؛ تَجِد الإسلام يأمر أتباعه بالإحسان، وينهاهم عن قَتْل النِّساء والصِّبيان وكبار السِّن.
ويَنتقل الكاتب إلى الحديث عن: "دعوة الإسلام إلى العمل على إقامة العمران في الأرض"، وبيَّن كيف كان سلوك المسلمين عند فَتْح البلاد، وكيف أنَّهم لم يتركوا عِلمًا ولا فنًّا ولا صناعة إلاَّ أخَذوا بها، وزادوها بِجُهودهم رُقيًّا، بل إنَّهم لم يكونوا مجرَّد فاتحين، ولكنهم كانوا معلِّمين ومُصْلِحين أيضًا، بل إنَّهم أسَّسوا العديد من العلوم، كالكيمياء والرِّياضيات والْجَبر، ونَقَلت عنهم أوروبا تلك العلومَ، وقامت بترجمة كتب "ابن رشد"، و "ابن زُهْر" و"ابن سينا"، وغيرهم إلى لغاتهم؛ ليتعلَّموا منها.
ثم تحدَّث الكاتب عن: "دعوة الإسلام إلى تأسيس مَدِنية عالَميَّة فاضلة"، وتساءل: هل يمكن أن تتَّفِق المدَنِيَّة والدِّين؟ وهل المدنيةُ بطبيعتها تُنافي الدِّين؟
وقَبل أن يُجيب عن هذا التَّساؤل، يوضِّح الأستاذ "وجدي" أنَّ المدنيَّة التي يعدُّها الناس اليومَ أزهى المدَنيَّات وهي المدَنِية الأوروبيَّة، لم تَضْمن لأهلها راحة البال، وهناء النَّفْس، ولكنَّها اندفعت بهم إلى صراعات داميةٍ، وحروب مُبيدة، حتَّى أصبحَتْ في أمسِّ الحاجة إلى التقويم والتَّصحيح.
ويُضيف الكاتب أنَّ أصحاب هذه المدَنِيَّة لا يُنكرون نُقْصانها وحاجتَها إلى الإضافات الكثيرة، وأنَّهم يتطلَّبون مثلاً أعلى يقيهم من هذا الانحلال والنُّقصان، ولا شكَّ أن هذا المثل الأعلى يُوجَد في الدِّين الذي يُعلِّم أصحابه الرحمة والإيثار، والبَذْل والعطاء، إلاَّ أن أصحاب هذه المدنية يدَّعون أنَّ الأديان تبثُّ في مُقابل هذه المزايا عقائدَ تنافي أوليَّات العقل، وبداهات النَّظر، وتُعادي العلم، وتقيِّد الحريات، وقد تأثَّروا من هذه المَشاهد التاريخيَّة، حتى أصبحوا يظنُّون أنه لا يوجد دينٌ على وجه الأرض يخلو من هذه العقبات؛ فإذا ما أمكن إقامة الدَّليل على أنَّ واحدًا من الأديان تنطبق أصوله على مميزات المثَلِ الأعلى للمدنيَّة، فلا يوجد ما يَمْنع من إعلان اتِّفاق الدِّين الحقِّ والمدنية.
ويُضيف: ونَحْن معشرَ المسلمين نعلم أنَّ الإسلام ينطبق على المثل الأعلى للمدنيَّة، ويزيد عليه سُموًّا، فعلينا وحْدَنا التدليل على ذلك، والقيام بِنَشره في الآفاق.
ثم تساءل الكاتِبُ الكريم: ما الذي أوجد هذه الهوَّة السحيقة بين الدِّين والمدنيَّة في نظر بعض الآخِذين بمبادئ الحياة العصرية اليوم؟
وأجاب عن هذا التَّساؤل بقوله: أوجدها خطَأٌ جلَل، تسرَّب إلى عقولهم، ولم يَفْطنوا إليه، وهو أنَّهم خلَطوا بين المدنيَّة بمعناها الصحيح، وبين ما أوجده أهل الإباحة من التَّعديات المُنوَّعة على العلم والأخلاق، تحت ظلِّ الحرية الشخصيَّة، وألصقوه بالمدنيَّة، ومصدر هذا الخطأ هو ما يَراه الناس بأعينهم من اهتمام الأمم قاطبةً بالمُتَع النَّفسية دون التقيُّد بالآداب التي يحرِّمها العلم الصحيح، ولا شكَّ أنَّ العلم يتَّفِق مع الدين في تحريم الخَمْر، والميسر، والزِّنا، والرِّبا، والمخدِّرات، ولكنَّهم وللأسف الشديد لا يقيمون للعلم وزنًا حين يحرِّم هذه المضارَّ.
واختتم الكاتب مقالاته بالحديث عن "دعوة الإسلام إلى القيام بخلافة الله في الأرض"، وأوضح فيه أنَّ الأمة الإسلاميَّة أمَّةٌ منتدَبةٌ لخلافة الله في الأرض؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165].
وأنهى الأستاذ "وجدي" كتابه بقوله: إذا قام المسلمون بدعوةٍ إلى دِينهم، مؤسَّسةٍ على التَّنويه بهذه الأصول الأوليَّة في الإسلام؛ فإنَّها تؤثِّر في العقول والقلوب بِوَصفين:
أوَّلهما: بِوَصفِ أنَّه دين.
ثانيهما: بوصف أنَّه إصلاحٌ عالَمي عام، فالإسلام كدينٍ لا يَحتاج إلى أكثرَ من أن يُعرَّف التعريفَ الجدير به.
ويتساءل الكاتب: مَن مِن الناس مَن لا يحبُّ أن تعلو كلمة الله في الأرض، وأن يسود الحقُّ فيه سيادةً يسقط معها كلُّ باطل، ويَضْمحلُّ كلُّ زور، وتزول جميع الفروق بين الناس؟
فلْنَعمل مجتَمِعين على بيان هذه الحقائق بكلِّ وسيلة يصل إليها إمكانُنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق