الخميس، 16 سبتمبر 2010

محاور الهدم الثلاثة

محاور الهدم الثلاثة
بقلم فضيلة الشيخ صفوت الشوادفى - رحمه الله -

الحمد لله الذى يهدى من يشاء بفضله ، ويضل من يشاء بعدله والصلاة والسلام على رسوله الذى بلغ ما أنزل إليه من ربه ، وأقام الحجة على خلقه ، وأنذر من خالف أمره ، ولم يتبع النور الذى أنزل معه .. وبعد .
فقد تعجبت كثيراً عندما قرأت - كما قرأ غيري - عدداً من الأخبار التى طالعتنا بها الصحف ! 
فبعد أن تنافست بعض الصحف وبعض المجلات فى الهجوم على اللحية والنقاب لتشويه صورة الإسلام فى نفوس أتباعه وأعدائه !! 
بعد هذا بدأت المرحلة الثانية من تجفيف منابع الإسلام وليس التطرف ! وذلك بالتشكيك فى الكتب والأشرطة الموجودة بالأسواق وذلك تمهيداً لاستبدال الذى هو أدنى بالذي هو خير بإبعاد الثقافة الإسلامية من الميدان ، وإحلال الثقافة العلمانية !! 
وأخذت أبحث عن خيوط هذه الجريمة التى تدبر لشعبنا المسلم فوجدتها تقوم على محاور ثلاثة كلها تعمل فى اتجاه واحد ! يهدف إلى إبعاد الدين عن الحياة ! وليس القضاء على التطرف كما يعلنون !!
 
* والأول من هذه المحاور : الإعلام
وتقوم خطته فى الهدم على تقديم المزيد من الأفلام والمسلسلات الهابطة ، وتقليص مساحة البرامج الدينية الهادفة إلى أقل قدر ممكن ! وتجاهل دور الأزهر تماماً فى الرقابة الشرعية ! مع السماح بنشر الإعلانات ذات الصور العارية والمثيرة جداً فى الشوارع والميادين العامة ! 
والهدف من وراء ذلك : نشر الرذيلة وإشاعة الفاحشة فى الذين آمنوا وقتل الفضيلة فى هذا المجتمع المسلم ! وبذلك يصدق فيهم قول الحق جل وعلا " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " ومحاربة الدين والأخلاق فى وسائل الإعلام قد بات أمراً واضحاً لا يفتقر إلى دليل ولا ينقصه مزيد بيان !!
 
* وأما الثانى من هذه المحاور : الثقافة
وهو من أخطر معاول الهدم ، وتقوم الثقافة المشبوهة التى تقدم للمسلمين بما يسمونه " غسيل المخ " وتعمل هذه الثقافة تحت " شعار التنوير " !!
وقد وقفت طويلاً أمام تصريح فضيلة الشيخ فتح الله جزر بأن سلسلة كتب " التنوير " التى طبعتها وزارة الثقافة من خلال هيئة الكتاب لم تمر على مجمع البحوث الإسلامية وليس مسئولا عن شيء مما نشر بها إلا كتاباً واحداً !!
وعندما رجعت إلى هذه السلسة المشئومة رأيت السبب الذى من أجله تجاهلت الهيئة المصرية للكتاب - وما زالت - دور الأزهر وحقه فى الرقابة الشرعية ، ومصادرة ما يسئ إلى عقيدة وأخلاق وأعراف المسلمين ! فى الوقت الذى يُنادى فيه بضرورة تنقية الكتب التى فى الأسواق مما فيها من تجاوزات ومخالفات ! وكنت أظن أن التنوير يعصم من التطرف والإرهاب فى كل صوره وأنه يخاطب جميع فئات المجتمع وطبقاته ! ولكن خاب الظن وانقلب البصر خاسئاً وهو حسير !!
فإنني قد نظرت فى جانب من كتب التنوير فوجدتها تجعل من هدم الدين غاية تنتهي إليها ، وهدفاً تسهر على تحقيقه !!
* وإليك بعض الأدلة الواردة فى كتب التنوير :
1. أول خطوة للتنوير هى أن يستبدل العقل بالنقل ، وهذا يعنى الخروج من ظلامة النقل إلى استنارة العقل !!
2. ضرورة الشك بوصفه المقدمة الأولى للمعرفة اليقينية ! ولماذا أصبح من يتحدثون باسم الدين - يعنى علماء الأزهر - يحرمون مبدأ الشك ؟ !! هكذا يقول العلمانيون !
3. الدفاع المستميت عن طه حسين فى اعتقاداته الفاسدة والدفاع عن أبى العلاء المعرى فى إلحاده ! والدفاع عن نجيب محفوظ فى " أولاد حارتنا " مع أنه أبدى رغبته فى الآونة الأخيرة فى التراجع عنها والتخلص منها ! ولكن دعاة التنوير يريدون إغراق الأمة فى ظلام دامس !
4. الطعن فى مصادر الشريعة وكتب العلوم الشرعية !!
فهم يشككون فى أحاديث البخارى ومسلم بصفة خاصة ! وغيرهما من كتب السنة بصفة عامة !
ويقولون : إن كثيراً من الروايات قد نسبت إلى الرسول زوراً وكذباً فى هذه الكتب ومنها عند دعاة الظلام : " من بدل دينه فاقتلوه " باطل عندهم ، وحديث " أمرت أن أقاتل الناس .. " عندهم مدسوس وباطل !! مع أنه قد رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائي وابن ماجه والدارمى !! ولكن دعاة التنوير يريدون تجفيف منابع الإسلام من خلال القيام بدور المستشرقين فى الطعن فى مصادر ديننا الصحيحة !!
وقد ذكروا فى كتبهم أحاديث كثيرة فى أعلى درجات الصحة ثم وصفوها بالدس والكذب ! وخرجوا من ذلك بقاعدة جديدة تقول : إن الحكم على الحديث بالقبول أو الرد يكون من خلال عرضه على القرآن وجعلوا ذلك حقاً لكل أحد يستوي فى ذلك العالم الراسخ أو الجاهل المدقع فى جهله كأمثالهم !!
وهم كذلك يشككون فى الكتب المعتبرة المعروفة فيطعنون فى تفسير الطبرى ! وكتاب " أحكام القرآن " لابن العربى ، وكتاب " الناسخ والمنسوخ " للنحاس ! وكتاب " الناسخ والمنسوخ " لهبة الله بن سلامة ! وكتاب " مناهل العرفان " للزرقانى ! وكتاب " زاد المسلم فيما اتفق عليه البخارى ومسلم " وكتاب " فقه السنة " للسيد سابق ! وكتاب " التفسير الواضح " لمحمد محمود حجازي ، وكتاب " الاختيار لتحليل المختار " المقرر فى المعاهد الأزهرية !
وهم كذلك ينكرون الناسخ والمنسوخ فى الكتاب والسنة ويقولون : لا ناسخ ولا منسوخ لأن النسخ سيفضي إلى الإقرار بأن آيات الأمر بالقتال ناسخة وهذا غير سائغ فى عقيدة دعاة التنوير !! وإنكار النسخ يحقق لهم الغاية المنشودة " هدم الدين وقيام العلمانية " !! 
5. الطعن فى علماء الأزهر ورجاله بحيث تنعدم ثقة المجتمع فيهم ، فقد طعنوا فى العلماء بصفة عامة ثم طعنوا فى الإمام الزرقانى والشيخ سيد سابق ، وعلماء مجمع البحوث وإدارة البحوث والتأليف !! ثم قاموا هم بخبث ودهاء بتفسير وتأويل نصوص الكتاب والسنة كما يحلوا لهم !!
وهذا من علامات الساعة أن يوسد الأمر إلى غير أهله ! وأن يكون أدعياء التنوير هم علماء الأمة !!
 
* وأما ثالث المحاور الهدامة فهو التعليم
بعد أن خلا من التربية ، فأصبح تعليماً بغير تربية ، وليته كان تربية بغير تعليم !! وقد اتخذوا لهم شعاراً ينطلقون منه اسمه " التطوير " ! فنحن نتقلب بين التنوير والتطوير ! وقد بدأ هذا التطوير المزعوم بتغيير جوهري للمناهج الدراسية بحيث يدرس الطالب تاريخ الفراعنة الذين لعنهم الله بدلاً من تاريخ الدولة الإسلامية ! ويقرأ فى كتب القراءة الترغيب فى الغناء والموسيقى بدلاً من حياة الصحابة .
وتقوم سياسة التطوير على أن الخمر من الممنوعات وليست من المحرمات !! وقد ذكرت بعض وسائل الإعلام أن لجان التطوير الحقيقية كانت مستوردة وليست محلية مما يعنى أنها من النوع الجيد الذى يحسن الذبح والقتل لكل ما هو إسلامي !!
ولما كان تطوير المناهج الدراسية فى جميع المراحل غير كاف فى تحقيق الهدف الغير معلن قام كبار المسئولين بالوزارة بجهود متتالية فى محاربة النقاب على جميع المستويات ، وأخذوا على عاتقهم القضاء على النقاب وأعوانه !! وإقرار التبرج بجميع ألوانه لأنه يعبر عن الوجه الحضاري لمصر المسلمة !! ولأن الوزارة مختصة بالتعليم فقط ، والنقاب صورة من صور التربية التى لا تدخل فى اختصاص الوزارة ! وفى هذا الإطار تحارب الوزارة اللحية والتدين بصفة عامة بين المدرسين ، وتقوم بتحويل المدرس إلى وظيفة إدارية إذا ثبت تدينه !!
ولا تتدخل الوزارة بأى حال من الأحوال لوضع الحلول اللازمة لمشكلة اعتداء الطلاب على المراقبين بلجان الامتحان آخر العام لأن هذه المشكلة تدخل فى إطار الحريات الشخصية التى أطلقها القانون ولا يمكن أن تسمى " إرهاب الطلاب " وهو نوع جديد من الإرهاب لكنه ليس باسم الدين فلا يحاربه أحد وقد نشرت الصحف - مؤخراً - أن وزير التعليم قد قرر إعدام مليون كتاب وشريط تدعو طلاب المدارس للتطرف !! ونحن نتسائل والعجب يحيط بنا من كل جانب : كيف اكتشف الوزير هذه الكمية الهائلة ؟ وكيف عرف أنها تدعو للتطرف ؟ ولماذا لم يصرح ببعض أسمائها حتى تحذر منها الوزارات والمؤسسات الأخرى ؟ وهل الأشرطة تدعو للفتنة الطائفية مثل ذلك الشريط الذى كان يتحدث عن فتنة القبر !!
لقد همس بعض الظرفاء بهذه العبارة " إعداد مليون كتاب تدعو للتطرف نصفها مصاحف " !!
وبعد ... فهذه محاور هدم ثلاثة ! الإعلام يهدم الأخلاق ويشيع الفاحشة ، ووزارة الثقافة تهدم الدين ! والتعليم يهدم التربية !!
ووسط هذه الفتن التى تحيط بنا كقطع الليل المظلم ينبغى على كل مسلم أن يبحث عن الحق ويسعى إليه ويتمسك به " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وأله وصحبه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق