الأربعاء، 15 أغسطس 2012

أقلامنا الجارحة كالسيف

أقلامنا الجارحة كالسيف

 د. إيمان عبدالحكيم
وإن بَدَت مواهب، وإن حصدت جوائز الكُتاب والأدباء، وإن حازت إعجاب الملايين، فالجُرح النازف من حرف لا تَغفره أبجديات اللغة، ولا تعترف به شهامة الفصاحة العربية.

حتى رؤوس الأقلام، وكأنها أسنَّة الرماح، وكأنها حدود السيوف المسلولة على صفحات الورق، مؤخرًا اتَّسعت مساحات الثقافة بالمجتمع، زاد القرَّاء والكُتاب، والأدباء والمثقفون، حملات واسعة نظَّمتها مؤسسات وأفراد، الثورة غيَّرت كلَّ شيء.


في إحدى مراحل عمري، كانت الكتابة - وهي لا تتعدى كونها تلك الهواية القريبة جدًّا مني - متنفَّسي نحو كل شيء أجمل بالعالم، كنت أتعمد أن أُخفي كل ما أكتب، ثم تدريجيًّا تسرَّبت بعض كتاباتي لمن حولي، وكأن عقدة ما انفكَّت، ثم تابعتُ الكتابة؛ ليقرأ من حولي من المقربين وفقط، وبالرغم من أنني كنتُ أكتب عن كل شيء، وفي كل شيء، فإنني كنت أُفضِّل البقاء في نطاق مَن أعرفهم من المتابعين لوجهة نظرٍ ما زلتُ أعتز بها وإن تغيَّرت.

حتى اشتعلت الحرب بعد الثورة، وسنَّ الجميع سيوفهم، وأخذت الأقلام أماكنها بمعارك الكلمات، وكأنني وجدت الكتابة شيئًا آخر مختلفًا، هي لم تعد ذلك العالم الجمالي الذي يعرض الحقائق بحلوها ومُرها، أصبحت ذلك العالم الهجومي المتطاول، الذي لا يجد لنفسه حدودًا، أصبح من النادر أن أجد كاتبًا أستقر على متابعته؛ لأنه - وبيُسرٍ - يمارس "التطاول اللفظي"، وهو عدوي اللدود على الصفحات، وكانت المُحصلة أن أتنقَّل من كاتب لآخر؛ حتى أجد مبتغاي من الكلمات الواصفة الواقعية التي تحترم حُرمة اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم.

معشر الكُتاب:
أقلامنا الجارحة لا تجد طريقًا إلى الغفران ممن تطولهم، إن أخطأتِ الوصف أو أصابت، تبقى وصمة عارٍ في تاريخنا الكتابي، أقلامنا الجارحة تقتل قِيَمًا، وتُشعل فتنًا، تكتب مستقبلاً مشوَّهًا لحرية الكتابة.

الاختلاف والمعارضة وإبداء الرأي، هي سُنة الكتابة، لكن الأسلوب هو رخصة المرور نحو حضارة أو تخلُّف.

ها أنا ذا قد خرجت من طور المقرَّبين نحو الأبعد؛ لأمارس الكتابة كما تعلَّمتها؛ علَّني أُعيد وضع قالبٍ ببناء قد هدَّمته المعارك، علَّمتني الثورات أن القليل جدًّا يسهم في بناء الأوطان.

بلادنا وعقولنا المفتوحة على مِصراعيها بعد الثورات في طور التشكيل، فرِفقًا بها يا معشر الكُتاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق