الأحد، 28 فبراير 2010

هل انقرضت الابتسامة؟!

هل انقرضت الابتسامة؟! 
 
تركي الدخيل

متى رأيت مسؤولاً مبتسماً في الإدارة التي يرأسها؟ من النادر أن تعثر على هذا النوع من المسؤولين، ما إن تدخل حتى يبادرك بنظرات متسائلة عن السبب من الزيارة؛ وكأنك داخل إلى فناء بيته ينظر إليك من أسفل نظارته، ويكاد يرد السلام باشمئزاز، يقبض على المعاملات بيده، ثم يشرح عليها-إن شرح- بخط سريع، ويحيلك إلى المكاتب المجاورة لمكتبه، وبعدها تدخل في دوامات "وقّع" الورقة هذه، ارجع إلى سعادته أو معاليه لعله "يمشيها" لك.
 
حاولت وأنا أكتب هذا المقال أن أتذكر صور مجموعة من الوزراء والمسؤولين هل هي صور مبتسمة؟ وجدت أن قلة من الوزراء الذين اعتمدوا صوراً مبتسمة. أتذكر مثلاً ابتسامة غازي القصيبي، ابتسامته مشرقة تشعرك بالارتياح وأنت تشاهدها، كما أن الكثير من صوره من دون بشت. لهؤلاء أقول لهم نتمنى أن تبتسموا، وأن تحثوا من دونكم على الابتسامة. علماً أن الابتسامة ليست صعبة، ولها فوائد صحية. يقول العلماء إن الابتسامة أسهل من "التكشير"، عند الابتسامة تتحرك 14 عضلة فقط، بينما إن كشّر سعادته فإن أكثر من 70 عضلة تتحرك وترقص مثل فرقة دبكة شعبية.
ما الضير أن نبتسم في وجوه كل الزوار، كما يفعل أي فلبيني مع أي زبون في أي مقهى. إنها جزء من اللباقة والشهامة وحسن الأخلاق أن تبادر الآخرين بابتسامة تدخل عليهم السرور. ومن فوائد الابتسامة أنها تخفف من ضغط الدم، وتساعد على تعزيز المناعة في الجسم. وتنشط الدورة الدموية، كما تزيد من إفرازات منشطات للقدرة على الاستذكار والحفظ، كما تزيد من صفاء الذهن. ويا صاحب السعادة انقل هذه الابتسامة إلى بيتك أيضاً فقد ذكروا من فوائد الابتسامة أنها تعزز الثقة لدى الأطفال، وتشعرهم بالسعادة والإقبال على الفرح.
قال أبو عبدالله غفر الله له: تحدثت مرة عن الابتسامة لدى موظفي الجوازات الذين هم أول من يقابلهم الآتي إلى السعودية. أما اليوم فإنني أحث المسؤولين والسكرتارية وبقية الموظفين في النسخ أو الأرشيف أو الصادر والوارد، أن يشعيوا ثقافة الابتسامة. بعض الدوائر الحكومية إذا دخلتها كأنك تدخل على كهف موحش، كل موظف تراه وقد تأبط جريدته، تراه يقرأ الأخبار، وفي نهاية الدوام يتعاركون على حل الكلمات المتقاطعة، كما ترى الوجوم على الكثير من الموظفين، باستثناء القهقهة التي تسمعها وأنت في الممرات أثناء مجيء وقت "التميس" حينها ينسون طوابير المواطنين الذين وقفوا على أرجلهم لساعات ينتظرون إنجاز معاملاتهم. ليت كل مسؤول أو موظف يعتني بالابتسامة كما يعتني بخبز "التميس"! 

المصدر :
جريدة الوطن :
الأحد 14 ربيع الأول 1431 ـ 28 فبراير 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق