الاثنين، 7 مايو 2012

نختار رئيسًا .. ولا نختار خليفة

نختار رئيسًا .. ولا نختار خليفة

 عبد الرحمن المراكبي
بعد إعلان الهيئة الشرعيَّة للحقوق والإصلاح تأييدَها للدكتور محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، انهالَت الشتائم والإساءات في شبكات التواصُل الاجتماعي من بعض أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل، ومن بعض السلفيين الرافضين للإخوان المسلمين على الهيئة الشرعيَّة وعلمائها، وتكرَّر الأمر مرة أخرى بعد إعلان الدعوة السلفيَّة بالإسكندرية عن تأييدها للدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح في الانتخابات، واتَّهمهم البعض بالعمالة للمجلس العسكري، وأنهم باعوا دينهم له، وأنهم يُفتِّتون الأصوات؛ تنفيذًا لرغباته!

ومن المعلوم أنَّ قرار كلٍّ من الهيئة الشرعيَّة والدعوة السلفيَّة، كانا نتيجة لِما أفرَزته الشورى؛ طبقًا للمعايير التي اجتَهد كلٌّ منهما في وضْعها، ولكلٍّ منهما مُبرِّراته في الاختيار.

ولا شكَّ أنَّ اتِّفاق التيار الإسلامي على دعْم مرشَّح واحدٍ للرئاسة، كان سيَضمن له النجاح بنسبة كبيرة،
ولكن ما دام الأمر كذلك، فعلينا أن نعلمَ أنَّ مسألة اختيار الرئيس ليستْ من مسائل الإجماع أو الحق والضلال، وأنَّ الكلَّ يَجتهد في اختيار الأصلح من وجهة نظره، فلماذا إذًا يُزايد البعض على قادة التيار الإسلامي؛ سواء في الهيئة الشرعيَّة، أو الدعوة السلفيَّة، أو مجلس شورى العلماء، بل ويتَّهمهم بما ليس فيهم؟!

لقد اختار كلٌّ منهم المرشح الأنسب لهذه المرحلة من وجهة نظره، نعم، كان الأجدر والأولى بهم أن يتَّفقوا، ولكنَّهم لَم يرتكبوا جُرمًا باختلافهم واجتهادهم في الاختيار؛ لذلك على أبناء التيار الإسلامي أن يُحسنوا الظنَّ بعلمائهم الذين قامُوا على تربيتهم وتعليمهم أحكامَ دينهم، وما يُدريكم؛ فلعلَّ الله - عز وجل - قد أرادَ الخير بهذا الاختلاف؛ ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

إنَّ اختيار رئيس الجمهوريَّة أمرٌ سياسي دنيوي بالدرجة الأولى، وإذا كان ديننا الإسلامي يَسمح لنا بالاختلاف في مسائل الفقه الشرعيَّة، فكيف بأمور الدنيا؟!

لماذا يريد كلُّ شخصٍ منَّا أن يَسير الجميعُ خلف رؤيته السياسيَّة، بل ويُخَوِّن كلَّ مَن يُخالف هذه الرؤية؟!

لماذا غاب عنَّا أدبُ الخلاف وفِقهه؟!

لماذا نَطعن في علمائنا، ونَطعن في المرشحين للرئاسة، ونُحقِّر من شأنهم، ونتصيَّد الأخطاء الشخصيَّة السابقة لهم، ونَقتطع كلامهم من سياقه، وننشره بقصْد إسقاطهم والتجريح فيهم؟!

علينا أن نتحلَّى بالأخلاق الكريمة، ونَنزِع الأحقاد والضغائن من قلوبنا، وأن نُرِيَ الله من أنفسنا خيرًا، وألاَّ نتَّهِمَ أحدًا في نواياه؛ فالنوايا لا يَعلمها إلا الله.

علينا أن نعلم أنَّ السبَّ والقذف صفات ليستْ من أخلاق طُلاَّب الشريعة والعاملين بها والداعين إليها.

اللهم وَلِّ علينا خيارَنا، ولا تُوَلِّ علينا شرارنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق