الطريق إلى السعادة الاسرية حق الزوج على زوجته
اعداد : الشيخ جمال عبد الرحمن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد فكما أن للمرأة حقوقًا على زوجها، وقد ذكرناها، فإن للزوج أيضًا حقوقًا على زوجته، فما هي هذه الحقوق؟ طاعة الزوج فعلى الزوجة أن تطيع زوجها فيما أحبت وكرهت، ما دام لم يأمرها بمعصية، وما لم يأمرها بشيء لا تطيقه، فإن أمرها بما يخالف الشرع فلا سمع ولا طاعة قال «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ» البخاري ، ومسلم وقال أيضًا «لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» أحمد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع وقال تعالى لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا البقرة وقال ابن كثير رحمه الله «فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريد منها، مما أباحه الله له منها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك» والطاعة المطلقة لله جل وعلا، أما طاعة المرأة لزوجها فلها حدود، فينبغي للمرأة أن تحافظ عليها، وينبغي للزوج ألا يتعداها، فلا يأمرها بعدم الذهاب إلى أهلها، أو يطلب منها أن تشتري له شيئًا محرمًا كالسجائر مثلاً، أو يطلب منها أن تجهِّز له الشيشة الجوزة أو غير ذلك وينبغي عليها ألا تطيعه إلا في المعروف ألا تمتنع عنه إذا دعاها إلى فراشه وهذه ملحقة أيضًا بطاعة الزوج، ما دامت قادرة على ذلك صحيًّا، وخالية من الموانع كالحيض أو النفاس، وكانت هي وهو في مكان لا تتعرض فيه للإحراج، كأن يكونا ضيوفًا في بيت أهلها مثلاً، فلا داعي للإحراج، فما جعل الله علينا في الدين من حرج، والفاصل في هذا كله تقوى الله جل وعلا عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» البخاري ، ومسلم فعلى الزوجة أن تخشى الله في هذا الأمر، وتحذر وعيده باللعنة في حالة رفضها بغير عذر، حتى لو لم يكن لها رغبة فلا تمنعه إذا رغبها هو، ولا يحق لها أن تعاقب زوجها بمثل هذا الشيء لغضبها عليه، أو لحاجةٍ في نفسها، وكما أسلفنا فتقوى الله من الطرفين واجبة، والحكمة مطلوبة ألا تُدْخِلَ بيتَ زوجها أحدًا يكرهه فلا تُدخل المرأةُ منزلَ زوجها أحدًا يكرهه من الأقارب أو النساء الأجانب؛ لقول النبي «وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ» مسلم ؛ ولما رواه الترمذي وصححه عن عمر بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع فسمع النبي يقول «أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ؛ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ؛ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً» الترمذي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع قال القرطبي فقوله «بفاحشة مبينة» يريد لا يُدخلن من يكرهه أزواجهن ولا يُغضبنهم، وليس المراد بذلك الزنا؛ فإن ذلك محرّم، ويلزم عليه الحد الجامع لأحكام القرآن عدم تمكينها لأجنبي من الخلوة بها فلا يجوز للمرأة أن تمكِّن أحدًا من أن يختلي بها، ما لم يكن مَحْرَمًا أمينًا على عرضها، وخاصة أقاربها وأقارب زوجها الذين ليسوا بمحارم لها؛ لما في ذلك من الريبة والذريعة إلى المنكر، وهذا من أشد ما يتأذى به الزوج من تصرفات زوجته، وخاصة المسلم الغيور الذي يؤذيه عدم صيانة عرضه، وقد حذَّر النبي من ذلك، كما في حديث عقبة بن عامر، رضي الله عنه، أن الرسول قال «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ» البخاري ، ومسلم فتشبيه الحمو بالموت يدل على أن دخوله على النساء أشد خطرًا من غيره؛ لأن الناس يتساهلون في دخوله على نسائهم، وهذا التساهل من أسباب ما قد يجري من المنكر، ولأن دخوله وخروجه عندما يصبح عادة يُؤْلَف؛ فلا يكون مستنكرًا مع خطورته، بخلاف الأجنبي؛ فإن الغالب عدم التساهل في دخوله، والناس ينكرون تردده أن تحافظ على أسرار زوجها والأسرار نوعان هناك سِرّ يجب أن يكون بين الزوج وزوجته، لا يُفشَى أبدًا لا في الحياة ولا بعد الموت، وهذا خاص بالعلاقة الزوجية، قال «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» مسلم ، وهذا السر من أعظم الأسرار، ولا يفشيه إلا حمار وهناك من الأسرار ما يُكتَم لفترة معينة، ولا يُفشَى إلا بإذن الزوج أيضًا، كما لا يجوز للمرأة أن تفشي سرًّا يكون في إفشائه خطورة على زوجها، أو يسبب له حرجًا بين الناس ألا تخرج من بيته إلا بإذنه لقوله «لا يحل لامرأةٍ أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره، ولا تخرج وهو كاره » أخرجه الطبراني قال الهيثمي رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات والحاكم ، وقال صحيح الإسناد وفي سؤال للجنة الدائمة س ما حكم نزول المرأة إلى السوق بدون إذن زوجها؟ج إذا أرادت المرأة الخروج من بيت زوجها؛ فإنها تخبره بالجهة التي تريد الذهاب إليها، ويأذن لها في الخروج إلى ما لا يترتب عليه مفسدة، فهو أدرى بمصالحها؛ لعموم قوله تعالى وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ البقرة ، وقوله تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ النساء أن تحفظ زوجها في غيابه في نفسها وماله لقوله «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك» أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير والديلمي ، رقم فتحفظ المرأة نفسها في غياب زوجها، فلا تخرج من البيت، ولا تبرز بزينة وتبرج، أو تلهو وتعبث، أو تنتهز فرصة غيابه لتستضيف من النساء من هبَّ ودبَّ لتكثير المجالس النسائية، ويكثر الكلام، والقيل والقال، وتناقل الأفكار التي يتعب منها الزوج ويحار، كذلك ينبغي أن تحفظ زوجها في ماله، فلا تُقرض منه أحدًا إلا بإذنه، ولا تأخذ هي لنفسها منه إلا بإذنه، ويستثنى فقط ما إذا كان الزوج شحيحًا، لا يقوم بالنفقة عليها، ولا على أولاده كما ينبغي، فهنا تأخذ من ماله ما يكفيها وعيالها بالمعروف؛ وذلك لما روت عَائِشَةُ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ فَقَالَ «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» البخاري ألا تصوم صوم التطوع إلا بإذنه إن خدمة المرأة زوجها، وقيامها بقضاء حاجاته أولى من قيامها بأداء بعض العبادات تطوعًا، كالصوم والحج ونحوهما، وقد دل على ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ» البخاري ، ومسلم ألا تُرهق زوجها بالإكثار من النفقات فالمرأة مأمورة أن تكون رفيقة متواضعة، تراعي حال زوجها وقدرته المالية، فلا تكلِّفه ما ليس عنده، ولا تضطره إلى مدّ يده للناس يستدين ويقترض، وهي لا تبالي، وإن المرأة التي ترضى لزوجها أن يعيش مدينًا حتى يموت مدينًا لا خير فيها ولا بركة، وفعلها لؤم، وفألها شؤم وقد وصف النبي أفضل النساء بما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ» البخاري ، ومسلم أن تكون نظيفة في ملبسها وهيئتها، وزينتها ما دامت قادرة على ذلك، حتى إذا رآها علاه السرور، وأخذته النشوة؛ لحديث النبي «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك» أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير ، والديلمي ، رقم كذلك ينبغي أن تكون منظفة لبيتها، مهتمة بأولادها، فذلك دليل على نظافتها، وسلامة ذوقها، وكل هذا يسر زوجها إذا نظر إليها، فتكون بذلك من خير النساء، كما ذكر النبي وما أعظم ما أوصت به أمامة بنت الحارث ابنتها في شأن النظافة أمام زوجها فقد قالت لها «عليك بالتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يَشُمَنَّ منك إلا أطيب ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود» وصدقت والله، فإن الكحل أقوى الزينات، وهو أفضل من التزييف بالدهانات والأصباغ والدوكو كما أن المرأة إذا لم تجد ما يطيِّب رائحتها عند زوجها من العطور ومزيلات العرق لفقرها أو لغيره، فلا أقل من أن تجعل الماء مزيلاً طبيعيًا للعرق ورائحته، وحينئذٍ فهو أطيب الطيب أن تسترضيه إذا غضب فعن أنس بن مالك عن النبي قال «ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟» قالوا بلى يا رسول الله، قال «النبي في الجنة، والصدِّيق في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا لله عز وجل، في الجنة» قال «ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود، التي إذا ظلمت قالت هذه يدي في يدك لا أذوق غمضًا حتى ترضى» الطبراني في الأوسط رقم ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ولتحذر الزوجة ما رواه أبو أمامة عن رسول الله «ثَلاَثَةٌ لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ رُءُوسَهُمْ رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا سَاخِطٌ عَلَيْهَا، وَمَمْلُوكٌ فَرَّ مِنْ مَوْلاَهُ» البيهقي رقم أن تعترف بجميله، ولا تجحد إحسانه إن ما يقوم به الزوج من اكتساب الرزق، وما يعانيه من الإنفاق على الأسرة، وتحمُّل مسئوليتها، وكفاية المرأة في كثير من الأمور التي لو غاب عنها لأرهقتها وكلفتها شططًا، وكذلك ما يقدمه من الإحسان لامرأته لجدير أن يقابَل بالشكر، والاعتراف بالنعمة؛ لأن جحودها يُشعِر الزوج بأنه وضع هذه النعمة في غير موضعها، وأعطاها لمن لا يستحقها، فيتحطم أمله في أن تثمر تلك النعمة، أو يؤثر ذلك الإحسان، ولهذا حذر النبي النساء بوعيد شديد على كفرهن النعمة والإحسان، قال «أُرِيتُ النَّارَ، فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» البخاري أن تعترف بقوامته عليها وتخضع لرئاسته لها لقد منح الله تعالى الرجل رئاسة الأسرة وتوجيهها العام؛ لأنه أقدر على ذلك من المرأة، وله هيبة أمام بقية الأسرة، فهو الذي ينفق ويتحمل مسئوليات الدخل والإنفاق، ويضطلع بمسئوليات الأسرة والمنزل بكاملة، قال تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ النساء ، وليس المعنى أن يكون الرجل متسلطًا ولا المرأة مقهورة، وإنما المقصود توزيع الأدوار والمسئوليات، فيعرف كل طرفٍ ما عليه، ويقوم كل منهما بدوره؛ لتصبّ هذه الأدوار مجتمعة متعاونة في مصلحة الأسرة، والنهوض بالعملية التربوية أما التنافس، والتصادم، والتعالي، وضياع الأدوار، وعدم تحديد المسئوليات؛ فيؤدي إلى التصدع والنفور، والفوضى والاضطراب؛ هذا إذا كان التنافس على الرياسة فقط، مع الاتفاق في باقي الاتجاهات؛ فأما إذا كان التنافس والاختلاف في جميع الاتجاهات، فأنذر بالخراب العاجل أن تُحسن استقباله عند قدومه من خارج البيت فلا تفاجئه بما يُحزِنه من الأخبار، فلعله آتى مهمومًا من عمله، أو حدث له شيء أساء إليه فينبغي لها أن تستقبله ببشاشة وحنان، وأن تواسيه في مصائبه ومشكلاته، وتوفر له الراحة والهدوء في بيته، والمودة والرحمة، كما فعلت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها مع النبي منذ بدء نزول الوحي حتى ماتت رضي الله عنها وكذلك فعلت أم سليم زوجة أبي طلحة، فقد مات ولده، وأخفت ذلك عنه، وتزينت له، وجهزت له عشاءه، ثم ساقت له الخبر بطريقة إيمانية ذكية، أدهشته وهوَّنت عليه مصيبته تربية أولاده تربية إسلامية والقيام على شئون أهل بيت زوجها لا شك أن أوجب رعاية وأهمها هي رعاية التربية الإيمانية والسلوكية التي جاء بها القرآن والسنة المطهرة، وسيرة خير الورى ، ويتبع ذلك الرعاية الجسمية، والصحية والغذائية، والنظافة، وغير ذلك ويدخل في ذلك أن تساعده في تربية أولاده من غيرها إذا ماتت أمهم أو طُلِّقت؛ وهم في سنٍّ يحتاجون فيها إلى الرعاية، وكذلك إخوانه وأخواته الصغار إذا كانوا بلا أمّ، وقد دلّ على ذلك كله حديث عمر رضي الله عنه قال «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ» البخاري ، ومسلم كما يدخل في ذلك بعض أقاربه الذين يجب أن يسعى هو على رعايتهم، كأمه العجوز وأبيه، ومما يدل على ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه أن النبي قال له «تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ؟ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْ قَالَ خَيْرًا» البخاري نعم، لا يجب عليها القيام بشئون أبنائه من غيرها، أو ببعض أقاربه، إلا إذا اشترط عليها ذلك وقبلت، ولكن ينبغي عليها أن تقوم بذلك طواعية واختيارًا؛ فإن لها في نساء أصحاب رسول الله قدوة حسنة في الصبر على خدمة أزواجهن منزلة الزوج ومكانته عند الزوجة في الإسلام من المفترض أن منزلة الزوج عند زوجته عالية، وحقه عليها عظيم، وقد قال النبي «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» الترمذي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع وفي رواية «لاَ يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا؛ مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا» أحمد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع وعن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله ، أيّ الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال «زوجها»، قلت فأي الناس أعظم حقًّا على الرجل؟ قال «أمه» النسائي في الكبرى ، رقم ولما نُعي إلى حمنة بنت جحش أخوها الذي قُتل في أُحُد؛ فاسترجعت واستغفرت «أي قالت إنا لله وإنا إليه راجعون»، ثم نُعي إليها خالها حمزة بن عبد المطلب، فاسترجعت واستغفرت، ثم لما نعي إليها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت، «أي أحدثت صوتًا متتابعًا بالويل والاستغاثة» فقال رسول الله «إن زوج المرأة منها لبمكان» سيرة ابن هشام والآن وبعد أن بيَّنّا حق المرأة على زوجها، وحق الزوج على امرأته؛ نقول إذا سار كل منهما على الطريق الذي حدّده له الإسلام، وأدى ما عليه من واجبات، مستصحبًا في ذلك كله تقوى الله جل وعلا؛ فإن كل طرف سيجبر الطرف الآخر على احترامه، وأداء حقوقه كاملة، غير منقوصة لكن الشيطان الرجيم لا يترك الطرفين يهنآن بالسعادة، ويجتهدان في العبادة، فيدخل في لحظة غفلة، أو جهالة من غضب أو شهوة، أو نقص عقل أو ضعف دين، فيوسوس ويحرِّش، ويزين ويشين، وينفث وينفخ، ويجلب عليهم بخيله ورجله، ويعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا فتقع المرأة في المخالفات، ويتجاوز الرجل في بعض الحالات، فتسوء العلاقة، وتُضرَب المرأة، وتفسد العِشْرة ويدب التصدع في البيت المصون وإنا لله وإنا إليه راجعون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق