فتاوى حول حكم استخدام جوزة الطيب
فتوى فضيلة الشيخ عطية صقر .
السؤال :
يقول بعض الناس : إن جوزة الطيب ليست حراما لأن الحكومة لا تمنع بيعها وتداولها. كما تمنع بيع الحشيش والمخدرات الأخرى، فهل هذا صحيح ؟
الجواب :
مبدئيا نقول : إن عمل أى إنسان بعد عصر التشريع لا يعتبر دليلا على الحكم الشرعى . وعصر التشريع هو المشار إليه بالحديث " عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين " رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان والترمذى وقال : حسن صحيح . وكثير من الحكومات فى البلاد الإسلامية تبيح إنتاج الخمر وبيعها وتعاطيها فى الوقت الذى تحرم فيه الحشيش والمخدرات الأخرى ، وذلك لاعتبارات لا مجال لذكرها الآن .
وقد مر فى ص 305 - 309 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى بيان حكم المخدرات ، وابن حجر الهيتمى المتوفى سنة 974 هجرية تحدث فى كتابه " الزواجر عن اقتراف الكبائر " فى الجزء الأول منه "ص 212 " عات الحشيش والأفيون والبنج وجوزة الطيب وأشار إلى أن القات الذى يزرع باليمن ألَّف فيه كتابا عندما أرسل أهل اليمن إليه ثلاثة كتب ، منها اثنان فى تحريمه وواحد فى حله ، وحذَّر منه ولم يجزم وقال عن جوزة الطيب :
عندما حدث نزاع فيها بين أهل الحرمين ومصر واختلفتما الآراء فى حلها وحرمتها طرح هذا السؤال : هل قال أحد من الأئمة أو مقلِّديهم بتحريم أكل جوزة الطيب ؟ ومحصل الجواب ، كما صرح به شيخ الإسلام ابن دقيق العيد، أنها مسكرة، وبالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة عليها ، وقد وافق المالكية والشافعية والحنابلة على أنها مسكرة فتدخل تحت النص العام "كل مسكر خمر وكل خمر حرام " والحنفية على أنها إما مسكرة وإما مخدرة .
وكل ذلك إفساد للعقل ، فهى حرام على كل حال انظر كتيب "المخدرات " لمحمد عبد المقصود ص 9وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيذِ التَّمْرِ ؛ وَالزَّبِيبِ وَالْمِزْرِ " وَالسَّوِيقَةِ " الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ الْجَزَرِ وَاَلَّذِي يُعْمَلُ مِنْ الْعِنَبِ " يُسَمَّى " النَّصُوحَ " : هَلْ هُوَ حَلَالٌ ؟ وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ فَهُوَ خَمْرٌ فَهُوَ حَرَامٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى : { أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَرَابٍ يُصْنَعُ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ وَشَرَابٍ يُصْنَعُ مِنْ الْعَسَلِ يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ فَقَالَ : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ } وَفِي لَفْظِ الصَّحِيحِ : { كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ؛ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ } وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ } وَقَدْ صَحَّحَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَصِيرَ الْعِنَبِ النَّيْءِ إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزُّبْدِ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ الَّتِي تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَتُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ . وَكُلُّ مَا كَانَتْ فِيهِ هَذِهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَهُوَ خَمْرٌ مِنْ أَيِّ مَادَّةٍ كَانَ : مِنْ الْحُبُوبِ ؛ وَالثِّمَارِ ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَسَوَاءٌ كَانَ نَيْئًا أَوْ مَطْبُوخًا ؛ لَكِنَّهُ إذَا طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ لَمْ يَبْقَ مُسْكِرًا ؛ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ أَفَاوِيهُ أَوْ نَوْعٌ آخَرُ . وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ { أَنَّ كُلَّ مَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ } وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمْ وَهَذَا الْمُسْكِرُ يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى شَارِبِهِ وَهُوَ نَجِسٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ . وَكَذَلِكَ " الْحَشِيشَةُ " الْمُسْكِرَةُ يَجِبُ فِيهَا الْحَدُّ ؛ وَهِيَ نَجِسَةٌ فِي أَصَحِّ الْوُجُوهِ ؛ وَقَدْ قِيلَ : إنَّهَا طَاهِرَةٌ . وَقِيلَ : يُفَرَّقُ بَيْنَ يَابِسِهَا وَمَائِعِهَا : وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِأَنَّهَا تُسْكِرُ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْخَمْرِ النَّيْءِ ؛ بِخِلَافِ مَا لَا يُسْكِرُ بَلْ يُغَيِّبُ الْعَقْلَ كَالْبَنْجِ ؛ أَوْ يُسْكِرُ بَعْدَ الِاسْتِحَالَةِ كَجَوْزَةِ الطِّيبِ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنَجِسِ . وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْحَشِيشَةَ لَا تُسْكِرُ وَإِنَّمَا تُغَيِّبُ الْعَقْلَ بِلَا لَذَّةٍ فَلَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ أَمْرِهَا ؛ فَإِنَّهُ لَوْلَا مَا فِيهَا مِنْ اللَّذَّةِ لَمْ يَتَنَاوَلُوهَا وَلَا أَكَلُوهَا ؛ بِخِلَافِ الْبَنْجِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا لَذَّةَ فِيهِ . وَالشَّارِعُ فَرَّقَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ بَيْنَ مَا تَشْتَهِيهِ النُّفُوسُ وَمَا لَا تَشْتَهِيهِ فَمَا لَا تَشْتَهِيهِ النُّفُوسُ كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ اُكْتُفِيَ فِيهِ بِالزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ ؛ فَجَعَلَ الْعُقُوبَةَ فِيهِ التَّعْزِيزُ . وَأَمَّا مَا تَشْتَهِيهِ النُّفُوسُ فَجَعَلَ فِيهِ مَعَ الزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ زَاجِرًا طَبِيعِيًّا وَهُوَ الْحَدُّ . " وَالْحَشِيشَةُ " مِنْ هَذَا الْبَابِ .
وفي الفتاوى الكبرى في باب الاشربة والمخدرات
فِي الْحَقِيقَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ فِيهَا تَخْدِيرًا ، أَوْ إسْكَارًا فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ إجْمَاعًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي الْوَاقِعِ فَالْقَائِلُونَ بِالْحِلِّ اعْتَمَدُوا الْمُخْبِرِينَ بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهَا بِوَجْهٍ وَالْقَائِلُونَ بِالْحُرْمَةِ اعْتَمَدُوا الْمُخْبِرِينَ بِأَنَّ فِيهَا ضَرَرًا وَأَنْتَ إذَا رَاعَيْت الْقَوَاعِدَ لَمْ يَجُزْ لَك أَنْ تَعْتَمِدَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ وَتُعْرِضَ عَنْ الْآخَرِ إلَّا إذَا ثَبَتَ عِنْدَك مُرَجِّحٌ آخَرُ مِنْ نَحْوِ وُجُوهِ التَّجْرِبَةِ وَشُرُوطِهَا السَّابِقَةِ أَوْ عَدَدِ التَّوَاتُرِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ نَظْفَرْ بِذَلِكَ فَلِذَا وَجَبَ عَلَيْنَا التَّوَقُّفُ فِي حَقِيقَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَأَنْ نَقُولَ مَتَى أَنْ ثَبَتَ أَنَّ فِيهَا وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ جَوْزَةِ الطِّيبِ ، أَوْ الْحَشِيشَةِ الْمَعْرُوفَةِ حُرِّمَتْ وَإِلَّا فَلَا .
وفي فتاوى الشبكة الاسلامية
رقم الفتوى 16440 فتوى ابن حجر الهيتمي في (جوزة الطيب)
تاريخ الفتوى : 26 صفر 1423
السؤال
ما حكم جوزة الطيب(وضعها مع الطعام)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أفتى في جوزة الطيب ابن حجر الهيتمي بما لا مزيد عليه، ونحن ننقل لك نص السؤال والجواب تكميلاً للفائدة.
يقول ابن حجر في الفتاوى الفقهية الكبرى: أما جوزة الطيب فقد استفتيت عنها قديما وقد كان وقع فيها نزاع بين أهل الحرمين وظفرت فيها بما لم يظفروا به، فإن جمعاً من مشايخنا وغيرهم اختلفوا فيها، وكلٌ لم يُبْدِ ما قاله فيها إلا على جهة البحث لا النقل، ولما عرض عليَّ السؤال أجبت فيها بالنقل وأيدته وتعرضت فيه للرد على بعض الأكابر فتأمل ذلك فإنه مهم.
وصورة السؤال هل قال أحد الأئمة، أو مقلديهم بتحريم أكل جوزة الطيب، أو لا؟ وهل يجوز لبعض طلبة العلم الأخذ بتحريم أكلها؛ وإن لم يطلع في التحريم على نقلٍ لأحد من العلماء المعتبرين؟ ! فإن قلتم: نعم، فهل يجب الانقياد والامتثال لفتياه أم لا؟ فأجبت بقولي الذي صرح به الإمام المجتهد شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: أنها مسكرة، ونقله عنه المتأخرون من الشافعية والمالكية واعتمدوه وناهيك بذلك، بل بالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة على الجوزة المذكورة، وذلك أنه لما حكى عن القرافي نقلاً عن بعض فقهاء عصره أنه فرق في إنكاره الحشيشة بين كونها ورقاً أخضر فلا إسكار فيها بخلافها بعد التحميص فإنها تسكر.
قال: والصواب أنه لا فرق، لأنها ملحقة بجوزة الطيب والزعفران والعنبر والأفيون والشيكران بفتح الشين المعجمة وهو البنج وهو من المخدرات المسكرات، ذكر ذلك ابن القسطلاني في تكريم المعيشة.انتهى.
فتأمل تعبيره: والصواب جعله الحشيشة التي أجمع العلماء على تحريمها لإسكارها وتخديرها مقيسة على الجوزة، تعلم أنه لا مرية في تحريم الجوزة لإسكارها أو تخديرها. وقد وافق المالكية والشافعية على إسكارها الحنابلة بنص إمام متأخريهم ابن تيمية وتبعوه على أنها مسكرة.
والله أعلم.
وفي فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم
ومن حكمة الله ورحمته أنه أحل لنا الطيبات وكل ما منفعته خالصة أو راجحة وحرم علينا الخبائث وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة ، قال الله تعالى : { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } (1) فحرم تعالى الخمر والميسر وما فيهما من المنافع ، وقال { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } (2) .
وفي الحديث الذر رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه صحيح ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر) قال العلماء (المفتر) كلما يدرك الفتور في البدن ، والخدر في الأطراف . وهذا القات لو فقرضنا أن فيه بعض النفع فإن ما فيه من المضار والمفاسد المتحققة تربو وتزيد على ما فيه من النفع أضعافاً مضاعفة .
ولهذا جزم بتحريمه جملة من العلماء الذين عرفوا خواصه ، واستدل كل منهم على تحريمه بما ظهر له . فمن جملة من نهى عنه وحذر عنه وأفتى بمنعه الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي وقاسه على الحشيشة وجوزة الطيب ، وعد استعمال ذلك من كبائر الذنوب كما ذكره في الكبيرة السبعين بعد المائة في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) في كتاب الأطعمة ، ثم إنه صنف فيه رسالة مستقلة سماها : ( تحذير الثقات ، من استعمال الكفته والقات) وقال : إن ورد عليه بمكة المشرفة ثلاث رسائل من علماء صنعاء وزبيد اثنتان بتحريمه وواحدة بتحليله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق