الاثنين، 15 نوفمبر 2010

من أعمال البر يوم النحر : صلاة العيد والأضحية

من أعمال البر يوم النحر : صلاة العيد والأضحية
اعداد: سعيد عامر
أمين عام لجنة الفتوى بالأزهر الشريف 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال  خرج النبي   يوم أضحى فصلى العيد، ثم أقبل بوجهه، وقال  «إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع فننحر، فمن صلى صلاتنا ونسك نسكنا؛ فقد أصاب النُّسُك، ومن نسك قبل الصلاة؛ فإنما هو لحم عجَّله لأهله ليس من النسك في شيء»
وفي رواية  «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فلا يذبح حتى ينصرف»   البخاري     
أولاً : صلاة العيد   
الأعياد ظاهرة اجتماعية بشرية، تُعبر فيها المجتمعات عن سرورها، والأعياد في كثير من الأمم والشعوب مجال خصب للهو المشين، والعبث المريب، فمظاهر الفرح فيها تداعٍ إلى الشراب إلى المنتديات الماجنة التي تستنزف العقول والأموال
والإسلام وهو دين الله للإنسانية بأسرها، أقر فكرة الأعياد كظاهرة اجتماعية، فجعل للمسلمين عيدين اثنين؛ ابتهاجًا بالنعمة، وإظهارًا للفرحة عن أنس رضي الله عنه قال  قدم النبي   المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال  «ما هذان اليومان؟» قالوا  كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال    «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا  يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ»   أبو داود      وصححه الألباني 
إن النبي   لم يرضَ أن يترك المسلمين يحتفلون بأيامٍ كانوا يحتفلون بها في الجاهلية قبل الإسلام، بل جعل لهم عيدين، شاء الله أن يرتبطا بعبادتين عظيمتين من أهم العبادات في الإسلام وهما
عيد الفطر  بعد أن ينتهي المسلمون من عبادة الصوم في شهر رمضان المعظم
عيد الأضحى  بعد أن يؤدي الحجاج أهم ركن في عبادة الحج، وهو الوقوف بعرفة؛ حيث يفرحون، ويفرح أهلوهم بما أدوا من عبادة في أطهر بقعة وأقدسها، وبهذين العيدين توحدت أعياد العرب وأعياد المسلمين عامة
في عيد الأضحى يلتقي المسلمون على مائدة الرحمن، فهو لذلك يوم أكل وشرب وتمتع بالطيبات التي أحلها الله وفيه ذكر وتكبير لله تعالى
أ  التكبير في عيد الأضحى
يبدأ وقت التكبير في الأضحى من فجر عرفة، ويمتد إلى العصر من آخر أيام التشريق الثلاثة التي تلي يوم العيد، قال الله تعالى   وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ البقر، ويستحب التكبير في كل وقت من هذه الأيام، سواء أكان قبل الصلاة أم بعدها، أو في الطريق العام، أو في المجالس الخاصة؛ لأن التكبير هو شعار هذه الأيام، ورمز بهجتها وجمالها، وما أروع أن نملأ الكون كله بتكبير الله، وصيغته يعرفها المسلمون جميعًا، وهي كما وردت عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وغيرهما  الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، أو  الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد  وبذلك يخشع الكون كله، إجلالاً لله عز وجل
ب  سنن العيد
يستحب الغسل والطيب، ولبس أجمل الثياب، فقد كان النبي   يلبس بردة حبرة في كل عيد  معرفة السنن والآثار للبيهقي، وحبرة  نوع من برود اليمن
ويسن الأكل يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة، وتأخير ذلك في عيد الأضحى، حتى يرجع من المصلى، فيأكل من أضحيته
أداء صلاة العيدين في الخلاء، أي في مكان فضاء، ما لم يكن هناك عذر كمطر ونحوه
جـ  كيفية صلاة العيد
من السنة أن تكون الخطبة بعد صلاة العيد، خلافًا للجمعة، والصلاة في ذلك اليوم هي الأمر الأهم، وما سواها من الخطبة والنحر والذكر وغير ذلك من أعمال البر يوم النحر، فبطريق التبع
وصلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة، وهي تؤدى في الجماعة، ويؤمر الناس بالاجتماع فيها، ويشهدها النساء، حتى الحيض يشهدنها، ويعتزلن الصلاة؛ رغبة في شهود الخير، لا فرق بين البكر والثيب، والشابة والعجوز، غير متبرجات بزينة
وصلاة العيد ركعتان لا يصلى قبلهما ولا بعدهما، يكبر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبعًا، وفي الثانية بعد تكبيرة الانتقال خمسًا، يرفع اليدين في كل تكبيرة، يقرأ بعد الفاتحة الأولى  ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ   ق    ، وفي الثانية   اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ   القمر    ، أو يقرأ بعد الفاتحة في الأولى   سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى   الأعلى    ، والثانية   هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ   الغاشية    
ويسن أن يأتي من طريق ويرجع من آخر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال  كان رسول الله   إذا خرج إلى العيد؛ رجع في غير الطريق الذي أخذ فيه   ابن ماجه      وصححه الألباني 
وقد ندب الإسلام إلى البر لتكامل مظاهر التكافل الاجتماعي في الأعياد ماديًا وخلقيًا، فسن زكاة الفطر قبل عيد الفطر للفقراء سدًّا لعوزهم ودعوة للمشاركة في السرور به
كما ندب إلى مشاركة الفقراء في الأضحية في عيد الأضحى؛ ليستمتع بفضل الله ونعمه المسلمون جميعًا، حتى لا يكون في مجتمعهم من يعضه ألم الجوع، وبهذا يسود الحب والإيثار، وتصبح الأعياد أعيادًا اجتماعية يشترك في الابتهاج بها الأغنياء والفقراء، فلتتحد أعياد المسلمين؛ لتعم الفرحة الشاملة العالم الإسلامي كله
 ثانيًا  : الأضحية   
أ  تعريفها  هي ما يُذبح من النعم يوم النحر وأيام التشريق تقربًا إلى الله تعالى، وقد أجمع العلماء على مشروعيتها بالكتاب والسنة، قال الله تعالى   فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ   الكوثر    
وعن أنس رضي الله عنه قال  ضحى رسول الله   بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وكبر ووضع رجله على صفاحهما  متفق عليه
ب  فضل الأضحية
الأضحية شكر لله تعالى على نعمة الحياة، وتخليدٌ لذكرى فداء رب العالمين لإسماعيل عليه السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق