الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

أخلاقيات التعامل الاقتصادي في الإسلام

أخلاقيات التعامل الاقتصادي في الإسلام
إعداد أ / زيد بن محمد الرماني
محاضر بعمادة البحث العلمي وحدة بحوث الاقتصاد الإسلامي - جامعة الإمام ‏محمد بن سعود الإسلامية ‏
إن أحكام الشريعة الإسلامية في مختلف مرافق الحياة البشرية مرتبط بعضها ‏ببعض ، حيث تشكل وحدة متكاملة ، تنبثق عن أصل واحد هو العقيدة الإسلامية ‏‏.‏وبهذا يتبين لنا أن أحكام الاقتصاد الإسلامي متصلة بالأخلاق الإسلامية اتصالاً ‏عضويًّا ، وبالمثل فإن الأخلاق لا تنفك عن عقيدة التوحيد .‏ومن هنا نلاحظ أن أوجه ارتباط الأخلاق الإسلامية بالاقتصاد يتجلى في ذلك ‏التلاحم ما بينها وبين دعائم الاقتصاد وأهدافه .‏ويتضح ذلك من خلال عرض نماذج من التعاملات الاقتصادية في الإسلام ، ‏والأخلاقيات التي ينبغي الأخذ بها ، من مثل :‏‏
1- التسامح والتساهل :
من أخلاق الإسلام التسامح بوجه عام ، والتسامح في ‏المعاملات الاقتصادية بوجه خاص ، ويتمثل هذا التسامح في أمور متعددة منها ‏‏:
‏أ - السماحة في البيع والشراء والمطالبة بالدين ، قال عليه الصلاة والسلام : ( ‏رحم الله سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى … ) . رواه البخاري .‏
ب - إنظار المدين المُعْسر ، عملاً بقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ‏مَيْسَرَةٍ ) [ البقرة : 280] .
‏جـ - إقالة العقد ؛ أي الاستجابة إلى فسخه إذا رغب المشتري ذلك لظهور عدم ‏احتياجه إلى المعقود عليه مثلاً ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( من أقال مسلمًا أقال ‏الله عثرته) . رواه أبو داود .‏‏
2- الصدق والأمانة :
وهما صفتان من صفات المؤمن بوجه عام ، ومن صفات الذي ‏يعمل في الميدان الاقتصادي بوجه خاص ، ولا يخفى ما لهاتين الصفتين من جلب العملاء على المتحلي بهما ، وغرس الثقة به في نفوس المتعاملين معه ؛ ‏ولذلك امتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتصادي ورجل الأعمال الذي ‏يتصف بهاتين الصفتين ، فقال صلى الله عليه وسلم : (التاجر الأمين الصادق ‏مع النبيين والصديقين والشهداء ) . رواه الترمذي .
‏‏3- عدم الحلف :
الأصل أن الأيمان شُرعت لإنهاء الخصومات بتأكيد وقوع تصرف‏أو نفيه ، ولا يجوز الحلف في غير هذه المواطن ، وبناء على ذلك فليس الحلف ‏أداة للكسب ، وترويج البضائع وإقناع المشتري بها ، ولذلك قال صلى الله عليه ‏وسلم : ( إياكم وكثرة الحلف في البيع ، فإنه يُنفق ثم يمحق ) . رواه مسلم .‏‏
4- إتقان العمل :
ربى الإسلام أتباعه على إتقان العمل والإخلاص فيه ، حتى ‏أصبح الإتقان خُلُقًا من أخلاق المسلم ، حيث يقول صلى الله عليه وسلم : ( إن ‏الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) (1) . رواه البيهقي .
ولا يخفى ما في ‏الإتقان للأعمال من تقدم اقتصادي .‏‏
5- النصيحة :
أفاضت السنة النبوية في بيان ضرورة أن ينصح المسلم أخاه ، ويبين ‏له ما يراه عند إتمام الصفقة ، وفي كل الأمور ، من عَيْب أو مزية ، من كساد أو ‏رواج ، حتى تنبني المعاملات والعلاقات على أسس ثابتة سليمة ، معيارها ‏معرفة الحقيقة وإعمال الفكر وبلوغ الاختيار غايته والوصول إلى حقيقة الرضا ‏‏.‏وبهذا العرض يتبين لنا مدى ارتباط الاقتصاد بالأخلاق الإسلامية ، وهذا عكس ما ‏فعلته الاقتصاديات الوضعية ، حيث جردت الاقتصاد من الأخلاق ، بحجة أن ‏التعامل الاقتصادي تعامل مادي محكوم بنظم وقواعد تحدده وتفرضه على الجميع ‏‏، فلا علاقة للاقتصاد بالأخلاق ، وإنما صلة الأخلاق يجب أن تتوافر بين الأفراد في ‏صلاتهم الاجتماعية .‏وهذه الفلسفة الفكرية القائمة على الفصل بين الأخلاق وبين الاقتصاد في الفكر ‏الوضعي ، بدت تهتز أركانها على أيدي بعض المفكرين الاقتصاديين ، حيث ‏بدأت أصواتهم ترتفع مطالبة بوجوب إخضاع الاقتصاد إلى المعايير والأحكام والمثل ‏الأخلاقية .
‏والله ولي التوفيق .‏
(1) صححه الألباني في ( السلسلة الصحيحة ) : ( 1113) .‏
المصدر :
مجلة التوحيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق