الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

تابع أسس ودعائم الحكم فى الدولة الإسلامية - ثالثاً : الشورى

تابع أسس ودعائم الحكم فى الدولة الإسلامية

ثالثاً : الشورى
الشورى أساس متين من أسس الحكم فى دولة الإسلام أرشدنا القرآن إليها ، وأمر بها وأوجبها وجعلها سمة لجماعة المؤمنين ، ومنهج حياة " لِلَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُـمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ " ( الشورى : 36 – 39 ) .
وحين خرج النبى صلى الله عليه وسلم من المدينة للقاء المشركين فى غزوة أحد ، وذلك بناءً على مشورة أكثر أصحابه ، ثم كانت الهزيمة ، ونزلت آيات القرآن بإيجاب المشاورة حتى لا يظن البعض أنها كانت من أسباب الهزيمة ، فيكون ذلك ذريعة لنبذها " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " ( آل عمران 159 ) .
وقد حفلت السنة النبوية بكثير من النصوص التى تحث على التزام منهج الشورى قولاً وعملاً على كل المستويات وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل فى ذلك حتى ليقول عنه بعض أصحابه : (1) ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى .
فالشورى ضرورة من ضرورات الحياة لا يستغنى عنها مسلم ولا يبخل بها مسلم ، فالمستشار مؤتمن لا بفضى لأخيه سراً ، ولكن يدله على سبيل الرشد " إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه " (2) . 
" من استشاره أخوه فأشار عليه بغير رشد فقد خانه " (3) .
والشورى بركة ، فما شقى قط عبدٌ بمشورة ، وما سعد باستغناء رأى ، وما خاب من استخار ولا ندم من استشار . 
والمرأة تستشار ، وقد أشارت السيدة أم سلمة على النبى صلى الله عليه وسلم فى صلح الحديبية (4) ، وأهم ما تستشار فيه المرأة أمر زواجها ، فالبكر تستأمر والثيب تشاور (5) . 
و لا يجوز أن يولى على المسلمين والٍ أو يستخلف خليفة بغير مشورة ، وفى الحديث " لو كنت مؤمراً " – وفى رواية – مستخلفاً أحداً من غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد " (6) . 
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع المشاورة فى أمره كله ، وكان يكثر أن يقول : " أشيروا علىّ أيها الناس واستشار أصحابه فى بدر قبل القتال " ، وشاورهم فى مصير الأسرى ، واستشارهم قبل الخروج فى غزوة الخندق ، وشاور علياً وأسامة فى حادثة الإفك ، ولو تتبعنا حوادث الشورى فى عصره لطال بنا المقام . 
وقد اتسع مجال العمل بالشورى فى عهد الخلفاء الراشدين وذلك لظهور حوادث لم تكن تعرف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اختيار خليفة المسلمين وحاكمهم .
ومن المأثور عندهم فى ذلك " من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا يتابع ولا الذى بايعه تغرة أن يقتلا " (7) . 
وكذلك لجأ الراشدون إلى أسلوب المشاورة فى استنباط الأحكام الشرعية والاجتهاد فى الأقضية ، فكان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر فى كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضى به قضى بينهم ، وإن علمه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به ، وإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السنة ، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم (8)
وبمثل ذلك كان يفعل عمر بن الخطاب . 
ثم كانت الشورى سبيلهم فى كل ما جد من الأمور ، ولو استقصينا ذلك لطال بنا المقام جداً . 

حكم الشورى :-
اختلف أهل العلم قديماً فى ذلك فمنهم من قال : الشورى مندوبة ، فما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم ، وإنما أراد أن يعلمهم ما فى المشاورة من الفضل ، ولتقتدى به أمته من بعده . 
ومنهم من قال : الشورى واجبة لأن الله تعالى أمر بها نبيه والأصل فى الأمر أنه للوجوب ما لم تصرفه عن الوجوب قرينة وهو عام فى جميع الأمة ما لم يثبت خصوصية النبى صلى الله عليه وسلم به وليس أدل على وجوب الشورى من التزام النبى صلى الله عليه وسلم منهج المشاورة وهو المعصوم بوحى السماء ، وكذلك التزام الخلفاء الراشدين لهذا المنهج واجب الاتباع لقول النبى " فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى " (9) 
بل إن الذين ذهبوا إلى استحباب المشاورة ربطوا الأمر بشخص النبى صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم بالوحى ، ولكن غيره من الخلفاء والأمراء لا يملكون مثل هذه العصمة فوجب عليهم أن يعتصموا بمنهج الشورى . 
وهذا هو الذى يرجحه أكثر المتأخرين ، لأن النصوص تدل عليه دلالة صريحة ، ومنهج النبى صلى الله عليه وسلم ومنهج خلفائه من بعده تجعل الشورى أصلاً وأساساً متيناً للحكم فى الدولة الإسلامية .

موضوع الشورى وحدودها :- 
وهى الدائرة التى يباشر فيها أهل الشورى اختصاصهم ولقد حاول البعض التضييق من مجال الشورى فزعموا أن الشورى لا تكون إلا فى الحروب لأن اللام فى لفظة " الأمر " ليست للإستغراق لخروج ما نزل فيه الوحى باتفاق ، وليس ذلك إلا ما جرى من أمر الحرب فى غزوة أحد . 
والراجح أن الشورى تكون فى كل الأمور التى لم ينزل فيها وحى من السماء ، لأن لفظ " الأمر " لفظ عام خُص بما نزل فيه وحى ، فيبقى حجة فى الباقى . 
إن وقائع الشورى فى صدر الإسلام لم تكن قاصرة على أمور الحرب ، فكان النبى صلى الله عليه وسلم يستشير فى أمور عامة كثيرة كتعيين الولاة ، بل كان يستشير فى أمور عامة كثيرة كتعيين الولاة ، بل كان يستشير فى بعض الأمور الخاصة كما استشار علياً وأسامة فى حادثة الإفك . 
وكذلك لجأ الراشدون إلى أسلوب الشورى فى الكثير من الوقائع التى تتعلق بمصالح الأمة كجمع القرآن وتدوين الدواوين . 
وتجارب الشورى تبين بوضوح أن الصحابة قد فهموا أن الشورى لا تكون إلا فى الأمور التى لم ينزل فيها وحى من السماء لأن ما كان فيه نص قاطع فلا مجال للرأى فيه لوجوب طاعة الله ورسوله " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا " ( الأحزاب 36 ) .
أما ما نزل فيه وحى السماء ولم يكن قاطعاً فى دلالته فهو محل للإجتهاد والاستنباط ، ولهذا فإنه يدخل فى مجال الشورى من هذه الناحية ، وقد حدث هذا فى عصـر النبوة حين نزل قـول الله تعالـى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً " ( المجادلة 12 ) . 
فقال النبى صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبى طالب : ما ترى ؟ دينار ؟ قال : لا يطيقونه ، قال : فنصف دينار ؟ قال : لا يطيقونه ، قال : فكم ؟ قال : شعيرة ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : إنك لزهيد ، فنزلت " ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ " ( المجادلة 13 ) .
قال على : فبى خفف الله عن هذه الأمة (10) .
قال ابن حجر : ففى هذا الحديث المشاورة فى بعض الأحكام . 
وفى هذا بيان أن الشورى تجوز فى الأحكام الظنية وفى كل ما يجوز فيه الاجتهاد ، وهذا تخصيص للقول بأنها لا تكون فى المنصوص عليه من الأحكام .  

أهل الشورى :- 
لم تبين لنا النصوص من هم أهل الشورى ولا صفاتهم ولا عددهم ، وجاءت السوابق التاريخية واسعة فضفاضة . فتارة يكون المستشار وحداً بعينه منتدباً أو متطوعاً ، وتارة يكون أهل الشورى عدد غير محصور وقد يكونون جماهير المسلمين ، وقد يكون أهل الشورى جماعة منتحبة تمثل المسلمين وهم الذين يطلق عليهم النقباء أو العرفاء ، وقد يكون المستشار رجلاً أو امرأة ، أو يكون شاباً أو كهلاً ، وقد كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباباً (11) .
ونتيجة لهذه المرونة فى تشريع الإسلام للشورى اختلف أهل العلم فى تحديد أهل الشورى وتحديد صفاتهم كماً وكيفاً فذهب البعض إلى أنهم أهل الحل والعقد وإن اختلفوا فى تحديد هذه الفئة ، وذهب البعض إلى أنهم جميع أبناء الأمة ولكن لاستحالة جمعهم يختار من بينهم من يمثلهم لأداء هذه المهمة . 
والذى ينبغى أن نقرره أن الشورى فى منهاج الإسلام تتسع لكل فكرة وكل نظام يحقق المشاورة عملاً ، فمن الجائز أن تقوم الأمة باختيار أهل الشورى على أن يشترط فى المرشح أن يكون أهلاً لهذه المكانة ، ويجوز لولى الأمر أن يشاور أهل الاختصاص ويجوز أن تعرض بعض المسائل على الأمة جميعها أو غير ذلك .

د/ جمال المراكبى

تابع أسس ودعائم الحكم في الدولة الإسلامية - ثانياً : كفالة الحقوق والحريات

تابع أسس ودعائم الحكم في الدولة الإسلامية

ثانيا : كفالة الحقوق والحريات
وإذا كانت الأنظمة المتقدمة في عالم اليوم قد اهتمت بهذا الأساس ، بدءاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وانتهاءً بإنشاء المنظمات ، بل والمحاكم التي تعنى بحقوق الإنسان ، فإن الشريعة الإسلامية ومنذ أربعة عشر قرناً ، قد بلغت فى ذلك إلى الحد الذي اعتبرت معه هذه الحقوق بمثابة ضرورات وواجبات لا ينبغي التفريط فيها بحال . 
وإذا كانت دول العالم الثالث ، ومنها بلاد المسلمين تعانى من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان ، فإن ذلك يرجع إلى بعد هذه البلاد عن التطبيق الأمثل لشريعة الله   

(1) المساواة :  
لقد قررت الشريعة الإسلامية المساواة بين بنى الإنسان ، فلم تعترف بفروق مصطنعة على أساس الجنس أو اللون أو اللغة فالناس فى أصل الخلقة سواء " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً " . ( النساء : 1 ) . 
إن الأساس الذى يتفاضل به الناس عند خالقهم هو التقوى وهو أمر قلبى لا يعرف حقيقته إلا رب العالمين " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " . ( الحجرات : 13 ) . 
وفى حجة الوداع يقول النبى صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله أتقاكم ، ليس لعربى فضل على عجمى ، ولا لعجمى فضل على عربى ، ولا لأحمر فضل على أبيض ، ولا لأبيض فضل على أحمر إلا بالتقوى . ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد " (1) .
ويربى الإسلام فى الإنسان هذا المبدأ وينميه ، ويحوله إلى واقع عملى ، ففى الصلاة يصطف الناس خلف إمامهم بلا تمايز ، وفى الصوم يمتنع الجميع عن الطعام والشراب طوال النهار ، ويجتمعون عليه فى وقت واحد ، وفى الحج يلتقى المسلمون وقد نزعوا ثيابهم وزينتهم ، ولبسوا جميعاً ثياباً أشبه ما تكون بأكفان الموتى ، فلا تمايز بينهم وكلهم فى هذا الموقف سواء. · 

المساواة أمام القانون :- 
 والمساواة أمام أحكام الشريعة أصل من أصول الإسلام يتساوى فيه الحاكم والمحكوم ، والشريف والوضيع . والنبى صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " (2) .
وتسوى الشريعة بين الولاة والرعية ، وقد كان عمر يحذر ولاته من أن تأخذهم نشوة السلطة فتنسيهم هذا الأصل وكان يخطب الناس فيقول : أيها الناس إنى لم أبعث عمالى عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم ، إنما بعثتهم ليحجزوا بينكم ، وليقسموا فيئكم بينكم ، فمن فُعل به غير ذلك فليقم ، من ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علىّ ، ليرفعها إلىّ حتى أقصه منه ، فيقول أحد الولاة : أرأيت إن أدب أميرٌ رجلاً من رعيته ، أتقصه منه ؟ فيقول عمر : وما لى لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه (3) . 
· المساواة أمام القضاء :- 
والمساواة أمام القضاء من المظاهر التى لم تعرفها كثير من دول العالم على النحو الذى عرفه المسلمون الأوائل حين التزموا شريعة الله ، وقد تخاصم أمير المؤمنين علىّ مع رجل من أهل الذمة إلى شريح القاضى ، فقضى للذمى على أمير المؤمنين ، وهذا فى زمن فتنة وحرب أهلية تبيح للحاكم فرض حالة الطوارئ وقوانين الضرورة فى أرقى دول العالم اليوم (4) .
 
· المساواة بين المسلم والذمى :- 
وتقرر الشريعة الإسلامية المساواة بين المسلم والذمى إلا فيما يتعلق بأمر العقيدة والعبادة . 
قال على بن أبى طالب : إنما قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم كأموالنا ، ودماؤهم كدمائنا .
والأصل الفقهى أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا . 

· المساواة بين الرجل والمرأة :- 
وتسوى الشريعة بين الرجل والمرأة ، ولكنها لا تغفل أن لكل منهما دوره ووظيفته ، فالمرأة مكلفة بكل أركان الإيمان والإسلام ، وبكل أحكام الشرع وآدابه وأخلاقه إلا ما استثنى كترك الصلاة والصوم حال الحيض ، وعدم وجوب الجهاد على المرأة ، وكذلك أحكام العدة والنفقة وغير ذلك . 
والنظام الإسلامى يجعل للمرأة وظيفتها كما أن للرجل وظيفته ولكن الوظيفة الرئيسية للمرأة تتعلق ببيتها وأولادها ، وليس معنى هذا أن عمل المرأة خارج البيت حرام ، فللمرأة أن تعمل بشرط مراعاة الآداب والأخلاق والضوابط الشرعية فى تعاملها مع غير محارمها ، وليس العمل خارج البيت بضرورة بالنسبة للمرأة لما لها من حق النفقة والكفالة على الرجل ، ولما يؤدى من نتائج سلبية سيئة تنعكس على الأسرة وعلى المجتمع . 
والإسلام يصون المرأة عن كل ما يؤذيها ويشينها ، ولهذا فقد منع النبى صلى الله عليه وسلم المرأة من كل عمل يؤدى إلى تبذلها وينافى ما يجب لها من صيانة وستر ، فقال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " (5) . 
وأجمع أهل العلم على أن المرأة لا تلى منصب الخلافة والرئاسة وذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز توليها القضاء . 

(2) العدالة :- 
 والعدالة من الأسس التى عليها عمار الكون وصلاح العباد ، لذا حث عليها الإسلام فى شتى المواطن حتى مع العدو ، وفى زمن الفتنة " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " ( النساء : 58 ) . 
" فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا " ( الحجرات : 9 ) . 
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى " ( المائدة : 8 ) . 
والنبى صلى الله عليه وسلم يرسى دعائم العدل قولاً وعملاً " والمقسطون عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين ، هم الذين يعدلون فى حكمهم وأهلهم وما ولوا " (6) . 
" وإن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل " ( 7 ) . 
وحين دخل عبد الله بن رواحة على يهود خيبر ليخرص عليهم ثمارهم ، عرضوا عليه الرشوة ، فقال لهم : لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلىّ ، ولأنتم أبغض إلىّ من أعدادكم من القردة والخنازير ، وما يحملنى حبى إياه وبغضى لكم على أن لا أعدل فيكم . 
قالوا : بهذا قامت السماوات والأرض . (8) .
وتقوم فلسفة الإسلام على أن فساد الرعية لا ينصلح إلا بالعدل ، وشريعة الله تعالى هى العدل المطلق ، والإمام العادل هو الذى يتبع أمر الله تعالى بوضع كل شىء فى موضعه من غير إفراط ولا تفريط . 
شكى بعض الولاة إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز سوء حال رعيته ، وسأله : آخذ الناس بالظنة وأضربهم على التهمة ، أو آخذهم بالبينة وما جرت عليه السنة ؟ فكتب إليه عمر : خذ الناس بالبينة وما جرت عليه السنة فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله . 
يقول الوالى : ففعلت ، فصارت من أصلح البلاد وأقلها سرقة (9) .
والعدالة فى الإسلام تعم العدل الاجتماعى والتكافل الاجتماعى ولهذا جعل الله تعالى فريضة الزكاة حقاً للفقراء ولبنة فى بناء العدل الاجتماعى ، حتى أن النبى صلى الله عليه وسلم يجعل بيت المال – خزانة الدولة – وارثاً لمن لا وارث له وعائلاً لكل فقير أو ضعيف . 
" من ترك مالاً فلورثته ، ومن ترك ضياعاً فإلىّ وعلىّ " (10) حتى إن بيت المال ليقوم بسداد ديون المدينين ، وتجهيز الفنادق لاستضافة المسافرين فى عهد عمر بن عبد العزيز (11) . 

(3) كفالة الحقوق والحريات :- 
قال تعالى : " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ " ( الإسراء : 70 ) ولاشك أن الحرية والمساواة هى أعظم تكريم لهذا الإنسان ولقد جعل الله تعالى حرية الإرادة مناطاً للتكليف ، فمن سُلبت إرادته سقط عنه التكليف وأصبح عالة على غيره . 
وقد كفل الشرع للإنسان حريته كاملة ولكنه ضبطها بمجموعة من الضوابط حتى لا تصطدم حريات الأفراد بعضهم ببعض ، ولا يطغى بعضهم على بعض ويستعبد بعضهم بعضاً وحتى لا يسير الإنسان وراء شهواته ونزواته فتنحط ذاته ويفقد أساس كرامته وتفضيله على سائر المخلوقات . 
الحرية ال..... :- 
وهى كون الشخص أهلاً لإبرام العقود والتصرفات ، وهى ما تعرف بالأهلية ، أهلية الوجوب وأهلية الأداء . 
أما أهلية الوجوب وهى التى تجعل الشخص صالحاً للتملك فقد قررها الشرع لكل إنسان بغير قيد ، حتى الجنين فى بطن أمه جعل له نوعاً من هذه الأهلية . 
أما أهلية الأداء ، وهى كون الشخص أهلاً للتصرف فى ماله فهى مكفولة لكل أحد ، إلا من ساء تصرفه فكان وبالاً على نفسه وعلى المجتمع كالسفية والمجنون فقد قرر الشرع ضوابط لحمايته " وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا .. " الآية ( النساء : 5 ) . 
ولا يفرق الشرع بين الناس على أساس الدين أو الجنس ، بل المسلم وغيره سواء ، والرجل والمرأة فى ذلك سواء . 

الحرية الدينية :- 
يكفل الشرع الإسلامى حرية الاعتقاد " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " ( البقرة : 256 ) " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " . ( يونس : 99 ) .
فالإسلام لا يعرف الإكراه ولا يعترف به ، بل يرفع معه التكليف ، والدعوة إلى الله لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة . 
ولكن حين يقوم كبراء الناس ليصدوا عن سبيل الله ويمنعوا من وصول الدعوة إلى غيرهم فهنا يتعين على المسلمين جهادهم " فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ " ( التوبة : 12 ) .
لقد راسل النبى صلى الله عليه وسلم الملوك ودعاهم إلى الإسلام فلم يستجب أكثرهم ، أما من استجاب منهم فلم يطلب منه أن يجبر الناس على دخول الإسلام ، بل كل المطلوب منه أن يتحرك الإسلام كعقيدة يتحاور مع غيره من العقائد ، والغلبة دائماً للحق ، وأما من أعرض وأبى فلم يقاتل إلا حين منع الدعوة وصد عن سبيل الله . 
وبهذا الفهم نجد أن المسلمين الأوائل لم يفكروا فى لحظة أن يفتحوا بلاد الحبشة كما فتحوا بلاد الفرس والروم رغم أن سكان الحبشة لم يدخلوا جميعاً فى الإسلام ، وكذلك اليمن ، وذلك لأن طريق الدعوة مفتوح ، ولهذا كانت وصية النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن " إنك تأتى قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً فإن هم أطاعوا لذلك . 
وفى رواية – فإذا عرفوا الله – فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات .. الحديث (12) . 
ودلالة الحديث واضحة ، فإن هم أطاعوا ، أما إذا لم يطيعوا فالأصل الثابت " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ " . 
ولو كان الإكراه جائزا أو معمولاً به ، لما وجدنا لغير المسلمين وجود فى بلاد المسلمين ، فالواقع خير شاهد على نفى الإكراه وقد كان لعمر بن الخطاب غلاماً نصرانياً ، فكان عمر يعرض عليه الإسلام فيأبى ، فيقول عمر " لا إكراه فى الدين " . وليس معنى الحرية هنا أن يتمرد المسلم على دينه وشريعته ولهذا جعل الإسلام للارتداد حداً شرعياً " من بدل دينه فاقتلوه " (13) . 

الحرية الفكرية :- 
الإسلام دين يحترم العقل ويدعو إلى التأمل والتدبر ، ويحذر من عاقبة التقليد الأعمى . 
" أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ " ( ق : 6 ) . 
" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ " ( البقرة : 170 ) . 
وحرية الفكر مكفولة ما لم تتصادم مع نصوص الشرع ، لأن فى ذلك تطاول عقلى وقول على الله بغير علم . " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ " ( الإسراء : 36 ) . 
وفى المناظرات الفقهية التى تزخر بها كتب الفقه والتاريخ خير شاهد على مدى تمتع الأفراد بحرية الفكر والرأى والتعبير ، وإذا كانت بعض فترات التاريخ الإسلامى لا تشهد لذلك ، فالعيب ليس فى شريعة الله بل فى بعد المسلمين عن هذه الشريعة . 
أما عن الحرية السياسية وحق الفرد فى المشاركة فى الأمور العامة فسوف نتناوله تفصيلاً فى الحديث عن الشورى والمناصحة . 
وإلى لقاء آخر .

الهوامش :
-------------
(1) أحمد 5/441 – ورجاله رجال الصحيح – مجمع الزوائد ج3 ص 269 صحيح . 
(2) البخارى – كتاب الحدود – حديث رقم 6787 . 
(3) ابن سعد – الطبقات الكبرى – المجلد الثالث – القسم الأول ص 201 وإسناده صحيح .
(4) البداية والنهاية ج8 ص5 – وتاريخ الخلفاء ص 172 .
(5) البخارى ك المغازى ح رقم 4425 ، وشرح السنة ج10 ص 76-77 . 
(6) مسلم ك الإمارة ح رقم 1827 ، شرح السنة ج10 ص 63 .
(7) ضعيف : الترمذى ك الأحكام 1329 وشرح السنة ج10 ص 65 وفى سنده عطية العوفى وهو ضعيف .
(8) أبو داود ح رقم 3410 . وابن ماجه ح رقم 1820 ، وإسناده حسن .
(9) السيوطى – تاريخ الخلفاء ص 221 . 
(10) متفق عليه .
(11) تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج6 ص 567 .
(12) متفق عليه .
(13) متفق عليه .
بقلم د/ جمال المراكبى

الأربعاء، 23 سبتمبر 2009

هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب؟؟!

هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب؟؟!
د.ميسرة طاهر
في كل صباح يقف عند كشكه الصغير ليلقي عليه تحية الصباح ويأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها وينطلق ولكنه لا يحظى إطلاقا برد من البائع على تلك التحية،وفي كل صباح أيضا يقف بجواره شخص آخر يأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها ولكن صاحبنا لا يسمع صوتا لذلك الرجل، وتكررت اللقاءات أمام الكشك بين الشخصين كل يأخذ صحيفته ويمضي في طريقه، وظن صاحبنا أن الشخص الآخر أبكم لا يتكلم، إلى أن جاء اليوم الذي وجد ذلك الأبكم يربت على كتفه وإذا به يتكلم متسائلا: لماذا تلقي التحية على صاحب الكشك؟
فلقد تابعتك طوال الأسابيع الماضية.. وكنت في معظم الأيام ألتقي بك وأنت تشتري صحيفتك اليومية؟؟
فقال الرجل: وما الغضاضة في أن ألقي عليه التحية؟
فقال: وهل سمعت منه ردا طوال تلك الفترة؟
فقال صاحبنا: لا.
قال: إذن لم تلقي التحية على رجل لا يردها؟
فسأله صاحبنا: وما السبب في أنه لا يرد التحية برأيك؟
فقال: أعتقد أنه وبلا شك رجل قليل الأدب، وهو لا يستحق أساسا أن تُلقى عليه التحية.
فقال صاحبنا: إذن هو برأيك قليل الأدب؟
قال: نعم.
قال صاحبنا: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟ فسكت الرجل لهول الصدمة..
ورد بعد طول تأمل: ولكنه قليل الأدب وعليه أن يرد التحية.
فأعاد صاحبنا سؤاله: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟
ثم عقب قائلاً: يا سيدي أياً كان الدافع الذي يكمن وراء عدم رده لتحيتنا فإن مايجب أن نؤمن به أن خيوطنا يجب أن تبقى بأيدينا لا أن نسلمها لغيرنا، ولو صرت مثله لا ألقي التحية على من ألقاه لتمكن هو مني وعلمني سلوكه الذي تسميه قلة أدب، وسيكون صاحب السلوك الخاطئ هو الأقوى وهو المسيطر، وستنتشر بين الناس أمثال هذه الأنماط من السلوك الخاطئ، ولكن حين أحافظ على مبدئي في إلقاء التحية على من ألقاه أكون قد حافظت على ما أؤمن به، وعاجلا أم آجلا سيتعلم سلوك حسن الخلق، ثم أردف قائلاً: ألست معي بأن السلوك الخاطئ يشبه أحيانا السم أو النار؟..
فإن ألقينا على السم سماً زاد أذاه وإن زدنا النار ناراً أو حطباً زدناها اشتعالا، صدقني يا أخي أن القوة تكمن في الحفاظ على استقلال كل منا، ونحن حين نصبح متأثرين بسلوك أمثاله نكون قد سمحنا لسمهم أو لخطئهم أو لقلة أدبهم كما سميتها أن تؤثر فينا وسيعلموننا ما نكرهه فيهم وسيصبح سلوكهم نمطا مميزا لسلوكنا وسيكونون هم المنتصرين في حلبة الصراع اليومي بين الصواب والخطأ، ولمعرفة الصواب..
تأمل معي جواب النبي عليه الصلاة والسلام على ملك الجبال حين سأله: يا محمد أتريد أن أطبق عليهم الأخشبين؟
فقال: لا.. إني أطمع أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.
لم تنجح كل سبل الإساءة من قومه عليه الصلاة والسلام أن تعدل سلوكه من الصواب إلى الخطأ!
مع أنه بشر.. يتألم كما يتألم البشر، ويحزن ويتضايق إذا أهين كما يتضايق البشر، ولكن ما يميزه عن بقية البشر هذه المساحة الواسعة من التسامح التي تملكها نفسه، وهذا الإصرار الهائل على الاحتفاظ بالصواب مهما كان سلوك الناس المقابلين سيئا أو شنيعا أو مجحفا أو جاهلا.
ويبقى السؤال قائماً: حين نقابل أناسا قليلي الأدب هل نتعلم منهم قلة أدبهم أم نعلمهم الأدب؟
المصدر :
صيد الفوائد

كيف تقرأ مقالً بسرعة

كيف تقرأ مقالً بسرعة
طاهر الوادعي
الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد :
أخي الكريم مع كثرة المقالات في الدوريات الشهرية والأسبوعية والجرائد اليومية أو المواقع الإلكترونية , فإن المثقف الحريص على الفائدة يتمنى قراءتها كلها والاطلاع على تلك المقالات , ولكن الوقت لا يحابي أحداً و قد يكون القارئ للمقالات لا يحسن التعامل الصحيح مع الكتب والمقالاتلن أطيل وأفصل في تلك الإستفهامات
(لماذا أقراء ــ وماذا أقراء ــ وكيف أقراء ..وغيرها)
هنا سوف اختصر وأقتصر , على كيف أقرأ المقالات بسرعة في عدد من النقاط
أولا : أحرص على ما ينفعك , فإن بعض المقالات قراءتها مضيعة للوقت, ولا تغتر بعنوان المقال ،لأنك قد تكتشف أنه مثل البالونه كبيرة ولا تحوي سوى الهواء
ثانيا ً: استخدم حاسة البصر فقط في قراءة المقال , ولا تستخدم الشفتين أو رفع الصوت عند القراءه.
ثالثاً : ابدأ في قراءة المقال من بعد كلمة فصل الخطاب (أما بعد )
رابعاً: إذا كان المقال فيه عدة نقاط ,يذكرها الكاتب فاقرأها على عجالة لأنه قد يكون فيها نقاط معلومة لديك فتجاوزها ولا تضيع وقتك في قراءة محتواها
خامساً: لا تقف عند الكلمات الغامضة حفاظ على الوقت ,أو إحفظها ثم إبحث عن معناها فيما بعد .
سادساً : لا تقف ببصرك كثيراً بين الكلمات وكن مستمراً في أثناء القراءه .
سابعاً : أسرع في التنقل ين الأسطر من حيث البدء والإنتهاء .
واحرص أخي القارئ على -التركيز لكي لا تفهم خطأ فتحمل الكلام محمل سوء , فتتهم الكاتب بما ليس فيه , أو تقوله مالم يقول فالأصل في المؤمن حسن الظن .- و ختاماً لا تسلم لكل ما يكتب فلا يخلو مقال من نقص .
والله أرجو المن بالإخلاص......لكي يكون موجبَ الخلاصِوالصلاة والسلام على رسول الله وآله و الأصحاب

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

الأزهر ليس هو الصوفية

الأزهر ليس هو الصوفية
صفوت الشوادفى
الحمد لله الذى هدى قلوب عباده المؤمنين إليه ، والصلاة والسلام على رسوله الذى بين السنة وحذر من البدعة ، وأكمل الدين وأقام الحجة .. وبعد .
فمما لا شك فيه أن الأزهر الشريف منارة هدى ومشعل ضياء ، قد تعلم فيه وتخرج منه أئمة أعلام دعوا إلى السنة ، وحذروا من البدعة ، وأقاموا الحجة ، ودحضوا الشبهة .
وجاهدوا فى سبيل الله بأفلامهم وألسنتهم .
وبعض الناس قد لا يفهم هذه الحقيقة ، فينسب إلى الأزهر ما ليس فيه !
وذلك أن الطرق الصوفية قد أقامت لأنفسها قديماً - وبتعبير أدق - أقيم لها جهاز مستقل يرعى شئونها هو " المجلس الصوفى الأعلى " !!
وهذا الجهاز لا سلطان للأزهر عليه من قريب أو بعيد !!
وعندما تقوم الصوفية بنشر البدع والضلالات والخرافات يتساءل الكثير من المسلمين : لماذا يسمح الأزهر بمثل هذه البدع والضلالات ؟
ظناً منهم أن الأزهر هو القائم عليها !! ويفرح أرباب التصوف لمن ينسب أعمالهم وأقوالهم إلى الأزهر لأنه يأوى إلى ركن شديد !!
وعندما يؤلف العلماء كتباً تحذر من الصوفية وبدعها ينبرى بعض الناس للدفاع عن الصوفية وهو يظن أنها جزء من الأزهر !
وقد قال لى قائل : إن مادة التصوف تدرس فى قسم الدراسات العليا بجامعة الأزهر !
وأقول : هذا ليس دليلاً على صحة التصوف فإن الفلسفة أيضاً تدرس وهى ليست علماً شرعياً .
ونحن ندرس عقائد الفرق الضالة لنقف على ضلالهم . فالدراسة شىء والتفريق بين الحق والباطل شىء آخر .
ولسنا بحاجة إلى أن نسوق الأدلة مرة أخرى على ضلال الصوفية وبدعها ومخالفتها للسنة فإن الحق له طريق واحد ، والضلال له طرق كثيرة .
وقد رضى الله لنا الإسلام ديناً فنحن نسمى أنفسنا بما سمانا الله به " هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ " .
ولكن ما نريد أن نقرره ونؤكد عليه أن الأزهر ليس هو الصوفية ..
بل إن الأزهر قد جلس فى أروقته على مر الدهور والعصور كثير من العلماء الكبار ، ومنهم على سبيل المثال : الحافظ ابن حجر العسقلانى والسخاوى والسيوطى ، وابن خلدون والزرقانى وغيرهم رحمهم الله .
ولا يفوتنا أن ننبه قراءنا إلى أن علماء ورؤساء أنصار السنة المحمدية كانوا من رجال الأزهر وعلمائه .
فالشيخ العلامة محمد حامد الفقى مؤسس أنصار السنة رحمه الله كان عالماً أزهرياً وله فى نصر السنة ومحاربة البدعة باع طويل لا ينكره إلا جاحد .
والشيخ العلامة عبد الرحمن الوكيل رحمه الله ، وكذلك الشيخ الدكتور محمد خليل هراس رحمه الله ، والشيخ والعالم محمد على عبد الرحيم الرئيس السابق رحمه الله ، وشيخنا العلامة عبد الرازق عفيفى أطال الله بقاءه وأنعم عليه بالصحة والشفاء . كل هؤلاء من كبار علماء الأزهر ، وبفضل الله ثم بجهودهم المخلصة ، انتشرت السنة فى مصر ، وماتت كثير من البدع أو كادت .وبقيت ثلاث حقائق هامة عن الأزهر أريد أن يتنبه لها الكرام القارئون :الحقيقة الأولى :أن الأزهر جهة بيان وإفتاء لا جهة قضاء فعلماؤه يقومون بدورهم فى بيان السنة ومحاربة البدعة والتحذير منها ، فمن شرح الله صدره انتفع بهذا البيان ، ومن كان فى الضلالة أقام على بدعته وضلالته .
وهذا هو شأن الصوفية مع الأزهر منذ عشرات السنين !!
الحقيقة الثانية :
أن الأزهر قد صدر عن علمائه الكثير من الفتاوى الهامة التى تصحح عقائد المسلمين وتحول بينهم وبين كثير من البدع والمنكرات المنتشرة ، وهؤلاء العلماء قد قاموا بما أوجبه الله عليهم من البيان وعدم الكتمان ، وقد صدرت عن دار الإفتاء المصرية هذه الفتاوى على مدى مائة سنة ، ونسوق أمثلة منها :
* صدرت فتوى فى سنة 1321هـ بعدم جواز قراءة السورة يوم الجمعة بالمسجد على وجه يشوش على المصلين .
* ما يذكر بعد الأذان أو قبله من المحدثات المبتدعة .
* فى سنة 1940م صدرت فتوى بعدم جواز دفن الموتى فى المساجد !! ومع هذا فما زالت الصوفية تقدس ذلك !
* وفى سنة 1944م صدرت فتوى هامة نصها : " النذر لأصحاب الأضرحة والأولياء والصالحين باطل بالإجماع !! لأنه نذر لمخلوق وهو غير جائز لأن النذر عبادة ، وهى لا تكون لمخلوق أبداً ، ولأن المنذور له ميت والميت لا يملك " .
وفى سنة 1917م صدرت فتوى بعدم جواز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن الكريم ويأثم الدافع والقارئ بأخذ الأجرة وجاء فى نفس الفتوى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم والأذان والإمامة للضرورة ؟
وفى سنة 1942م صدرت فتوى جاء فيها أن الوقف على قراءة القرآن وعمل الموالد غير صحيح ، وأن عمل الموالد بالصفة التى عليها الآن لم يفعله السلف الصالح ولو كان ذلك من القرب لفعلوه !!
أقول : إذا كان علماء الأزهر قد أنكروا ما يحدث من الموالد فى سنة 1942م
فماذا يكون حكمها فى سنة 1993م وقد أضيف إليها من المنكرات والبدع على مدى خمسين عاماً ما يجعلها أشد تحريماً وضلالاً .
وفى سنة 1926م صدرت فتوى تنص على أن زيارة القبور مندوب إليها دون مس ولا تقبيل ولا طواف !!
وفى نفس الفتوى بيان حكم الموسيقى وهو الكراهية التحريمية أى التحريم ، ولم يستثن إلا ضرب الدف فى الأعراس ، والأعياد الدينية !!
الحقيقة الثالثة :
أن العلمانية المصرية تحارب الإسلام فى كل صوره وأشكاله !!!
فكل ما ينتمى إلى الإسلام مرفوض عندهم !وهذا هو سر المعركة الشرسة التى تقودها العلمانية المصرية ضد الأزهر فى الآونة الأخيرة.وأخيراً نكرر القول بأن الأزهر ليس هو الصوفية !
فإلى الذين يشوهون صورة الأزهر من المنتسبين إلى التصوف أو العلمانية نقول لهؤلاء وهؤلاء :إن شعب مصر المسلم لن يقع فى حبالكم ! وسوف يحميه الله من مكركم وكيدكم " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ " .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .
صفوت الشوادفى

أخلاقيات التعامل الاقتصادي في الإسلام

أخلاقيات التعامل الاقتصادي في الإسلام
إعداد أ / زيد بن محمد الرماني
محاضر بعمادة البحث العلمي وحدة بحوث الاقتصاد الإسلامي - جامعة الإمام ‏محمد بن سعود الإسلامية ‏
إن أحكام الشريعة الإسلامية في مختلف مرافق الحياة البشرية مرتبط بعضها ‏ببعض ، حيث تشكل وحدة متكاملة ، تنبثق عن أصل واحد هو العقيدة الإسلامية ‏‏.‏وبهذا يتبين لنا أن أحكام الاقتصاد الإسلامي متصلة بالأخلاق الإسلامية اتصالاً ‏عضويًّا ، وبالمثل فإن الأخلاق لا تنفك عن عقيدة التوحيد .‏ومن هنا نلاحظ أن أوجه ارتباط الأخلاق الإسلامية بالاقتصاد يتجلى في ذلك ‏التلاحم ما بينها وبين دعائم الاقتصاد وأهدافه .‏ويتضح ذلك من خلال عرض نماذج من التعاملات الاقتصادية في الإسلام ، ‏والأخلاقيات التي ينبغي الأخذ بها ، من مثل :‏‏
1- التسامح والتساهل :
من أخلاق الإسلام التسامح بوجه عام ، والتسامح في ‏المعاملات الاقتصادية بوجه خاص ، ويتمثل هذا التسامح في أمور متعددة منها ‏‏:
‏أ - السماحة في البيع والشراء والمطالبة بالدين ، قال عليه الصلاة والسلام : ( ‏رحم الله سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى … ) . رواه البخاري .‏
ب - إنظار المدين المُعْسر ، عملاً بقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ‏مَيْسَرَةٍ ) [ البقرة : 280] .
‏جـ - إقالة العقد ؛ أي الاستجابة إلى فسخه إذا رغب المشتري ذلك لظهور عدم ‏احتياجه إلى المعقود عليه مثلاً ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( من أقال مسلمًا أقال ‏الله عثرته) . رواه أبو داود .‏‏
2- الصدق والأمانة :
وهما صفتان من صفات المؤمن بوجه عام ، ومن صفات الذي ‏يعمل في الميدان الاقتصادي بوجه خاص ، ولا يخفى ما لهاتين الصفتين من جلب العملاء على المتحلي بهما ، وغرس الثقة به في نفوس المتعاملين معه ؛ ‏ولذلك امتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتصادي ورجل الأعمال الذي ‏يتصف بهاتين الصفتين ، فقال صلى الله عليه وسلم : (التاجر الأمين الصادق ‏مع النبيين والصديقين والشهداء ) . رواه الترمذي .
‏‏3- عدم الحلف :
الأصل أن الأيمان شُرعت لإنهاء الخصومات بتأكيد وقوع تصرف‏أو نفيه ، ولا يجوز الحلف في غير هذه المواطن ، وبناء على ذلك فليس الحلف ‏أداة للكسب ، وترويج البضائع وإقناع المشتري بها ، ولذلك قال صلى الله عليه ‏وسلم : ( إياكم وكثرة الحلف في البيع ، فإنه يُنفق ثم يمحق ) . رواه مسلم .‏‏
4- إتقان العمل :
ربى الإسلام أتباعه على إتقان العمل والإخلاص فيه ، حتى ‏أصبح الإتقان خُلُقًا من أخلاق المسلم ، حيث يقول صلى الله عليه وسلم : ( إن ‏الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) (1) . رواه البيهقي .
ولا يخفى ما في ‏الإتقان للأعمال من تقدم اقتصادي .‏‏
5- النصيحة :
أفاضت السنة النبوية في بيان ضرورة أن ينصح المسلم أخاه ، ويبين ‏له ما يراه عند إتمام الصفقة ، وفي كل الأمور ، من عَيْب أو مزية ، من كساد أو ‏رواج ، حتى تنبني المعاملات والعلاقات على أسس ثابتة سليمة ، معيارها ‏معرفة الحقيقة وإعمال الفكر وبلوغ الاختيار غايته والوصول إلى حقيقة الرضا ‏‏.‏وبهذا العرض يتبين لنا مدى ارتباط الاقتصاد بالأخلاق الإسلامية ، وهذا عكس ما ‏فعلته الاقتصاديات الوضعية ، حيث جردت الاقتصاد من الأخلاق ، بحجة أن ‏التعامل الاقتصادي تعامل مادي محكوم بنظم وقواعد تحدده وتفرضه على الجميع ‏‏، فلا علاقة للاقتصاد بالأخلاق ، وإنما صلة الأخلاق يجب أن تتوافر بين الأفراد في ‏صلاتهم الاجتماعية .‏وهذه الفلسفة الفكرية القائمة على الفصل بين الأخلاق وبين الاقتصاد في الفكر ‏الوضعي ، بدت تهتز أركانها على أيدي بعض المفكرين الاقتصاديين ، حيث ‏بدأت أصواتهم ترتفع مطالبة بوجوب إخضاع الاقتصاد إلى المعايير والأحكام والمثل ‏الأخلاقية .
‏والله ولي التوفيق .‏
(1) صححه الألباني في ( السلسلة الصحيحة ) : ( 1113) .‏
المصدر :
مجلة التوحيد

الأحد، 20 سبتمبر 2009

شخصيات إسلامية : دور خادم الحرمين في توحيد الصف لا يمكن إنكاره

شخصيات إسلامية : دور خادم الحرمين في توحيد الصف لا يمكن إنكاره
السبت, 19 سبتمبر 2009 لطفي عبداللطيف - الرياض
ثمّن عدد من العلماء والشخصيات الإسلامية في عدد من الدول العربية والإسلامية وغير الإسلامية الدور المهم الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في جمع شمل الأمتين العربية والإسلامية ، وتوحيد صفهم ، وخدمة المسلمين في جميع أنحاء المعمورة ، وخدمة المشاعر الإسلامية المقدسة في مقدمتها الحرمين الشريفين ، المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمشاعر المقدسة.
وأبدوا جلّ سعادتهم وسرورهم بالتشرف بمقابلة خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وبمعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ، منوّهين - في تصريحات لهم - بما تبذله المملكة العربية السعودية من جهود لرعاية الحجاج والمعتمرين والزوار ، والحفاظ على راحتهم ، مشيدين في ذات الوقت بحرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كل عام الالتقاء بالعلماء والوجهاء والمسؤولين ، ومثنين على خطواته السباقة في الخير للإسلام والأمة الإسلامية.
ففي البداية ، رفع رئيس مجلس علماء أنصار السنة المحمدية بمصر الدكتور جمال أحمد السيد المراكبي شكره الجزيل للملك عبدالله بن عبدالعزيز ولحكومته الرشيدة ، على دعمهم الكبير للسنة في مواجهة المبتدعة ، وقال : إن أهل البدع والضلال على اختلاف مذاهبهم يسعون جاهدين للعبث بأمن هذه البلاد ، والتأثير على معتقدات وأخلاق وأعراف أهلها ، لشعورهم أن هذه البلاد المباركة معقل السنة ، والدعوة إلى الله عز وجل ، والله سبحانه وتعالى غالب على أمره ، وهو المسؤول أن يرد كيدهم في نحورهم ، وأن يجعل تدبيرهم تدميراً لهم.
وقال الدكتور المراكبي : إن ما تقدمه المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ، وما تقدمه حكومته لخدمة الحرمين الشريفين ، والتيسير على الحجيج والمعتمرين والزائرين ، لا يسع المنصف إنكاره أو التقليل منه ، ولقد كانت توسعة المسعى في المرحلة السابقة ، وكذلك جسر الجمرات ، سبباً رئيساً في التيسير على الزائرين وكلهم يشهد لهذه الدولة بالفضل بعد الله ، ويدعو لأهلها بمزيد من التوفيق ، وسوف تأتي التوسعة الجديدة للحرم المكي بفضل الله وتوفيقه بكل سبل الخير واليسر لعموم المسلمين.
من ناحيته ، قال الأمين العام لمجلس الشريعة لإسلامية في بريطانيا الدكتور صهيب حسن عبدالغفار : إنها لمبادرة كريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين أن وجّه دعوة إلى عدد من الشخصيات البارزة في العالم لزيارة مهبط الوحي وموطن الرسالة ، وفيها أولاً تكريم وتبجيل لحملة الدين الحنيف ، والعلم الشرعي النجيب ، فلا يعرف فضل العلم وأهله إلا من رزق حباً للدين ، وصلاحاً في السلوك ، مؤكداً أنه على إزاء هذه المبادرة النبيلة ، وجب على هؤلاء المدعوين أن يبادلوها بالإحسان ، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان ، وذلك بتقديم النصح لولاة الأمور ، كما ورد من رواية تميم الداري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ، قالوا : لمن يا رسول الله ، قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
وأوضح صهيب عبدالغفار أنه بمقتضى هذا النصح ينبغي أن يكون همهم التفكير في تعزيز هذا الدين ، وإعلاء كلمة الله ، وإبلاغ رسالته إلى العالم بأجمعه ، ثانياً إنها لفرصة نادرة لهؤلاء الأفذاذ أن يتناولوا في مناقشاتهم الأفكار التي تتناول هموم هذه الأمة ، وكيفية جلاءها ، فإن مثل هذه اللقاءات هي ملتقى الخبرات والتجارب ، فيستفيدون ويفيدون بعضهم من بعض ، ويشيرون بما يعود على هذه الأمة بالخير العميم ، والنفع المستديم ، مشيراً إلى أن الحجاج والمعتمرين لمسوا هذا التيسير في رمي الجمرات ، وخاصة الحفاظ على الأرواح عند زحمة الناس ، وذلك بعد أن تم بناء طوابق عليا للمرمى ، ولاشك أن المملكة بهذه الخطوات الجليلة أسدت إلى المسلمين كافة خدمة من أعظم الخدمات تحمد عليها وتشكر ، ومن واجب هؤلاء العلماء عندما يعودون إلى بلادهم، أن يكونوا رسل خير وسلام ، ينقلون بصدق إلى مسلمي بلادهم ما شاهدوا من هذا التطور والعمران على بصيرة وإيمان.
واختتم تصريحه ، قال : إنه إزاء هذا كله لا يسعنا إلا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله داعياً لهذا الرجل العبقري العظيم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي يواصل ليله بنهاره خدمة للإسلام والمسلمين ، فالله يتقبل منه صالح الأعمال ، ويجزيه خير ما يجزي عباده الصالحين.
المصدر :
جريدة المدينة السعودية

اعثر على الأجوبة.. بسرعة باستخدام جوجل

اعثر على الأجوبة.. بسرعة باستخدام جوجل
إرشادات للبحث على بوابة «غوغل»
لندن: «الشرق الأوسط» اخترع باحثو «غوغل» أساليب متنوعة لجعل صلب إنتاجهم، وهو البحث في الإنترنت، أمرا أفضل حتى من السابق. وتساعد الإرشادات والنصائح أدناه في تحسين دقة البحث ونتائجه، وبالتالي استخدام نقرات أقل على المفاتيح للحصول عليها! ولكن ينبغي عليك أن تتقن استخدام مشغلات البحث. وكانت «غوغل» قد أسست هيبتها بتسليم نتائج بحث قوية ردا على تساؤلات أو طلبات مهما كان نوعها، ومهما بلغت درجة صعوبتها وتعقيدها. لكن تعلم وإتقان استخدام مشغلات البحث الخاصة بـ«غوغل» من شأنهما أن يصقلا مهارتك في البحث، كما يقول آدم باش في مجلة «بي سي وورلد». * تجمع «غوغل هيلب تشيت تشيت» Google Help Cheat Sheet لك أفضل الأساليب، كالبحث السريع في القواميس، والمواقع الخاصة بذلك على الشبكة، فضلا عن البحث العملي «OR»، كما هو موجود في »OR world». *يمكن القيام أيضا بعمليات التحويل، فإلى جانب عمل «غوغل» كحاسبة بسيطة، فإنها تشكل أيضا أداة ممتازة لتحويل وحدات القياس الأخرى إلى الوحدات العالمية المتداولة. فإذا رغبت في معرفة عدد الأونصات (الأونصة نحو 28 غراما أو مليلترا) التي يحتويها فنجان الشاي مثلا؟ أدخل عبارة «الأونصات في الفنجان» في «غوغل»، أو حاول أمرا آخر أكثر إثارة، كمعرفة عدد «فرلنغ» (مقياس للطول يساوي 220 ياردة، أو ثمن الميل) في كل فرسخ (مقياس للطول يتراوح بين 2.4 و4.6 من الميل). إن باستطاعة «غوغل» القيام بذلك. * قم بتضييق مجال النتائج. وعادة قد تجد ما تبحث عنه في الصفحة الأولى من نتائج بحث «غوغل». ولكن إذا رغبت في معرفة شيء محدد جدا، ولنقل صفحة معينة جرى نشرها في الـ24 ساعة الأخيرة، انقر على رابط «شو أوبشنس» Show Options الجديد الذي يكون موجودا عادة فوق نتائج البحث. ومن بين جملة المميزات الأخرى المتوفرة هو «وندر هويل» Wonder Wheel التفاعلي الذي هو عبارة عن عروض بالرسوم البيانية (غرافيكس) المتشعبة للاستفهامات الخاصة بك. * قم بالتجول بين النتائج بشكل مريح عن طريق لوحة المفاتيح بواسطة مميزات البحث «إكسبيريمنتال سيرش» Experimental Search التي هي صفحة بـ«غوغل» مليئة بالاختبارات المشوقة. ومن أفضلها تجربة الاختصار في عمليات لوحة المفاتيح التي تشبه الموجود في «جي مايل». ومثال على ذلك، فإن الكبس على حرف j أو k ينقلك من الأعلى إلى الأسفل والعكس بالعكس عبر النتائج. وللبحث عن ورق جدران جديد خاص بسطح المكتب ينبغي التوجه إلى «غوغل إميج سيرش» الذي هو المصدر المألوف للمستخدمين الباحثين عن ذلك. ولكن العثور على ورق يلائم سطح مكتبك هو أسهل بكثير مما تتوقع. اذهب إلى «Google Advanced Image page» وانقر على رابط «استخدم قياس سطح مكتبي» Use my desktop size ليجري البحث أوتوماتيكيا عن الصور التي تناسب تماما قياسات سطح مكتبك. * وإذا كنت من المهووسين بالوصول إلى قلب المعلومات الصحيحة جرب «Google Squared»، فأداة البحث الجديدة هذه تقدم النتائج كمعطيات مركبة على صفحة «سبريدشيت» لمساعدتك في الحصول على نظرة طائر على المعلومات التي تتضمنها النتائج. ابحث عن كاميرات «DSLR» على سبيل المثال للمقارنة بين أسعارها ودرجات تحديدها ووضوحها.
المصدر :
الشرق الأوسط

قناة الهدى ثغر ينهار

قناة الهدى ثغر ينهار
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
يقول ابن كثير في تفسير الآية:"يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين الجن والإنس آمرا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله أي طريقته ومسلكه وسنته وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي, وقوله "وسبحان الله" أي وأنزه الله وأجله وأعظمه وأقدسه عن أن يكون له شريك أو نظير أو عديل أو نديد أو ولد أو والد أو صاحبة أو وزير أو مشير تبارك وتقدس وتنزه وتعالى عن ذلك كله علوا كبيرا، تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا". أهـ.
قليلة هي الثغور النقية التي تقف في وجه طوفان الفلسفات الإلحادية والعقائد الباطلة التي يعج بها العالم الإنساني المسكين.
ومن الصعب أن يثبت الإنسان أمام انهيار صرح دعوي شامخ يبث نور الإسلام للناطقين بلغة هي الأكثر انتشاراً في الكرة الأرضية, ويشهد له الواعون بنقاء المنهج وصدق الدعوة إلى الله على بصيرة.
ويزيد المرء حزنا وكمداً أن انهيار هذا الصرح الدعوي يتأتي وسط زخم هائل من المليارات تضخ لدعم القنوات الإباحية التي تهد في بناء الأمة وتفت من عضدها, بل ووسط المليارات تضخ لنشر النشاط التنصيري المسعور الذي يبث الظلام ولا يورث أهله وأتباعهم إلا جهنم وبئس المصير.
فأين أرباب الأموال التي تنفق وببذخ على نشر الرذيلة والعهر, أين أثرياء المسلمين الذين يتبرعون بالمليارات لحدائق الحيوان الأوربية والأمريكية.هل هان كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين لهذا الحد, حتى تنهار ثغور الدعوة الإسلامية دون أن تجد داعم او نصير.
والله لو حدث هذا وانهار هذا الثغر الدعوي ليس إلا هذه البشري لأرباب الأموال التي تضخ في نشر قنوات الرذيلة بين المسلمين ومعهم كذلك كل من يملك الدعم ويبخل.قال تعالى :{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [سورة التوبة: 34-35].
قال ابن كثير:
وقوله تعالى: {يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} أي يقال لهم هذا الكلام تبكيتا وتقريعا وتهكما كما في قوله: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ﴿٤٨﴾ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [سورة الدخان: 48-49]، أي هذا بذاك وهذا الذي كنتم تكنزون لأنفسكم، ولهذا يقال من أحب شيئا وقدمه على طاعة الله عُذِبَ به وهؤلاء لما كان جمع هذه الأموال آثر عندهم من رضا الله عندهم عذبوا بها كما كان أبو لهب لعنه الله جاهدا في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامرأته تعينه في ذلك كانت يوم القيامة عونا على عذابه أيضا في جيدها أي عنقها حبل من مسد أي تجمع من الحطب في النار وتلقي عليه؛ ليكون ذلك أبلغ في عذابه ممن هو أشفق عليه في الدنيا كما أن هذه الأموال لما كانت أعز الأموال على أربابها كانت أضر الأشياء عليهم في الدار الآخرة فيحمى عليها في نار جهنم وناهيك بحرها فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم" أ.هـ
أين أنتم يا أغنياء الإسلام من هذه الآيات القوارع أين أنتم من ثغر دعوي يهدم؟!
أين أنتم يا أصحاب الفضائيات الداعرة من عذاب أليم يوم يحمى على أموالكم في نار جهنم فتكتوي بها الجباه والظهور؟!
إلى كل من يملك مساعدة لهذه القناة: اعلم أن نصرة هذا الثغر بما تستطيع واجب لا مفر منه ولا اعتذار, فقدم ما بيدك ولا تبخل.
وهذا بيان رسمي من القناة:
Dear Brothers & Sisters,Over the last few years Huda TV has touched the lives of millions from all over world. Huda TV has helped numerous Muslims and Non Muslims alike with Islamic knowledge from a variety of shows inlcuding: Ask Huda, The Straight Path, Inspirtions & Correct Your Recitation. These programs and many more like them have helped spread the beautiful and pure message of Islam.With this in-mind we would like to offer you the opportunity to help spread the word of Allah to all the corners of the globe. This gift of Da'wah (calling people to Islam and correcting the belief of the Muslims) is unlike any other endeavour in that it follows a path that the Messengers of Allah (Allah's Peace & Blessings Be Upon All of Them) have tread. By donating towards one of our shows you will be helping Huda TV achieve its noble aims/goals and help it through the financial difficulties that are always present when running a non-profit professional TV station.Allah mentions in the Qur'an regarding the person who gives for his sake:"For those who give in charity, men and women, and loan to God a beautiful loan, it shall be increased manifold (to their credit) and they shall have besides a liberal reward." [al-Hadeed 57:18], {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}.If you would like to support Huda TV please send an email to: support@huda.tv, explaining the program that you would like to sponsor and whether it be partial or full sponsorship.Jazakum Allahu
Khayran,Wa Alaykum Salam Wa Rahmatullahi Wa Barakatuh,Huda
طرق الاتصال بالقناة من الموقع الرسمي لها:
OfficeTel: +202 3 8555 252,
Office fax: +202 3 8555 254,
LIVE Tel: +202 3 8555 248/249
القناة لديها مركز بث بمدينة 6 أكتوبر بالقاهرة.
فلا تبخل أخي بمد يد العون ودلالة من تستطيع ودعوة من تطول يدك لدعم هذه القناة المباركة.
اللهم من عمر ثغراً من ثغورك فعمر قلبه بالإيمان، وأورثه الجنان، وبارك له في أهله وذريته، وألبسه لباس الصحة والعافية في الدنيا والآخرة يا رحمن.

السبت، 19 سبتمبر 2009

الصوم في غيـر رمضان

الصوم في غيـر رمضان
بقلم الرئيس العام : محمد صفوت نور الدين
شهر رمضان شهر التقوى والصوم ، يعين العبد على نفسه ، فيلزمها التقوى ، ولقد جاءت آيات الصيام في سورة (( البقرة )) مفتتحة بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ‏ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ } [ البقرة : 183 ] ، لذلك كان صوم رمضان تهذيبًا وتدريبًا للمسلم ، وتعليمًا وتمرينًا له على الصبر وحسن الخلق الذي يبقى له مصاحبـًا في سائر حياته ؛ لذلك جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين المعنى التربوي في الصوم .
منها ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس للَّه حاجة أن يدع طعامه وشرابه )) . [ أخرجه البخاري ( 1903، 6057 ) ] .
وعنه رضي اللَّه عنه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه : (( وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم )) .وكذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد اللَّه بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء )) .
لذلك كان الصوم كفارة ؛ لحديث البخاري عن حذيفة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة )) .
وجعل اللَّه للصائمين بابـًا في الجنة اسمه الريان ؛ لما أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد ، رضي اللَّه عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن في الجنة بابـًا يُقال له : الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق ، فلن يدخل منه أحد )) .
وفي رواية للبخاري : (( في الجنة ثمانية أبواب ، فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون )) .
فالصوم تربية للمسلم في دنياه وعون له على تملك شهواته وضبطها ، وكذلك منزلة له عند ربه ، وفتح لباب من أبواب الجنة يدخل منه ، فإن كان الصوم المفروض في رمضان ، فالصوم مشروع في غير رمضان ، ولا يحرم إلا في العيدين ويوم الشك ، ويكره في أيام التشريق ، ويكره إفراد الجمعة ، وإفراد السبت نافلة لغير صوم معتاد .
وينقسم الصوم في غير رمضان إلى قسمين :
صوم نافلة ، وصوم فريضة .
أولاً : صوم النافلة :
وهو من الخصال المكفرة لحديث حذيفة : (( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة )) .ففي مسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري ، رضي اللَّه عنه ، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة ، فقال : (( يكفر السنة الماضية والباقية )) . قال : وسُئل عن صوم يوم عاشوراء ، فقال : (( يكفر السنة الماضية )) .وفي حديث الشيخين عن أبي سعيد الخدري ، رضي اللَّه عنه ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد يصوم يومـًا في سبيل اللَّه إلا باعد اللَّه بذلك وجهه عن النار سبعين خريفـًا )) . وحديث الترمذي عن أبي أمامة ، رضي اللَّه عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من صام يومـًا في سبيل اللَّه جعل اللَّه بينه وبين النار خندقـًا كما بين السماء والأرض )) .
أقسام صوم النافلة :
أ - الصوم المطلق :
أخرج البخاري ومسلم عن أنس ، رضي اللَّه عنه ، كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه ، ويصوم حتى نظن أنه لا يفطر منه شيئـًا .وأخرجا عن ابن عباس ، رضي اللَّه عنهما : ما صام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شهرًا كاملاً قط غير رمضان ، وكان يصوم حتى يقول القائل : لا واللَّه لا يفطر ، ويفطر حتى يقول القائل : لا واللَّه لا يصوم .
ب - الصوم المقيد :
1- صوم عاشوراء : أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري ، رضي اللَّه عنه ، قال : كان يوم عاشوراء يومًا تعظمه اليهود وتتخذه عيدًا ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( صوموه أنتم )) .وأخرج مسلم عن ابن عباس ، رضي اللَّه عنهما ، يقول : حين صام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه ، قالوا : يا رسول اللَّه ، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( فإذا كان العام القابل إن شاء اللَّه صمت اليوم التاسع )) ، فلم يأت العام القابل حتى توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
2- صوم يوم عرفة : أخرج مسلم عن أبي قتادة ، رضي اللَّه عنه ، قال : سُئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ قال : (( يكفر السنة الماضية والباقية )) ، وسُئل عن صوم يوم عاشوراء ، فقال : (( يكفر السنة الماضية )) .
3- صوم ست من شوال :
أخرج مسلم عن أبي أيوب الأنصاري ، رضي اللَّه عنه ، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال : (( من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر )) .
4- صوم تسعة أيام من ذي الحجة :
أخرج أبو داود والنسائي عن هنيدة بن خالد ربيب عمر بن الخطاب أن امرأة دخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول : إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسعًا من ذي الحجة وثلاثة أيام من كل شهر : أول إثنين من الشهر ، وخميسين .
وأخرج البخاري عن ابن عباس ، رضي اللَّه عنهما ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى اللَّه من هذه الأيام )) يعني : أيام العشر . قالوا : يا رسول اللَّه ولا الجهاد في سبيل اللَّه ؟ قال : (( ولا الجهاد في سبيل اللَّه ، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء )) .
5- صوم المحرم : لحديث مسلم عن أبي هريرة ، رضي اللَّه عنه ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( أفضل الصيام بعد رمضان شهر اللَّه المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل )) .
6- صوم شعبان : لحديث البخاري ومسلم عن عائشة ، رضي اللَّه عنها : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان ، فإنه كان يصوم شعبان كله إلا قليلاً .وأخرج النسائي عن أسامة بن زيد قال : قلت : يا رسول اللَّه ، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ قال : ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم .
7- صوم أيام من الأسبوع : أخرج النسائي والترمذي وابن ماجه عن عائشة ، رضي اللَّه عنها ، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الإثنين والخميس .
8- صيام أيام البيض من كل شهر : أخرج النسائي عن ملحان قال : كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة . قال : وقال : هن كهيئة الدهر .
ثانياً صوم الفريضة :
وهو الصوم الذي يلزم المسلم فيثاب على فعله ويعاقب على تركه، ويلزمه قضاؤه إذا فسد أو أفطره.وهو الصوم الذي تجب النية فيه قبل الفجر ، ولا يتوقف على إذن زوج لزوجته ولا غيره ، وهو أنواع :
أولاً : صوم القضاء : يقول رب العزة سبحانه : { أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم‏ مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [ البقرة : 184 ] .
فالمرض الذي يشق معه الصوم أو يزيد معه المرض أو يتأخر البرء رخص رب العزة لصاحبه في الفطر ، وكذلك السفر ؛ وذلك للمشقة في الغالب ، ولتحقيق مصلحة الصيام لكل مؤمن ، أمر اللَّه من أفطر هذه الأيام من رمضان أن يقضي أيامـًا أُخر إذا زال المرض أو انقضى السفر وحصلت الراحة ، والفطر إذا صعب الصوم صار هو الأولى ؛ لقول اللَّه عز وجل : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ‏الْعُسْرَ } [ البقرة : 185 ] ، وفي السفر يروي البخاري عن أنس قال : كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر وا المفطر على الصائم .
وكذلك تفطر المرأة الحائض والنفساء وتقضي أيامـًا بعدد ما أفطرته من رمضان . وتلك الأيام يجوز أن تكون في أيام قصيرة مكان أيام طويلة أو معتدلة في مقابل الأيام الحارة أو الباردة والعكس جائز .
هذا ، ويصح أن تكون متصلة أو منفصلة ، ويجوز تأخير القضاء مع القدرة وإن كان الأولى التعجيل به ؛ لحديث عائشة عند البخاري ومسلم قالت : كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان النبي صلى الله عليه وسلم .
وإذا تأخر الصوم حتى مضى رمضان لغير علة تمنعه فقد أوجب بعض أهل العلم القضاء بالصيام والفدية بالإطعام عن كل يوم لم يقضه حتى دخل رمضان ، وإن كان البخاري قد رد ذلك بقوله : ولم يذكر اللَّه تعالى الإطعام ، إنما قال : { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .ثانيًا : صوم النذر :والنذر ما أوجب العبد على نفسه تبرعـًا من عبادة أو صدقة أو غير ذلك .قال تعالى : { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا } [ مريم : 26 ] ، وقال تعالى : { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [ البقرة : 270 ] ، وقوله تعالى : { إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ آل عمران : 35 ] ، وقد امتدح اللَّه سبحانه الموفين بالنذر في قوله تعالى من سورة الإنسان : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُون َيَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } [ الإنسان : 7 ] ، ولم يَرِد مدحٌ للناذرين ، بل في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر ، وقال : إنه لا يرد شيئـًا ، وإنما يُستخرج به من البخيل .وفيه النهي عن النذر ذلك إنما لتأكيد الأمر به والتحذير من التهاون به بعد إيجابه ، ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل لكان في ذلك إبطال حكمه وإسقاط لزوم الوفاء به ؛ ولذا فلقد ورد في البخاري حديث عائشة ، رضي اللَّه عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من نذر أن يطيع اللَّه فليطعه ، ومن نذر أن يعصي اللَّه فلا يعصه )) .
وفي البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين ، رضي اللَّه عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم ينذرون ولا يوفون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، ويشهدون ولا يستشهدون ، ويظهر فيهم السِّمَن )) .
وصوم النذر إذا مات العبد عنه صام عنه وليه ؛ لحديث عائشة : (( من مات وعليه صوم صام عنه وليه )) . والحديث في البخاري .
ونورد هنا كلام ابن القيم في بيان أن ذلك في صوم النذر ، يقول : وقد اختلف أهل العلم فيمن مات وعليه صوم هل يُقضى عنه ؟ على ثلاثة أقوال :
أحدها : لا يقضى عنه بحال ، لا في النذر ولا في الواجب الأصلي ، وهذا ظاهر مذهب الشافعي ، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابه .
الثاني : أنه يُصام عنه ، وهذا قول أبي ثور وأحد قولي الشافعي .
الثالث : أنه يُصام عنه النذر دون الفرض الأصلي ، وهذا مذهب أحمد المنصوص عنه وقول أبي عبيد والليث بن سعد ، وهو المنصوص عن ابن عباس ، حيث روى الأثرم عنه أنه سُئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر ، وعليه صوم رمضان ؟ قال : أما رمضان فليطعم عنه ، وأمَّا النذر فيُصام .
وهذا أعدل الأقوال ، وعليه يدل كلام الصحابة ، وبهذا يزول الإشكال .
وتعليل حديث ابن عباس أنه قال : لا يصوم أحد عن أحد ، ويطعم عنه .
فإن هذا إنما هو في الفرض الأصلي ، وأمَّا النذر فيُصام عنه ، كما صرح به ابن عباس ، ولا معارضة بين فتواه وروايته ، وهذا هو المروي عنه في قصة من مات وعليه صوم رمضان وصوم النذر ، ففرق بينهما ؛ فأفتى بالإطعام في رمضان وبالصوم عنه في النذر ، فأي شيء من هذا مما يوجب تعليل حديثه ؟
وما روي عن عائشة ، رضي اللَّه عنها ، من افتائها في التي ماتت وعليها الصوم : أنه يطعم عنها ، إنما هو في الفرض لا في النذر ؛ لأن الثابت عن عائشة فيمن مات وعليه صيام رمضان أنه يُطعم عنه في قضاء رمضان ولا يُصام ، فالمنقول عنها كالمنقول عن ابن عباس سواء ، فلا تعارض بين رأيها وروايتها ، وبهذا يظهر اتفاق الروايات في هذا الباب ، وموافقته فتاوى الصحابة لها ، وهو مقتضى الدليل والقياس ؛ لأن النذر ليس واجبًا بأصل الشرع ، وإنما أوجبه العبد على نفسه ، فصار بمنزلة الدَّيْن الذي استدانه ، ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدِّين في حديث ابن عباس ، والمسئول عنه فيه : أنه كان صوم نذر ، والدَّيْن تدخله النيابة .
وأما الصوم الذي فرضه اللَّه عليه ابتداءً فهو أحد أركان الإسلام ، فلا يدخله النيابة بحال ، كما لا يدخل الصلاة والشهادتين ، فإن المقصود منها طاعة العبد بنفسه ، وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها ، وهذا أمر لا يؤديه عنه غيره ، كما لا يُسْلِم عنه غيره ، ولا يُصَلِّي عنه غيره ، وهكذا من ترك الحج عمدًا مع القدرة عليه حتى مات ، أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات ، فإن مقتضى الدليل وقواعد الشرع ؛ أن فعلها عنه بعد الموت لا يبرئ ذمته ، ولا يقبل منه ، والحق أحق أن يتبع .
وسر الفرق : أن النذر التزام المكلَّف لما شغل به ذمته ؛ لأن الشارع ألزمه به ابتداءً فهو أخف حكمًا مما جعله الشارع حقًّا له عليه ، شاء أم أبى ، والذمة تسع المقدور عليه المعجوز عنه ، ولهذا تقبل أن يشغلها المكلَّف بما لا قدرة له عليه ، بخلاف واجبات الشرع ، فإنما على قدر طاقة البدن ، لا تجب على عاجز ، فواجب الذمة على نفسه متمكن من إيجاب واجبات واسعة ، وطريق أداء واجبها أوسع من طريق أداء واجب الشرع ، فلا يلزم من دخول النيابة في واجبها بعد الموت دخولها في واجب الشرع ، وهذا يبين أن الصحابة أفقه الخلق ، وأعمقهم علمًا ، وأعرفهم بأسرار الشرع ومقاصده وحكمه ، وباللَّه التوفيق . ( انتهى كلام ابن القيم ) .
ثالثًا : صيام الكفارات :
الكفارة : قال النووي : الكفارة أصلها من الكفر - بفتح الكاف - وهو الستر ؛ لأنها تستر الذنب وتذهبه ، هذا أصلها ، ثم استعملت فيما وجد فيه صورة مخالفة أو انتهاك ، وإن لم يكن فيه إثم كالقتل خطأ وغيره .
والكفارات المشروعة هي : العتق ، والصيام ، والطعام ، والكسوة .
هذا ، وكفارة الجماع في رمضان ، والظهار ، والقتل مرتبة ابتداءً وانتهاءً ، يعني أنه لا ينتقل عن عتق الرقبة ، إلا أن لا يستطيع ، وعدم الاستطاعة إما أن تكون حِسِّية ؛ بمعنى أنه لا يملك المال أو يملك المال ولكن لا يستطيع التصرف فيه لغياب أو حجر أو غيره من الموانع الشرعية ، وإما أن تكون شرعية ؛ كأن لا يقدر على ثمنها بعد وفاء مؤنة من يعول ، أو لا توجد الرقبة التي تباع وتشترى ، فهذا ينتقل من العتق إلى صوم شهرين متتابعين ، فإن كان عاجزًا لهرم أو مرض أو خاف زيادة مرض فعليه إطعام ستين مسكينـًا .
وكفارة القتل الخطأ ليس فيها إطعام ، بل هي عتق رقبة ، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين .وكفارة اليمين فيها التخيير ابتداءً والترتيب انتهاء .
والتخيير بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، إذا لم يجد الحانث في يمينه ما يكفر به عنها من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو عجز عن ذلك كان عليه أن ينتقل إلى الصوم ، فيصوم ثلاثة أيام ؛ لقوله تعالى : { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ المائدة : 89 ] .
وقد اختلف الفقهاء في اشتراط التتابع في الصيام للكفارة ، وسبب الخلاف قراءة ابن مسعـود : ( فصيام ثلاثة أيام متتابعـــات ) ، وهـي قراءة شاذة ، حيث إن من العلماء من يعد القراءة الشاذة حديثًا إن صح كان الأخذ بها كالأخذ بأحاديث الآحاد من السنة .
والأحناف والصحيح عند الحنابلة وقول عند الشافعية وجوب التتابع ، أما المالكية والشافعية فيستحبون التتابع ولا يوجبونه .
اشترط الفقهاء لجواز الصيام في الكفارة :
النية : فلا يجوز صوم الكفارة من غير نية من الليل ؛ لأنه صوم واجب .
التتابع : في صوم كفارة الظهار والقتل والجماع في نهار رمضان ، فإن قطع التتابع ولو اليوم الأخير وجب الاستئناف .
أما عن كفارة اليمين ، فهذا موضوع العدد القادم بإذن اللَّه تعالى .ْ

صوم الست من شوال

صوم الست من شوال
محمد صفوت نور الدين
عن أبى أيوب الأنصارى (1) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " .( رواه مسلم (2) ) .
هذا الحديث يدل على فضل عظيم وعطاء كريم من الله سبحانه ، وعلى المسلم : أن يتعرض لهذا العطاء الوافر من الله سبحانه ، ولا يحرم نفسه من ذلك .
والصوم خمسة أقسام :
1. صوم واجب بإيجاب الله تعالى ، وهو معين ، وهو : شهر رمضان .
2. صوم واجب بإيجاب الله تعالى مضمون فى الذمة ، كصيام الكفارات ( كفارة اليمين لمن عجز عن الإطعام ، وكفارة الجماع فى نهار رمضان ، وكفارة القتل الخطأ ) وكصيام القضاء لما أفطره فى رمضان .
3. صوم واجب بإيجاب الإنسان على نفسه معين ، كنذر صوم يوم ، أو أيام بعينها .
4. صوم واجب بإيجاب الإنسان على نفسه مضمون فى الذمة غير معين ، كنذر صوم يوم ، أو أيام بغير تعيين .
5. صوم التطوع .وصوم التطوع منه ما هو محدد فى الأيام من العام ، كصوم عرفة وعاشوراء ، ومنه : ما يأتى من جملة الصالحات ، كالتسع الأولى من ذى الحجة لحديث : " ما من أيام العمل الصالح فيها خير من هذه الأيام العشر .. " ومنها : ما هو مطلق فى الشهور المعينة ، كصيام شعبان والمحرم ، والصوم فى الأشهر الحرم ، وصوم الست من شوال ، ومنها : ما هو مطلق فى الشهور غير معينة ، كصيام ثلاثة أيام فى كل شهر ، وقد يخص منها الأيام البيض ( القمرية ) ، ومنها : صيام الإثنين والخميس .
وأفضل الصيام عند الله : صيام داود ، كان يصوم يوماً ، ويفطر يوماً .ويحرم الصوم فى العيديد ، ويحرم صوم الشك ، وهو ليس يوم الثلاثين من شعبان إنما هو اليوم الذى يُشك فيه هل هو آخر يوم من شعبان ( ثلاثين منه ) أو هو يوم من أيام رمضان ، لأن الهلال غُم على الناس فلم يستن لهم طلوعه من عدمه .
ويكره الصوم فى أيام التشريق ، وهى : الأيام الثلاثة بعد عيد الأضحى ، لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى .ويكره إفراد الجمعة أو السبت بالصوم تطوعاً ، إلا أن تصوم يوماً قبله ، أو يوماً بعده .
صوم الست من شوال :
فرض الله تعالى على الذين آمنوا صوم شهر رمضان ، وقد شرع لنا النبى صلى الله عليه وسلم الصوم قبله فى شعبان ، لحديث عائشة رضى الله عنها قالت : لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يصوم فى شهر أكثر من شعبان ، فإنه كان يصوم شعبان كله إلا قليلاً ( متفق عليه ) .
وقد شرع الصوم بعده فى شوال لحديث أبى أيوب : " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " فكانت كالراتبة من نوافل الصلاة قبلها وبعدها .
ومعلوم أن أعظم النوافل أجراً : النوافل الراتبة ، وهى : ركعتان قبل الصبح ،وأربع قبل الظهر ، وركعتان بعده ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء .
شوق إلى الصوم :
ولما كان الحديث القدسى : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزي به .. " فإذا استشعر المسلم معنى ( فإنه لى ) ، وخالط هذا المعنى شغاف قلبه ، أحب الصوم ، وتمنى ألا ينتهى من رمضان أبداً ، ولكن كيف ينال ذلك ورمضان يبدأ بالهلال وينتهى بالهلال ؟! هذا الشوق يؤهل العبد لمكافأة من الله وعطاء كبير ، حيث يجعل له صوم ستة أيام من شوال تكمل له حلقة العام مع رمضان ، فيصبح كمن صام العام كله ، ومن كان هذا شأنه دائماً ، فكأنما صام العمر كله ، وذلك عطاء من الله سبحانه لمن إذا خرج من العبادة أحب العودة إليها ، وعليه يمكن حمل الأجور العظيمة على الأعمال اليسيرة بعد العبادة كحديث : " ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم ، وتسبقون به من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : " تسبحون ، وتحمدون ، وتكبرون ، خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين .. " .
فمن صام رمضان ، أى : أتم أيامه صياماً حتى طلع عليه هلال شوال ، ثم أتبعه ستاً من شوال ، أى : بعد عيد الفطر ، لأنه معلوم أن العيد لا يجوز صومه لا فى قضاء ولا كفارة ولا تطوع .
فيبدأ الصوم من اليوم الثانى أو ما بعده إلى أن يتم صومه الأيام الستة متتابعة أو متفرقة فى أول الشهر ، أو فى وسطه ، أو فى آخره ، بهذا كله يكون قد تحقق له أنه ( أتبعه ستاً من شوال ) .
حكم صوم الستة من شوال :
قال القرطبى : ( واختلف فى صيام هذه الأيام ، فكرهها مالك فى موطئه ، خوفاً أن يلحق أهل الجهالة برمضان ما ليس منه ) . وقد وقع ما خافه ، حتى إنه كان فى بعض بلاد خراسان يقومون لسحورها على عادتهم فى رمضان ، وروى مطرف عن مالك أنه كان يصومها فى خاصة نفسه . واستحب صيامها الشافعى ، وكرهه أبو يوسف ( انتهى ) .
ولقد استحب صيامها جمهور العلماء إلا المالكية ، فكرهوا صيامها إذا اجتمعت شروط أربعة ، فإن تخلف منها شرط أو أكثر لم يكره صيامها عند المالكية ، وهذه الشروط هى :
1. أن يكون الصائم ممن يقتدى به ، أو يخاف عليه أن يعتقد وجوبها .
2. أن يصومها متصلة بيوم الفطر .
3. أن يصومها متتابعة .
4. أن يظهر صومها .
صيام الدهر (3) :قوله صلى الله عليه وسلم : " كان كصيام الدهر " أى : كتب له أجر من صام كل يوم فلم يفطر ، ولقد أخرج الدارمى فى سننه عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صيام شهر بعشرة أشهر ، وستة أيام بعدهن بشهرين ، فذلك تمام سنة " يعنى : شهر رمضان ، وستة أيام بعده .وذلك أن الحسنة بعشر أمثالها ، وإنما يرجى ذلك لمن أنس العبادة وأحبها ، وذلك فوق التضعيف الخاص بالصوم فى قوله : " فإنه لى " فهو تضعيف ، وزيادة فوق ذلك التضعيف وتلك الزيادة والله أعلم .قوله صلى الله عليه وسلم : " كصيام الدهر " مع أن الأحاديث قد جاءت بالنهى عن صيام الدهر .
لكن التشبيه هنا : أن من أراد أن يحصل على ثواب صوم الدهر فعليه بصيام ستة ايام من شوال بعد رمضان ، فيضاعف له الثواب حتى يجوز من الأجر كأنه لم يفطر أبداً . بل إن حديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له : " صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها ، وذلك مثل صيام الدهر " .
فكان من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال وصام ثلاثة أيام من كل شهر بعد ، كان كمن صام دهرين فى عمره ، وذلك مما اختص الله سبحانه به هذه الأمة على قصر أعمارها ، فإن الله سبحانه ضاعف لها أعمالها ، فتسبق الأمم بذلك العطاء العظيم من الله سبحانه .
قضاء رمضان وصوم شوال :
ومعلوم أن القضاء فريضة ، فهى على الوجوب ، أما صوم شوال فنافلة ما لم ينذره العبد فيصبح عليه فريضة بنذره ، والقضاء مقدم على صوم النافلة ، فإن استطاع العبد القضاء فى شوال ، ثم صام الستة بعدها فعل ذلك ، وإن خاف لو صام الستة من شوال ألا يستطيع القضاء على مرور العام حتى رمضان الذى يليه ، تعيين عليه القضاء فى شوال دون الستة .
فإن كان لا يتسع شوال عنده للستة مع القضاء ، وهو يرجو أن يفرق القضاء بعد ذلك على أيام العام ، جاز له صوم الستة فى شوال ، وتأخير القضاء إلى ما بعده ذلك ، لأن وقت الستة من شوال محصور فيه ، أما القضاء فوقته مُوسع على العام كله ، لقوله تعالى : " فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " ( البقرة : 185 ) ، وذلك مراعاة لوظيفة الوقت المضيقة دون ما كان وقته موسعاً. والله أعلم بالصواب .
محمد صفوت نور الدين
-----------------
(1) أبو أيوب الأنصارى ، واسمه : خالد بن زيد بن كليب ، من بنى النجار ، شهد العقبة وبدراً وأحداً والمشاهد كلها ، وكان مع على بن أبى طالب - رضى الله عنه - ، ومن خاصته ، وشهد الجمل والنهروين ، ثم غزا أيام معاوية - رضى الله عنه - ،أرض الروم مع يزيد سنة إحدى وخمسين ، ومات عند مدينة القسطنطينية ، وقد آخى النبى صلى الله عليه وسلم بين أبى أيوب ومصعب بن عمير .وأبو أيوب : هو الذى نزل النبى صلى الله عليه وسلم فى بيته لما قدم المدينة إلى أن بنى المسجد ، ثم بنى بيته إلى جوار المسجد فتحول النبى صلى الله عليه وسلم عن بيت أبى أيوب إلى بيته . وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لما هاجر نزل فى بنى عمرو بن عوف خمسة أيام ثم انتقل إلى المدينة ، وقد ركب ناقته وأرخى زمامها ، والناس على جنبتى الطريق يقولون : تعالى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العدد والعدة والعزة والمنعة ، ويأخذون بخطام الراحلة فيقول صلى الله عليه وسلم : " دعوها فإنها مأمورة " حتى ناخت فى بنى مالك بن النجار . فلما نزل عنها النبى صلى الله عليه وسلم انشغل الناس به يأخذونه إلى بيوتهم ، أما أبو أيوب فحمل رحل النبى صلى الله عليه وسلم فأدخله إلى بيته ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " المرء مع رحله " .ويذكر أبو أيوب : أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل فى بيته الأسفل فكسر إناء الماء فسكب الماء فى الغرفة ، فقام هو وزوجه ليجففا الماء بالثوب الذى يلتحفون به مخافة أن ينزل شىء منه على النبى صلى الله عليه وسلم ، قال أبو أيوب : فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا ينبغى أن نكون فوقك ، فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغرفة . فانظر إلى أب أيوب يبقى مجاهداً حتى آخر عمره فيموت غازياً فى سنة أحدى وخمسين وقد طعن فى السن ، ويقول : قال الله تعالى : " انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا " ( التوبة : 41 ) فلا أجدنى إلا خفيفاً أو ثقيلاً . ومناقبه كثيرة رضى الله عنه .
(2) الحديث رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد والدرامى فى سننه ، والحديث مروى كذلك عن ثوبان وأبى هريرة وابن عباس والبراء بن عازب وعائشة .
(3) فى الصحيح : أن سائلاً سأله عن صوم الدهر . فقال : " من صام الدهر فلا صام ولا أفطر " ، قال : فمن يصوم يومين ويفطر يوماً ، فقال : " ومن يطيق ذلك ؟! " قال : فمن يصوم يوماً ، ويفطر يومين ، فقال : " وددت أنى طوقت ذلك " ، فقال : فمن يصوم يوماً ويفطر يوماً ، فقال : " ذلك أفضل الصوم " فسألوه عن صوم الدهر ، ثم عن صوم ثلثيه ثم عن صوم ثلثه ثم صوم شطره .
وأما قوله : " صيام ثلاثة ايام من كل شهر يعدل صيام الدهر " وقوله : " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر ، الحسنة بعشر أمثالها " ونحو ذلك . فمراده : أن من فعل هذا يحصل له أجر صيام الدهر بتضعيف الأجر ، من غير حصول مفسدة . فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر حصل له أجر صوم الدهر بدون شهر رمضان .
وإذا صام رمضان وستاً من شوال حصل بالمجموع أجر صوم الدهر ، وكان القياس أن يكون استغراق الزمان بالصوم عبادة ، لولا ما فى ذلك من المعارض الراجح ، وقد بين النبى صلى الله عليه وسلم الراجح ، وهو إضاعة ما هو أولى من الصوم ، وحصول المفسدة راجحة فيكون قد فوت مصلحة راجحة واجبة أو مستحبة ، مع حصول مفسدة راجحة على مصلحة الصوم .
وقد بين صلى الله عليه وسلم حكمة النهى ، فقال : " من صام الدهر فلا صام ولا أفطر " فإنه يصير الصيام له عادة ، كصيام الليل فلا ينتفع بهذا الصوم ، ولا يكون صام ، ولا هو أيضاً أفطر .
ومن نقل عن الصحابة أنه سرد الصوم ، فقد ذهب إلى أحد هذه الأقوال ، وكذلك من نقل عنه أنه كان يقوم جميع الليل دائماً ، أو أنه يصلى الصبح بوضوء العشاء الآخرة ، كذا كذا سنة ، مع أن كثيراً من المنقول من ذلك ضعيف .
وقال عبد الله بن مسعود لأصحابه : أنتم أكثر صوماً وصلاة من أصحاب محمد ، وهم كانوا خيراً منكم ، قالوا : لم يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : لأنهم كانوا أزهد فى الدنيا ، وأرغب فى الآخرة . فأما سرد الصوم بعض العام ، فهذا قد كان النبى صلى الله عليه وسلم فعله .
قد كان يصوم حتى يقول القائل : لا يفطر ، ويفطر حتى يقول القائل : لا يصوم . ( من مجموع الفتاوى ج22 ص 302 - 304 ) .