الاثنين، 29 أبريل 2013

الباب المكسور ::2:: باب الوطن

الباب المكسور ::2:: باب الوطن
 بقلم / حمدي رزق حماده

الشعب يريد ... الشعب يريد ... نداء القرن الحالي ،والذي نستمع إليه كل يوم ، فالشعب يريد ويريد .. ولكن هل جرب أحد أن يسمع إلى الوطن ؟ ، وهو ينادي ، وهل يا تُرى لو كان الوطن يتكلم فماذا سيقول ؟

هذه الخاطرة جالت في ذهني ، عندما كنت أمر على الطريق ، فوجدت المباني التي غطت اللون الأخضر ، وأصبح الطوب الأحمر ينبت مكان الزرع ... لو تكلم الوطن مع هؤلاء ماذا يقول لهم ؟

عندما تستقل القطار ، فتجد الشبابيك لا يوجد عليها زجاج يحمي الركاب من البرد ، بل لا تجد مقعداً في العربة بأكملها يصلح للجلوس عليه .. لو تكلم الوطن مع هؤلاء ماذا يقول لهم ؟

عندما تذهب إلى موقف الميكروباص ، فتجد استغلال حاجة الناس للسفر ،وزيادة الأجرة بحد كبير ، مع العلم أن الزيادة على البنزين ليست بهذا القدر ، الذي يُفرض على الركاب ... لو تكلم الوطن مع هؤلاء ماذا يقول لهم ؟

ولكن قبل أن يتكلم ، أين هو الوطن ؟

الوطن حائر الآن بين نخب متصارعة ، ونيل يبكي ،ودم يسيل ، ونظام يريد التكويش ، ومعارضة تجيد فنون التلطيش ، والبلطجة ، والضحية " وطن " .

الوطن حائر ، بين جزء من المعارضة يسعى ؛ لإسقاط الرئيس ،ولو كان الثمن هو : الوطن .
و الرئاسة تتمسك بالحكومة ، ولوكان الثمن هو : الوطن .
ولكن من أين يدفع الوطن ؟

ألم يعلم هؤلاء وهؤلاء ، أن الوطن منذ ثلاثين عاماً ، حصالته فارغه ، ويادوب اللى جاي على قد اللى رايح .. ، ولكن لأن الوطن كريم ، قرر الوطن دفع الثمن لهؤلاء وأولئك .

خرج الوطن إلى الربيع العربي ، بما فيه من لكمات هنا وهناك ،ولكن الإعياء أصابه في محمد محمود ،وجاءته الضربات في استاد بورسعيد .. ، فأخذنه إلى مستشفى انتخابات مجلس الشعب ،فاختلف الأطباء ، هل هو يريد عملية مدنية أم عملية إسلامية أم عملية علمانية ؟ ونسوا أن الوطن مصاب ، وأنه ينزف من شريان الإقتصاد ، وشريان الأمن ، فقرروا طلب التبرع بالدولارات ؛ ليتوقف نزيف شريان الإقتصاد ، لكن شريان الأمن لا يزال ينزف ، حالات اغتصاب هنا ،وبلطجة هناك ،وحالات التعدي مستمرة ،ومع هذا لا زال الإختلاف مستمراً.

والوطن يئن ، ولازال الشعب يريد ، تحامل الوطن على جراحه وخرج ، بعدما قام كل طبيب بتكوين ورشة العمل - الأحزاب - التي تنادي باسم العملية ، التي كُتب للوطن عليها ، ولكن تم تحويله مع كل الضربات ، دون علاجها إلى مستشفي الرئاسة .

زاد حِمل الوطن ... وكثرت الدماء هنا وهناك ، ولا يزال الكثيرون ينادون : الشعب يريد
وعندما وصل الوطن إلى مستشفى الرئاسة ،أصابه الإكتئاب ؛ لأنه وجد أطباء الأمس الذين أخطأوا فى علاجه ، هم من يريدون الكشف عليه مرة أخرى ، ولكنه ابتسم ، فهناك أطباء جدد سيقومون بالكشف ، ولكن قالوا ننتخب طبيبين ؛ ليقوم الوطن بإختيار واحد ، يقوم بإجراء العملية له ، فالتعب قد زاد ، والنزيف يزداد ، وهنا فرح الوطن ؛ لأنه سيختار الطبيب لأول مرة فى مرحلة العلاج .

ولكن بعد اختيار الطبيب الذي سيقوم بإجراء الجراحة للوطن ، انقطع التيار الكهربائي في غرفة العمليات ،ولم يعد هناك سولار لإدارة الأجهزة ، وبدأت الأزمات هنا وهناك ،والوطن يئن ، والشعب يريد .

ومازال الأطباء في كل الفضائيات مختلفون ، هل العملية التي يريدها الوطن عملية إسلامية أم مدنية أم عسكرية ؟ ! ..... والوطن ينزف .

ولكني أكاد اسمع صوت الوطن ، في كلام عم حسنين ، الذي يستيقظ مع صلاة الفجر ؛ ليطعم أولاده و اسمع صوت الوطن في صرخة أم الشهيد ، و في صوت كل وطني ، يسعى لبناء الوطن دون أن يريد أن يكون له اسم يذكر ، ولكنه كالجندي المجهول يعمل في صمت ... كل هؤلاء يقولون بصوت الوطن : الوطن يريد شعب يعيش له ، لا يعيش فيه .

تعالوا لنعيش للوطن ، ولا نكتفي بالعيش فيه ، فإننا - نحن - الوطن، والوطن هو نحن: "أنا وأنت وهي" ، .. ولا يُفرق الوطن بين شخص وآخر، أو مكان ومكان ،أو زمان وزمان، فالجميع هم صناعة هذا الوطن، والوطن هو من احتوى الجميع، وتربينا فيه، وعشنا معه، ونتطلع إليه، ونبقي شامخين بشموخ الوطن، وسعداء بفرحة هذا الوطن.. - نحن - الوطن، والوطن هو ما نحن فيه، وما نفيض به من مشاعر ، وقيم ، ومعتقدات.. نعيش من أجل الوطن، ويبقى الوطن ما دمنا فيه ، نعيش له ونفديه بما نملك ، وكل ما نملك.. فالوطن ملكية عامة ، نشترك فيها ونتعاون فيما بيننا ؛ لتحقيق تفردنا بملكيته، ونتعاضد من أجل بناء شخصيتنا، وهويتنا ، التي هي واجهة الوطن، وروحه، وقلبه النابض..

تعالوا نعيد تعريف الوطن للأجيال القادمة ، فالوطن ليس الحدود ،وليس المؤسسات فقط ،ولكن الوطن : عمل تراكمي ،وجهود متصلة ،وعقول متلاحمة ، وأجساد مترابطة، تضيف دائماً ، وتزيد كثيرا ،وتنمو مع الوقت ؛ لتصبح هي السياج الذي يحمي الحدود، والسواعد التي تبني المكان، والعيون التي تسهر، والعقول التي توجه.. ونعيش اليوم لنتأكد ان كل فرد من أبناء وبنات هذا الوطن هو إضافة ، ولبنة صالحة ، أسهمت في الماضي ، وتعزز من الحاضر ، وترتقي إلى المستقبل المشرق - بإذن الله تعالى -.
و إلى اللقاء مع باب آخر من الأبواب المكسورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق