الجمعة، 12 أبريل 2013

العائلة المصرية .. وتنوعها المتعايش المتنافر



العائلة المصرية .. وتنوعها المتعايش المتنافر

العائلة المصرية .. وتنوعها المتعايش المتنافر

 عبد الرحمن المراكبي

"هكذا هي مصر منذ خلقت حافلة بالتنوع الفسيفسائي الفطري المتعايش، ولا يمكن توصيف المشهد علي أنه مواجهة بين قوى إسلامية وأخري مدنية، فالإسلام وعاء يستوعبهم جميعا والخيار المدني محل اتفاق لدي كل الفصائل، ولكنها حريات انطلقت من قمقمها بعد كبت طويل حيث كان معظم المصريين في فترات الاستبداد منظومين في قطيع واحد يشار إليهم باتجاه ما فيهرولون، ثم استيقظ وعيهم فقاطعوا الصناديق الوهمية ثم صنعوا ثورتهم التاريخية...."

بهذه الكلمات وصف الدكتور "سلمان العودة" المشهد المصري الحالي في مقاله هذا الأسبوع بجريدة الأهرام المصرية، و"العودة" معروف بمتابعته الجيدة لمصر وتفاعله الدائم مع الأحداث الجارية فيها وما ذاك إلا دليل على حبه الشديد لها، ولا شك أن كثيراً من المصريين من بينهم كاتب هذه الأسطر يبادلونه نفس الشعور والحب.

لكن نظرتنا للمشهد من الداخل قد تختلف عن أستاذنا فالمواجهة حالياً بين ثلاث تيارات على الساحة يراقبهم عن قرب تيار رابع في العائلة المصرية وهو ما يطلق عليه البعض حزب الكنبة والذي يضم أفراداً من توجهات شتى إسلامية وغير إسلامية.


فالتيار الأول الذي وصل إلى سدة الحكم وحصد أغلبية البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى تيار يسعى - على حد زعمه - إلى إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية، وقد كانت نشأته في الأساس عقب سقوط الخلافة العثمانية وبعد أن دخلت الحداثة إلى مصر وجنبت الشريعة عن بعض مسارات الحياة، وهذا التيار يرى في نفسه القدرة على إصلاح هذا البلد والاصطفاف به في مقدمة الدول؛ ومعلوم أن التيار الإسلامي ينقسم على نفسه ما بين إخوان وسلفيين ولكل منهما مزاياه وعيوبه ورؤيته المختلفة في تصور إصلاح المجتمع، بل إن السلفيين ليسوا تياراً واحداً ولكنهم تيارات مختلفة.

والتيار الثاني: تيار تغريبي علماني يسمي نفسه في الوقت الحالي بالتيار المدني بعد أن علم أن الشعب المصري المتدين بفطرته يرفض العلمانية جملة وتفصيلاً، وهذا التيار لديه مشروع مضاد تماماً للمشروع الإسلامي، وينقسم من الداخل إلى قسمين أيضاً: قسم مسكين مفتون بالغرب وتقدمه، لا يرى سبيلاً للنهوض بالبلاد سوى في اقتفاء أثره والسير على خطاه حذو القذة بالقذة إن شبراً فشبر وإن ذراعاً فذراع، وقد قصر التيار الإسلامي في حق هؤلاء تقصيراً بالغاً إذ الواجب عليه أن يبصرهم بشريعة الإسلام وشمولها وصلاحيتها لكل زمان ومكان.

والقسم الآخر: قوم من بني جلدتنا يتكلمون بألسنتنا لكنهم ينفذون سياساتٍ قد رسمت لهم منذ عقود من الزمان، رسمها لهم سادتهم الغربيين حين علموا أنهم لن يستطيعوا مواجهة الإسلام بالأساليب التقليدية، وأيقنوا أن المعركة مع الإسلام وجهاً لوجه معركة محكوم عليها بالفشل، فنجحوا في إبهار بعض المثقفين بالعلمانية الغربية بعد أن ضربوا عقولهم في مصنع الفكر الغربي فتمذهبوا بمذهبهم وأعلنوا التسليم والاستسلام لإرادة الغرب في استلابنا واحتوائنا وإلحاقنا بنموذجه الحضاري، وليس أبلغ في الاستدلال على ذلك مما قاله "طه حسين" في كتابه: "مستقبل الثقافة في مصر" حيث يقول:" التزمنا أمام أوربا أن نذهب مذهبها في الحكم، ونسير سيرتها في الإدارة، ونسلك طريقها في التشريع...".

نعم،،، نجح الغرب في علمنة بعض المثقفين ليجردوا الإسلام من القانون المنظم لمختلف ميادين الحياة ويختزلوا الشريعة في مجموعة من الوصايا الأخلاقية التي يمكن أن تحل محلها وصايا الإنجيل.

وصدق فيهم قول الشاعر:
عرب ولكن لو نزعت وجوههم
لوجدت أن اللب أمريكان

والتيار الثالث: تيار لا يسعى سوى لمصلحته الشخصية وبه فريقين أيضاً: أحدهما فلولي يريد إعادة إنتاج النظام القديم لأن مصالحه معه؛ والآخر مهووس بحب الكرسي والرئاسة يسعى إلى إسقاط الرئيس المنتخب بأي وسيلة ولو كانت إحراق مصر.

هذه قراءتي للتنوع المتعايش المتناحر في المشهد المصري في هذه الأيام التي أختلف فيها مع أستاذنا وقد أكون مخطئاً وقد أكون مصيبا، لكن الرسالة التي أريد أن أوجهها إلى أبناء هذا الوطن الواحد الذين ترعرعوا على أرضه وتنسموا هوائه وتربوا على قيمه وأخلاقه أن يحسنوا صحبة الوطن فإنه يستحق أن ينهض وسينهض قريباً إن شاء الله، حفظ الله مصر من كل مكروه وسوء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق