الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

المعارضة الرشيدة .. وأوهام المناضلين الافتراضيين

المعارضة الرشيدة .. وأوهام المناضلين الافتراضيين

عبد الرحمن المراكبي

لا أقصد من مقالي هذا الدفاعَ عن الرئيس، أو حكومته، أو عن جماعة الإخوان المسلمين، فلستُ من أبنائها أو مُرِيديها، بل أختلف معهم في بعض آرائهم وأفكارهم، وأعارضهم بالتي هي أحسن.

لكن الذي دفعني إلى هذا الحديث، هو حزني على بعض التيارات في مصر، وبعض الشخصيات السياسية المشهورة بالنضال، التي أصبح شغلها الشاغل العملَ على إسقاط الإخوان، وتشويه صورتهم، بل وصورة الإسلام، وتصويرها للناس على أنها رجعية وتخلُّف، وأن نجاح الإخوان طريق للفاشية الدينية، واستبداد الإسلاميين باسم الدين؛ فغابتْ عنهم الحكمةُ، وانعدم عندهم أدبُ الخلاف، وطفحت على السطح قلةُ أدبهم في التعبير عن الآراء، ولم يَعُد لهم همٌّ إلا التصيد والنقد -غير البنَّاء- لكل القرارات التي يُصدِرها الرئيس وحكومته؛ تراهم على شبكات التواصل الاجتماعي ينتقدون كل شيء، ويعلِّقون على كل كبيرة وصغيرة، فإذا ما فعل الرئيس أو الحكومة شيئًا جيدًا، سكتوا عنه وتغافلوا، وكأن إحدى أذُنيهم من طين والأخرى من عجين.

ولو عقَلت تلك النخبة، وقرأت التاريخ جيدًا، واستفادت من أخطاء ما بعد الثورة، خلال أكثر من عام ونصف - لأيقنت أن الحزب الذي يُبنَى على المعارضة، من أجل
المساومة وتحقيق المصالح، سيبقى في هذا الدور إلى أن يتقلص ويتهاوى، بينما الحزب الذي يسعى إلى المنافسة الشريفة، وتحمل المسؤولية، وتقديم البدائل، سوف يكبر، وينجح، ويصل إلى السلطة.

ولو كان في قلوب أصحابنا خيرٌ، لسَعَوا إلى بناء مصر الجديدة، وعَمِلوا على نهضتها من خلال المعارضة الرشيدة والمنصفة، التي تساعد على الخير، وتشكر عليه، وترفض الخطأ، وتقوِّم مرتكبه بالأساليب القانونية، وتقُوم على إعداد الكوادر النابهة، وتسعى في إقامة المبادرات النافعة، وتحاول تقديم الحلول الواقعية للمشاكل التي نعيشها، والبدائل الصحيحة لها؛ فمصر تنتظر من أبنائها -حكومةً ومعارضةً- الأداء الأحسن والأكثر نزاهة.

وإذا كانت الأنظمة الديمقراطية تعتبر المعارضة الرشيدة هي العين الثالثة، التي تستطيع من خلالها قراءة رأي الشارع بما تطرحه من برامجَ أو قوانين أو أنظمةٍ؛ فإننا نريد معارضة فاعلة، تؤمن بلُغَة الحوار، وتحترم كلمتها، ولا تنبري للسب والسفه، تنصح الحاكم، وتبدي له النصيحة، وتعارض سياسته في بعض الأمور، دون أن تخرج عن واجب الاحترام، تحمل برنامجًا واضحًا قابلاً للتطبيق، لا تحمل أهدافًا غير الأهداف الوطنية التي يسعى الجميع إلى تحقيقها، وتحقق أهدافها عن طريق الإقناع والتفاعل مع الشارع المصري.

لذا؛ فإني أطالب المعارضة المصرية أن تحذو حذو الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح -المرشح السابق للرئاسة- الذي قال: "لن أضيع وقتي ووقت الرئيس، وأشتِّت تفكيري وتفكيره في معارضة كاذبة وحاقدة؛ فأنا أساعده، وأدعمه لوجه الله؛ وخدمة للوطن، من خلال مشروع مصر القوية الذي بدأت في تنفيذه".

منشور بـ : جريدة الرحمة - 14/9/2012 - العدد 43

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق