الأحد، 2 يونيو 2013

حوار مع البروفيسور إدريس توفيق ورحلته من الفاتيكان إلى الأزهر

حوار مع البروفيسور إدريس توفيق

ورحلته من الفاتيكان إلى الأزهر

د. إدريس توفيق & عبد الرحمن المراكبي

• ماسح أحذية صغير بأحد شوارع القاهرة كان سببًا في إسلامي.

• لم أبحث عن الإسلام، لكن الإسلام هو الذي كان يبحث عني، هو الذي اختارني وأخذ قلبي.

• أنا أكثر الناس حظًّا في العالم؛ لأنني أدرِّس الآن في جامعة الأزهر الشريف.

• الغرب لا يكره الإسلام ولا يخاف منه، ولكن هناك بعض الأشخاص هم الذين يَكرَهون الإسلام، وللأسف هم الذين يتحكَّمون في العالم!

• من أهم مميزات ثورات الربيع العربي أنه فتح الطريقَ للإسلاميين للتحدث أمام العالَم ومع الآخرين عن الإسلام الصحيح.

"السلام عليكم" كلمة ألقاها ماسح الأحذية الصغير الذي لا يتعدى عمره أربع عشرة سنة على القس الكاثوليكي السابق بالفاتيكان إدريس توفيق، فكانت سببًا في هدايته إلى الإسلام؛ ذلك أنه كان لا يعرفُ عن الإسلام سوى ما يُصدِّرُه له أئمة الكفر هناك؛ من أنه دينُ عنفٍ وتعصب - وحاشاه أن يكون كذلك - وأن المسلمين أشخاص سيِّئُون جدًّا، يقطعون الأيدي، ويقتلون الأبرياء، وغير ذلك من الاتهامات التي يروِّجها الغربُ عن الإسلام.

لكن زيارة ضيفنا إلى القاهرة نسفت كلَّ هذه الأباطيل بعد أن شاهَد المسلمين بنفسه، ورآهم على حقيقتهم، فعاد إلى لندن وقرأ عن الإسلام، حتى أسلم وأصبح مدرِّسًا بالأزهر الشريف.

وقد كان لنا معه هذا الحوار؛ لنعرف منه ما هي الطريقة الصحيحة للدعوة إلى الإسلام في الغرب؟ وكيف نتعامل مع كراهية الغرب لنا؟ وكيف يستطيع المسلم الذي يعيش في دولة غربية تغيير صورة المسلم اليوم الذي أصبح اسمه مرادفًا للإرهاب والإجرام والهمجية؟

فإلى نص الحوار:

ضيفَنا الكريم، معلوم أن طفلاً صغيرًا كان سببًا في إسلامك، لكننا نودُّ أن نتعرف على الحقيقة العلمية التي حوَّلتك من المسيحية إلى الإسلام؟

* بعض الناس يسألون: لماذا رفضت المسيحية؟ والبعض يسأل: هل كنتَ تبحث عن الإسلام؟
إدريس توفيق: قلت: لا، الإسلام هو الذي كان يبحث عني، وأنا أعتقد أن الشيء الذي أعطيه للإسلام هو أنني أفكِّر بطريقة مختلفة عن الناس، فأنا أستطيع أن أتعلَّم العلومَ وأفهمها، وأتجاوب مع الغرب، أعلم ماذا يُخيفهم، وأعلم مداخلهم في الحوار، وأسعى إلى الربط بين الثقافتين.

والله - سبحانه وتعالى - هو الذي هداني للإسلام، والإسلام هو الذي اختارني وأخَذ قلبي؛ وبعد أن أسلمتُ بدأت أعلم وأفهم الإسلام بصورة كبيرة، عندما يتقبَّل الناسُ الإسلامَ يتقبلونه لبساطته؛ فالإسلام بسيط جدًّا، ولأنه دين عظيم ودين كبير خاطَبَ جميعَ الثقافات، وجميع الخلق.

للأسف بعض الناس عندما يتكلمون عن الإسلام يبدؤون بالحديث عن بعض الأمور المعقَّدة للغاية، لكن الأفضل أن ندعوَ الناس للإسلام، وبعد ذلك نتطرق للأمور التفصيلية.

* وما هو مشروعكم لخدمة الإسلام لنكون معًا في تنفيذه؟
إدريس توفيق: أنا أكثر الناس حظًّا في العالم؛ لأنني أُدرِّس الآن في جامعة الأزهر الشريف، للأسف بعض الناس - خاصة في مصر - لا يعرفون قيمة الأزهر، ولا يعرفون أيضًا كيف يحترم العالَمُ الإسلامي خارج مصر والعالم العربي الأزهرَ الشريف ويُجلُّه.

أنا أفعل شيئين اثنين:
الشيء الأول: هو أنني أدرِّس للتلاميذ الثقافة الغربية، وأعلِّم المسلمين كيف يتحدثون عن الإسلام.

الشيء الثاني: هو أنني أبلِّغ الناس جميعًا في جميع أنحاء العالم كيف يكونون مسلمين جيِّدين، ولغير المسلمين ألا يخافوا من الإسلام، والشيء الخاص الذي يميِّزني هو أنني أفهمُ الكنيسة، وأعرف قادة الكنائس، فأعرفهم كاسمي، فأنا أجول العالَم، وأتكلَّم مع قادة العالم المسيحي، وقادة الكنائس، وأتكلَّم معهم عن حقيقة الإسلام، وأنا أفهم ما يدور في عقولهم، وخصوصًا بعد ثورات الربيع العربي، فقد تضاعف خوف المسيحيين على مستقبلهم، وماذا سيحدث لهم؛ ولهذا سافرت لمعظم دول العالم، وشرحت لجميع قادة العالم المسيحي أن الإسلام لا يمثِّلُ أيَّ خطر على منطقة الشرق الأوسط بل بالعكس، ولقد تكلمتُ في لقاء كبير في لندن عن كيف يعامل المسلمون المسيحيين في الشرق الأوسط بحب، وأكدت أن الإسلام لا يأمرنا فقط بالتسامح معهم، ولكن أيضًا لا يمنعُنا من أن نبَرَّهم ونُقسِطَ إليهم، والمسلمون في مصر قريبون جدًّا من المسيحيين.

* في نظرك.. ما سبب كراهية العالم الغربي للإسلام والخوف من الحوار الإسلامي؟
إدريس توفيق: إجابتي ببساطة: إنهم لا يكرَهون الإسلام، ولا يخافون منه، ولكنَّ هناك بعضَ الأشخاص المعيَّنين هم الذين بالطبع يكرَهون الإسلام، وللأسف هؤلاء الأشخاص المحددون الذين يكرَهون الإسلام، هم في مناصب عليا، ويتحكمون في العالم، ولكن الغالبية الساحقة لا يعرفون أي شيء عن الإسلام، ومهمتنا - كمسلمين - أن نعرِّف العالم الغربي بالإسلام، وأن نستخدم الوسائل المتاحة؛ كالإعلام، والصحافة، والفيس بوك، وغيرها؛ لأن الإسلام أمرنا بدعوة الآخرين، وأهم شيء أن ندعوَ الآخرين بالطريقة المناسبة الصحيحة؛ لأننا إذا استخدمنا اللغةَ الخاطئة سوف ننفِّر الآخرين من الإسلام.

وللأسف ينظر الغرب إلينا على أننا ممثِّلون للإسلام، فيظلمون الإسلام لأننا لا نطبِّقُ الإسلام بطريقة صحيحة في بلادنا.

ومن أهم مميزات ثورات الربيع العربي أنه فتَح الطريق للإسلاميين للتحدث أمام العالم ومع الآخرين عن الإسلام الصحيح.

* كيف يمكن مقاومة الحملات التي تقاوم الإسلام؟
إدريس توفيق: أول شيء بالسلوك الصحيح الجيد، أنا أعتقد أن الأسلوبَ الجيد هو أسهل الطرق لتوصيل الصورة الصحيحة.

ويجب أن نفكرَ كيف نتعامل مع الغرب؟ وكيف نتكلم عن الغرب ومعه؟ ما يجعل الآخرين يتقبَّلون الحديثَ معنا هو سلوكنا الإيجابي تجاه سلوكهم السلبي، لقد كنتُ في مناظرةٍ عن الإسلام بجامعة كامبردج بعنوان: "هل الإسلام يهدد البشرية؟".

وقد كان نظيري يتكلم بصورة صاخبة قاسية عجيبة وبصوت عالٍ، ولكن عندما قلت: "بسم الله الرحمن الرحيم" بصوتٍ هادئ، انتبه الناسُ لكلامي، وقالوا: ماذا سيقول هذا الهادئ؟ وأمِنوا من ناحيتي، وقلت لهم: إنني هنا لكي أدعوَكم وأتكلَّمَ عن سماحة ديني، ولو أتيتم لتتعاركوا، إذًا فأنتم الفائزون.

* ما النصيحة التي تقدِّمها للشباب العربي الذين منَّ اللهُ عليهم بتعلُّم اللغات الأخرى، وخاصة خريجي كليات الألسن واللغات والترجمة؟
إدريس توفيق: يجب أن يتعلم الشابُّ ألا يجعلَ حديثه مع مَن يدعوهم عن الدين أول شيء؛ بل تحدَّث عن ثقافته، وتعلَّم ثقافته، تكلَّم عن عمله، وعن رياضته المفضلة، وعن حياته، ولا تبدأ بالدِّين؛ لأنك إذا بدأت بالدِّين المختلف عنه، سيشعر أنك من مكان بعيد عنه، لكن إذا بدأت بالحديثِ عن الأسرةِ مثلاً، سيشعر أنك مثله، فسيبدأ بالحديث والتجاوب معك ويقترب منك، والشيء الذي أؤكده عليهم أن يتعلموا عن الإسلام دومًا، ولا يتوقفوا عن التعلُّم أبدًا، فإذا قلت: إنك تعرف كل شيء، فأنت لا تعرف - في الحقيقة - أيَّ شيء.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق