الاثنين، 31 أغسطس 2009
فضائياتنا في رمضان
الخميس، 27 أغسطس 2009
ليلة القدر خير من آلف شهر
الثلاثاء، 25 أغسطس 2009
رمضان خطوة نحو التغيير
الاثنين، 24 أغسطس 2009
رمضان : خصائص ولطائف
بين السحور والفطور
السبت، 22 أغسطس 2009
رمضان والتوبة
بقلم : د. جمال المراكبي
الحمد لله أرشد النفوس إلى هداها، وحذرها من رداها قد أفلح من زكاها *وقد خاب من دساها. وبعد: الأيام تمرُّ عجلى، والسنين تنقضي سراعًا، وكثير من الناس في غمرة ساهون، وعن التذكرة معرضون، وما أحوج المسلم إلى موقف المحاسبة في هذه الأيام الفاضلة، ونحن مقبلون بعد ساعات على شهر كريم يجعلنا نقف مع النفس وقفة المتأمل، يتأمل الإنسان حاله، وأحوال الغافلين من حوله. والله سبحانه وتعالى يذكرنا ويدعونا في قرآنه الكريم، أن نتدبر الخلق، ونتدبر أحوال الكون، والله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو العالم، فهو القائل سبحانه: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق {فصلت:53} فعلينا أن نستعِدَّ ليوم القيامة وما فيه من أهوال لا تقارن ولا تقاس بما نراه على الأرض من أهوال أو متاعب، والله سبحانه قد جعل الإنسان شاهدًا بنفسه عليها: إذا زلزلت الأرض زلزالها (1) وأخرجت الأرض أثقالها (2) وقال الإنسان ما لها {الزلزلة:1-3}. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، ويظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال، فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس، آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه، ولا يطويانه، ولتقومن الساعة، وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسعى فيه، ولتقومن الساعة، وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها". {متفق عليه}. وفي صحيح ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني غير لابث فيكم، ولستم لابثين بعدي إلا قليلا، وستأتوني أفنادًا، يفني بعضكم بعضًا، وبين يدي الساعة موتان شديد وبعده سنوات الزلازل". {صحيح ابن حبان 6777}. بأس الله في إعصاريْ كاترينا وريتا أمريكا بوش تلك القوة العظمى التي تنفرد الآن بالعالم كله تنكل بمن تشاء وتبيد من تشاء، وتقتلع الأخضر واليابس مع خنازير اليهود في العراق وأفغانستان، وفلسطين، والكل يعلم تمامًا قدرة أمريكا التي تمتلك من العلم والقدرة ما يجعلها تتحسب جيدًا لكل خطر يتهددها، وتدرأ بقوتها كل قوة تحاول أن تنال منها فعندها قنابلها الذرية، وطائراتها المبيدة، وأسلحتها الفتاكة. وقد تابع العالم كله انتقام الله بعد أن ضرب أمريكا يوم الاثنين 29-8-2005 في مساحة كبيرة تقدر 235 كم إعصار كاترينا، حيث غمرت الفيضانات مدنًا وولايات أمريكية، وأبادتها بالكامل، بعد أن رسمت المأساة صورة قاتمة لواقع أليم تعيشه الشعوب حتى في أقوى وأغنى دول العالم قاطبة بين البؤس والاقتتال والسلب والنهب، والأنانية واليأس فقد عاشت الولايات المنكوبة من جراء إعصار كاترينا حالة من الأهوال التي تذكر بيوم القيامة، وإذا كنا نذكر بهذا الموقف الشعب الأمريكي وقيادته من رعاة البقر بأن لا يتعالى، وأن يتذكر الشعب الأمريكي ومعه بوش بأنه لا قدرة لمخلوق فوق قدرة الخالق، وأن الله سبحانه منزل الغيث، منتقم جبار وأن ما حدث في زلزال كاترينا، وكلف ميزانيتها ضعف ما كلفتها حربها ضد العراق وأفغانستان، ليعي بوش وشعبه أن هناك إله منتقم جبار فوق كل الجبابرة!! وما كادت أمريكا تلتقط أنفاسها بعد إعصار كاترينا الذي ضرب ولاية لويزيانا، ومدينة نيو أورليانز أجمل مدنها حتى جاءتها آية أخرى من آيات الله الذي يقول للشيء كن فيكون!! وضرب أمريكا إعصار ريتا الذي تسبب في نزوح ثلاثة ملايين شخص من منازلهم خوفًا من الإعصار ريتا الذي ضرب الساحل الجنوبي للولايات المتحدة الأمريكية وولاية تكساس ولويزيانا. وقد كشفت المصادر المطلعة أن تقدير حجم الخسائر بالنسبة لإعصار كاترينا وحده تقترب من 250 مليار دولار كما بلغ عدد القتلى من جراء الإعصار نفسه 1075 شخصًا في إحصائية مبدئية غير نهائية، ناهيك عن الآثار الاقتصادية المدمرة التي سببها إعصار ريتا والتي لم يتم حصرها بشكل نهائي حتى تاريخ كتابة هذه السطور. عنصرية الأمريكان وقد كشفت الأعاصير التي وقعت في أمريكا عن عنصرية الأمريكان فما زال سكان الولايات المنكوبة وما حولها حول خليج المكسيك يعيشون بعيدًا عن بيوتهم بعد أن طارت السيارات واليخوت لتستقر فوق أسطح البيوت المدمرة، وغرقت شوارع المدن بمياه الخليج حتى سبحت فيها أسماك القرش، وإذا كانت ولاية لويزيانا أشهر ولاية سياحية وكذلك مدينتها نيو آورليانز، فإن تكساس هي أكبر ولاية بترولية في أمريكا وبها 65% من آبار البترول الأمريكي، 5،27% من كل معامل تكرير البترول فيها، كما أن هيوستون هي رابع مدينة في أمريكا وهي عاصمة صناعة البترول. وقد كشف الإعصار كاترينا عن سوء الإدارة الأمريكية، بل نستطيع القول أنه قد كشف عن حقيقة هذا الشعب والمتمثلة في طبيعته العنصرية، حيث تفاوت الاهتمام في ردود الأفعال من مكان إلى آخر، ومن فئة إلى فئة حسب اللون حيث يسكن المناطق التي ضربها إعصار كاترينا غالبية من السود ذوي الأصول الأفريقية، ومع أن إعصار كاترينا لم يكن مباغتًا مثل ما حدث في تسونامي، لكنه كان متوقعًا قبل حدوثه بمدة كافية، ومع ذلك لم تستطع الحكومة إقامة المشروعات الوقائية، وإجلاء السكان، وتوفير أماكن الإيواء، ومواد الإغاثة اللازمة، فظهر آداؤهم في إدارة الأزمة كدولة متخلفة من دول العالم الثالث. وإذا كانت العنصرية الأمريكية ضد السود والتي كشف عنها إعصار كاترينا قد عرّت الأمريكان أمام العالم ليست هي العار الوحيد الذي يلاحق إدارة بوش في الولايات المتحدة فهناك عار آخر يتحدث عنه العالم؛ فهناك أكثر من 600 معتقل مسلم يقبعون في معتقل جوانتانامو دون محاكمة، ودون أن يتحرك أصحاب الضمائر الذين تحركوا وجيشوا الجيوش للسوريين واللبنانيين للبحث عن المدبر الحقيقي لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الحريري وتوجيه أصابع الاتهام لسوريا وبعض الشخصيات اللبنانية فور وقوع الحادث وقبل الحصول على أي دليل إدانة، حتى الآن لم يتحرك أصحاب تلك الضمائر لإنقاذ هؤلاء المعتقلين الذين أهدرت كرامتهم وآدميتهم بفعل خنازير الأمريكان القابعين للتعذيب والتنكيل بالمسلمين في جوانتانامو وسجن أبو غريب وغيره من المعتقلات المخصصة لإهدار الكرامة للآدميين، فأين منظمات حقوق الإنسان العربية والإسلامية والغربية، الأهلية والحكومية التي تقرأ أخبارها في الصحف كل يوم؟ أم أنه ليس ضمن مهمة تلك المنظمات حماية حقوق الإنسان العربي والمسلم؟!! التفسيرات العلمية لأهل الباطل قال الله تعالى في محكم آياته: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا {الإسراء:59}، فالزلازل والبراكين والعواصف والرعد، والبرق، والخسوف والكسوف آيات باهرة تدل على قدرة الله تعالى وعظمته ووحدانيته، يرسلها سبحانه على الكافرين غضبًا وانتقامًا كما أهلك من قبل مدين وثمود وغيرهم. ويرسلها على المؤمنين عذابًا وتطهيرًا لهم في الدنيا. وأما الكلام عن الحكمة من تلك الآيات الكونية فمن شأن علوم الوحي والله سبحانه مسبب الأسباب، ومدبر أمور الكون وهو العليم الحكيم، وقد قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الله يخوِّف بها عباده، فكونها آية يخوف الله بها عباده فهي من حكمة ذلك". وغالبًا ما نسمع عن تفسيرات لتلك الأحداث تصدر عن أهل الضلال عندما يقولون: "إن هذا أمر طبيعي لا علاقة له بالدين وليس هناك من ورائه حكمة". والله سبحانه مسبب الأسباب، ومجري الأفلاك، ذو حكمة بالغة، وذو قدرة مقتدرة، وإذا كان هذا هو كلام من يقصرون فهمهم فقط على تحليل الأسباب العلمية لمثل تلك الظواهر، فقد قال عنهم مالك الملك ومجري السحاب، ومنزل المطر، من يقول للشيء كن فيكون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون {الروم:7}. فذاك شيء متوقع ممن لا يؤمن بمن رفع السماء بلا عمد، وفرش الأرض وجعلها قرارًا ومهادًا، يُدبر الأمر، ويسيِّر الأفلاك وهو الحكيم الخبير!! ولكن العجب العجاب أن يصدر هذا الكلام ممن يدعون الإسلام، ويرددون هذا الكلام، ويرمي من تكلم بالحكمة من هذه الظواهر بالتخلف والخذلان!! أما قرأ هؤلاء المارقون قول المولى عز وجل في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا {الإسراء:59}. وقال: وما هي من الظالمين ببعيد {هود:83}. وقال: ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء {الرعد:13}. وقال: ريح فيها عذاب أليم (24) تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين {الأحقاف:24، 25}. ولكن الأمر كما قال الله تعالى: ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا {الإسراء:60}. وقد يظن بعض الناس أن الحسابات العلمية والأسباب التي يتحدث عنها أهل الاختصاص تعني أنه لا حكمة من وراء ذلك، وهذا خطأ واضح، واعتقاد فاسد. قال العلامة ابن دقيق العيد: في قوله صلى الله عليه وسلم : "يخوف الله بها عباده" إشارة إلى أنه ينبغي الخوف عند وقوع التغيرات العلوية. ومما يدل على أن مثل هذه الآيات إنما هي تخويف للعباد وتحذير لهم ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كانت الريح الشديدة إذا هبَّتْ عُرِفَ ذلك في وجه النبي صلى الله عليه وسلم " {البخاري 1034} وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج، وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سُرِّيَ عنه، فَعَرَّفته عائشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "وما أدري كما قال قوم عاد: فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم {الأحقاف:24}" {البخاري ومسلم}. وفي الحديث تذكُّرْ ما يذهل المرء عنه مما وقع للأمم الخالية والتحذير من السير في سبيلهم من وقوع مثل ما أصابهم. وتأمل معي حال القلوب عند وقوع تلك الآيات وقد دبَّ فيها الخوف والهلع وحالها بعد انكشاف الضرّ، ففيه إشارة للمسلم وتنبيه له على سلوك طريق الخوف والرجاء. وقوع الآيات قد يكون غضبا وانتقامًا من الكافرين ينبغي أن يعلم أن الذنوب التي أهلك الله بها الأمم السابقة على قسمين: *فالقسم الأول: معاندة الرسل وجحد رسالاتهم. *والقسم الثاني: الإسراف في الفجور والذنوب. أما القسم الأول فإن الله سبحانه يهلك أصحاب هذا القسم هلاك استئصال وإبادة. كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب وأضرابهم. قال الله تعالى: فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون {العنكبوت:40}. أما القسم الثاني فإنهم يصابون بالمجاعات والأمراض والزلازل وغير ذلك، وقد يكون، مع ذلك موت وقد لا يكون وعذاب هذه الأمة الإسلامية من هذا القبيل، فإن الله تعالى لا يستأصِلُها ولا يهلكها نهائيًا كما كان يفعل مع الأمم الكافرة السابقة، ولكنه يعذبهم بأنواع عديدة متنوعة من البلاء. وعذاب الله تعالى وعقابه للأمم لا يختصُّ بنوع واحد بل جرت سُنَّة الله تعالى في تنويعه على ألوان مختلفة ومتنوعة، فقد يكون صاعقة، أو غرقًا، أو ريحًا، أو خسفًا، أو قحطًا أو مجاعة وارتفاعًا في الأسعار، أو أمراضًا، أو ظلمًا وجورًا، أو فتنًا بين الناس واختلافًا، أو مسخًا في الصُّور أو مطرًا بالحجارة أو رجفة الخ!! وما ارتكبه الأمريكان من تدنيس للمصحف في جوانتانامو، ووضعهم الكتاب الكريم، ووضع أقدامهم فوقه مما استوجب غضب المنتقم الجبار وإذا كان المسلمون عجزوا عن الدفاع عن كتاب ربهم من التدنيس والإهانة فللكتاب ربٌّ يحميه.. والمولى يقول في كتابه عز وجل: إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر {القمر:30} وقول المولى عز وجل: يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم *يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد {الحج:1، 2}. والحمد لله رب العالمينجنة الدنيا
الخميس، 20 أغسطس 2009
التوبة وذكرالموت
الأربعاء، 19 أغسطس 2009
عسل النحل غذاء وشفاء
عسل النحل غذاء وشفاء
بقلم د . أحمد شاهين
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ، وأسكنه هذه الأرض لتعميرها .. ، ووهبه سبحانه من النعم ما يحفظ به حياته وصحته .. وسخَّر له كل المخلوقات لخدمته .. ومن بين هذه المخلوقات النحل .. ذلك المخلوق الضعيف الذي يفرز أشهى غذاء وأعظم سقاء ؛ إنه عسل النحل .ولقد ظل الإنسان يعتمد أساسًا في غذائه - ولقرون عديدة - على العسل قبل أن يعرف الخبز واللبن والحبوب ، وكان يجمع العسل من أقراص النحل المنتشرة في الغابات ؛ فاحتفظ بصحته وقوته .. ، إلى أن جاءت المدينة الحديثة فخربت ومزقت في كل شيء .ولقد وجد النحل منذ حوالى 56 مليون عام قبل ظهور الإنسان الأول ولذلك السبب كان النحل يشغل لدى كل الشعوب القديمة مكانًا هامًّا وعظيمًا بالمقارنة بالحشرات الأخرى والحيوانات ، والنحل قد صورته الكثير من الأساطير والحكايات .
ففي أحد المعابد المصرية القديمة - منذ ستة آلاف عام - رسم النحل على جدارن المعبد ، وكان رمز شمال مصر زهرة اللوتس .
أما الجنوب فكان يرمز له (بالنحل) وقد نقل المصريون من الجنوب إلى الشمال هذه الأزهار الكثيرة .
وكان للنحل مكان مرموق عند الهنود القدامى واعتبرته حشرة مقدسة .
ومن الثابت في الوقت الحاضر أن نقطة من العسل تحتوي على أكثر من مائة من المواد المختلفة المفيدة لجسم الإنسان .
ومن المعروف أن الرياضيين يأكلون العسل قبل المباريات أو في فترات الراحة بين المباريات حتى يتمكنوا من استعادة طاقة العضلات المفقودة بسرعة .كما أنه يحتوي على إنزيم الأكسير العجيب الذي يحلم به الكيميائيون ، فإن الجسم يكاد يموت من النحافة لو لم يكن لديه إنزيمات حتى في ظل وجود كمية كبيرة من المواد الغذائية الضرورية ، حيث إنها في تلك الحالة لا يمكن للجسم الاستفادة منها ، إن عسل النحل يحتوي كل الإنزيمات الضرورية للجسم ولقد أبدى العلماء الباحثون دهشتهم لوجود تلك الإنزيمات في عسل النحل بكميات وفيرة تفي بحاجات الجسم .
إن عسل النحل كان يستخدم في حفظ اللحم الطازج والعصائر والنباتات والورود والأزهار من الفساد طوال العام دون أي تغير بل أكثر من ذلك مذاقة الذي أصبح أفضل من ذي قبل .
الثلاثاء، 18 أغسطس 2009
رسالة إلى خطيب
رسالة إلى خطيب
بقلم فضيلة الشيخ / وحيد عبد السلام بالي
الحمد لله وكفى ، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى ، وبعد :فإنَّ الدعوة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال ، وكيف لا تكون كذلك وهي رسالة الرسل والأنبياء ، وطريق المصلحين والعلماء ، لا يقوم الدين إلا بها ، ولا ينتشر إلا عن طريقها .
الداعي إلى الله قائل بأحسن قول :
قال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) [ فصلت : 33] .ولقد بشر الله الدعاة إلى الله بالفلاح في الدنيا والآخرة :فقال سبحانه : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [ آل عمران :104] .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة لازمة لعباد الله المؤمنين : قال سبحانه : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) [ التوبة : 71] .
وحسبك أخي الداعية أنَّ المخلوقات تدعو لك بظهر الغيب : فقد روى الترمذي بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله وملائكته ، حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت في البحر ، ليصلون على مُعَلِّمِ الناس الخير ) .
أخي - خطيب الجمعة - إن خطبة الجمعة لها أهمية كبرى بين وسائل الدعوة المتاحة للدعاة ، فقد يتكاسل الناس عن المحاضرة ، وقد يتخلفون عن الدرس ، لكنهم لا يتخلفون عن الجمعة إلا الذين لا يصلون أصلًا ، لأن المسلمين مأمورون جميعًا بحضور الجمعة .
قال تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) [ الجمعة : 9 ] . ولذا فقد تجد أمامك جمعًا غفيرًا من المسلمين ، وربما تجد من بينهم من لا يدخل المسجد إلا يوم الجمعة ، وستجد فيهم الصالح والطالح ، والـمفرط والمحافظ ، والمتواضع والمتكبر ، والمتقبل والمعاند . بل ستجد منهم المتعلم والأمي ، والصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، وغير ذلك من فئات المجتمع ، فكيف تخاطب هؤلاء جمعيًا بالأسلوب المناسب ، وكيف تستغل هذا الموقف للأخذ بأيدي هؤلاء جمعيًا إلى طريق الله عز وجل .فبات من الواجب عليك - أخي الخطيب - أن تتعلم فنَّ الدعوة ؛ لتقدم تعاليم الإسلام في أبهى منظر ، وأجمل حُلة .
أسباب نجاح الخطبة :
1- التكلم باللغة العربية الفصحى :
ينبغي على الخطيب أن يحرص على أن يلقي خطبته بالفصحى قدر جهده ، لأنها لغة القرآن ، وشعار الإسلام .والحديث بالفصحى يضفي على خطبتك إشراقًا ، وعلى كلماتك نورًا ، وفي نفوس مستمعيك قبولًا .
2- التوسط في الإلقاء :
بحيث لا يكون كلامك سريعًا فلا يُفهم ، ولا بطيئًا فيمله السامعون ، ولتعط لكل موقف ما يلزمه ، فإذا احتاج إلى انفعال أسرعت ، وإن احتاج إلى إقناع أبطأت .
3- الاقتصاد في الخطبة :
فلا تكون طويلة مملة ، ولا قصيرة مخلة ، ولا تكون متشعبة الأفكار ، كثيرة الشواهد ، ركيكة المعاني ، بل موجزة متقصده ، وتلك هي السنة ، فقد قال سيد الخطباء صلى الله عليه وسلم : (إنَّ قصر خطبة الرجل ، وطول صلاته ؛ مَئِنَّة من فقهه ) رواه مسلم ؛ لأن القصر والإيجاز وإيصال المعنى من أقرب طريق ؛ دليل على الفصاحة والعلم والفقه .
4- ربط الخطبة بالواقع :
عليك أن تتحسس مشاكل مدينتك وتعالجها من فوق أعواد منبرك ، تعايش الناس وتترك المنبر يجيب على تساؤلاتهم ، فحينما تكون خطبتك منتزعة من الواقع تكون أقرب إلى قلوبهم وأوقع في نفوسهم .
5- المخاطبة على قدر الفهم :
فلا تخاطب العوام بمنطق علمي مرتفع ، ولا المتعلمين المثقفين بمنطق بدائي ممجوج ، بل تخاطب الناس على قدر عقولهم وعلومهم .
6- الترفع عن الغلظة في القول والبذاءة في اللسان :
فلا تحقر مستمعيك ، ولا تقلل من شأنهم ، ولا ترميهم بالجهل وقلة الفهم ، ولا تقذفهم بالفسق والفجور ، أو غير ذلك مما لا يليق بمكانة الداعية - حتى لو كانوا كذلك - بل تتلطف بهم في الحديث ، وترفق بهم في القول .قال تعالى مبينًا سبب اجتماع الناس حول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) [ آل عمران 159 ] .وقال تعالى مرشدًا للطريقة المثلى في الدعوة : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) [ النحل : 125] .
7- استثارة همم المدعوين بما يفتح قلوبهم :
كأن تخاطبهم بـ (يا أخوة الإسلام ) ، ( يا أيها المؤمنون ) ، ( يا من آمنتم بالله ربًّا ، وبمحمد نبيًّا ، وبالإسلام دينًا ) ، وما شابه ذلك مما يفتح قلوبهم ، ويقرب نفوسهم ، فإن المحبة مفتاح القلوب .فهذا إبراهيم عليه السلام يذكِّر أباه برابطة الأبوة أثناء دعوته ، فيقول : ( يَاأَبَتِ …. ) [مريم : 42] ، ويكررها كثيرًا . وهذا لقمان يذكَّر ابنه برابطة البنوة ليكون أدعى لقبول الموعظة ، فيقول : ( يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ….. ) [ لقمان : 13] . وهذا هود يذكَّر قومه برابطة القرابة فيقول : ( يَاقَوْمِ …. ) [ هود : 50] .وربنا تبارك وتعالى يذكَّر المؤمنين يإيمانهم ؛ ليردهم وازع الإيمان إلى الاستجابة والطاعة ، فيقول سبحانه : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ) [ البقرة : 153 ] .
8- الابتعاد عن الحركات الكثيرة :
ينبغي أن تتسم بالاتزان أثناء الإلقاء ، فلا تتحرك ، أو تشير إلا في الموقف الذي يدعو إلى ذلك ، وعليك بتجنب الحركات التي تسقط هيبتك من أعين الناس : مثل كثرة بلع الريق ، وفتل الأصابع ، والسعال المتكلف ، وكثرة الالتفات ، وما شابهها .
9- حسن المظهر :
ينبغي أن تصعد المنبر بالمظهر اللائق بالداعية ، فلا تلبس ثيابًا رثة ، أو ممزقة ، ولا تلبس ثياب المترفين الرقيقة الشفافة .فعليك أن تكون نظيف الثياب من غير تبرج ، طيب الرائحة من غير إسراف ، مهيب المنظر من غير تكلف .
10- التحضير الجيد للخطبة :
لا تصعد المنبر إلا وقد حددت موضوعك ، ورتبت أفكارك وانتقيت ألفاظك ، حتى لا ترتج عليك العبارات ، وتستعجم عليك الكلمات ، فلا تتمكن من تبليغ دعوة مولاك .ولا بأس بأن تستمع إلى أشرطة الخطباء المشهورين ، والوعاظ المبرزين لتتدرب على طرق الإلقاء ، ووسائل التأثير ، وأساليب الإقناع .
11- ألا تصعد المنبر وأنت ممتلئ المعدة :
لأنه إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة ، وخرست الحكمة ، وكسلت الأعضاء عن العبادة .وقال محمد بن واسع : من قل طعامه فهم وأفهم ، وصفا ورق ، وإنَّ كثرة الطعام ليثقل صاحبه عن كثير مما يريد .
وقال الشافعي : الشِّبع يثقل البدن ، ويزيل الفطنة ، ويجلب النوم ، ويضعف صاحبه عن العبادة .تلكم هي أسباب نجاج الخطبة ، فاحرصوا عليها إخواني الخطباء ، وكونوا منها على ذكر دائمًا ، وأسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه .
وحيد عبد السلام بالي
حكم الاعتماد على الإذاعة في الصوم والإفطار
حكم الاعتماد على الإذاعة في الصوم والإفطار
بقلم صاحب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله -
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد ، فقد سألني كثير من الإخوان عن حكم الاعتماد على الاذاعة في الصوم والإفطار وهل ذلك يوافق الحديث الصحيح : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) الحديث .
وهل إذا ثبتت الرؤية بشهادة العدل في دولة مسلمة يجب على الدولة المجاورة لها الأخذ بذلك؟ وإذا قلنا بذلك فما دليله ؟ وهل يعتبر اختلاف المطالع ؟
والجواب عن هذه الأسئلة أن يقال : قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة أنه قال : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُم عليكم فاقدروا له ثلاثين) وفي لفظ آخر : (فأكملوا العدة ثلاثين) وفي رواية أخرى (فأكملوا عدة شعبان ثلاثين).
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ) و الأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تدل على أن المعتبر في ذلك هو الرؤية أو إكمال العدة .أما الحساب فلا يعول عليه وهذا هو الحق وهو إجماع من أهل العلم المعتد بهم .
وليس المراد من الأحاديث أن يرى كل واحد الهلال بنفسه وإنما المراد ثبوت ذلك بشهادة البينة العادلة .
وقد خرج أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام .
وخرج أحمد وأهل السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أعرابيًا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال فقال : (أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟ فقال نعم قال فأذن في الناس يا بلال يصوموا غدًا).
وعن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه فقال ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم وأنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين يومًا فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا) رواه أحمد ، رواه النسائي ، ولم يقل فيه مسلمان وعن أمير مكة الحارث بن حاطب قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره ، وشهد شاهدَا عدل نسكنا بشهادتهما . رواه أبو داود والدارقطني وقال هذا إسناد متصل صحيح .
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على أنه يكتفى في رؤية هلال رمضان بالشاهد الواحد العدل ، أما في الخروج من الصيام وفي بقية الشهور فلابد من شاهدين عدلين جمعًا بين الأحاديث الواردة في ذلك .
وبهذا قال أكثر أهل العلم ، وهو الحق ؛ لظهور أدلته ، ومن هنا يتضح أن المراد بالرؤية هو ثبوتها بطريقها الشرعي وليس المراد أن يرى الهلال كل واحد ، فإذا أذاعت الدولة المسملة المحكمة للشريعة كالمملكة العربية السعودية أنه ثبت لديهما رؤية هلال رمضان أو هلال ذي الحجة فإن على جميع رعيتها أن يتبعوها في ذلك .
وعلى غيرها أن يأخذ بذلك عند جمع كثير من أهل العلم ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
وأخرجه مسلم بلفظ : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن أغمى عليكم فاقدروا له ثلاثين).
وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمى عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين).
وأخرجه مسلم بهذا اللفظ لكن قال: (فإن غمى عليكم الشهر فعدوا ثلاثين) فإن ظاهر هذه الأحاديث وما جاء في معناها يعم جميع الأمة
ونقل النووي رحمه الله في شرح المهذب عن الإمام ابن المنذر رحمه الله أن هذا هو قول الليث بن سعد والإمام الشافعي والإمام أحمد رحمة الله عليهم قال - يعني ابن المنذر - ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي - يعني مالكًا - وأبا حنيفة رحمهما الله انتهى .
وقال جمع من العلماء: إنما يعم حكم الرؤية إذا اتحدت المطالع ، أما إذا اختلفت فلكل أهل مطلع رؤيتهم ، وحكاه الامام الترمذي رحمه الله عن أهل العلم ، واحتجوا على ذلك بما خرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن كريبا قدم عليه في المدينة من الشام في آخر رمضان فأخبره أن الهلال رئى في الشام ليلة الجمعة وأن معاوية والناس صاموا بذلك فقال أن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نراه أو نكمل العدة ، فقلت : أولاً تكتفى برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال: لا - هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : فهذا يدل على أن ابن عباس يرى أن الرؤية لا تعم وأن لكل أهل بلد رؤيتهم إذا اختلفت المطالع وقالوا : إن المطالع في منطقة المدينة غير متحدة مع المطالع في الشام .
وقال آخرون : لعله لم يعمل برؤية أهل الشام لأنه لم يشهد بها عنده إلا كريب وحده ، والشاهد الواحد لا يعمل بشهادته في الخروج وإنما يعمل بها في الدخول .
وقد عرضت هذه المسألة على هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في الدورة الثانية المنعقدة في شعبان عام 1392 هـ ، فاتفق رأيهم على أن الأرجح في هذه المسألة التوسعة في هذا الأمر ، وذلك بجواز الأخذ بأحد القولين على حسب ما يراه علماء البلاد .
قلت : وهذا قول وسط وفيه جمع بين الأدلة وأقوال أهل العلم إذا علم ذلك .فإن الواجب على أهل العلم في كل بلد أن يعنوا بهذه المسألة عند دخول الشهر وخروجه وأن يتفقوا على ما هو الأقرب إلى الحق في اجتهادهم ثم يعملوا بذلك ويبلغوا الناس وعلى ولاة الأمر لديهم وعامة المسلمين متابعتهم في ذلك ولا ينبغي أن يختلفوا في هذا الأمر لأن ذلك يسبب انقسام الناس وكثرة القيل والقال إذا كانت الدولة غير إسلامية .
أما الدولة الإسلامية فإن الواجب عليها اعتماد ما قاله أهل العلم وإلزام الناس به من صوم أو فطر عملا بالأحاديث المذكورة وأداء للواجب ومنعًا للرعية مما حرم الله عليها .
ومعلوم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن - وأسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه والحكم به والتحاكم إليه والحذر مما خالفه ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبهعبدالعزيز بن عبدالله بن بازرئيس الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
الصيام حكمه وأحكامه
الصيام حكمه وأحكامه
بقلم فضيلة الشيخ سيد سابق
الصيام فريضة إسلامية وعبادة من العبادات المقررة في جميع الأديان القديمة، يقول سبحانه وتعالى: (يأيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) صدق الله العظيم
والصيام هو الإمساك عن شهوات الجسد وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مدة شهر رمضان تقربًا إلى الله تعالى وطلبًا لمرضاته، يقول الله سبحانه: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
وورد في فضل الصيام وفضل العمل الصالح في رمضان أحاديث كثيرة نذكر بعضها: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به").
وعن عبد الله بن سمرة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبله).وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غـُـفر له ما تقدم من ذنبه).
حكمة الصيام:
والصيام حكم وأسرار منها ما هو صحي ومنها ما هو نفسي، ومنها ما هو خلقي ومنها ما هو اجتماعي، يقول الطب: إن الصيام يفيد في حالات كثيرة وهو أهم علاج إن لم يكن العلاج الوحيد للوقاية من أمراض كثيرة كاضطرابات الأمعاء المزمنة والمصحوبة بتخمر في المواد الزلالية والنشوية وزيادة الوزن الناشئ عن كثرة الغذاء وقلة الحركة وزيادة الضغط والبول السكري والتهاب الكلى الحاد المزمن المصحوب بارتشاح وتورم وأمراض القلب المصحوبة بتورم والتهاب المفاصل.
خصوصا إذا كانت مصحوبة بسمنة كما يحصل عند السيدات غالبا بعد سن الأربعين.والله سبحانه فرض الصيام على هذه الأمة كما فرضه على من تقدمها من الأمم؛ ليعد النفوس ويهيئها لكل خير وبر، وذلك .. إن الصائم يترك شهواته، وأحب الأشياء إليه - مع قدرته عليها - امتثالا لأمر الله ومسارعة إلى مرضاته، وهذا من شأنه أن يورث خشية الله وينمي ملكة المراقبة ويوقظ الضمير.
ثم إن الصيام يقوي الإرادة ويعودها الصبر والاحتمال فيستطيع الإنسان مواجهة الحياة ومكافحتها بشجاعة، فلا تلينه صعابها، ولا تتغلب عليه أحداثها ، وبقدر ما تقوى الإرادة يضعف سلطان العادة وبذلك تتاح الفرص لهجر الكثير من العادات السيئة.. مثل عادة التدخين وتناول المكيفات وغيرها مما يضعف البدن ويمرضه ويذهب بالمال في غير طائل.
وبإيقاظ الضمير وتقوية الإرادة يعظم الإنسان ويشرف ويصل إلى الذروة من الفوز والنجاح.
والصيام ليس مجرد الإمساك عن المفطرات وإنما هو هجر جميع المعاصي والسيئات فلا يحل للصائم أن يتكلم إلا حسنًا ولا يفعل إلا جميلا، وإلى ذلك يشير الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:(الصيام جنة) أي وقاية من المنكرات والشرور.
وبهذا يكون الصيام درسا عمليا في أخذ النفس بالفضائل وحملها على الاتصاف بكل ما هو حسن في جميع الحالات، وبذلك تزكو وتتطهر ويصبح الإنسان مأمول الخير مأمون الشر، فإذا لم يبلغ الصيام بالإنسان هذه الغاية من التهذيب فإن صيامه لا وزن له عند الله، وأنه لا حظ من صيامه إلا الجوع والعطش، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش)ويقول صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
وفي الصيام معنى المساواة بين الأغنياء والفقراء في الحرمان وترك التمتع بالشهوات وهذا من شأنه أن يرفع من نفس الفقير، إذ يجد الغني مثله في القيام بهذه الفريضة كما أنه يفجر ينابيع الرحمة والعطف في قلوب الأغنياء ويحثهم على مواساة الذين ضاقت بهم سبل العيش فتتألف القلوب وتذهب الأحقاد ويتعاون الفقراء والأغنياء على النهوض بالمجتمع وتوفير الطمأنينة له.
ولقد كان يوسف عليه السلام أمينًا على خزائن الأرض وكان يكثر من الصيام فسُئل عن ذلك فقال: (أخاف أن أشبع فأنسى الجائع).
هذه هي آثار الصيام وحكمه في النفس والخلق والمجتمع وهي آثار بعيدة المدى.
إذ إنها تعد الفرد المهذب والمجتمع الفاضل وتصل بالأمة غاياتها من الرفعة والسمو.
من أحكام الصيام:
والصيام أحكام فلا يتحقق الصيام إلا بالنية، ولابد أن تكون قبيل الفجر من كل ليلة من ليالي شهر رمضان، وتصح في أي جزء من أجزاء الليل ولا يشترط التلفظ بها.
وأجمع العلماء على أن الصيام يجب على المسلم العاقل البالغ الصحيح المقيم ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس فلا صيام على كافر ولا مجنون ولا صبي ولا مريض ولا مسافر ولا حائض ولا نفساء ولا شيخ كبير ولا حامل ولا مرضع، ويرخص الفطر للشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض الذي لا يُرجى برؤه وأصحاب الأعمال الشاقة الذين لا يجدون متسعًا من الرزق غير ما يزاولون من أعمال، هؤلاء يرخص لهم في الفطر إذا كان الصيام يجهدهم ويشق عليهم مشقة شديدة في جميع فصول الســنة وعليهم أن يُطعموا عن كل يوم مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو أولادهما أفطرتا وعليهما الفدية ولا قضاء عليهما عند ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما.
وعند أحمد والشافعي رضي الله عنهما: إنهما إن خافتا على الولد فقط وأفطرتا فعليهما القضاء والفدية، وإن خافتا على أنفسهما فقط أو على أنفسهما وعلى ولدهما فعليهما القضاء لا غير.
ويُباح الفطر للمريض الذي يُرجى برؤه والمسافر ويجب عليهما القضاء، وكذلك المقاتلون الذين يحاربون حربًا فعلية أو يقومون بتدريبات شاقة تجهدهم ولابد لهم منها كضرورة من ضروريات الحرب فلهم أن يفطروا وعليهم القضاء بعد انتهاء الحرب.
واتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض والنفساء، ويحرم عليهما الصيام و إن صامتا لا يصح صومهما ويقع باطلا، وعليهما قضاء ما فاتهما. ويُباح للصائم الاغتسال وشم الروائح الطيبة، كما يُباح الاكتحال والقطرة ونحوهما مما يدخل العين ولو وجد طعمه في الحلق وتـُباح الحقنة بكل أنواعها، ويصح للصائم أن يصبح جنبًا ثم عليه أن يغتسل من أجل الصلاة.
وللصائم أن يتمضمض ويستنشق ويغسل فمه بالفرشاة مع تركه المبالغة في المضمضمة والاستنشاق.ويبطل الصيام بالأكل والشرب عمدًا.
فإن أكل أو شرب ناسيا أو مخطئا أو مكرها فلا قضاء عليه ولا كفارة.
كما يبطل الصيام بالقيء عمدا فإن غلبه القيء فلا شيء عليه.
ومتى جامع الصائم بطل صومه ووجب القضاء والكفارة، والكفارة صيام ستين يوما غير اليوم الذي أفطر فيه، فإن عجز عن الصيام وجب عليه أن يُطعم ستين مسكينًا.