الاثنين، 17 أغسطس 2009

صوم رمضان دروس وعبر
بقلم : فضيلة الشيخ : صفوت الشوادفى - رحمه الله -
الحمد لله غافر الذنب .. وقابل التوب .. شديد العقاب .. ذى الطول لا إله إلا هو إليه المصير . والصلاة والسلام على رسوله البشير النذير وبعد :فقد دار الزمان ، وعاد رمضان ، وفرح المسلمون بعودته ، وتنافسوا فى الطاعات ، وتسابقوا فى الخيرات .وشهر رمضان قد اجتمع فيه من الأحداث والعبر والعظات ، والعبادات ما لم يجتمع فى غيره من الشهور !
* ففى هذا الشهر ابتدأ نزول الوحى ، والعبرة فى ذلك أن بداية الهداية لهذه الأمة كانت فى رمضان ، والهداية أعظم نعمة على الإطلاق ولا نصل إليها إلا من طريق الوحى الذى بدأ نزوله فى هذا الشهر فتدبر ذلك !!
* والصائم يجاهد نفسه فى رمضان ، فيتذكر بجهاده لنفسه أول جهاد بالسيف للمشركين فى غزوة بدر ! ويراجع أحداث هذه الغزوة المباركة ويرى أمامه حقيقة ناطقة فى قوله تعالى : " كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً " ! ثم ينظر فى حال أمته اليوم فيراها مغلوبة مقهورة مهزومة ! قد تداعت عليها الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها .فيفكر ويقدر ويصل إلى السبب الحقيقى وراء ما نحن فيه فإذا هو : " عندما يغيب منهج الإسلام عن حياتنا يتخلف نصر الله عنا ، فإذا عاد الإسلام إلى واقعنا تنزل علينا نصر الله " !!
* والمسلم يستقبل رمضان بالطاعات من صلاة وصوم وقراءة وصدقة وجود وإفطار صائم ينتظر بذلك العفو والمغفرة وهو يتطلع إلى آخر الشهر ليعطى أجره ، فنعمت البداية ، ونعمت النهاية !ويتدبر كيف استقبلت الأمة الوحى فى رمضان أول ما نزل ، وجاهد المسلمون جهاد الصادقين ، ونصروا الله فنصرهم . حتى أدركوا الغاية بفتح مكة ، وكان ذلك أيضاً فى رمضان ، فنعمت البداية ونعمت النهاية !
* ويتطلع المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها إلى ليلة القدر ، وقد أيقنوا أنها خير من ألف شهر ! وهم يدعون الله بقلوب مخلصة يرجون رحمته ، ويخافون عذابه ويطمعون فى جنته ورضوانه .وقد تفضل الله على هذه الأمة فجعل العمل الصالح فى ليلة القدر خير من العمل الصالح فى ألف شهر !! .
وإنك لتعجب أشد العجب من مسلم تفوته ليلة القدر بغير مغفرة !
* والصوم إقبال على الله ، والاعتكاف انقطاع إلى الله ، وذهاب إليه !! ومن ذهب إلى الله هداه !فى خلوة المعتكف تجد لذة العبادة والبعد عن شواغل الحياة .
* وتأتى زكاة الفطر لتقضى على البقية الباقية من أدران النفس ، وتطهر المسلم ، وتحقق مجتمع الجسد الواحد .
* وصوم رمضان يذكرنا بما ينبغى أن يكون عليه المسلم من صوم دائم عن المعاصى والذنوب ليلاً ونهاراً ، ويلفت الأنظار إلى هذا التناقض الذى يعيش فيه كثير من المسلمين بسبب الجهل بحقيقة الصوم التى هى امتناع عن الحلال والحرام فى نهار رمضان !! وامتناع عن الحرام فى ليلة ! ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش !فإذا نظرت فى واقعنا تبين لك التناقض الذى نعيش فيه بمثل هذه الأمثلة التى نسوقها :صائمة متبرجة !! - صائم تارك للصلاة ؟ !! - صائم لا يدع قول الزور ولا العمل به !! صائم يجلس أمام المسلسلات والأفلام ينظر إلى ما حرم الله ! - صائم يهجر القرآن طوال رمضان ، والأمثلة لا تنتهى ولا تنقضى .
والسبب فى ذلك أن كثيراً من المسلمين يصوم صوم العادة لا صوم العبادة !ولا يغفر إلا لمن صام صوم العبادة لقوله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " . " ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " ( متفق عليه ) .
* إن الصوم الحقيقى يزيد فى الإيمان ويوجب الغفران .وعلامة ذلك الحسنة بعد الحسنة ، والطاعة بعد الطاعة ، وثمرة ذلك : مزيد من الإقبال على الله ، والتدبر لكتابه ، والتوبة الصادقة التى لا رجوع فيها وبها نطمع أن يدخلنا ربنا برحمته مع القوم الصالحين .اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا وقامنا وسائر أعمالنا الصالحات ، وأنزل علينا نصرك وأمدنا بمدد من مددك وجند من جندك إنك على كل شىء قدير . وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .
صفوت الشوادفى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق