الخميس، 9 يوليو 2009

«سرية المعلومات» وتكرار المنتجات تحديات تواجه الهيئات الشرعية في البنوك

«سرية المعلومات» وتكرار المنتجات تحديات تواجه الهيئات الشرعية في البنوك
أعضاء هيئات شرعية يرجعون تكرار العضوية في البنوك لـ «الخبرة».. ويطالبون بجيل ثانٍ من العلماء
الرياض: محمد الهمزاني
تواجه الهيئات الشرعية في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تحديات عدة، تتمثل في عدد من المعوقات والمشاكل، التي قد تؤثر على سير الصناعة المالية الإسلامية بعد ما دخلت عقدها الرابع. ويرى بعض المتابعين لأوضاع المصرفية الإسلامية أن الصناعة قد تواجه عددا من المشاكل، مع كثرة طرح منتجات بنكية متشابهة، خاصة مع النمو الكبير في أعداد البنوك الإسلامية، الذي يتراوح بين 15 و20 في المائة سنويا. وتبرز على السطح مشكلة ندرة المتخصصين من علماء فقه المعاملات، وتكرار هؤلاء العلماء رغم ندرتهم في عدد كبير من المؤسسات المالية الإسلامية، الذي قد يؤثر ـ من دون قصد ـ في سرية المعلومات التي تدرسها الهيئات الشرعية في البنوك، الأمر الذي قد يعود بالضرر على المنتجات الجديدة، التي تطرحها بعض البنوك في ظل التنافس بينها. لكن البعض يدافع عن الأمر بأن مهمة عضو الهيئة الشرعية لا تتضمن الابتكار وإنما صياغته. في حين يشدد البعض الآخر على أهمية فصل الاختصاصات؛ حتى يتمكن كل عضو من ممارسة وتأدية دوره على أكمل وجه. ويرى آخرون أن غياب التشريعات الخاصة بعمل الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية، وعدم وجود عقد في غالب الأحيان ينص على شروط والتزامات وتحديد الأجور أو المكافآت، وحتى المميزات والبدل قد يوجد فوضى في الصناعة، ويضر بالأعضاء والمؤسسات. كما أن عدم وجود عقد في الغالب ينظم العلاقة بين عضو الهيئة الشرعية والمؤسسة، يؤثر على قضية حضور الاجتماعات، وعدد الساعات التي يجب أن يقدمها عضو الهيئة الشرعية، ما قد يسبب في عمل غير منظمة، ويفرز عدم وجود إلزام قانوني، على عضو الهيئة الشرعية والمؤسسة التي يعمل بها، مشاكل في الجانب التطبيقي. وتشكل «السرية» في المعلومات والمنتجات الجديدة أهمية كبرى لدى العديد من المؤسسات المالية والبنوك، لذلك تحاول هذه المؤسسات التأكيد على أعضاء الهيئات الشرعية بالحرص على عدم إفشاء هذه المعلومات ـ رغم تأكيدات الأعضاء بذلك ـ، وتظل الثقة موجودة لدى الطرفين، خاصة أن أعضاء الهيئات يحظون بسمعة جيدة في هذا الشأن. وعلى الرغم من ذلك ولكثرة تكرار الأسماء في العديد من الهيئات الشرعية، فإن نفس الأعضاء يطالبون دائما بضرورة إيجاد جيل ثان وثالث لتمثيل الهيئات الشرعية حاليا ومستقبلا، بهدف الحفاظ على مكتسبات المصرفية الإسلامية طوال العقود الثلاثة الماضية، إلى جانب أن النمو الكبير الذي قد تواكبه أزمة كبيرة في إيجاد أعضاء جدد، خاصة مع إصرار عدد من البنوك على أسماء معينة من الأعضاء دون الالتفات لجيل الشباب الجديد. ويؤكد مهتمون في هذا المجال، على أهمية أن تعي البنوك عدم المساس بالوثاق والفقرات، التي تضمنتها إجازة المنتج الجديد، مبينين أن ذلك قد يضعف عمل الهيئات مستقبلا، واتهامها بأنها لا تتابع سير عمل المنتج المجاز منها. ويرون أن تعديل بعض الجهات في جملة قد يلغي المنتج المجاز من أساسه، مما دعا بعض الهيئات الشرعية لاتخاذ قرار في منشآتها بأنه لا يجوز التعديل في أي نص إلا بعد الرجوع للهيئة الشرعية في أي بنودها، إلى جانب أن بعض الأمور الشكلية، تعطي فرصة فيها كالبيانات. ومن المشكلات التي قد تعترض الهيئات الشرعية، أن تأسيسها واختيار أعضائها تتفاوت النظرة إليه والشروط الواجب توافرها في العضو المختار، وكذلك فإن مسألة استقلالية الهيئات بتجرد عن أي ضغط، أصبحت تتفاوت من جهة لأخرى في نظرة من يتبنى هذه الهيئات، من أجل الكسب المادي والربح، ومن ثم تكون الاستقلالية فيها أقل من التبني من أجل المصداقية، والحرص على التطبيق الشرعي. ورغم الدور المهم الذي تمارسه هذه الهيئات، لكنه يؤخذ عليها كثرة انشغال بعض أعضائها، بتسلم مهام عدة في مؤسسات مالية إسلامية مختلفة، وهو الأمر الذي يؤثر على مسألة الابتكار وتطوير المنتجات، وعدم التنوع الفكري بسبب تكرار الأسماء نفسها في عدة مؤسسات؛ بسبب ندرة الفقهاء ذوي الخبرة. ويؤكد كثير من أعضاء الهيئات الشرعية على أنهم دائما ما يبذلون جهدا في توجيه المؤسسات المالية في كثير من الأعمال، موضحين أنهم يجدون تجاوبا في كثير من الأحيان من هذه المؤسسات، على الرغم من أن عملها يعتبر تجاريا وربحيا في المقام الأول. كما أن التوجيهات ليست أقل أهمية من مراجعة العقود في حال تم عقد صفقات ومشاريع كبيرة، إلى جانب أنه لا بد أن تتوافر آلية لمراجعة التطبيق، كما أن من واجبات الهيئة الشرعية مراجعة العقود والاتفاقيات وتطوير المنتجات المالية الإسلامية أو بدائل لمنتجات قائمة، والرد على استفسارات وأسئلة العملاء والمساهمين. ويرى المهتمون أن المؤسسات المالية الإسلامية مطالبة بالشفافية، والبُعد عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تضارب المصالح في علاقة الهيئات الشرعية بالمؤسسات، مع أهمية العناية بإيجاد بيئة متكاملة، التي تضمن سلامة تطبيق قرارات الهيئة الشرعية على مستوى المؤسسة، من خلال تضمين الفتاوى والقرارات الشرعية خطوات وآليات التنفيذ، وإيجاد رقابة شرعية مستقلة. ويطالب كثير من المتخصصين في الشريعة الإسلامية بضرورة أن تعي الهيئات الشرعية أهمية الأخذ بالمبادئ الكلية والمقاصد والمآلات، وما صدر عن المجامع الفقهية والمجلس الشرعي لهيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية وغيرهما من جهات الفتوى الجماعية. وشددوا على أهمية استيعاب المرحلة المستقبلية للصناعة، وإعطاء عناية أكبر من الهيئات الشرعية والمؤسسات المالية الإسلامية للعمل على تطوير نموذج المصرف، الذي تظهر فيه الهوية الحقيقية للمصرف الإسلامي، المستمدة من أسس ومبادئ الاقتصاد الإسلامي، والعمل على تطوير وابتكار منتجات وأدوات مالية جديدة، مستمدة من قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية ومراعاة المقاصد الشرعية، والعمل على إيجاد وتطوير مؤشرات إسلامية تستند إلى المبادئ التي يقوم عليها المصرف الإسلامي، ولا تكون نسخاً مقلدة للمؤشرات التقليدية. وهنا يرى الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، ورئيس عدد من الهيئات الشرعية التابعة لبنوك محلية، وعضو هيئات دولية متخصصة في المصرفية الإسلامية، أنه من الضروري إعداد أجيال متعاقبة لأعضاء الهيئات الشرعية، وأن يكون هناك خط أول وثان وثالث ورابع لأجيال متعاقبة لهذه الصناعة. وقال المنيع في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا العلم يحمله السلف للأخوة الخلف، وأنه لا بد أن ينتشر هذا الفقه، وأن تجتهد المصرفية الإسلامية في تثبيته وانتشاره كثقافة عامة يحتاج إليها كل مسلم. ويرى الشيخ المنيع أنه من الواجب على علماء الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية أن يكونوا ويحتضنوا من يخلفهم و«من يخلف من يخلفهم»، وأن يجعلوا ذلك من الإعداد المبكر لبقاء هذه المصرفية الإسلامية، مبينا أنهم في الهيئات الشرعية دائما ما يحثون الجامعات والكليات على أن تتبنى فروعا تتولى دراسة الصناعة المالية الإسلامية، واستغلال المواهب واحتضانهم، خاصة الفقهاء الذين يتوفر لديهم سعة أفق في الشريعة الإسلامية. من جانبه، أوضح الدكتور محمد بن علي القري، أستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، والعضو المعروف في العديد من الهيئات الشرعية، أن عملهم في الهيئات لا يؤثر في سرية المعلومات الخاصة في كل مؤسسة مالية عن أخرى. وأكد القري الذي كان يتحدث لـ «الشرق الأوسط» أن أعضاء الهيئات الشرعية لديهم التزام تام، وذلك انطلاقا من القيم الأخلاقية المتعلقة بالمهنة الاستشارية، إلى جانب أن نصوص الاتفاقيات التي تربط هؤلاء الأعضاء بالمؤسسة المالية، التي دائما وأبدا ينص فيها على استخدام السرية فيما يتعلق بأي شيء يطلع عليه عضو الهيئة الشرعية لدى المؤسسة المالية. وقال القري، إن عمل الهيئات الشرعية ليس أمرا مختلفا عن عمل جهات استشارية أخرى، كمراجع الحسابات وغيرهم، الذين يطلعون على معلومات لدى جهات متنافسة، وأنه مع ذلك فإنهم يحفظون الأسرار، لان عدم حفظ الأسرار يعني نهاية عمل المستشار، وأن الثقة لا بد أن تكون أحد الأسس التي تقوم عليها العلاقة بين أعضاء الهيئات الشرعية في أي مؤسسة. وفيما يتعلق بتشابه المنتجات بين البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، أوضح الدكتور محمد القري، أن ذلك راجع إلى أن المنتجات المالية ليس لها حقوق اختراع، ولا يمكن تسجيلها لدى أي جهة كملكية فكرية، مبينا أن أي منتج يطرح في الأسواق ويثبت نجاحه، فان سرعان ما تقلده الجهات الأخرى، وهذا ما قامت عليه الأعمال المصرفية حتى في البلدان الأخرى، وكما هو الحال في منتج البطاقات الائتمانية، التي تثبت أن البنوك لا تتسرب فيما بينها المعلومات. وحول إجازة المنتج ومراحل تقييمه، أوضح الدكتور القري، أن الخطوة الأولى تبدأ بالفكرة، وهي أن البنك يعرض على الهيئات الشرعية الهيكل الأساسي للمنتج، فالهيئة الشرعية تعطي رأيها فيه من ناحية الحلال والحرام وقد تقترح بعض الأشياء. فيما تمثل المرحلة الثانية بإعداد الإجراءات، لأن المنتجات المصرفية الإسلامية الإجراءات فيها مهمة جدا، ثم إذا تمت الموافقة من الناحية الشرعية هل هذه الإجراءات متوافقة مع الشريعة أم لا، تأتي المرحلة الثالثة وهي إعداد الوثائق المتعلقة بالعقود ونماذج الطلب، وما إلى ذلك والتي تجري عليها التدقيق من قبل الهيئة الشرعية. وتابع القري، أنه بعد بدء التنفيذ تبدأ المرحلة الأخيرة، وهي الرقابة الشرعية عن طرق متابعة المنتج وتزويد الهيئة الشرعية بالتقارير الدورية، مشيرا إلى أنه من لديه اعتراض من بعض العملاء، يمكن أن يدعى للهيئة الشرعية في بعض اجتماعاتها لمناقشته في الإشكال الذي لديه. وحول اتهام الهيئات الشرعية بأنها فقط لإجازة المنتجات أو لتمريرها، نفى الدكتور القري ذلك، موضحا أنه ليست كل أعمال الهيئات الشرعية هي لإجازة المنتج، بل هناك اجتماعات لمناقشة أي ملاحظات أو أسئلة مطروحة، فضلا عن أن إجازة المنتج يأخذ وقتاً طويلاً، كونه يأخذ وقتا في التقييم والمراجعة والدراسة من كل النواحي. وأضاف القري، أن أعضاء الهيئات الشرعية حريصون دائما على التجديد وإعطاء ميزة للاقتصاد الإسلامي، وأنهم دائما ما يحثون البنوك لتطوير منتجاتها وإضفاء روح الاقتصاد الإسلامي على المنتجات، وأنهم يجدون منهم تجاوبا دائما. غير أن أستاذ الاقتصاد الإسلامي، أوضح أن المؤسسات المالية وبخاصة البنوك هي بالأساس بنوك تجارية ربحية، ويهمها في المقام الأول الأرباح، لذلك فهي حريصة على أن تكون أرباحها في هذا المجال متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وعلق القري على استقطاب أسماء معينة من العلماء، بأن المؤسسات المالية دائما ما تحرص على أصحاب الخبرة، ويهمها من لديه خبرة واسعة في عمل الهيئات الشرعية، لأن هذه المؤسسات ترى أن إعداد جيل جديد من العلماء يحتاج إلى وقت طويل. من جانب آخر، أوضح الدكتور علي محيي الدين القره داغي أستاذ الشريعة الإسلامية، وعضو عدد من الهيئات الشرعية في بعض دول الخليج العربي، أن هناك فرقا بين فرق بين الآليات والأدوات وبين الفتوى في المؤسسات المالية الإسلامية. وبين القره داغي، أنه في الفتاوى العامة المتعلقة بالمصرفية الإسلامية، يمكن أن تكون للجميع ولا تتطلب سرية في المعلومات، وكذلك الحال في العقود التي تكون شائعة وصالحة لجميع المؤسسات المالية. وأضاف أن السرية المطلوبة في عمل الهيئات الشرعية هو في كيفية الوصول إلى المعلومات، أي الخطوات العملية للمنتج وهذه تتطلب سرية تامة، موضحا أن تلك الأمور أتعبت المؤسسة المالية للحصول عليها، وأن عدم إفشاء المعلومات والحفاظ على السرية أمر مطلوب حتى في الشريعة الإسلامية، وأعضاء الهيئات الشرعية أصحاب ثقة ويتمتعون بسمعة حسنة وتثق بهم البنوك والمؤسسات المالية. من جهة أخرى، يرى الدكتور يوسف الشبيلي، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والخبير في شؤون المعاملات الشرعية، أن واقع الهيئات الشرعية يشهد تحسناً مستمراً، على الرغم من أن عمر هذه الهيئات يعد قصيراً لا يتجاوز 4 عقود، إلا أنها توسعت وأصبح لها تنظيمات في عدد من الدول الإسلامية، وتشكل من بينها مؤسسات اجتهاد جماعي، ولا يزال هناك بعض العقبات في مسيرة هذه الهيئات و«هي بإذن الله إلى زوال». ولا يرى الدكتور الشبيلي أي تأثير لتكرار أسماء معينة في الهيئات الشرعية في الحفاظ على سرية المعلومات، ويؤكد أن المنتجات البنكية من طبيعتها أنها ليست سرية، فهي تقدم لجمهور العملاء، ومن حق العميل أن يعرف تفاصيل أي منتج يقدم إليه، فليست هذه المنتجات أسراراً يمكن أن تكشف من خلال أعضاء الهيئة، وفيما يتعلق بتعاقدات البنك وعلاقاته وخططه، فأي عضو يلتزم بأمانته ومسؤوليته بعدم إفشاء هذه الأسرار لأي جهة. وحول خطوات المنتج قبل طرحه، يوضح الشبيلي أن خطوات إجازة المنتج تبدأ من إدارة تطوير المنتجات في البنك أو المؤسسة المالية، التي تقوم بدورها بعرض الهيكلة العامة للمنتج على الهيئة الشرعية، وقد ترده الهيئة بالكامل أو تجيزه، أو تقبله بشروط معينة، وفي حال إجازته يعاد لإدارة تطوير المنتجات لصياغة المنتج بتفاصيله ومستنداته والاتفاقيات والعقود الملحقة به، وفق الضوابط التي وضعتها الهيئة، ثم يعرض على الهيئة مرة أخرى لإجازة العقود التفصيلية، والتأكد من خلو المنتج بجميع مستنداته التفصيلية من أي محظور شرعي. وأضاف الشبيلي أنه يتضمن قرار الإجازة في العادة السياسات الإجرائية لتطبيق المنتج على الوجه الصحيح، ويعهد لإدارة الرقابة الشرعية للتدقيق على آلية تنفيذ المنتج في الإدارات التنفيذية في البنك؛ للتأكد من أن البنك يقدم المنتج لعملائه على الوجه الصحيح المتوافق مع قرار الهيئة، وتقوم إدارة الرقابة الشرعية بشكل مستمر بعملية التدقيق وتسجيل أي ملحوظات عند التطبيق، ورفعها إلى الهيئة الشرعية من خلال تقارير دورية تسمى تقارير الرقابة الشرعية. وحول مراجعة المنتج وتقييمه لاحقا، يؤكد الدكتور الشبيلي أن ذلك يتم من خلال إدارة الرقابة الشرعية الداخلية، وهي مؤلفة من عدد كاف من المراقبين الشرعيين المؤهلين لفحص عقود البنك والتأكد من سلامتها، وكذلك من خلال الرقابة الشرعية الخارجية، أي من أعضاء الهيئة الشرعية أنفسهم، فهم يعتمدون التقارير الرقابية المبنية على التدقيق الشرعي لمنتجات البنك؛ للتأكد من أن جميع المنتجات تصاغ وتقدم للعملاء بما يتوافق مع القرارات التي صدرت من الهيئة. ونفى أستاذ الاقتصاد الإسلامي أن يكون هناك نقص في أعضاء الهيئات الشرعية، مؤكدا أن الساحة مليئة بالعلماء المؤهلين لمثل هذه المهام، وتكرار بعض الأسماء في عدة هيئات لا لنقص في الساحة، وإنما لرغبة المؤسسة المالية في بعض الشخصيات ذات الخبرة الواسعة في هذا المجال. ويقترح الشبيلي حلولا لذلك، بأن يتم استحداث تخصصات علمية في الاقتصاد الإسلامي في الدراسات العليا في الجامعات وتعاونها مع المؤسسات المالية، بحيث يتدرب الطالب في مرحلة الدراسات العليا في إحدى المؤسسات المالية ليجمع ما بين العلم الشرعي المؤصل والخبرة العملية. يشار إلى أن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية أسس الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة، وذلك بهدف توحيد جهود الآراء الشرعية لتعزيز مسار الصناعة المالية الإسلامية. وقال صالح كامل، رئيس مجلس إدارة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئة عقدت عدة اجتماعات لها وذلك بهدف توزيع المهام والآليات التي ستكون عليها الهيئة واللجان التابعة لها، مشيرا إلى أن أصداء كبيرة وجدتها الهيئة بعد تأسيسها وبدء اجتماعاتها. ولم يخف صالح كامل في لقاءاته السابقة تفاؤله بعمل الهيئة، وأن كثيرا من عملاء المصارف الإسلامية يعولون على عليها لتصحيح بعض الأخطاء، التي بدأت تظهر على السطح خلال الأعوام الأخيرة، ومع دخول كثير من البنوك الأجنبية إلى السوق المصرفي الإسلامي، الذي يشهد أوج نشاطه مع ارتفاع السيولة في دول منطقة الخليج العربي. وأكد كامل في حينه أن كثيرا من البنوك المركزية بارك تأسيس الهيئة، والدور المنتظر منها لتصحيح مسار المصرفية الإسلامية. وجاء إنشاء هيئة التصنيف والرقابة بهدف تقوية وتعزيز الصناعة المالية الإسلامية، خاصة مع حجم النمو الكبير في العمل المصرفي الإسلامي، الأمر الذي ظهرت معه بعض الأخطاء من قبل البنوك التي تقدم منتجات مصرفية إسلامية. وأسمت الهيئة رئيسها الشيخ محمد المختار السلامي، الذي يعمل أيضا رئيسا للهيئة الشرعية للبنك الإسلامي للتنمية ومفتي تونس السابق، والدكتور عبد السلام العبادي نائبا للرئيس. ومن أهم ما تدرسه هيئة التصنيف والرقابة هو كافة المنتجات المالية الإسلامية ومدى ملاءمتها مع الشريعة الإسلامية من ناحية المقصد والآلية، خاصة أن بعض المؤسسات المالية الإسلامية لم تلتزم بالمعايير والفتاوى الخاصة بالمنتجات المالية. والمعروف أن بعض الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية باتت تتعرض للانتقاد كثيرا، خاصة أن معظم الأعضاء ينتمون إلى جهات كثيرة في البنوك وبالتالي فإنهم قد لا يجدون الوقت الكافي للتدقيق في تطبيقات الفتاوى التي يقررونها. كما ساهمت ندوة البركة، التي تنظم في شهر رمضان من كل عام، وعلى مدى 29 عاما، في تذليل كثير من الصعوبات التي تواجه عمل الهيئات الشرعية، إلى جانب تقريب وجهات النظر بين العلماء أنفسهم وبين البنوك والعلماء. كما وثقت الندوة الكثير من البحوث والندوات والفتاوى الصادرة عنها في كتب ومجلدات، يستفيد منها جيل الشباب من خريجي الشريعة أو ممن لديه الرغبة في الالتحاق في العمل المصرفي الإسلامي.
الشرق الأوسط : 7 يوليو 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق