الاثنين، 20 يوليو 2009

فهمي هويدي يكتب: خذلتنا الدول الإسلامية

فهمي هويدي يكتب: خذلتنا الدول الإسلامية
انتقد الكاتب الصحفي فهمي هويدي الصمت العربي والإسلامي تجاه ما تتعرض له الأقلية المسلمة في الصين من اضطهاد رهيب آخره المذبحة الأخيرة في شيبنجيانج والتي أسفرت عن سقوط المئات من المسلمين بين قتيل وجريح ولم تتحرك الدول العربية ولا الاسلامية للتنديد بتلك المجزرة باستثناء تركيا التي انتقدت موقف السلطات الصينية ووصفت ما حدث بأنه جريمة إبادة للمسلمين في شيبنجيانج. وأكد هويدي في مقاله الذي نشرته العديد من الصحف العربية انه مثلما سكت الرسميون العرب لم تحرك المؤسسات والمنظمات العربية ساكنا باستثناء الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي د.أكمل إحسان الدين أوغلو وهو تركي ايضا في الوقت الذي دافع فيه دبلوماسي صيني عن موقف بلاده كاشفا وفاضحا موقف دول منظمة المؤتمر الإسلامي التي اوصلت الي بكين رسالة مفادها انها لا تؤيد تصعيد الموقف والاشتراك في الاجتماع الذي دعا إليه الأمين العام. وفيما يلي نص مقال فهمي هويدي خذلتنا الدول الإسلامية: خذلتنا وفضحتنا الدول الإسلامية والعربية في موضوع اضطهاد مسلمي الصين الذين تعرضوا للمذبحة الشهيرة في شيبنجيانج. ذلك أنها لم تكتف بالصمت إزاء ما جرى وأدى إلى قتل 150 مسلما طبقا للأرقام الرسمية (مصادر الأويجور تحدثت عن 400 قتيل إضافة إلى 600 مفقود)، فلم يصدر أي تعليق رسمي من أي عاصمة عربية أو إسلامية، باستثناء تركيا. لكن حدث ما هو أسوأ، إذ تحفظت أهم الدول الإسلامية والعربية عن اجتماع دعت إليه أمانة منظمة المؤتمر الإسلامي لمناقشة الموضوع وتحديد موقف إزاءه. وهو ما أدى إلى تأجيل الاجتماع إلى موعد لاحق، أو بتعبير أدق إلغاؤه في الوقت الراهن على الأقل. القصة الأصلية باتت معلومة للكافة، بعدما تناقلت وكالات الأنباء صور ووقائع ما جرى في المقاطعة التي كانت تسمى تركستان الشرقية يوما ما، وكانت نسبة المسلمين فيهـا 100 %، ثم ضمتها الصين بالقوة وسمتها شيبنجيانج، وقامت بتهجير بعض مسلميها الأويجور، وفي الوقت ذاته استقدمت أعدادا كبيرة من أبناء قومية «الهان» الصينية. وهو ما أدى إلى تخفيض نسبة المسلمين إلى 60 %، وهناك من يقول إن نسبتهم لم تعد تتجاوز 40 %. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، وإنما مورست بحق المسلمين صور مختلفة من التمييز والقمع والتضييق في ممارسة الشعائر والعبادات. وكانت تلك أسبابا كافية لإشاعة الاحتقان بينهم، الأمر الذي أدى إلى انفجار الغضب المخزون والمكتوم في أكثر من مناسبة خلال نصف القرن الماضي، وكانت انتفاضة بداية شهر يوليو الحالي أحدث مواجهة من هذا القبيل. حين وقعت الواقعة لم يسمع سوى صوت واحد لرئيس الوزراء التركي الذي أدان موقف السلطات الصينية ووصف ما حدث بأنه جريمة إبادة للمسلمين في شيبنجيانج. وكما سكت الرسميون العرب لم تحرك المؤسسات والمنظمات العربية ساكنا. وحده الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي د.أكمل إحسان الدين أوغلو وهو تركي أيضا تحرك على أربعة مستويات. فوجه رسائل إلى المنظمات الدولية المعنية المختصة بحقوق الإنسان والأقليات والحريات الدينية، طالبها فيها بتحمل مسؤوليتها تجاه ما يتعرض له المسلمون في الصين. من ناحية ثانية فإنه أصدر بيانين في 6 و8 يوليو الحالي أعرب فيهما عن القلق إزاء ما يجري للأويجور، ودعا الحكومة الصينية إلى التحقيق فيما جرى ومعالجة الموقف بما يحمي حقوق الأقلية المسلمة ويلتزم بمبادئ حقوق الإنسان. من ناحية ثالثة فإنه طلب مقابلة سفير الصين لدى الرياض للتشاور معه حول الأمر. من ناحية رابعة فإنه دعا إلى اجتماع يعقد في جدة لممثلي الدول الإسلامية لدى المنظمة لبحث الأمر. ما الذي حدث بعد ذلك؟!.. معلوماتي أن المنظمات الدولية المعنية سكتت .. في حين ردت سفارة الصين في الرياض بأن السفير غير موجود، والقائم بالأعمال مشغول، وأنها ستوفد نائب القنصل للقاء د.أكمل والاستماع إليه، لكن حين علمت السفارة أن اجتماعا سيعقد لممثلي الدول الإسلامية، فإن القائم بالأعمال (المشغول!) سارع إلى لقاء د.أوغلو، وأمضى معه ثلاث ساعات على مدى يومين متتالين، برر خلالها موقف حكومته، ونقل إليه دهشتها لصدى الأحداث لدى أمانة منظمة المؤتمر الإسلامي. ثم قال إن لدول المنظمة الإسلامية رأيا آخر نقل إلى بكين، خلاصته أن حكوماتها لا تؤيد تصعيد الموقف والاشتراك في الاجتماع الذي دعا إليه الأمين العام. أسقط في يد د.أكمل الذي بدا كأنه يقف وحيدا في الساحة، وكلف من أجرى اتصالات مع أبرز الدول الأعضاء، في المنظمة، وكانت المفاجأة أن كلام القائم بالأعمال الصيني صحيح. وتأكدت الأمانة العامة للمنظمة من ذلك أثناء انعقاد مؤتمر قمة عدم الانحياز الذي عقد في شرم الشيخ. إذ تبين أن على رأس الدول المعترضة على الاجتماع المفترض باكستان والسودان وإيران والسنغال التي ترأس القمة الإسلامية. ومن بين تلك الدول أيضا مصر والسعودية ودولة الإمارات العربية واليمن. حيث بدا أن لكل دولة حساباتها وتوازناتها الخاصة. إزاء ذلك لم يكن هناك مفر من إلغاء الاجتماع. وكان الحل الوسط الذي أريد به ستر الفضيحة أن الصين وافقت على أن يزورها الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ليتابع الموقف على الطبيعة. على أن ينظر في الخطوة التالية بعد عودته من الزيارة التي يفترض أن تتم في أوائل شهر أغسطس.. لقد كسفونا وقصروا رقابنا أخزاهم الله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق