مجرد كـــرة .. مجرد مبـــاراة

مجرد كـــرة .. مجرد مبـــاراة 

عبد الرحمن المراكبي

بأحرف الألم أكتب كلماتي .. وأي شيء أكتب .. أكتب عن تلك الضجة الإعلامية التي أخذت بعقول الناس بسبب مبارة مصر والجزائر في 14 نوفمبر الحالي .. أكتب عن تلك المأساة التي نعيشها ، نعم إنها مأساة شعبين شقيقين ، غاية كل فرد فيهما هي وصول منتخب بلاده إلى كأس العالم ، ولا شك أن هذه غاية مشروعة ، فمن حق كل إنسان أن يتمنى أن تتقدم بلاده في أي مجال من المجالات. لكن الشيء المحزن هو ما نشاهده في وسائل الإعلام المختلفة من قيام الكثيرين بإشاعة الفرقة بين البلدين ، فهذا قام بعمل فيديو يستهزأ فيه بمنتخب الجزائر مستعيناً في ذلك بأحد الأفلام الأجنبية عن هتلر والحرب العالمية الثانية ، وذاك قام بحرق فانلة المنتخب المصري ، وآخر قام بتركيب صور مسيئة للمدرب المصري واللاعبين ؛ كل هذا من أجل مباراة .. مجرد مباراة !! قد يقول لي قائل : أنت جاهل ، إنها ليست مجرد مباراة كما تزعم ، إنها المباراة الفاصلة التي تحدد من سيصل إلى كأس العالم . فأقول : وماذا بعد أن نصل إلى كأس العالم ؟؟ لا شك أننا سنخرج من الدور الأول كما فعلنا من قبل عامي 1934م ، 1990م . كل هذا لا يعني أنني لا أتمنى فوز مصر وصعودها للمونديال ، ولكن يجب أن نضع كل شيء في حجمه الطبيعي ، أين نحن من الاهتمام بالتعليم والاقتصاد والصحة والتكنولوجيا؟ أين نحن من بناء جيل جديد يحمل هم هذه الأمة ، ويعيد لها عزتها وسيادتها ؟ كفانا غفلة يا سادة ، يجب علينا أن نحكم عقولنا وألا ننساق وراء بعض المتعصبين أصحاب الأهواء والأغراض الشخصية ، فنحن إخوة أشقاء ، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نُحَقِّر إخواننا فقال : " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا - وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ". وأعود فأؤكد على ضرورة أن يظل لقاء 14نوفمبر مجرد مباراة كرة قدم ، وأن تكون المباراة في نظرنا مجرد تسعون دقيقة فقط ، وبعد المباراة يهنيء الخاسر الفائز ويرجو له التوفيق . وليس ببعيد عن الأذهان ما حدث بين السلفادور والهندوراس عام 1969م حيث قامت الحرب بينهما بسبب النزاع على نتيجة مباراة ، واستمرت تلك الحرب لسبعة أيام ، وقُتل فيها ما يزيد على ألفي شخص .

كتبه : عبد الرحمن المراكبي