الأربعاء، 4 نوفمبر 2009

العيــــــــد

العيــــــــد
* العيد مشتق من العود، وهو إحياء الذكرى...
ومفهوم إحياء الذكرى في التصور الإسلامي مرتبط بمفهوم العبودية لله تبارك وتعالى. ولهذا كانت عبادة الصوم في رمضان إحياء لذكرى نزول القرآن، وأداء العبادة يحقق في الإنسان فرحًا بدليل قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: " للصائم فرحتان، فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه" فالفرحة عند الإفطار هي فرحة المؤمن بأداء ما عليه في رمضان، والفرحة عند لقاء اللَّه هي فرحة بأداء ما عليه في الدنيا.
* ولما كان العيد هو زمن الارتباط بين الذكرى والعبادة، كان اختياره وتحديده لله وحده، فليس من حق الناس أن يتخذوا أعيادا أو أن يختاروا أعيادا غير الأعياد التي اختارها اللَّه وحددها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
* والعيد يوم فرح ومسرة على المسلمين جميعا، غنيهم وفقيرهم على السواء، ولذلك كان من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم أن نعني بالفقراء، وأن نبعث المسرة في قلوبهم، يقول: " أغنوهم في هذا اليوم".
* كما أباح- صلى الله عليه وسلم- في ذلك اليوم اللعب بالحراب ونحوها، مما يدرب على أعمال الجهاد، بدليل قول عائشة رضي اللَّهُ عنها: " إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فاطلعت فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتي شبعت ثم انصرفت" أخرجه مسلم وأحمد والنسائي.
* ويجوز الضرب بالدف يوم العيد. كما يجوز الغناء الخالي عن التكسر والغزل ونحوه، لحديث عائشة رضي اللَّهُ عنها: أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان بدفين، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه، فانتهرهما فكشف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن وجهه، وقال: " دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد" رواه أحمد ومسلم.
* وفي حديث عائشة رضي اللَّهُ عنها: " وليستا بمغنيتين" فنفت عنهما الغناء عن طريق المعنى، وأثبتته لهما باللفظ، لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم، وقال القرطبي: قولها: ليستا بمغنيتين، أي: ليستا ممن يعرف الغناء كما تعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا تحرز عن الغناء المعتاد عند المشهورين به، وهو الذي يحرك الساكن، ويبعث الكامن.
* وإذا كان العيد مرتبطا بالفرحة... فإنه أيضا مرتبط بالعبادة، وذلك من خلال " صلاة العيد" وهي: " ركعتان قبل الخطبة" لما في حديث عمر " صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان" ولقول ابن عمر رضي اللَّهُ عنهما: " كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة" رواه الستة إلا أبا داود.
* ووقت صلاة العيد يدخل من ارتفاع الشمس قدر رمح أو رمحين إلى ما قبل الزوال.
* وليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة لقول ابن عباس: " لم يكن يؤذن ليوم الفطر، ويوم الأضحى- يعني لصلاة العيد-" رواه الشيخان.
* ويستحب فيهما قراءة: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} في الركعة الأولى، و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} في الركعة الثانية.
وذلك في أصح الأسانيد التي ذكرت القراءة، وهو قول أبي واقد الليثي: " كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} في الركعة الأولى، و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} في الركعة الثانية" أخرجه الأئمة ومسلم.
* وليس لصلاة العيد راتبة قبلها ولا بعدها لقول ابن عباس رضي اللَّهُ عنهما: " خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم العيد فصلى ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما" أخرجه السبعة.
* ويستحب الرجوع من طريق غير طريق الذهاب، لقول جابر: " كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق" أخرجه البخاري.
* ولأجل ارتباط العيد بالعقيدة كان من الضروري أن يقوم مع الإحساس بالفرحة إحساس الاستعلاء بالإيمان، لأن عيدنا من عند اللَّه، بعد أن أصبحت أعياد الجاهلية تحت أقدام نبينا عليه الصلاة والسلام كما جاء في صحيح البخاري: " إن اللَّه جعل أعياد الجاهلية تحت قدمي وجعل لكم عيدين الفطر والأضحى".
* ومن هنا كان لا بد من التعبير عن إحساس الاستعلاء بالتكبير
- قال البخاري: " كان عمر رضي اللَّهُ عنه يكبر في قبته، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا".
* وصيغة التكبير الواردة بأصح الأسانيد عن علي وعبد اللَّه بن مسعود، هي: " اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، لا إله إلا اللَّه، اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، ولله الحمد".
* هذا وقد أحدث الناس في العيد بدعًا نذكرها للتحذير منها:
- السهر ليلتا العيد في غير طاعة اللَّه بل في اللهو واللعب.
- وخروج النساء والرجال إلى المقابر ليلة العيد ويومه والبيات فيها.
- وعدم التبكير إلى المصلى.
وتأخير الأكل عن صلاة العيد يوم الفطر، وتقديمه عليها يوم الأضحى. - وترك الغسل للعيد والتطيب.
فعلى المسلمين أن يعلموا أن العيد ذكرى، وعبادة، واستعلاء، وفرحة.... وأنه لهذا كله ينبغي أن يخلو من البدعة والضلالة والخرافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق