القصيدة الرائية لابن عبدالبر
قصيدة من أروع ما قرأت حول حقيقة الدنيا فهي تصور حال الدنيا وأن كل الناس فيها من المتعبين فلا غني أراحه غناه ولافقير قنع بما أدرك ، وتصور كذلك اختلاف الناس في معاشهم وفي أحوالهم ، كما أنها من أغلى وأنفس الحكم .
والقصيدة منسوبة إلى أبي عمر يوسف بن عبدالبر، - رحمه الله -
وفي نسبتها إليه ضعف والله أعلم
والآن مع القصيدة :
من ذا الذي قد نال راحة فكره
في عمره من عسره أو يسره ؟
يلقى الغني لحفظه ماقد حوى
أضعاف مايلقى الفقير لفقره
فيظل هذا ساخطاً في قله
ويظل هذا ثاعباً في كثره
والجن مثل الإنس يجري فيهمُ
حكم القضاء بحلوه وبمره
فإذا المريد أتى ليخطف خطفة
جاء الشهاب بحرقه وبزجره
ونبي صدق لا يزال مكذَّبًا
يرمى بباطل قولهم وبسحره
والعالم المفتي يظل منازعاً
بالمشكلات لدى مجالس ذكره
فالويل إن زل اللسان فلا يُرى
أحد يُساعد في إقامة عذره
أوَمَا ترى الملك العزيز بجنده
رهن الهموم على جلالة قدره
فيسره خبر وفي أعقابه
خبر تضيق به جوانب قصره
ومؤازر السلطان أهل مخاوف
وإن استبد بعزه وبقهره
فلربما زلت به قدم فلم
يرجع يساوي في قلامة ظفره
وأخو العبادة دهره متنغصٌ
يبغي التخلص من مخاوف قبره
وأخو التجارة حائر متفكرٌ
مما يلاقي من خسارة سعره
وأبو العيال أبو الهموم وحسرة الـ
ـرجل العقيم كمينةٌ في صدره
وكل قرين مضمر لقرينه
حسداً وحقداً في غناه وفقره
ولرب طالب راحة في نومه
جاءته أحلامٌ فهام بأمره
والطفل من بطن أمه يخرجُ
غُصص الفطام تروعه في صغره
والوحش يأتيه الردى في بره
والحوت يلقى حتفه في بحره
ولربما تأتي السباع لميتٍ
فاستخرجته من قرارة قبره
ولقد حسدتُ الطير في أوكارها
فوجدتُ منها ما يُصاد بوكره
كيف التلذذ في الحياة بعيشة
ما زال وهو مروع في أسره ؟
تالله لو عاش الفتى في أهله
ألفاً من الأعوام مالك أمره
متلذذاً معهم بكل لذيذة
متنعماً بالعيش مدة عمره
لا يعتريه النقص في أحواله
كلا ولا تجري الهموم بفكره
ما كان ذلك كله مما يفي
بنزول أول ليلة في قبره
كيف التخلص يا أخي مما ترى؟
صبراً على حلو القضاء ومره !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق