قطوف من كتاب لا تحزن للقرني حول النقد والنصح
***************
كيف تواجه النقد الآثم ؟
الرُّقعاءُ السُّخفاءُ سبُّوا الخالق الرَّازق جلَّ في علاه ، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو ، فماذا أتوقعُ أنا وأنت ونحنُ أهل الحيف والخطأ ، إنك سوف تواجهُ في حياتِك حرْباً! ضرُوساُ لا هوادة فيها من النًّقدِ الآثمِ المرِّ ، ومن التحطيم المدروسِ المقصودِ ، ومن الإهانةِ المتعمّدةِ مادام أنك تُعطي وتبني وتؤثرُ وتسطعُ وتلمعُ ، ولن يسكت هؤلاءِ عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرضِ أو سلماً في السماءِ فتفرَّ منهم ، أما وأنت بين أظهرِهِمْ فانتظرْ منهمْ ما يسوؤك ويُبكي عينك ، ويُدمي مقلتك ، ويقضُّ مضجعك. إن الجالس على الأرضِ لا يسقطُ ، والناسُ لا يرفسون كلباً ميتاً ، لكنهم يغضبون عليك لأنك فُقْتَهمْ صلاحاً ، أو علماً ، أو أدباً ، أو مالاً ، فأنت عندهُم مُذنبٌ لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونِعَمَ اللهِ عليك ، وتنخلع من كلِّ صفاتِ الحمدِ ، وتنسلخ من كلِّ معاني النبلِ ، وتبقى بليداً ! غبيَّا ، صفراً محطَّماً ، مكدوداً ، هذا ما يريدونهُ بالضبطِ . إذاً فاصمد لكلامِ هؤلاءِ ونقدهمْ وتشويهِهِمْ وتحقيرِهمْ (( أثبتْ أُحُدٌ )) وكنْ كالصخرةِ الصامتةِ المهيبةِ تتكسرُ عليها حبّاتُ البردِ لتثبت وجودها وقُدرتها على البقاءِ . إنك إنْ أصغيت لكلامِ هؤلاءِ وتفاعلت به حققت أمنيتهُم الغالية في تعكيرِ حياتِك وتكديرِ عمرك ، ألا فاصفح الصَّفْح الجميل ، ألا فأعرضْ عنهمْ ولا تكُ في ضيقٍ مما يمكرون. إن نقدهمُ السخيف ترجمةٌ محترمةٌ لك ، وبقدرِ وزنِك يكُون النقدُ الآثمُ المفتعلُ . إنك لنْ تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاءِ ، ولنْ تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيعُ أن تدفن نقدهُم وتجنّيهم بتجافيك لهم ، وإهمالك لشأنهمْ ، واطِّراحك لأقوالهِمِ!. ﴿ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾ بل تستطيعُ أنْ تصبَّ في أفواهِهِمُ الخرْدَلَ بزيادةِ فضائلك وتربيةِ محاسنِك وتقويم اعوجاجِك . إنْ كنت تُريد أن تكون مقبولاً عند الجميع ، محبوباً لدى الكلِّ ، سليماً من العيوبِ عند العالمِ ، فقدْ طلبت مستحيلاً وأمَّلت أملاً بعيداً .
****************
لا تحزن من نقْد أهلِ الباطلِ والحُسَّادِ فإنك مأجورٌ – من نقدهمْ وحسدهِمْ – على صبرِك ، ثمَّ إنَّ نقدهُمْ يساوي قيمتك ، ثم إنَّ الناس لا ترفسُ كلباً ميتاً ، والتافهين لا حُسَّاد لهم .قال أحدُهمْ :إن العرانين تلقاها مُحَسَّدةً ...... ولا ترى لِلِئَامِ الناسِ حُسَّادا وقال الآخر : حَسَدُوا الفتى إذْ لم ينالوا سعيَهُ..... فالناسُ أعداءٌ لهُ وخصومُ كضرائرِ الحسناءِ قُلْن لوجهِهَا.....حسداً ومقتاً إنهُ لذميمُ وقال زهيرٌ : مُحسَّدُون على ما كان من نِعَمٍ .....لا ينزعُ الله منهمْ ما له حُسِدوا وقال آخرُ : همْ يحسدوني على موتي فوا أسفاً.....حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ وقالُ الشاعرُ : وشكوتَ مِن ظلمِ الوشاةِ ولنْ..... تجدْذا سؤددٍ إلا أُصيب بحُسَّدِلا زلت ياسِبط الكرامِ محسَّداً.....والتافهُ المسكينُ غيرُ محسَّدِ سألَ موسى ربَّ أنْ يكفَّ ألسنةَ الناسِ عنهُ ، فقال اللهُ عزَّ وجلَّ : (( يا موسى ، ما اتخذتُ ذلك لنفسي ، إني أخلقُهم وأرزقُهُمْ ، وإنهم يسبُّونَنِي ويشتُموننِي )) !! وصحَّ عنهُ r أنهُ قال : (( يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : يسبُّني ابنُ آدمَ ، ويشتمني ابنُ آدم ، وما ينبغي له ذلك ، أمَّ سبُّه إياي فإنهُ يسبُّ الدهر ، وأنا الدهرُ ، أقلِّبُ الليلَ والنهارَ كيف أشاءُ ، وأما شتمُه إياي ، فيقولُ : إنّ لي صاحبةً وولداً، وليسَ لي صاحبةٌ ولا ولدٌ)). إنكَ لنْ تستطيع أن تعتقل ألسنةَ البشرِ عن فرْي عِرْضِك ، ولكنك تستطيعُ أن تفعلَ الخيرَ ، وتجتنب كلامهم ونقدهم . قال حاتمٌ : وكلمةِ حاسدٍ منْ غيرِ جرْمِ .....سمعتُ فقلتُ مٌرّي فانفذينيوعابوها عليَّ ولم تعِبْني ......ولم يند لها أبداً جبيني وقال آخرُ : ولقدْ أمرُّ على السفيهِ يسُبُّني.....فمضيتُ ثَمَّة قلتُ لا يعنيني وقال ثالثٌ : إذا نَطَقَ السَّفيهُ فلا تُجِبْهُ.....فخيرٌ مِنْ إجابِتِه السكوتُ إنَّ التافهين والمخوسين يجدون تحدِّياً سافراً من النبلاءِ واللامعين والجهابذةِ . إذا محاسني اللائي أُدِلُّ بها .....كانتْ ذنوبي فَقُلْ لي كيف أعتذرُ؟! أهلُ الثراءِ في الغالبِ يعيشون اضطراباً ، إذا ارتفعتْ أسهمُهم انخفضَ ضغطُ الدمِ عندهم، ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ{1} الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ{2} يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ{3} كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾। يقولُ أحدُ أدباءِ الغَرْبِ : افعلْ ما هو صحيحٌ ، ثم أدرْ ظهرك لكلِّ نقدٍ سخيفٍ ! ومن الفوائدِ والتجاربِ : لا تردَّ على كلمةٍ جارحةٍ فيك ، أو مقولةٍ أو قصيدةٍ ، فإنَّ الاحتمالَ دفنُ المعايبِ ، والحلم عزٌّ ، والصمت يقهرُ الأعداء ، والعفو مثوبةٌ وشرفٌ ،ونصفُ الذين يقرؤون الشتم فيك نسوهُ ، والنصفُ الآخرُ ما قرؤوه ، وغيرهم لا يدرون ما السببُ وما القضيةُ ! فلا تُرسِّخْ ذلك أنت وتعمِّقهُ بالردِّ على ما قيل . يقولُ أحدُ الحكماءِ : الناسُ مشغولون عني وعنك بنقصِ خبزِهم ، وإنَّ ظمأ أحدِهم ينُسيهم موتي وموتك . بيتٌ فيه سكينةٌ مع خبز الشعيرِ ، خيرٌ من بيتٍ مليء بأعدادٍ شهيةٍ من الأطعمةِ ، ولكنه روضة للمشاغبة والضجيج .
***************
لا تقلق من النصح البناء الهادف بل رحب به
يقول اندريه مورو : ان كل ما يتفق مع رغباتنا الشخصيه يبدو حقيقيا وكل ما هو غير ذلك يثير غضبنا
قلت : وكذلك النصائح والنقد فا لغالب اننا نحب المدح ونطرب له ولو كان باطلا ونكره النقد والذم ولو كان حقا
وهذا عيب كبير وخطا خطير
يقول وليم جاميس : عندما يتم التوصل الى قر ار ينفذ في نفس اليوم فائنك ستتخلص كليا من الهموم التي ستسيطر عليك
فيما انت تفكر بنتائج المشكله وهو يعني انك اذا اتخذت قرارا حكيما ير تكز على الوقائع
فامض في تنفيذه ولا تتوقف مترددا اوقلقا او تتراجع في خطواتك ولا تضيع نفسك بالشكوك التي لا تلد الا الشكوك ولا تستمر في النظر الى ما وراء ظهرك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق