الجمعة، 18 ديسمبر 2009

الراحةُ في الجنَّةِ

الراحةُ في الجنَّةِ
عائض القرني
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ . يقولُ أحمدُ بنُ حنبلَ ، وقد قيل له : متى الراحةُ ؟ قال : إذا وضعت قدمك في الجنةِ ارتحت . لا راحة قبل الجنةِ ، هنا في الدنيا إزعاجاتُ وزعازعُ وفتنٌ وحوادثُ ومصائبُ ونكباتُ ، مَرَضٌ وهمٌّ وغمُّ وحزنٌ ويأسٌ . طُبِعَتْ على كدرٍ وأنت تريدُها صفواً من الأقذاءِ والأكدارِ أخبرني زميلُ دراسةٍ من نيجيريا ، وكان رجلاً صاحب أمانةٍ ، أخبرني أن أمَّه كانت تُوقظُه في الثلثِ الأخير ، قال : يا أمَّاهُ ، أريد الراحة قليلاً . قالت : ما أوقظك إلا لراحتِك ، يا بني إذا دخلت الجنة فارتحْ . كان مسروقٌ – أحدُ علماءِ السلفِ – ينامُ ساجداً ، فقال له أصحابهُ : لو أرحت نفسك . قال : راحتها أريدُ . إن الذين يتعجَّلون الراحة بتركِ الواجبِ ، إنما يتعجَّلون العذاب حقيقةً . إنَّ الراحةً في أداءِ العمل الصالحِ ، والنفعِ المتعدِّي، واستثمارِ الوقتِ فيما يقرِّبُ من اللهِ . إنَّ الكافر يريدُ حظَّه هنا ، وراحتَهُ هنا ، ولذلك يقولون : ﴿ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ . قال بعضُ المفسِّرين : أي : نصيبنا من الخَيْرِ وحظَّنا من الرزقِ قبل يومِ القيامةِ . ﴿ إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴾ ، ولا يفكِّرون في الغدِ ولا في المستقبلِ ، ولذلك خسرُوا اليوم والغد ، والعمل والنتيجة ، والبداية والنهاية . وهكذا خُلقتِ الحياةِ ، خاتمتُها الفناءُ فهي شربٌ مكدَّرٌ ، وهي مزاجٌ ملوَّن لا تستقرُّ على شيء ، نعمةٌ ونقمةٌ ، شدَّةٌ ورخاءٌ ، غنىً وفقرٌ . هذه هي النهاية : ﴿ ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ ।

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق