نَصَب المَنْصِب
منْ متاعبِ الحياةِ المنصبُ ، قال ابنُ الورديُّ :
نصبُ المنصبِ أوهي جَلَدي يا عنائي منْ مداراةِ السفَلْ
والمعنى : انَّ ضريبةَ المنصبِ غاليةٌ ، إنها تأخذُ ماء الوَجْهِ ، والصِّحِّة والراحةَ ، وقليلٌ مَنْ ينجو منْ تلك الضرائبِ التي يدفعُها يوميّاً ، منْ عرقِهِ ، من دِمِ ، منْ سمعتِه ، من راحتِه ، منْ عزتِه ، منْ شرفِه ، منْ كرامتِه ، ((لا تسألِ الإمارةَ)) . ((نِعْمَتِ المرضعةُ وبِئست الفاطمةُ)) ﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ﴾ .
قال الشاعرُ :
هبِ الدنيا تصيرُ غليك عفواً أليس مصيرُ ذلك للزوالِ ؟!
قدِّرْ أنَّ الدنيا أتتْ بكل شيءٍ ، فإلى أي شيء تذهبُ ؟ إلى الفناءِ ، ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ .
قال أحدُ الصالحين لابنه : لا تكنْ يا بُنيَّ رأساً ، فإنَّ الرأس كثيرُ الأوجاعِ .
والمعنى : لا تُحِبَّ التصدُّرَ دائماً والتَّرؤُّس ، فإنَّ الانتقاداتِ والشتائمِ والإحراجاتِ والضرائبِ لا تصلُ إلا إلى هؤلاء المقدَّمين .
إنَّ نصف الناسِ أعداءٌ لمِنْ ولي السلْطة هذا إنْ عدلْ
لا تحرصْ على الشهرةِ
فإنَّ لها ضريبةً من الكدرِ والهمِّ والغمِّ
مما يشتتُ القلب ويكدِّرُ صفاءه واستقراره وهدوءه : الحرصُ على الظهورِ والشهرةِ ، وطلبِ رضا الناسِ ، ﴿ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً ﴾ .
ولذلك قال أحدُهم بالمقابلِ :
مَنْ أخمل النفس أحياها وروَّحها ولم يبتْ طاوياً منها على ضجرِ
إنَّ الرياح إذا اشتدَّتْ عواصفُها فليس ترمي سوى العالي منَ الشجرِ
((منْ راءى راءى اللهُ بهِ ، ومنْ سمَّع سمَّع اللهُ بهِ)) . ﴿ يُرَآؤُونَ النَّاسَ ﴾ ، ﴿وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ ﴾ ، ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ﴾.
ثوبُ الرياءِ يشِفُّ عمَّا تحتهُ فإذا التْحفْت بهِ فإنَّك عاري
المصدر : لا تحزن للقرني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق