حقا.. لا تقرأوه
«تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009» الذي تصدره الأمم المتحدة، مفزع ومذل.
وأذل ما فيه حقائقه ووقائعه وأرقامه.
ونحن قوم نكره ما نسميه النقد الذاتي، أي مواجهة الواقع، ونفضل عليه الكذب الذاتي والغش الذاتي والخداع العام.
وكما يُنصح ذوو القلوب الضعيفة بعدم مشاهدة الأفلام القاسية أنصح جميع العرب، بكل محبة وصدق، ألا يقرأوا التقرير، لأنه يوجع القلب دون جدوى، ولأن كثيرين غدا سوف ينتقدون التقرير وواضعيه، بدل أن يحاولوا بذل ساعة واحدة أو جهد واحد أو قرش واحد في سبيل تغيير بسيط في هذا الوضع المزري والمؤسف واليائس.
لن أحاول اختصار 270 صفحة من الأرقام والجداول والنسب في بضعة أسطر، لأن ذلك يسيء إساءة بالغة إلى الجهد العلمي المبذول.
ولكن الخلاصة ليست أننا مصابون فقط بالفقر والجهل والأمية والبطالة والأوبئة والجوع وسوء التغذية بل بالفظاظة وثقافة الاغتصاب وأن العالم العربي هو أكبر سوق للاتجار بالبشر في هذا الكوكب السعيد.
والخلاصة أننا شعب بلا أمن صحي أو اقتصادي أو اجتماعي أو إنساني.
ويفيد جدول حول الفقر في 9 بلدان عربية أن عدد الفقراء في مصر (تحت 2.7 دولار في اليوم) هو 30 مليونا من أصل 73 مليون نسمة، وفي سورية 5.50 مليون من أصل 18 مليونا، في لبنان 1.10 مليون من أصل 4 ملايين، الأردن 0.60 مليون من أصل 5.50. المغرب 11 مليونا من أصل 28 مليون نسمة، تونس 2.30 مليون من أصل 9.65 مليون نسمة، اليمن 13 مليونا من أصل 21 مليونا.
تصل البطالة في بلد مثل الجزائر إلى 40%، أما معدلاتها في البلدان الأخرى فهي الأعلى في العالم.
ولا فرص في الأفق، خصوصا أمام 65 مليون فقير عربي، أو نحو 63.2% من المجموع، وخصوصا في المناطق الريفية التي لا تزال الأكثر حرمانا.
وتزداد نسبة المعاناة البشرية العامة في بلدان كالعراق والصومال والسودان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويشكل الإيدز وباء قاتلا يتم التستر عليه.
وفي العام 2007 توفي أكثر من 31.600 بالغ وطفل بالمرض (80% في السودان).
وفي ذلك العام قدر عدد الإصابات في العالم العربي بـ 435.000 حالة منها 73.5% في السودان، حيث أكثرية الإصابات في صفوف النساء.
ويرد التقرير الكثير من المصائب إلى آثار الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والأميركي في العراق.
ويقول إن الحقوق المدنية سقطت في البلدين كما سقطت في الصومال ودارفور، حيث تعرضت النساء لعمليات اغتصاب جماعية، معظمها كان مرفقا بفيروس الإيدز.
وتخجل الضحايا من الشكوى إلى الدوائر الرسمية أو إلى أحد خوفا من العار.
---------------------
سمير عطا الله، الشرق الأوسط ، 12/10/2009
والكاريكاتير من نفس الصحيفة، بتاريخ 13/10/2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق