الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

التلمود ... والتوراة المحرفة

التلمود ... والتوراة المحرفة

بقلم فضيلة الشيخ / عبدالقادر شيبة الحمد

الأستاذ بالجامعة الإسلامية

تعريف التلمود : معناه في العربية النظام ، وهو كتاب فقه اليهود ، ويتكون من مجموعة من التعاليم التي قررها أحبار اليهود شرحًا للتوراة واستنباطًا من أصولها ، وقد يخالف بعض نصوص التوراة وهو مقسم إلى كتابين من القرن الحادي عشر (الميلادي) وهما :

1 - تلمود أورشليم .

2 - تلمود بابل .

ولكن طائفة اليهود القرائين لا يخضعون لأحكام التلمود مدعين أنهم أحرار الفكر في شرح التوراة .

مبادئ التلمود :

يقول (التلمود) :

إن اليهود أحب إلى الله من الملائكة ، وأنهم من عنصر الله كالولد من عنصر أبيه ، ومن يصفع اليهود كمن يصفع الله .

والموت جزاء الأممي (الأممي عند اليهود يطلق على كل من ليس بيهودي ، فالناس عندهم قسمان يهودُ وأمميون) إذا ضرب اليهودي .

ولولا اليهود لارتفعت البركة من الأرض واحتجبت الشمس وانقطع المطر .

واليهود يفضلون الأمميين كما يفضل الإنسان البهيمة .

والأمميون جميعًا كلاب وخنازير .

وبيوتهم كحظائر البهائم نجسة ، ويحرم على اليهودي العطف على الأممي ؛ لأنه عدوه وعدو الله ، والتقية أو المداراة معه جائزة للضرورة تجنبًا لأذاه ، وكل خير يصنعه يهودي مع أممي فهو خطيئة عظمى ، وكل شر يعمله معه فهو قربان لله يثيبه عليه .

والربا غير الفاحش جائز مع اليهودي - كما شرع موسى وصموائيل - في رأي واضعي (التلمود) .

والربا الفاحش جائز مع غيره . وكل ما على الأرض ملك لليهود .

فما تحت أيدي الأمميين مغتصب من اليهود وعليهم استرداده بجميع الوسائل .

وأشار (التلمود) إلى أن اليهود ينتظرون مسيحًا ينقذهم من الخضوع للأمميين ، على شرط أن يكون ملكًا من نسل داود ، يعيد الملك إلى إسرائيل ، ويخضع الممالك كلها لليهود ؛ لأن السلطة على شعوب العالم من اختصاص اليهود حسب وعد الله .

وسرقة اليهودي أخاه حرام ، ولكنها جائزة ، بل واجبة مع الأممي ؛ لأن كل خيرات العالم خلقت لليهود ، فهي حق لهم وعليهم تملُكها بأي طريقة .

هذه المبادئ التلمودية التي اعتقد اليهود بناءً عليها .

أنهم شعب الله المختار ، وأنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأن الله لا يسمح بعبادته ولا يقبلها إلا أن يكون العابد يهوديًا .

وأن نفوسهم مخلوقة من نفس الله ، وأن عنصرهم من عنصره ، فهم وحدهم أبناؤه الأطهار جوهرًا .

ويعتقدون أن الله منحهم الصورة البشرية أصلاً تكريمًا لهم على حين أنه خلق غيرهم (الأممين) من طينة شيطانية أو حيوانية نجسة ، ولم يمنحهم الصورة البشرية إلا محاكاة لليهود ، لكي يسهل التعامل بين الطائفتين إكرامًا لليهود ، إذ بغير هذا التشابه الظاهري مع اختلاف العنصرين لا يمكن التفاهم بين السادة المختارين والعبيد المحتقرين .

فالإنسانية والطهارة قاصرة على اليهود بحكم عنصرهم المستمد من عنصر الله ، أما غيرهم فحيوانات وأنجاس وإن كانوا في شكل الإنسان .

الذات الإلهية في التوراة المحرفة :

قامت البراهين العقلية القطعية والحجج الدينية النقلية أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ولكن اليهود في توراتهم المحرفة يُشبهون الله بخلقه تشبيهًا صريحًا ، ومن ذلك تقول التوراة التي بأيديهم في الأصحاح الأول من سفر التكوين :

( وقال الله : نعملُ الإنسان على صورتنا كشبهنا ) .

ويعتقد اليهود أن الله - تعالى عما يقولون - قد تعب واحتاج إلى الراحة حينما خلق السماوات والأرض ؛ ولذلك استراح في اليوم السابع ، وهو يوم السبت ، وفي ذلك تقول التوراة التي بأيديهم في الأصحاح الثاني من سفر التكوين : (فأكملت السماوات والأرض وكل جندها) .

(وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل) .

(وبارك الله اليوم السابع وقدسه ؛ لأن فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقًا ) .

مع أنه قد قامت الأدلة العقلية والبراهين النقلية القطعية على أن الله منزه عن اللغوب والتعب ، وقد رد القرآن الكريم على اليهود هذه العقيدة الفاسدة في ذات الله .

إذ يقول الحق تبارك وتعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) [ ق : 38] .

على أن خلق الله للسماوات والأرض كخلقه لغيرهما إنما يكون بكلمة كن : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [ يس : 82] .

كما يعتقد اليهود أن الله يلحقه الحزن والندم على ما فات ، وفي ذلك تقول التوراة التي بأيديهم كما جاء في سفر التكوين في الأصحاح السادس ما نصه :

( ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض ، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم ) .

(فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه) .

وهذا المعتقد رغم قبحه فإنه يدل كذلك على أن الله لم يحط علمه بالمخلوقات قبل وجودها ، ويؤدي إلى القول بالبداءة على الله ، تعالى عما يقولون علوًا كبيرًا .

النبوات في التوراة المحرفة :

يعتقد اليهود أن الأنبياء غير معصومين من الخطايا والذنوب ، بل جوزوا عليهم أن يرتكبوا المنكرات ؛ كالزنا ، وشرب الخمر ، وسلب النساء من أزواجهن ، وأنهم كانوا يقبحون في عين الرب .

واليهود في هذا يعتمدون على نصوص التوراة التي بأيديهم وأسفار النبوات الملحقة بها ، فقد جاء في الأصحاح التاسع من سفر التكوين ما نصه :

(20) (وابتدأ نوح يكون فلاحًا وغرس كرمًا) .

(21) (وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه) .

(22) (فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجًا) .

(23) (فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء فلم يبصرا عورة أبيهما ) .

(24) (فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير) .

(25) (فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لأخوته) .

كما جاء كذلك في الأصحاح التاسع عشر من سفر التكوين ما نصه :

(30) (وصعد لوط من صُوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صُوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه) .

(31) (وقالت البكر للصغيرة : أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض ) .

(32) (هلم نسقي أبانا خمرًا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً ) .

(33 ) (فسقتا أباهما خمرًا في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها ) .

(34) (وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة إني قد اضطجعت البارحة مع أبي نسقيه خمرًا الليلة أيضًا فادخلي اضطجعي معه) .

(35) (فسقتا أباهما خمرًا في تلك الليلة أيضًا ، وقامت الصغيرة واضجعت ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها) .

(36) (فحبلت ابنتا لوط من أبيهما) .

وجاء في الأصحاح الحادي عشر من سفر صموائيل الثاني الذي بأيديهم :

(2) (وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره ، وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جدًا ) .

(3) (فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد : أليست هذه (بثشبع) بنت أليعَام امرأة أوريا الحِثي ) .

(4) (فأرسل داود رسلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها ) .

(5) (وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت : إني حبلى) .وبعد أن يسوق سفر صموائيل الثاني محاولة داود التخلص من أوريا زوج المرأة وإرساله إلى الحرب ليقتل ، بعد ذلك يقول السفر :

(26) (فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجُلُها ندبت بعلها ) .

(27) (ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيته ، وصارت له امرأة وولدت له ابنًا ، وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب ) .ثم يتابع السفر سرد معاتبة الرب لداود وإماتة الله للولد الذي جاءت (بثشبع) به ، ثم توبة داود وصيامه ، ثم دخوله على امرأة أوريا واضطجاعه معها فتحبل وتلد ولدًا اسمه سليمان .

وبهذه النصوص نعرف مقدار منزلة أنبياء بني إسرائيل في نفوس اليهود .

عبد القادر شيبة الحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق